الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خمس ومئة، فكانت مدة خلافته أربع سنين، وشهرًا، وعمره أربعون سنة، وقيل غير ذلك.
وكان أخوه هشام بالرصافة في دُويرةٍ له صغيرة، فأتاه البريد بالعصا والخاتم، وسُلِّم عليه بالخلافة، فسار حتى أتى دمشق، وولي الخلافة، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
* * *
*
خلافة المنصور هشامِ بنِ عبد الملك بنِ مروان
هو أبو الوليد، هشامُ بن عبد الملك بن مروان، وأمُّه فاطمةُ بنت هشامٍ المخزوميّ، وكان أبيضَ مُشْرَبًا بصفرة، أحولَ، يخضب بالسواد، بويع له بعد أخيه يزيد بعهده له، لخمس بقين من شعبان، سنة خمس ومئة، وعمره أربعًا وثلاثين سنة، وأشهرًا.
وكان أعظمَ ملكٍ في بني أمية، دانت له البلاد، وأدَّت إليه الجزيةَ الأُممُ، وكانت له سياسة حسنة، يباشر الأمور بنفسه، غير أنه كان فَظًّا غليظًا، كثيرَ البُخل كوالدِه، وكان له من الطراز والستور والكسوة ما لم يكن لأحد من قبله، ولما حجَّ، حمل ثيابَ بدنه على لست مئة جمل، وكان قليل المعروف جدًا، لم ير الناس زمانا أشدَّ من زمانه، وكان أحولَ - كما تقدم -، فقال يومًا لمن حضر مجلسه: من سبّني ولم يفحش،
فله هذه الحلة، فقال له أعرابي كان حاضرًا: يا أحول! قال: خذها، قاتلكَ الله.
وعَرَض هشامُ الجندَ يومًا، فمر به رجل من أهل حمص، وهو على فرس نَفور، فقال له هشام: ما حَمَلَك على أن تربط فرسًا نفورًا؟ فقال الحمصي: لا والله يا أمير المؤمنين! ما هو نفور، ولكن نظرَ حولتك، فظن أنك عزُّون البيطار، فنفر، فقال هشام: تنحَّ، فعليك وعلى فرسك لعنةُ الله، وكان عزون نصرانيًا ببلاد حمص بيطارًا، كأنه هشامٌ في حولته.
وفي أيامه بنى أخوه سعيد قبةَ بيت المقدس، وحجَّ بالناس سنة واحدة، وهي سنة ست ومئة.
وخرج يوما وهو كئيب، فركب دابته، وسار ساعة، ومعه الأبرشُ الكلبي، فقال له الأبرش: يا أمير المؤمنين! مالي أراك مغمومًا؟ قال: وكيف لا أغتم؟ وقد زعم أهلُ العلم: أني ميتٌ بعد ثلاثة وثلاثين يومًا؟ قال: فما انقضت المدة حتى مات بالرصافة.
وهو الذي بنى الرصافة، واختارها، وإليه تنسب، فيقال: رصافة هشام، وكانت مدينة رومية، ثم خربت، وهي صحيحة الهواء.
وكانت وفاته لست مضين من ربيع الآخر، سنة خمس وعشرين ومئة، وصلى عليه ابنه مسلم، فكانت خلافته تسع عشرة سنة، وتسعة أشهر، وعمره يوم توفي خمس وخمسون سنة.