الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم خلع الراشد، وسببه: أنه اتفق مع بعض ملوك الأطراف؛ مثل: عماد الدين زنكي وغيره، على خلاف السلطان مسعود، وطاعة داود ابن السلطان محمود، فلما بلغ مسعودا ذلك، سار إلى بغداد، وحاصرها، فلم يظفر بها، فارتحل، وسار الخليفة الراشدُ من بغداد مع عماد الدين زنكي إلى الموصل، فلما سمع مسعود بمسير الخليفة مع زنكي، سار إلى بغداد، واستقر بها في ذي القعدة، سنة ثلاثين وخمس مئة، وجمع مسعود القضاة وكبراءَ بغداد، وأجمعوا على خلع الراشد؛ بسبب أنه كان قد عاهد مسعودا على أنه لا يقاتله، ومتى خالف ذلك، فقد خلع نفسه، وبسبب أمور كبيرة ارتكبها، فخُلع، وحُكم بفسقه وخلعه.
وكانت مدة خلافة الراشد أحدَ عشر شهرًا، واحد عشر يومًا.
والحمد لله وحدَه، وصلَّى الله على سيدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
* * *
خلافة المقتفي لأمر الله
هو أبو عبد الله، محمدُ بن المستظهر.
لما خلع الراشد، استشار السلطان مسعود فيمن يقيمه في الخلافة، فوقع الاتفاق على محمَّد بن المستظهر، فأُحضر، وجلس في الميمنة، ودخل إليه السلطان مسعود، وتحالفا، ثم خرج السلطان، وأَحضر الأمراء وأربابَ المناصب، والقضاةَ والفقهاء، وبايعوه، ولقبوه؛ المقتفي لأمر
الله، والمقتفي عمُّ الراشد المذكور، هو والمسترشد ابنا المستظهر وَلِيا الخلافة، وكذلك السفاحُ والمنصورُ أخوان، وكذلك المهدي والرشيدُ أخوان، وكذلك الواثقُ والمتوكل.
وأما ثلاثة إخوة ولوا الخلافة، فالأمين، والمأمون، والمعتصم أولادُ الرشيد.
وكذلك المكتفي والمقتدر والقاهر بنو المعتضد، والراضي والمتقي والمطيع بنو المقتدر.
وأما أربعة إخوة ولوها، فالوليد وسليمان ويزيد وهشام بنو عبد الملك بن مروان، لا يعرف غيرهم.
وعُمل محضر بخلع الراشد، وأرسل إلى الموصل، وزاد المقتفي في إقطاع عماد الدين زنكي وألقابه، وأرسل المحضر، فحكم به قاضي القضاة الزينبي بالموصل، وخُطب للمقتفي في الموصل في رجب، سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة.
وفي سنة خمس وثلاثين وخمس مئة وصل رسولُ السلطان سنجر، ومعه بردةُ النبي صلى الله عليه وسلم، والقضيب، وكانا قد أُخذا من المسترشد، فاعادهما إلى المقتفي.
وفي سنة اثنتين وخمسين: خلع المقتفي الخليفة بابَ الكعبة، وعمل عوضه باباً مصفحاً بالفضة المذهبة، وعمل لنفسه من الباب الأول تابوتاً يدفن فيه.