الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ساقه نص في تحريم البيع فقط، ولا دلالة فيه على نجاسة شيء فليتحقق الناظر هذه التراجم وعدم مطابقتها لما ساق بعدها.
الحديث
الأول:
215/ 1 - عَنْ جَابِرِ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ "إِنَّ الله تَعَالَى حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ". فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ: فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الجلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ. فَقَالَ:"هُوَ حَرَامٌ". ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: "قَاتَلَ الله الْيَهُودَ، إِنَّ الله تَعَالَى لمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا أَجَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكلُوا ثَمَنه". أخرجه الخمسة (1). [صحيح].
ومعنى: "أجملوه" أذَابوه.
قوله: "عام الفتح بمكة". أرخه بالزمان والمكان زيادة في تحقق حفظه لما يرويه، وعام الفتح أطلقه على بعض أيامه وهي أيام إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة، وقد أقام بها فيه زيادة على نصف شهر.
قوله: "حرم بيع الخمر".
أقول: عد صلى الله عليه وسلم أربعة حرم الله بيعها، ويعلم منه حرمة شرائها وهذا لا دليل فيه على علة التحريم حتى يقال إنها للنجاسة كما في الترجمة إنما ارتسم في ذهن ابن الأثير ومن تبعه ما يلقونه صوناً عن كتب الفروع من أن هذه الأشياء نجسة فظنوا أن تحريم بيعها لذلك، وأي معنى لنجاسة الصنم وهو حجر أو عود منحوت وتسميته صنماً وعبادته لا تصير عينه نجسة اتفاقاً.
(1) البخاري رقم (2236) ومسلم رقم (1581) والترمذي رقم (1297)، وأبو داود رقم (3486) والنسائي رقم (4256) و (4669)، وابن ماجه رقم (2167).
قال ابن حجر (1): إن النهي عن بيع الأصنام عدم المنفعة المباحة، فعلى هذا إن كانت بحيث إذا كسرت ينتفع بها صاحبها جاز بيعها عند بعض الشافعية والأكثر [152/ ب] على المنع حملاً للنهي على ظاهره.
قلت: وهو المتعين، وهذا يصرح بأن الأصنام طاهرة كما قلناه، وليست علة النهي النجاسة، وقد بحثنا في أدلة نجاسة ما ذكر معه في سبل (2) السلام وغيره.
قوله: "أرأيت شحوم الميتة".
أقول: أرأيت بمعنى أخبرنا عن حكمها ثم ذكر لها ثلاث فوائد. والاستصباح استفعال من المصباح وهو السراج، أي: يشعل بها الضوء.
قوله: "هو حرام". الضمير ظاهره عوده إلى ما ذكر من طلاء السفن، وما ذكر معه في معنى هو. أي: الفعل المذكور فيدل على تحريم الانتفاع بشحوم الميتة في أي شيء، ويدل له قوله صلى الله عليه وسلم:"قاتل الله اليهود". أي: لعنهم، فإنه تحذير من الحيلة بأن يذاب شحوم الميتة وينتفع بها أو تباع.
وقوله: "أجملوا". أجملت الشحم وجملته إذا أذبته وجملته أكثر استعمالاً ويحتمل أن يعود إلى البيع لهذه الأشياء؛ لأن قول القائل: "أرأيت شحوم الميتة"، أرأيت بيعه لما ذكر فإن السياق في البيع فيدل على تحريمه لا على الانتفاع.
وقدره في فتح الباري: أي: فهل يحل بيعها لما ذكر من المنافع، فإنها مقتضية لصحة البيع، فضمير هو للبيع، وقال: إنه لهذا فسره الشافعي ومن تبعه، قال: ومنهم من حمل هو
(1) في "الفتح"(4/ 425).
(2)
في "سبل السلام الموصلة إلى بلوغ المرام"(5/ 9 - 12) بتحقيقي.