الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قولى: "عضوض"، بالعين المهملة وضادين معجمة، قال ابن الأثير (1) هو الكلب، ومنه: مِلْكٌ عَضُوضٌ، إذا كان فيه عَسَفٌ وظُلْمٌ.
قوله: "بيع المضطر (2) "، هو على وجهين:
(الأول): أن يضطر إلى العقد من طريق الإكراه وهذا فاسد.
(و
الثاني):
أن يضطر إلى البيع لدين ركبه أو مؤنة ترهقه فيبيع ما في يده بالوَكْسِ، وهذا سبيله من جهة المروة والدين أن لا يبايع على هذا الوجه، ويعان ويُقْرَض، ويمهل عليه إلى المَيْسرة، فإن عقد البيع على هذا الحال جاز ولم يُفْسخ.
الحديث الثاني: عن جابر:
280/ 3 - وَعْن جَابِر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَبعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، ودَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ الله بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ". أخرجه الخمسة إلا البخاري (3). [صحيح].
أقول: هذا عقد له ابن الأثير فصلاً (4) فقال في النهي عن بيع الحاضر للبادي وتلقي الركبان.
قال النووي (5): هذه الأحاديث.- أي: حديث جابر وغيره مما في معناه - تضمن تحريم بيع الحاضر للبادي.
(1) في "جامع الأصول"(1/ 528).
(2)
ابن الأثير في "جامع الأصول"(1/ 528 - 529).
(3)
مسلم رقم (1522) وأبو داود رقم (3442) والترمذي رقم (1223) والنسائي رقم (4495) وابن ماجه رقم (2176).
(4)
هو الفصل الخامس: (1/ 529).
(5)
في شرحه لصحيح مسلم (10/ 164).
وبه قال الشافعي (1) والأكثرون قال أصحابنا: والمراد أن يقدم غريب من البادية أو من بلد آخر بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه فيقول له رجل: اتركه عندي لأبيعه على التدريج بأغلا ثمن، قال أصحابنا: وإنما يحرم بهذه الشروط، قلت: قال ابن دقيق العيد (2): أكثر هذه الشروط تدور بين اتباع المعنى أو اللفظ.
إلى آخر كلامه في شرح العمدة، وقد بسطناه في حاشيته المسماة بالعدة (3).
ثم قال النووي (4)[186/ ب]: أو بشرط أن يكون عالماً بالنهي، فلو لم يعلم النهي، أو كان المتاع مما لا يحتاج إليه في البلد، أو لا تأثير فيه لقلة ذلك المجلوب لم يحرم ولو خالف وباع الحاضر للبادي لصح البيع مع التحريم، هذا مذهبنا، وبه قال جماعة من المالكية وغيرهم، وقال بعض المالكية (5) يفسخ البيع ما لم يفت، وقال عطاء ومجاهد وأبو حنيفة: يصح بيع الحاضر للبادي مطلقاً لحديث "الدين النصيحة (6) "، قال وحديث:"النهي عن بيع الحاضر للبادي" منسوخ، وقال بعضهم: إن النهي لكراهة التنزيه، والصحيح الأول ولا يقبل النسخ ولا كراهة التنزيه بمجرد الدعوى. انتهى.
(1) الحاوي الكبير (5/ 346 - 348) وحلية العلماء (4/ 309 - 311) ومعرفة السنن والآثار (8/ 163 - 165).
قلت: وأيضاً الحنابلة انظر المغني (6/ 308 - 310).
(2)
في "إحكام الأحكام"(3/ 115).
(3)
العدة على إحكام الأحكام (3/ 458 - 460).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (10/ 164 - 165).
(5)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/ 111 - 113).
(6)
أخرجه مسلم رقم (95/ 55) من حديث تميم الداري.
وحمل الجمهور حديث "الدين النصيحة (1) " على عمومه، إلا في بيع الحاضر للبادي، فهو خاص فيقضى به على العام. وجمع البخاري بينهما بتخصيص النهي عن البيع بالأجرة كالسمسار؛ لأن الذي يبيع بالأجرة لا يكون غرضه نصح البائع غالباً، وإنما غرضه تحصيل الأجرة فاقتضى ذلك إجازة بيع الحاضر للبادي بغير أجرة من باب النصيحة.
وفي أخرى للخمسة (2) إلا الترمذي عن أنس: نَهَى عَنْ بَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لَأَبِيْه وَأُمَّهِ. [صحيح].
وَفِي أُخْرَى لَأَبِي داود (3) والنَّسَائِي (4): وإن كان أخاه أو أباه، زاد أبو داود (5): في أخرى عن أنس رضي الله عنه قال: كان يقال: لا يبع حاضر لباد، وهي كلمة جامعة لا يبيع له شيئاً ولا يبتاع له شيئاً. [صحيح].
قوله: "وفي أخرى عن أنس".
أقول: ظاهره أن هذه لأبي داود والنسائي إذ هي عطف على قوله: "وفي أخرى لأبي داود والنسائي". وفي الجامع (6): "وفي أخرى لأبي داود" فصرح أنها لأبي داود وحده، وهي
(1) أخرجه مسلم رقم (95/ 55) من حديث تميم الداري.
(2)
البخاري رقم (2161) دون قوله: "وإن كان أخاه لأبيه وأمه"، ومسلم رقم (21/ 1523)، واللفظ لمسلم.
(3)
في السنن رقم (3440).
(4)
في السنن رقم (4492، 4493).
(5)
في السنن رقم (3440 م).
القائل: "وهي كلمة جامعة
…
الخ" هو محمد بن سيرين كما يفهم من رواية أبي عوانة - (3/ 274 رقم 4945) - التي ذكرها الشوكاني في "نيل الأوطار" (10/ 84) بتحقيقي.
(6)
"جامع الأصول"(1/ 530).
كذلك لكنه قال المنذري (1): فيه أبو هلال، واسمه [187/ ب] محمد بن سليم الراسبي، ولم يكن راسبياً، وإنما نزل فيهم، وهو مولى لقريش، وتكلم فيه غير واحد. انتهى.
قلت: في الميزان (2) أبو هلال العبدي الراسبي، وثقه أبو داود، وقال أبو حاتم (3): محله الصدق ليس بذاك المتين، وقال النسائي (4): ليس بالقوي، وقال ابن معين: صدوق رمي بالقدر. انتهى.
وفي التقريب (5): صدوق فيه لين.
قوله: "ولا يبتاع له شيئاً".
أقول: نهى عن البيع له والشراء من أهل الحضر ومقتضى قوله صلى الله عليه وسلم: "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض (6) " هو هذا التعميم.
(1) في "مختصر سنن أبي داود"(5/ 83).
(2)
في "ميزان الاعتدال"(3/ 574 رقم 7646).
(3)
في "الجرح والتعديل"(7/ 273).
(4)
في "الضعفاء والمتروكين" رقم الترجمة (541).
(5)
لابن حجر رقم الترجمة (5923). وقال المحرران للتقريب: بل ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد.
(6)
أخرجه أحمد في المسند (3/ 418 - 419) و (4/ 259) بسند ضعيف، ولفظه:"دعوا الناس يصيب بعضهم من بعض، فإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه". وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/ 83) وقال: رواه أحمد، وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط.
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم رقم (5/ 2162) ولفظه: "حق المسلم على المسلم ست: وإذا استنصحك فانصح له
…
".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "دعوا الناس يصيب بعضهم من بعض" له شاهد من حديث جابر عند مسلم رقم (1522) ولفظه: "دعوا الناس يرزق بعضهم من بعض".
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح بشواهده. والله أعلم.