المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في التحذير منه - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ١

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌أولاً: مقدمة المحقق

- ‌ثانياً: ترجمة المؤلف محمد بن إسماعيل الأمير

- ‌1 - اسمه ونسبه:

- ‌2 - مولده:

- ‌3 - نشأته:

- ‌4 - مشايخه:

- ‌5 - تلامذته:

- ‌6 - ورعه وزهده:

- ‌7 - وفاته:

- ‌8 - ثناء العلماء عليه:

- ‌9 - عقيدة محمد بن إسماعيل الأمير:

- ‌1 - قوله بعد ذكر اسم علي رضي الله عنه (عليه السلام

- ‌2 - ما نسب إليه من سبه الصحابة:

- ‌3 - ما ورد في كتابه "الروضة الندية شرح التحفة العلوية

- ‌10 - مؤلفاته:

- ‌فائدة (1):

- ‌فائدة (2):

- ‌ثالثاً: ترجمة مؤلف "تيسير الوصول إلى جامع الأصول

- ‌1 - اسمه:

- ‌2 - مولده:

- ‌3 - نشأته:

- ‌3 - شيوخه:

- ‌4 - تلاميذه:

- ‌6 - ثناء العلماء عليه:

- ‌7 - مؤلفاته:

- ‌8 - وفاته:

- ‌رابعاً: وصف المخطوط (أ):

- ‌خامساً: وصف المخطوط (ب):

- ‌سادساً: وصف المخطوط (ج

- ‌سابعاً: منهجي في تحقيق الكتاب، وتخريج أحاديثه، والتعليق عليه:

- ‌مقدمة ابن الديبع

- ‌باب في ذكر مناقب الستة الأئمة وأحوالهم

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[(مناقب الأئمة الستة)]

- ‌حرف الهمزة

- ‌الكتاب الأول: (في الإيمان والإسلام)

- ‌الباب الأول: (فى تعريفهما حقيقة ومجازاً، وفيه ثلاث فصول)

- ‌الفصل الأول: في فضلهما

- ‌الفصل الثاني: في حقيقتهما

- ‌الفصل الثالث: في المجاز

- ‌الباب الثاني: (في أحكام الإيمان والإسلام)

- ‌الفصل الأول: في حكم الإقرار بالشهادتين

- ‌الفصل الثالث: في أحكام متفرقة

- ‌الباب الثالث: (في أحاديث متفرقة تتعلق بالإيمان والإسلام)

- ‌الباب الأول: (في الاستمساك بهما)

- ‌الباب الثاني: (في الاقتصاد في الأعمال)

- ‌كتاب الإيلاء: هو الكتاب السابع

- ‌كتاب: الأسماء والكنى وهو الكتاب الثامن

- ‌الفصل الأول: في المحبوب منها والمكروه

- ‌الفصل الثاني من الخمسة الفصول: في كتاب الأسماء

- ‌ الأول:

- ‌ الثاني:

- ‌ الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌الفصل الثالث: فيمن غيَّر النبي صلى الله عليه وسلم اسمه

- ‌الأول:

- ‌ الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌السابع:

- ‌الفصل الرابع من كتاب الأسماء والكنى: في التسمي باسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته

- ‌الأول:

- ‌ الثاني

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الفصل الخامس: من كتاب الأسماء

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الرابع:

- ‌كتاب: الآنية

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌كتاب: الأجل والأمل

- ‌الثالث: عن ابن عمر

- ‌[الرابع: "عن بريدة

- ‌[الخامس: عن أبي هريرة]

- ‌حرف الباء

- ‌ الأول

- ‌الباب الأول: (في بر الوالدين)

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌الباب الثاني: في بر الأولاد والأقارب

- ‌الباب الثالث: (في برّ اليتيم)

- ‌الباب الرابع: (في إماطة الأذى عن الطريق)

- ‌الباب الخامس: (في أعمال من البر متفرقة)

- ‌الباب الأول: في آدابه

- ‌الفصل الأول: في الصدق والأمانة

- ‌الفصل الثاني: في التساهل والتسامح في البيع والإقالة

- ‌الأول:

- ‌[الثاني]

- ‌[الثالث]

- ‌[الرابع]

- ‌[الخامس]

- ‌[السادس]

- ‌الفصل الثالث: الكيل والوزن وغيرهما

- ‌الأول:

- ‌ الثاني

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الباب الثاني: (فيما لا يجوز بيعه)

- ‌الفصل الأول: في النجاسات

- ‌ الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌الفصل الثاني: في بيع ما لم يُقْبَضْ

- ‌الأول:

- ‌ الثاني

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌الفصل الثالث: في بيع الثمار والزروع

- ‌الفصل الرابع: في أشياء متفرقة لا يجوز بيعها [أمهات الأولاد

- ‌الفصل‌‌ الأول:في الخداع

- ‌ الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌[الفصل الثاني: في التصرية

- ‌الفصل الثالث: في النَجْش

- ‌الفصل الخامس: الأول: في الملامسة والمنابذة

- ‌الفصل السادس: في بيع الغرر وغيره

- ‌الأول:

- ‌الثاني):

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌الباب الرابع: في الربا

- ‌الفصل الأول: في ذمه

- ‌الفصل الثاني: في أحكامه

- ‌(الأول):

- ‌الثاني:

- ‌فرع: في الحيوان وغيره

- ‌الباب الخامس: في الخيار

- ‌الباب السادس: في الشفعة

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌السادس:

- ‌السابع:

- ‌الثامن:

- ‌الباب الثامن: في الاحتكار والتسعير

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الرابع:

- ‌الباب التاسع: في الرد بالعيب

- ‌الباب العاشر: في بيع الشجر والثمر، ومال العبد والجوائح

- ‌كتاب: البخل وذم المال

- ‌(كتاب: البنيان)

- ‌حرف التاء

- ‌كتاب: التفسير

- ‌الباب الأول: في حكمه

- ‌الفصل الأول: في التحذير منه

الفصل: ‌الفصل الأول: في التحذير منه

وفيه بابان:

‌الباب الأول: في حكمه

وفيه فصلان:

‌الفصل الأول: في التحذير منه

قوله: "الفضل الأول [في] (1) التحذير منه"، أي: من التفسير بغير علم.

1 -

عَنْ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ فِي كِتَابِ الله تَعَالَى بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ". أخرجه أبو داود (2) والترمذي (3). [ضعيف].

وزاد رُزين: وَمَنْ قَالَ بِرَأْيِهِ فَأَخْطأَ فَقَدْ كَفَرَ.

قوله: "عن جندب: من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد اخطأ".

أقول: قال ابن الأثير (4): [232/ ب] النهي عن تفسير القرآن بالرأي لا يخلوا إما أن يراد به: الاقتصار على النقل والمسموع وترك الاستنباط، أو المراد به أمر آخر.

وباطل أن يكون المراد به: أن لا يتكلم أحد في القرآن إلا بما سمعه، فإن الصحابة قد فسروا القرآن، واختلفوا في تفسيره على وجوه، وليس كل ما قالوه سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس وقال:"اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل"(5).

(1) زيادة من (أ).

(2)

في "السنن"(3652).

(3)

في "السنن" رقم (2952). وهو حديث ضعيف.

(4)

في "جامع الأصول"(2/ 4).

(5)

أخرجه أحمد في المسند (1/ 266، 314، 328، 335) وابن حبان في صحيحه رقم (7055) والطبراني في المعجم الكبير رقم (10587) والحاكم (3/ 534) وابن سعد في "الطبقات"(2/ 365) وابن أبي شيبة في المصنف (12/ 111 - 112) ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(1/ 493 - 494). =

ص: 620

فإن كان التأويل مسموعاً [كالتنزيل](1) فما فائدة تخصيصه بذلك؟!

وإنما النهي يحمل على أحد وجهين:

(أحدهما): أن يكون له في الشيء رأي، وإليه ميل من طبعه وهواه، فيتأول القرآن على وفق رأيه وهواه، ليحتج به على تصحيح غرضه، ولو لم يكن له ذلك الرأي والهوى لكان لا يلوح له من القرآن ذلك المعنى.

وهذا النوع يكون تارةً مع العلم كالذي يحتج ببعض آيات القرآن على تصحيح بدعته وهو يعلم أن ذلك المراد من الآية ذلك، لكن يلبِّس على خصمه.

وتارةً يكون مع الجهل وذلك إذا كانت الآية محتملة، فيميل فهمه إلى الوجه الذي يوافق غرضه، ويترجح ذلك الجانب برأيه وهواه فيكون قد فسر [61/ أ] برأيه [أي رأيه](2) هو الذي حمله على ذلك التفسير ولولا رأيه لما كان يترجح عذره ذلك الوجه.

= قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وهو حديث صحيح.

وأورده ابن الأثير في "جامع الأصول"(9/ 63 رقم 6602) وعزاه للبخاري ومسلم والترمذي.

قلت: ليست في الصحيحين بهذا اللفظ ولذا قال ابن الأثير: "ولم أجده في الكتابين".

وقال الحافظ في "الفتح"(1/ 170) وذكر الحميدي في "الجمع بين الصحيحين" رقم (1013). وقال الحميدي: "وهذه الزيادة ليست في الصحيحين، وهو كما قال

".

وأخرج البخاري رقم (143) ومسلم رقم (2477) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء فوضعت له وضوءاً. قال: "من وضع هذا؟ " فأخبر، فقال:"اللهم فقهه في الدين".

(1)

في (ب) التنزيل.

(2)

زيادة من (أ) وهي في "جامع الأصول"(2/ 4).

ص: 621

وتارةً يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلاً من القرآن ويستدل عليه بما يعلم أنه ما أريد به كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي فيقول: قال الله تعالى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)} (1)، ويشير إلى قلبه ويومئ إلى أنه المراد [233/ ب] من فرعون.

وهذا الجنس قد يستعمله بعض الوعاظ في المقاصد الصحيحة؛ تحسيناً للكلام، وترغيباً للمستمع وهو ممنوع، وقد يستعمله الباطنية في المقاصد الفاسدة لتغرير الناس، ودعوتهم إلى مذهبهم الباطل، فينزلون القرآن على وفق رأيهم ومذهبهم على أمور يعلمون قطعاً أنها غير مرادة.

فهذه الفنون أحد وجهي المنع من التفسير بالرأي.

(الوجه الثاني): أن يتسارع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية من غير استظهار بالسماع والنقل فيما يتعلق بغرائب القرآن، وما فيه من الألفاظ المبهمة والمبدلة، وما فيه من الاختصار، والحذف والإضمار، والتقديم والتأخير، فمن لم يحكم ظاهر التفسير وبادر إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية أكثر غلطه، ودخل في زمرة من فسر القرآن بالرأي، فالنقل والسماع لا بد منه في ظاهر التفسير أولاً؛ ليتقى به مواضع الغلط، ثم بعد ذلك يتسع التفهم والاستنباط، والغرائب التي لا تفهم إلا بالسماع كثيرة، ولا مطمع إلى الوصول إلى الباطن قبل أحكام الظاهر، ألا ترى قوله تعالى:{وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا} (2) معناه: أنها مبصرة فظلموا أنفسهم بقتلها، فالناظر إلى ظاهر العربية يظن أن المراد به: أن الناقة كانت مبصرة ولم تكن عمياء، ولا يدري بماذا ظلموا أو أنهم ظلموا غيرهم أو أنفسهم، فهذا من الحذف

(1) سورة طه الآية 24.

(2)

سورة الإسراء الآية 59.

ص: 622

والإضمار، وأمثال هذا في القرآن كثير، وما عدا هذين [234/ ب] الوجهين فلا يتطرق النهي إليه. انتهى كلامه.

2 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". أخرجه الترمذي (1). [ضعيف].

3 -

وله في رواية (2): "اتَّقُوا الْحَدِيثَ عَنِّي إِلَاّ مَا عَلِمْتُمْ، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَأَخْطَأ فَقَدْ كَفَر". [ضعيف].

قوله (3):

[الفصل](4) الثاني: في فضل القرآن مطلقاً

أي: من غير تعيين سور منه بخلاف ما يأتي.

1 -

عن الحارث الأعور قَالَ: مَرَرْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ فِي الأَحَادِيثِ فَدَخَلْتُ عَلَى عَليٍّ رضي الله عنه فَأَخبرْتُهُ فَقَالَ: أَوَقَدْ فَعَلُوْهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَما إِنَّهَا سَتكُونُ فِتْنَةٌ"، قُلْتُ: فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "كِتَابُ الله تَعَالَى فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالهزْلِ. مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ الله تَعَالَى، وَمَنِ ابْتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ الله وَهُوَ حَبْلُ الله الْمَتينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وهُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ

(1) في "السنن" رقم (2950) وقال الترمذي في "السنن"(5/ 199): هذا حديث حسن صحيح، وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(2)

أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (2952).

قلت: وأخرجه أبو داود رقم (3652)، وهو حديث ضعيف. والله أعلم.

(3)

زيادة من (أ).

(4)

في (ب) الباب، وهو خطأ.

ص: 623

الأَلْسِنَةُ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا:{إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ". خُذْهَا إِلَيْكَ يَا أَعْوَرُ. أخرجه الترمذي (1). [ضعيف].

قوله: "ولا يخلق"، لفظ الترمذي هكذا، "ولا يخلق عن كثرة الرد"، قال في الضياء: أخلق (2) الثوب إذا بلي.

وقال النووي (3): يَخلُق: بضم اللام، ويجوز فتحها والياء فيهما مفتوحة، ويجوز ضم الياء مع كسر اللام، يقال: خلق الشيء، وخلق وأخلق إذا بلي، والمراد ها هنا لما تذهب جلالته وحلاوته. انتهى.

قلت: ويحتمل أن يراد بالقرآن المتشابه منه أن يفسره من يفسره برأيه كتفاسير كثير المبتدعة لذلك، وتكلمهم على فواتح السور فإنه رأي محض، ومنه ما ذكره الزمخشري (4) من أنها لقرع العصا وتحدي العرب، وأطال في هذا الوجه، وهو وجه رشيق لكنه مبتدع بالرأي المحض، وقد ذكر السيوطي في "الإتقان" كلاماً بسيطاً على التفسير بالرأي من أحب تحقيقه فليراجع كلامه (5).

قوله: "الفصل"، أي: الفاصل بين الحق والباطل، و"ما هو بالهزل"، أي: هو جدٌّ كله.

(1) في "السنن" رقم (2906) وقال الترمذي في "السنن"(5/ 173): هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسناده مجهول، وفي الحارث مقال. وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(2)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 526).

(3)

انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 374).

(4)

انظر: "الكشاف"(1/ 95 - 98).

(5)

(2/ 1192 وما بعدها).

ص: 624

قوله: "الجبار"، في صفات الله الذي هو جبر (1) خلقه على ما أراد يقال: جبره وأجبره إذا قهره، وهو في صفة الآدمي: المسلط المعاتي التكبر على الناس، المتعظم عليهم.

قوله: "قصمه الله"، أي: أهلكه، وهو بالقاف أن ينكسر (2) الشيء فيبين. [235/ ب].

قوله: "حبل الله المتين"، الحبل في كلام العرب يرد على وجوه:

منها: العهد، وهو الأمان، ومنها: النور.

(1) الجبروت: صفة ذاتية لله عز وجل، من اسمه (الجبار) وهي ثابتة بالكتاب والسنة.

قال تعالى: {الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [سورة الحشر: 23].

وأخرج البخاري في صحيحه رقم (7439) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الرؤية "

قال: فيأتيهم الجبَّار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة

".

ولاسم (الجبار) معان منها:

1 -

أنه الذي يجبر ضعف الضعفاء من عباده، ويجبر كسر القلوب المنكسرة من أجله، الخاضعة لعظمته وجلالته، فكم جبر سبحانه من كسير، وأغنى من فقير، وأعز من ذليل، وأزال من شدة، ويسر من عسير، وكم جبر من مصاب، فوفقه للثبات والصبر، وأعاضه من مصابه أعظم الأجر، فحقيقة هذا الجبر هو إصلاح حال العبد بتخليصه من شدته ودفع المكاره عنه.

2 -

أنه القهار، دان كل شيء لعظمته، وخضع كل مخلوق لجبروته وعزته، فهو يجبر عباده على ما أراد مما اقتضته حكمته ومشيئته، فلا يستطيعون الفكاك منه.

3 -

أنه العلي بذاته فوق جميع خلقه، فلا يستطيع أحد منهم أن يدنوا فيه.

4 -

أنه المتكبر عن كل سوء ونقص، وعن مماثلة أحد، وعن أن يكون له كفو أو ضد أو سمي أو شريك في خصائصه وحقوقه.

انظر "النونية"(2/ 95 - شرح الهراس). "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة (ص 19).

(2)

قاله ابن الأثير في"النهاية"(2/ 464).

ص: 625

و"المتين"، القوي الشديد، يقال: هو حبل الله المتين، أي: عهده وأمانه الذي يؤمن من العذاب، أو هو نور هداه، والعرب تشبه النور الممتد بالحبل والخيط، ومنه قوله تعالى:{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} (1).

قوله: "الذكر الحكيم"، الذكر: الشرف، ومنه:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} (2)، وهو مما يذكر، أي: يقال ويحكى واللفظ "الحكيم"[المحكم](3) العاري عن الاختلاف والاضطراب، أو هو فعيل بمعنى فاعل، أي: أنه حاكم فيكم ولكم وعليكم.

قوله: "تزيغ"، الزيغ (4): الميل، وأراد به الميل عن الحق.

قوله: "الرشد" الرشد والرشاد، ضد الضلال.

قوله: "عصمة" العصمة (5): ما يتمسك به ويمتنع ويلجأ إليه.

قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: ثم قال (6): هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات، وإسناده مجهول، وفي حديث الحارث مقال. انتهى بلفظه.

(1) سورة البقرة الآية 187.

(2)

سورة الزخرف الآية 44.

(3)

في (ب) للحكم.

(4)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 740).

(5)

"غريب الحديث" للهروي (3/ 102)"النهاية"(2/ 216).

(6)

أي: الترمذي في "السنن"(5/ 173) وقد تقدم نصه.

ص: 626

الثاني:

2 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله تَعَالَى يَتْلُونَ كِتَابَ الله وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ: إِلَاّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ الله فِيمَنْ عِنْدَهُ". أخرجه أبو داود (1). [صحيح].

قوله: "ما اجتمع قوم

" الحديث. [236/ ب].

قال النووي (2): المراد بالسكينة هنا: الرحمة، وهو الذي اختاره القاضي عياض (3)، وهو ضعيف لعطف الرحمة عليه، وقيل: الطمأنينة والوقار، وهو حسن، وفي هذا دليل على فضل الاجتماع على قراءة القرآن في المسجد، وهو مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال مالك: يكره، وتأوله بعض أصحابه.

ويلحق بالمسجد في تحصيل هذه الفضيلة الاجتماع في بيت أو رباط ونحوهما إن شاء الله، ويدل عليه الحديث الذي (4) بعده فإنه مطلق يتناول جميع المواضع ويكون التقييد في الحديث الأول خرج مخرج الغالب لا سيما في ذلك الزمان فلا يكون له مفهوم يعمل به. انتهى. [62/ أ].

(1) في "السنن" رقم (1455).

قلت: وأخرجه مسلم رقم (2699) وابن ماجه رقم (225) والترمذي رقم (2945) وهو حديث صحيح.

(2)

في شرحه لصحيح مسلم (17/ 21 - 22).

(3)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(8/ 195).

(4)

يشير إلى الذي أخرجه مسلم في صحيحه رقم (40/ 2701) من حديث أبي سعيد الخدري وفيه: "

وإن رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا

".

ص: 627

3 -

وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ ثَلَاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ؟ ". قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ: "فَثَلَاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ". أخرجه مسلم (1). [صحيح].

"الخَلِفَةُ" الناقة العشراء (2).

4 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: "أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ، أَوْ قال: إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِي بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ". قُلْنَا: كُلُّنَا يَا رَسُولَ الله يُحِبُّ ذَلِكَ. قَالَ: "أفلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَتَعْلَّمَ أَوْ يَقْرَأَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ الله تَعَالَى خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ". أخرجه مسلم (3)، وأبو داود (4). "الكوماء (5) " الناقة العظيمة السنام. [صحيح].

5 -

وَعَنْ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ الله تَعَالَى فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَقُولُ: أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ". أخرجه الترمذي (6) وصححه. [صحيح].

(1) في صحيحه رقم (250/ 802).

قلت: وأخرجه ابن ماجه في "السنن" رقم (3782) وهو حديث صحيح.

(2)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 523). "المجموع المغيث"(1/ 608).

(3)

في صحيحه رقم (803).

(4)

في "السنن" رقم (1456). وهو حديث صحيح.

(5)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 570)، "غريب الحديث" للهروي (3/ 84).

(6)

أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (2910) وهو حديث صحيح.

ص: 628

[قوله في [الخامس](1): "أخرجه الترمذي وصححه".

قلت: قال (2) الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه، سمعت قتيبة بن سعيد يقول: بلغني أن محمد بن كعب القرظي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ويروى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن مسعود، ثم قال: ورفعه بعضهم ووقفه بعضهم] (3).

السادس:

6 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا أَذِنَ الله لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ". أي: يجهر به. أخرجه الخمسة (4) إلا الترمذي. [صحيح].

وفي أخرى للبخاري (5): "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ".

ومعنى: "ما أذن" أي: ما استمع، "والتغني" تحزين القراءة وترقيقها.

قوله: "ما أذن الله".

قال القرطبي (6): أصل أذن بفتحتين أن المستمع يميل بإذنه إلى جهة من يسمعه، وهذا المعنى في حق الله لا يراد (7) به ظاهره، وإنما هو على سبيل التوسع على ما جرى به عرف

(1) في (أ) الرابع والصواب ما أثبتناه.

(2)

في "السنن"(5/ 176).

(3)

ما بين الحاصرتين زيادة من (أ).

(4)

أخرجه البخاري رقم (5024) ومسلم رقم (792) وأبو داود رقم (1473) والنسائي رقم (1017، 1018). وهو حديث صحيح.

(5)

في صحيحه رقم (7527).

(6)

في "المفهم"(2/ 421).

(7)

بل الأذن بمعنى الاستماع صفة ثابتة لله عز وجل بالحديث الصحيح، وهو الذي بين يديك قال أبو عبيد القاسم بن سلام في "غريب الحديث" (1/ 282) بعد أن أورده حديث أبي هريرة رضي الله عنه بسنده - أما قوله:"كأذنه" يعني: "ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن

". =

ص: 629

التخاطب، والمراد (1) به في حق الله إكرام القارئ، وإجزال ثوابه؛ لأن ذلك ثمرة الإصغاء. انتهى.

[237/ ب]، والمصنف فسره باستمع.

قوله: "يجهر به".

أقول: ظاهره أنه من المرفوع، والذي في صحيح البخاري (2)"يتغنى بالقرآن" هذا آخر الحديث، ثم قال: وقال صاحب له يريد أن يجهر به. انتهى.

واختلف في ضمير صاحب له، فقال ابن حجر (3): هو لأبي سلمة، يريد به راويه عن أبي هريرة، قال: والصاحب المذكور هو عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب بينه الزبيدي عن ابن شهاب في هذا الحديث، أخرجه ابن أبي داود، وقد جزم بأنها من قول أبي هريرة. انتهى.

قوله: "والتغني: تحزين القراءة وترقيقها".

قلت: وفي صحيح البخاري (4): وقال سفيان - أي: ابن عيينة -: تفسيره يستغنى به.

= وقال البغوي في شرح السنة (4/ 484): قوله: "ما أذن الله لشيء كأذنه" يعني: ما استمع الله لشيء كاستماعه، والله لا يشغله سمع عن سمع يقال: أذنت للشيء، آذن بفتح الذال: إذا سمعت له

".

فالله سبحانه يأذن أذناً، أي: يستمع استماعاً بلا كيف. انظر: "فضائل القرآن"(ص 114 - 116).

(1)

انظر ما تقدم.

(2)

رقم (5023).

(3)

في "فتح الباري"(9/ 69).

(4)

في صحيحه رقم (5024).

ص: 630

قال ابن حجر: كذا فسره سفيان قال: وقال ابن الجوزي (1): اختلفوا في معنى يتغنى على أربعة أقوال:

أحدها: تحسين الصوت.

والثاني: الاستغناء.

والثالث: التحزن، قاله الشافعي.

والرابع: التشاغل به، تقول العرب: تغنى بالمكان أقام به.

قلت: وفيه قول آخر حكاه ابن الأنباري، قال: المراد به التلذذ والاستحلاء له كما يستلذ أهل الطرب بالغناء، فأطلق عليه تغنياً من حيث أنه يفعل عنده ما يفعل عند الغناء، وأطال في البحث، ثم قال آخراً: وظواهر الأخبار يرجح أن المراد تحسين الصوت، قال: ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم؛ لأن للتطريب تأثيراً في رقة القلب وإجراء الدمع، وكان بين السلف اختلاف في جواز القراءة بالألحان وذكر الخلاف.

السابع:

7 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا أَذِنَ الله تَعَالَى لِشَيءٍ مَا أَذِنَ لِعَبْدٍ يَقْرَأُ الْقُرآنَ فِي جَوْفِ اللَّيْل، وَإِنَّ الْبِرَّ لَيُذَرُّ عَلَى رَأْسِ الْعَبْدِ مَا دَامَ فِي مُصَلّاهُ، وَمَا تَقَرَّبَ الْعِبَادُ إِلَى الله تَعَالَى بِمِثْلِ مَا خَرَجَ مِنْهُ". [ضعيف].

قَالَ أَبُو النَّضْرِ: يَعْنِى الْقُرْآنَ. منه بدأ الأمر به، وإليه يرجع الحكم فيه. أخرجه الترمذي (2).

(1) انظر "فتح الباري"(9/ 70 - 72).

(2)

في "السنن" رقم (2911) وهو حديث ضعيف.

ص: 631

قوله: "ليذر (1) " بالذال المعجمة. أي: لينثر.

قوله: "أخرجه الترمذي". [238/ ب].

قلت: وقال (2): هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وبكر بن خنيس قد تكلم فيه ابن المبارك وتركه في آخر أمره. انتهى.

[قوله: "منه بدأ

" إلى آخره".

أقول: أفاد الحافظ ابن حجر في فتح الباري (3) أن هذه الزيادة من قول أبي عبد الرحمن السلمي، وقال: قال المصنف - يريد البخاري - في خلق (4) الأفعال: قال أبو عبد الرحمن السلمي. وأشار في خلق أفعال العباد أنه لا يصح مرفوعاً] (5).

9 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْجَاهِرُ بِالْقُرْآنِ كَالْجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، وَالْمُسِرُّ بِالْقُرْآنِ كَالْمُسِرِّ بِالصَّدَقَةِ". أخرجه أصحاب (6) السنن. [صحيح].

(1) انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 604).

(2)

أي: الترمذي في "السنن"(5/ 176).

(3)

(9/ 69 - 70).

(4)

(ص 69 رقم 187).

(5)

ما بين الحاصرتين في (ب) متأخر بعد صفحة.

(6)

أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (2919) وأبو داود رقم (1333) والنسائي رقم (1663) و (2561) وهو حديث صحيح.

ص: 632

قوله: "الجاهر بالقرآن

" إلى آخره.

أقول: قال الترمذي (1): ومعنى هذا الحديث أن الذي يسر بقراءة القرآن أفضل من الذي يجهر به؛ لأن صدقة السر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية، وإنما معنى هذا عند أهل العلم لكي يأمن الرجل من العجب؛ لأن الذي يسر بالعمل لا يخاف عليه العجب ما يخاف عليه في العلانية. انتهى كلامه.

قوله: "أخرجه الترمذي (2) " قال: هذا حديث حسن غريب.

10 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله! أَيُّ الْأَعْمَالَ أَحَبُّ إِلَى الله تَعَالَى؟ قَالَ: "الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ". قَالَ: وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: "الَّذِي يَضْرِبُ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ، كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ (3) ". [ضعيف]

قوله: "كلما حل ارتحل".

أقول: في النهاية (4): هو الذي يختم تلاوة القرآن ثم يفتتح التلاوة من أوله شبهه بالمسافر يبلغ المنزل فيحل فيه، ثم يفتتح سيره أي: يبتديه، وكذلك قرّاءُ أهل مكة إذا ختموا القرآن بالتلاوة ابتدؤوا، فقرءوا الفاتحة، وخمس آيات إلى قوله:"المُفْلِحُون".

من أول سورة البقرة، ويقطعون القراءة ويسمون فاعل ذلك الحال المرتحل، أي: أنه ختم القرآن، وابتدأ بأوله ولم يفصل بينهما بزمان.

وقيل: أراد بالحال المرتحل الغازي الذي لا ينفتل من غزوة إلا عقبها بأخرى، انتهى من النهاية.

(1) في "السنن"(5/ 181).

(2)

في "السنن"(5/ 180).

(3)

أخرجه الترمذي في "السنن"(2948)، وهو حديث ضعيف.

(4)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 421).

ص: 633

إلا أنه قال ابن القيم: إن فعل أهل مكة بدعة.

قوله (1): "أخرجه الترمذي".

قلت: ثم قال (1): هذا حديث غريب لا نعرفه عن ابن عباس إلا من هذا الوجه ثم ساق [239 / ب] سنده إلى ابن أبي أوفى عنه صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه عن ابن عباس ثم قال: وهذا عندي أصح من حديث نصر بن علي عن الهيثم بن الربيع. انتهى.

ويريد برواية نصر هي رواية ابن عباس فالحديث قد ثبت عن ابن أبي أوفى عنه صلى الله عليه وسلم.

11 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَقُولُ الله تبارك وتعالى: مَنْ شَغَلَهُ الْقُرآنُ عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِى السَّائِلِينَ"(2). أخرجهما الترمذي. [ضعيف جداً].

قوله: "أفضل ما أعطي السائلين".

أقول: تمامه في الترمذي: "وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه".

ثم قال (3): هذا حديث حسن.

12 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ به أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ضَوْؤُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فيه، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ به". أخرجه أبو داود (4). [ضعيف].

(1) أي: الترمذي في "السنن"(5/ 198).

(2)

أخرجه الترمذي في السنن رقم (2926) وهو حديث ضعيف جداً.

(3)

في "السنن"(5/ 184).

(4)

في "السنن" رقم (1453) وهو حديث ضعيف.

ص: 634

13 -

وَعَنْ عَليِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَاسْتَظْهَرَهُ، فَأَحَلَّ حَلَالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، أَدْخَلَهُ اللهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ، وَشَفَّعَهُ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ كُلُّهُمْ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ". أخرجه الترمذي (1). [صحيح].

ومعنى "استظهره" حفظه عن ظهر قلبه.

قوله: "وعن علي" إلى قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: وقال (2) عقب إخراجه: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس له إسناد صحيح، وحفص (3) بن سليمان أبو عمر [ونزار كوفي (4)](5) يضعف في الحديث.

14 -

وَعَنْ عبد الله بْنِ عَمْرٍو بْن الْعَاصَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ؛ اقْرَأْ وَارْقَ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا". أخرجه البخاري (6) والترمذي (7).

15 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ".

(1) في "السنن" رقم (2905). قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (216) وهو حديث ضعيف.

(2)

أي الترمذي في "السنن"(5/ 172).

(3)

انظر "ميزان الاعتدال"(1/ 558).

(4)

كذا في المخطوط، والصواب البزار كوفي، انظر "ميزان الاعتدال"(1/ 558).

(5)

زيادة من المخطوط ولم أقف عليها في السنن للترمذي (5/ 172).

(6)

لم يخرجه البخاري.

(7)

في "السنن" رقم (2914). قلت: وأخرجه أبو داود رقم (1464) وهو حديث صحيح.

ص: 635

أخرجه الخمسة إلا النسائي (1). [صحيح].

قوله: "الماهر".

أقول: [هو](2) الحاذق بالقراءة "والذي يقرأه وهو عليه شديد شاق له أجران".

هذان بيان ما لمن تشق عليه القراءة، وأما الماهر فالمضاعفة لحسناته لا تحصى.

قوله (3): "أخرجه الترمذي".

قلت: وقال: هذا حديث حسن صحيح.

16 -

وَعَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفَرَسُهُ مرْبُوطَةٌ عِنْدَهُ إِذْ جَالَتِ الْفَرَسُ فَسَكَتَ فَسَكَنَتْ، فَقَرَأَ: فَجَالَتِ، فَسَكَتَ فَسَكَنَتْ الْفَرَسُ، ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتِ، وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا فانْصَرَفَ فَأَخَّرَهُ؛ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مثْلُ الظُّلّةِ فِيْهَا أَمْثَالُ المَصَابِيْحُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"وَتَدْرِى مَا ذَاكَ؟ ". قَالَ: لَا. قَالَ: "تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لَا تَتَوَارَى مِنْهُمْ". أخرجه البخاري (4) ولمسلم (5) عن الخدري بمعناه. [صحيح].

قوله في حديث أسيد بن حضير في البخاري: "فقال صلى الله عليه وسلم: اقرأ (6) يا أسيد".

(1) أخرجه البخاري رقم (4937) ومسلم رقم (798) وأبو داود رقم (1455) والترمذي رقم (2904) والنسائي في الكبرى رقم (8045) وابن ماجه رقم (3779). وهو حديث صحيح.

(2)

زيادة من (أ).

(3)

أي الترمذي في "السنن"(5/ 177) أي: حديث عبد الله بن عمرو.

(4)

في صحيحه رقم (5018).

(5)

في صحيحه رقم (796).

(6)

كذا في المخطوط، والذي في البخاري رقم (518)(اقرأ يا ابن حضير، اقرأ يا ابن حضير).

ص: 636

وقال الحافظ (1) ابن حجر: كان ينبغي أن تستمر على قرائتك، وليس أمراً له بالقراءة في حالة الحديث، وكان استحضر سورة الحال فصار كأنه حاضر عنده [63/ أ] لما رأى ما رأى فكأنه يقول:[240/ ب] استمر على قرائتك فتستمر لك البركة بنزول الملائكة واستماعها لقرائتك وفهم أسيد ذلك.

قوله: "تلك الملائكة".

قال النووي (2) فيه: في هذا الحديث جواز رؤية آحاد الأمة للملائكة كذا أطلق وهو صحيح لكن الظاهر التقييد بالصالح حفظاً والصوت الحسن.

قوله: "ولو قرأت

" إلى آخره.

قال ابن حجر (3): لأن الملائكة لاستغراقهم في الاستماع كانوا يستمرون على عدم الاختفاء الذي هو من شأنهم، وفيه منقبة لأسيد بن حضير، وفضل قراءة سورة البقرة في صلاة الليل، وفضل الخشوع في الصلاة (4).

17 -

وَعَنِ البرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطَةٌ بِشَطَنَيْنِ فتَغَشَّتْهُ سَحَابَة فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ مِنْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ:"تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنَ". أخرجه الشيخان (5) والترمذي (6).

"والشطَن" الحبل. [صحيح].

(1) في فتح الباري (9/ 64).

(2)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 82).

(3)

في "فتح الباري"(9/ 64).

(4)

وفيه أن التشاغل بشيء من أمور الدنيا ولو كان من المباح قد يفوت الخير الكثير، فكيف لو كان بغير الأمر المباح.

(5)

البخاري رقم (3614) ومسلم في صحيحه رقم (795).

(6)

في "السنن" رقم (2885).

ص: 637

قوله في حديث البراء: "كان رجل"

قيل: هو أسيد بن حضير المذكور في الحديث قبل هذا إلا أن هذا في قراءة سورة الكهف، وحديث أسيد في قراءة البقرة، وهذا [ظاهره](1) التعدد.

قوله: "شطنين"، مثنى شطن (2) بفتح المعجمة وهو الحبل، وقيل: بشرط طوله.

قوله: "تنفر" بنون وفاء ومهملة، ووقع في رواية مسلم "تنقز" بقاف فزاي.

قوله: "السكينة"، روى الطبري (3) وغيره (4) عن علي عليه السلام قال: هي ريح هفافة [241/ ب] لها وجه كوجه الإنسان، وقيل: لها رأسان.

وفيها أقوال ذكرها في فتح الباري (5) وقال: والذي يظهر أنها متولة بالاشتراك على هذا المعاني فتحمل في كل موضع وردت على ما يليق بحديث الباب.

قال النووي (6): المختار أنها شيء من المخلوقات فيه طمأنينة ورحمة ومعه الملائكة.

18 -

وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثلُ الأُتْرُجَّةِ: رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ ولَا رِيحَ لهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلُ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا

(1) زيادة من (أ).

(2)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 869)، "لمجموع المغيث"(2/ 199).

(3)

في "جامع البيان"(4/ 467).

(4)

كعبد الرزاق في تفسيره (1/ 100، 101)، والحاكم في المستدرك (2/ 460) والبيهقي في الدلائل (4/ 167).

(5)

(9/ 57 - 58).

(6)

في شرحه لصحيح مسلم (6/ 82).

ص: 638

مُرٌّ، وَمَثَلُ الفاجر الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ ولا رِيحٌ لهَا". أخرجه الخمسة (1). [صحيح].

قوله في حديث أبي موسى: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن

" إلى آخره.

قوله: "الأترجة (2) " بضم الهمزة والراء بينهما مثناة ساكنة، وآخره جيم ثقيلة، وقد تخفف ويزاد قبلها نون ساكنة، ويقال: بحذف الألف مع الوجهين فتلك أربع لغات. قوله: "طعمها طيب وريحها طيب"، مثل صفة الإيمان وصفة التلاوة بالريح؛ لأن الإيمان ألزم للمؤمن من القرآن إذ يمكن حصول الإيمان بدون القراءة، وكذلك الطعم ألزم للجوهر من الريح فقد تذهب ريح الجوهر ويبقى طعمه، ثم قيل: الحكمة في تخصيص الأترجة دون غيرها من الفاكهة التي تجمع طيب الطعم والريح كالتفاحة أنه يتداوى بقشرها وهو مفرح بالخاصية، ويستخرج من حبها دهن له منافع، وقيل: إن الجن لا تقرب البيت الذي فيه الأترج فناسب أن يمثل به القرآن الذي لا يقربه الشيطان، وفيها منافع أخرى.

وفي الحديث فضيلة حامل القرآن وضرب المثل للتقريب للفهم وغير ذلك.

19 -

وَعَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ". أخرجه البخاري (3)، وأبو داود (4)، والترمذي (5). [صحيح].

(1) أخرجه البخاري رقم (5020) ومسلم رقم (797) وابن ماجه رقم (214) والنسائي (8/ 124 - 125).

(2)

انظر "تهذيب اللغة" للأزهري (11/ 13).

(3)

في صحيحه رقم (5027).

(4)

في "السنن" رقم (1452).

(5)

في "السنن" رقم (2908).

قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (211) والنسائي في "فضائل القرآن" رقم (61). وهو حديث صحيح.

ص: 639

قوله في حديث عثمان: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".

أقول: ظاهره استواء العالم والمتعلم في الخيرية، ويحتمل أن المعلم أكثر خيرية بأدلة [242/ ب] أخرى، وفي رواية:"أو علمه".

قال ابن حجر (1): إنها للتنويع لا للشك، قال: فإن قيل: فيلزم أن يكون المقرئ أفضل ممن هو أعظم عناء في الإسلام بالمجاهدة والرباط والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلاً.

قلنا: حرف المسألة يدور على النفع المتعدي فمن كان حصوله عنه أكثر كان أفضل، ويمكن أن تكون الخيرية، وإن أطلقت لكنها مقيدة بناس مخصوصين خوطبوا بذلك كان اللائق بحالهم ذلك، ثم هو مخصوص بمن علم وتعلم حيث يكون قد علم ما يجب عليه عيناً.

20 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِب". أخرجه الترمذي (2) وصححه.

قوله: في حديث ابن عباس "كالبيت [الخرب] (3) " يريد أنه كما لا ينتفع بالبيت الخرب فمن لم يكن في جوفه شيء من القرآن يحفظه لا نفع فيه لنفسه ولا لغيره.

قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: وقال (4): هذا حديث حسن صحيح.

21 -

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَا مِنِ امْرِئٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ثُمَّ يَنْسَاهُ إِلَاّ لَقِيَ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْذَمَ". أخرجه أبو داود (5). [ضعيف].

(1) في "فتح الباري"(9/ 66 - 67).

(2)

في "السنن" رقم (2913) وهو حديث ضعيف.

(3)

زيادة من (أ).

(4)

أي: الترمذي في "السنن"(5/ 177).

(5)

في "السنن" رقم (1474) وهو حديث ضعيف.

ص: 640

قوله في حديث سعد: "ثم ينساه إلا لقي الله يوم القيامة أجذم".

المراد تعرض لأسباب نسيان ألفاظه بالإعراض عن معاودة التلاوة؛ لأن نفس النسيان غير مقدور للعبد دفعه، وقيل: نسي العمل به، وقد عدوا نسيان القرآن من الكبائر كما في كتاب الزواجر (1) في الكبائر كما يفيده حديث أنس بعد هذا، وهو قوله:

22 -

وَعَنْ أَنَسِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "عُرِضَتْ [عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي] (2) حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ فِيْهَا ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا". أخرجه أبو داود (3) والترمذي (4). [ضعيف]

قوله: "أخرجه"، أي: حديث أنس. "أبو داود والترمذي".

قلت: وقال الترمذي (5): هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وذاكرت به محمد بن إسماعيل فلم يعرفه واستغربه [243/ ب] قال محمد: ولا أعرف للمطلب (6) بن عبد الله بن حنطب سماعاً من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا قوله: حدثني من سمع خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول: لا نعرف للمطلب سماعاً من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال عبد الله: وأنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس.

(1)"الزواجر عن اقتراف الكبائر" للهيثمي. (1/ 256) الكبيرة الثامنة والستون.

(2)

زيادة من "جامع الأصول".

(3)

في "السنن" رقم (461).

(4)

في "السنن" رقم (2916)، وهو حديث ضعيف.

(5)

في "السنن"(5/ 179).

(6)

المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب المخزومي، صدوق، كثير التدليس والإرسال، "التقريب"(2/ 254).

ص: 641

23 -

وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَارِئٍ يَقْرَأُ الْقُرْآن ثُمَّ يَسْأَل النَّاسَ بِهِ فَاسْتَرْجَعَ، وقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ الله تَعَالَى فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ"(1). [ضعيف]

قوله في حديث عمران بن حصين: "فليسأل الله". [64 / أ].

قال الطيبي (2): يحتمل وجهين: أنه كلما قرأ آية رحمة سألها من الله، وكلما قرأ آية عذاب يتعوذ منها إلى غير ذلك.

والثاني: أنه يدعو بعد الفراغ من القراءة بالأدعية المأثورة. انتهى.

قلت: كأنه قيد بالمأثورة؛ لأنها أولى وإلا فالسؤال في الحديث مطلق.

قوله: "أخرجهما الترمذي".

أقول: وقال (3) عقيب (4) الأول: وقال محمود هذا خيثمة البصري الذي روى عنه جابر الجعفي، وليس هو خيثمة بن عبد الرحمن، هذا حديث حسن، وخيثمة هذا شيخ بصري يكنى أبا نصر قد روى عن أنس بن مالك أحاديث، وقد روى جابر الجعفي عن خيثمة هذا أيضاً. انتهى كلامه على الأول.

24 -

وَعَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا آمَنَ بِالْقُرْآنِ مَنِ اسْتَحَلَّ مَحَارِمَهُ"(5). أخرجهما الترمذي. [ضعيف]

(1) أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (2917).

قلت: وأخرجه أحمد (4/ 432 - 436، 439، 445)، وهو حديث ضعيف.

(2)

في شرح الطيبي على مشكاة المصابيح (4/ 355).

(3)

أي الترمذي في "السنن"(5/ 179 - 180).

(4)

رقم (3917).

(5)

أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (2918) وهو حديث ضعيف.

ص: 642

وقال (1) في الثاني (2) الذي فيه: من استحل محارمه.

قال الطيبي (3): من استحل ما حرمه الله في القرآن فإنه كفر مطلقاً وخص ذكر القرآن لعظمته وجلالته.

فقال الترمذي (4) - بعد سياقه للحديث -: وقد روى محمد بن يزيد بن سنان هذا الحديث عن أبيه، فزاد في هذا الإسناد عن مجاهد، عن سعيد بن المسيب عن صهيب، ولا يتابع محمد بن يزيد على روايته وهو ضعيف، وأبو المبارك هو رجل مجهول. هذا حديث ليس إسناده بذاك. انتهى.

25 -

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ". أخرجه الثلاثة (5) وأبو داود (6). [صحيح].

قوله في آخر حديث [244/ ب] في الباب: "نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو" أي: الكفار لئلا يقع في أيديهم فيهينونه، وهذا من باب سد الذرائع.

والنهي أصله التحريم، قال مالك: وإنما ذلك مخافة أن يناله العدو.

ولمسلم (7) أن رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسافروا بالقرآن فإني لا آمن أن يناله العدو".

(1) في "السنن"(5/ 180).

(2)

أي الحديث رقم (2918).

(3)

في "شرح الطيبي على مشكاة المصابيح"(4/ 355).

(4)

في "السنن"(5/ 180).

(5)

البخاري في صحيحه رقم (2990) ومسلم رقم (1869) ومالك في الموطأ (2/ 446 رقم 7).

(6)

في "السنن" رقم (2610).

(7)

في صحيحه رقم (94/ 1869).

ص: 643

وفي أخرى (1): "إني أخاف أن يناله العدو".

قال أيوب: فقد ناله العدو، وخاصموكم. انتهى. زاده ابن الأثير في الجامع (2).

انتهى المجلد الأول من كتاب "التحبير لإيضاح معاني التيسير"

ويليه المجلد الثاني، وأوله:"الباب الثاني: في أسباب النزول"

(1) في صحيحه رقم (93/ 1869).

(2)

(8/ 511).

ص: 644