الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي أخرى للنسائي (1): وَالْمُنَابَذَةُ: أَنْ يَقُولَ إِذَا نبَذْتُ هَذَا الثَّوْبَ إِلَيْكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعَ، وَالْمُلَامَسَةُ أَنْ يَمَسَّهُ بِيَده وَلَا يَنْشُرهُ وَلَا يُقَلِّبَهُ إِذَا مَسَّ وَجَبَ الْبَيْعُ. [صحيح].
وعنده (2) عن ابن عمر: وهي بيوع كانوا يتبايعون بها في الجاهلية. [صحيح لغيره].
قوله: "لا يُقَلِّبه". زاد ابن الأثير (3): ولا ينظر إليه ثم يقع البيع عليه، وهذا هو بيع الغرر والمجهول.
قوله: "وينبذ الآخر ثوبه"، عبارة الجامع (4):"أن يقول أحد المتبايعين للآخر: إذا نبذت إلي الثوب أو نبذته إليك فقد وجب البيع".
وقيل: هو أن يقول: إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب [183/ ب] البيع. انتهى.
وظاهر كلام المصنف أن كل واحد ينبذ ثوبه، وهو أحد التفاسير في الجامع، ثم قال: قال الفقهاء: وهو باطل؛ لأنه تعليق وعدول عن الصيغة الشرعية.
الفصل السادس: في بيع الغرر وغيره
أي: في النهي عنه وهي عبارة الجامع.
قوله: "وغيره". هو المضطر والحصاة كما فيه.
الأول:
عن أبي هريرة:
278/ 1 - عَنْ أَبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: "نَهَى رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم عَن بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ".
(1) في السنن رقم (4514).
(2)
أي النسائي في السنن رقم (4516) وهو حديث صحيح لغيره.
(3)
في "جامع الأصول"(1/ 524).
(4)
"جامع الأصول"(1/ 525).
أخرجه الخمسةُ (1). [صحيح].
قوله: "عن بيع الغرر".
أقول: الغرر ماله ظاهر يؤثره، وباطن يكرهه، فظاهره يغر المشتري، وباطنه مجهول.
وقال النووي (2): هو أصل عظيم من أصول كتاب البيوع يدخل فيه مسائل كثيرة غير محصورة، كبيع الآبق، والمعدوم، والمجهول، وما لا يقدر على تسليمه وما لا يتم ملك البائع عينه، وعد نظائر لهذا كثيرة، فكل هذا بيع باطل؛ لأنه غرر من غير حاجة، وقد يحتمل بعض الغرر بيعاً كما يجهل بأساس الدار، وكما إذا باع الشاة الحامل والتي في ضرعها لبن فإنه يصح البيع؛ لأن الأساس تابع للظاهر من الدار، ولأن الحاجة تدعو إليه، ولا يمكن رؤيته، وكذا القول في الحمل واللبن، وكذا أجمع العلماء على بيع أشياء فيها غرر حقير منها، الإجماع على صحة بيع الحبة المحشوة ولم ير حشوها، ولو بيع حشوها بانفراده لم يجز.
وأجمعوا: على دخول [184/ ب] الحمام بالأجرة، مع اختلاف الناس في استعمالهم الماء. وعلى جواز الشرب من السقي بالعوض مع جهالة قدر المشروب.
قال أصحابنا: والبطلان سبب الغرر والصحة مع وجوده على ما ذكرناه، وهو أنه إن دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر ولا يمكن الاحتراز منه إلا بمشقة أو كان الغرر حقيراً جاز البيع وإلا فلا.
واعلم أن بيع الملامسة، وبيع المنابذة، وحبل الحبلة، وبيع الحصاه، وعسب الفحل، وأشباهها من البيوع التي جاء فيها نصوص خاصة هي داخلة في النهي عن بيع الغرر، ولكن أفردت بالذكر، ونهى عنها لكونها من معاملات الجاهلية المشهورة. انتهى. [47/ أ].
(1) مسلم رقم (1513) والترمذي رقم (1230) وأبو داود رقم (3376) والنسائي رقم (4518). ومالك في الموطأ (2/ 664) وهو مرسل، لكنه بمعنى حديث أبي هريرة.
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (10/ 156 - 157).
قوله: "وعن بيع الحصاة (1) ".
أقول: اختلف في تفسيره، فقيل: هو أن يقول: بعتك من هذه الأثواب ما وقعت عليه هذه الحصاة، ويرمي حصاة؛ أو من هذه الأرض ما انتهت إليه في الرمي.
وقيل: هو أن يشترط الخيار إلى أن يرمي الحصاة.
وقيل: أن يجعلا نفس المرمي بيعاً.
قوله: "إلا البخاري" أي: فإنه لم يخرجه وقد بوب لبيع (2) الغرر لكنه قال الحافظ (3): ولم يذكر في الباب بيع الغرر صريحاً، وكأنه أشار إلى ما أخرجه أحمد (4) وساق بسنده إلى ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر.
279/ 2 - وَفِي أُخْرَى لَأبي دَاوُدَ (5) عَنْ عَليٍّ رضي الله عنه قَالَ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمانٌ عَضُوضٌ يَعَضُّ المُوسِرُ فيهِ على مَا فِي يَدِه، وَيُبَايعُ المُضْطَرُّون وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِذلكَ.
قال الله تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّ، وَعَنْ وَبَيْعِ الْغَرَرِ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ. [ضعيف].
قوله: "عن علي".
أقول: فيه راوٍ مجهول فإنه ساقه أبو داود عن شيخ من تميم قال خطبنا علي ابن أبي طالب [185/ ب]، أو قال: قال علي.
(1)"جامع الأصول"(1/ 528).
(2)
بوب البخاري لبيع الغرر في صحيحه (4/ 356 رقم الباب 61 - مع الفتح).
(3)
في "الفتح"(4/ 357).
(4)
في االمسند (2/ 144) بسند حسن، محمد بن إسحاق، مدلس. وقد صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه، وهو حديث صحيح.
(5)
في السنن رقم (3382) وفي سنده مجهول، وهو شيخ من بني تميم. وهو حديث ضعيف.