الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال المنذري (1): وأخرجه ابن ماجه (2) ورجال إسناده ثقات.
الباب السادس: في الشفعة
في النهاية (3): الشفعة: مشتقة من الزيادة؛ لأن الشفيع يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه كأنه كان واحداً وتراً، فصار زوجاً شفعاً. والشافع: هو الجاعل الوتر شفعاً. انتهى. [214/ ب].
338/ 1 - عَنْ جَابِرِ رضي الله عنه قَالَ: قَضَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلا شُفْعَةَ. أخرجه الخمسة (4)، وهذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم (5): فِي كُلِّ شِرْكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ لَا يحلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِذَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ. [صحيح].
339/ 2 - وفي أخرى لأبي داود (6) والترمذي (7) قال: "الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ يُنْتَظَرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِداً".
339/ 3 - وفي أخرى للترمذي (8): "جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّار".
(1) في المختصر (5/ 96).
(2)
في السنن رقم (2182).
(3)
النهاية (3/ 485).
(4)
البخاري رقم (2213) ومسلم رقم (1608) والترمذي رقم (1370) بنحوه، وأبو داود رقم (3513) و (3514) والنسائي رقم (4646) و (4700) و (4701).
(5)
في صحيحه رقم (1608).
(6)
في سننه رقم (3518).
(7)
في سننه رقم (1369) بنحوه. وقال: هذا حديث حسن غريب. وهو حديث صحيح.
(8)
في سننه رقم (1368) وقال: حديث سمرة حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (3517). وهو حديث صحيح.
قوله: "ربعة أو حائط"[الربع](1) والربعة: بفتح الراء وسكون الباء، والربع الدار والمسكن ومطلق الأرض. وأصله المنزل الذي كانوا يربعون فيه، والربعة تأنيث الربع، وقيل: واحده.
قال النووي (2): وأجمع المسلمون على ثبوت شفعة الشريك في العقار ما لم يقسم. واتفقوا على أنه لا شفعة في الحيوانات والثياب والأمتعة وسائر المنقول.
قال القاضي (3): وشذ بعض الناس فأثبت الشفعة في العروض، وهي رواية عن عطاء.
قوله: "لا يحل". أي: البائع أن يبيع حتى يؤذن شريكه. أي: خليطه. أي: يعلمه بالبيع؛ لأنه أحق بالمبيع فإن شاء، أي: شريكه أخذ المبيع، وان شاء ترك، وإن ترك بعد إيذانه إياه سقط حقه في الشفعة يشعر به قوله:"فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به"، فإنه دال مفهومه أنه ليس بأحق به بعد أن باعه بعد إيذانه وهذا قول طائفة من أهل الحديث وهو الحق.
والحديث ظاهر أنه يجب إعلام البائع لشريكه بالبيع كما دل له "لا يحل".
وقال النووي (4): إن الشافعية يحملونه على الندب [56/ أ] وكراهة إعلامه قبل بيعه كراهة تنزيه.
قلت: ولا أدري ما وجهه.
(1) زيادة من المخطوط (أ).
(2)
في شرحه لصحيح مسلم (11/ 45).
(3)
انظر "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (5/ 313).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (11/ 46).
قوله: "أخرجه الخمسة".
أقول: أما رواية الترمذي (1) فهي بلفظ: "من كان له شريك في حائطٍ فلا يبيع نصيبه من ذلك حتى يعرضه على شريكه". ثم قال (2): هذا حديث إسناده ليس متصل، سمعت محمداً يقول سليمان اليشكري يقال: إنه مات في حياة جابر بن عبد الله ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر [215/ ب] قال: ولا يعرف لأحدٍ منهم سماعاً من سليمان اليشكري. انتهى.
قوله: "ولأبي داود والترمذي، إلى قوله: إذا كان طريقهما واحداً".
قال الترمذي (3) بعد سياقه: حسن غريب، ولا نعلم أحداً روى هذا الحديث غير عبد الملك ابن أبي سليمان عن عطاء عن جابر. وقد تكلم شعبة في عبد الملك بن أبي سليمان من أجل هذا الحديث، وعبد الملك هو ثقة مأمون عند أهل الحديث. هذا آخر كلامه.
وقال الإمام الشافعي: نخاف أن لا يكون محفوظاً وأبو سلمة حافظ، وكذلك أبو الزبير ولا يعارض حديثهما بحديث عبد الملك.
وسئل الإمام أحمد عن هذا الحديث فقال: هذا حديث منكر.
وقال يحيى: لم يحدث به إلا عبد الملك، وقد أنكره الناس عليه.
وقال الترمذي: سألوا محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: لا أعلم أحداً رواه عن عطاء غير عبد الملك تفرد به ويروى عن جابر خلاف هذا. هذا آخر كلامه.
وقد احتج مسلم في صحيحه بحديث عبد الملك وخرج له أحاديث، واحتج به البخاري، ولم يخرجا له، هذا الحديث ويشبه أن يكون تركاه لتفرده به وإنكار الأئمة عليه. والله أعلم.
(1) في سننه رقم (1312).
(2)
أي الترمذي بإثر الحديث رقم (1312).
(3)
في سننه بإثر الحديث رقم (1369).
وجعله بعضهم رأياً لعطاء أدرجه عبد الملك في الحديث. قال الحافظ المنذري في مختصر السنن (1).
340/ 4 - وفي أخرى له (2) ولأبي داود (3) عن سَمُرَة: "جارُ الدَّارُ أَحَقُ بِدارٍ الْجَار وَالْأرْضِ".
قوله: "ولأبي داود عن سمرة".
أقول: وأخرجه الترمذي (4) أيضاً وقال: حسن صحيح. فما كان للمصنف الاقتصار على أبي داود إلا أنه قد اعترض بتصحيحه له؛ لأن في سماع الحسن من سمرة نزاع كثير قد تقدم قريباً.
قوله: "بدار [216/ 5] الجار والأرض"، في نسخ من أبي داود أو الأرض بالتخيير أو الشك.
341/ 5 - وَعَن عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ (5) أَنَّه سَمِعَ أَبَا رَافِعٍ رضي الله عنه يَقُوْل: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْجَارُ أَحَقُّ بِصقَبِهِ". أخرجه البخاري (6)، وأبو داود (7)، والنسائي (8). [صحيح].
(1) حكاه المنذري في المختصر (5/ 171).
(2)
أي للترمذي رقم (1368) وقال: حديث سمرة: حديث حسن صحيح.
(3)
في السنن رقم (3517) وهو حديث صحيح.
(4)
في السنن رقم (1368) وقد تقدم.
(5)
عمرو بن الشريد بن سويد الثقفي، أبو الوليد الطائي.
قال العجلي: حجازي، تابعي، ثقة. وذكره ابن حبان في "الثقات""تهذيب التهذيب"(3/ 277).
(6)
في صحيحه رقم (6981).
(7)
في سننه رقم (3516).
(8)
في سننه رقم (4702). وهو حديث صحيح.
"الصقب" القرب في الجوار.
342/ 6 - وَعَنْ الشَّرِيدِ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ الله! أَرْضِي لَيْسَ لأَحَدٍ فِيهَا شَرِكَةٌ وَلَا قِسْمَةٌ إِلَاّ الْجُوَارَ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ". أخرجه النسائي (1). [صحيح].
قوله: "بسقبه"(2)، بفتح المهملة والقاف بعدها موحدة. ويقال: صقب، بالصاد المهملة، والسقب: القرب والملاصقة، قال ابن بطال (3): استدل به أبو حنيفة وأصحابه على إثبات الشفعة للجار، وأدلة غيرهم على أن المراد به الشريك، وهو مصروف الظاهر اتفاقاً؛ لأنه يقتضي أن يكون الجار أحق من كل أحد حتى من الشريك، والذين قالوا بشفعة الجوار قدموا الشريك مطلقاً، ثم المشارك في الطريق، ثم الجار على من ليس بمجاور، واحتج من لم يقل بشفعة الجار بأن الشفعة تثبت على خلاف الأصل بمعنى معدوم في الجار، وهو أن الشريك ربما دخل عليه شريكه فتأذى به فدعت الحاجة إلى مقاسمته فيدخل عليه الضرر بنقص قيمة ملكه، وهذا لا يوجد في المقسوم.
قوله: "والقرب والجوار"، هذه زيادة على ما فسره به غيره.
وقال ابن الأثير (4): السقب: القرب والملاصقة، فإن حملته على الجوار، فهو مذهب أبي حنيفة، وإن حملته على الشركة، فهو مذهب الشافعي. والجار يقع في اللغة على أشياء متعددة:
منها: الشريك، ومنها الملاصق.
(1) في سننه رقم (4703) بسند صحيح.
(2)
النهاية في غريب الحديث (1/ 785).
(3)
في شرحه لصحيح البخاري (8/ 328).
(4)
في "جامع الأصول"(1/ 585).
وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر - وهو حديث الباب -: "الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة"، يدل على حصر الشفعة في الشركة؛ لأن الجار لا يقاسم وإنما يقاسم الشريك". اهـ.
343/ 7 - وعن عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فِي الأَرْضِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا، وَلَا شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ وَلَا فَحْلِ النَخْلٍ. أخرجه مالك (1). [موقوف ضعيف].
قوله: "وعن عثمان"، هو مثل حديث جابر المرفوع.
وقوله: "في بئر"، أي: لا منفعة في بئر تكون [217/ ب] لجماعة يسقون منها نخلهم، فإذا [باع](2) أحدهم سهمه من النخيل فلا شفعة للشركاء في سهمه من البئر؛ لأنها لا تنقسم ذكر هذا وما بعده ابن الأثير (3).
وقوله: "فحل النخل"، فحل النخل وفحاله، وهو الذكر الذي يلقحون منه الإناث، وقيل لا يقال فيه إلا فحال النخل، وإنما لم تثبت فيه الشفعة؛ لأن القوم كانت لهم نخيل في حائط يتوارثونها ويقسمونها، ولهم فحل يلقحون منه نخيلهم، فإذا باع أحدهم نصيبه المقسوم من ذلك الحائط بحقوقه من الفحال وغيره فلا شفعة للشركاء في الفحال في حقه منه؛ لأنه لا يقسم.
(1) في الموطأ (2/ 171 رقم 4). وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" رقم (14393) و (14426) والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 105) وفي "معرفة السنن والآثار"(4/ 493 رقم 3698). عن مالك به. إسناده ضعيف لانقطاعه. وهو موقوف ضعيف.
(2)
زيادة من المخطوط (أ).
(3)
"جامع الأصول"(1/ 586).