المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يده، وقال: حتى يأتيني خازني من الغابة، وعمر بن الخطاب - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ١

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌أولاً: مقدمة المحقق

- ‌ثانياً: ترجمة المؤلف محمد بن إسماعيل الأمير

- ‌1 - اسمه ونسبه:

- ‌2 - مولده:

- ‌3 - نشأته:

- ‌4 - مشايخه:

- ‌5 - تلامذته:

- ‌6 - ورعه وزهده:

- ‌7 - وفاته:

- ‌8 - ثناء العلماء عليه:

- ‌9 - عقيدة محمد بن إسماعيل الأمير:

- ‌1 - قوله بعد ذكر اسم علي رضي الله عنه (عليه السلام

- ‌2 - ما نسب إليه من سبه الصحابة:

- ‌3 - ما ورد في كتابه "الروضة الندية شرح التحفة العلوية

- ‌10 - مؤلفاته:

- ‌فائدة (1):

- ‌فائدة (2):

- ‌ثالثاً: ترجمة مؤلف "تيسير الوصول إلى جامع الأصول

- ‌1 - اسمه:

- ‌2 - مولده:

- ‌3 - نشأته:

- ‌3 - شيوخه:

- ‌4 - تلاميذه:

- ‌6 - ثناء العلماء عليه:

- ‌7 - مؤلفاته:

- ‌8 - وفاته:

- ‌رابعاً: وصف المخطوط (أ):

- ‌خامساً: وصف المخطوط (ب):

- ‌سادساً: وصف المخطوط (ج

- ‌سابعاً: منهجي في تحقيق الكتاب، وتخريج أحاديثه، والتعليق عليه:

- ‌مقدمة ابن الديبع

- ‌باب في ذكر مناقب الستة الأئمة وأحوالهم

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[(مناقب الأئمة الستة)]

- ‌حرف الهمزة

- ‌الكتاب الأول: (في الإيمان والإسلام)

- ‌الباب الأول: (فى تعريفهما حقيقة ومجازاً، وفيه ثلاث فصول)

- ‌الفصل الأول: في فضلهما

- ‌الفصل الثاني: في حقيقتهما

- ‌الفصل الثالث: في المجاز

- ‌الباب الثاني: (في أحكام الإيمان والإسلام)

- ‌الفصل الأول: في حكم الإقرار بالشهادتين

- ‌الفصل الثالث: في أحكام متفرقة

- ‌الباب الثالث: (في أحاديث متفرقة تتعلق بالإيمان والإسلام)

- ‌الباب الأول: (في الاستمساك بهما)

- ‌الباب الثاني: (في الاقتصاد في الأعمال)

- ‌كتاب الإيلاء: هو الكتاب السابع

- ‌كتاب: الأسماء والكنى وهو الكتاب الثامن

- ‌الفصل الأول: في المحبوب منها والمكروه

- ‌الفصل الثاني من الخمسة الفصول: في كتاب الأسماء

- ‌ الأول:

- ‌ الثاني:

- ‌ الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌الفصل الثالث: فيمن غيَّر النبي صلى الله عليه وسلم اسمه

- ‌الأول:

- ‌ الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌السابع:

- ‌الفصل الرابع من كتاب الأسماء والكنى: في التسمي باسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته

- ‌الأول:

- ‌ الثاني

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الفصل الخامس: من كتاب الأسماء

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الرابع:

- ‌كتاب: الآنية

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌كتاب: الأجل والأمل

- ‌الثالث: عن ابن عمر

- ‌[الرابع: "عن بريدة

- ‌[الخامس: عن أبي هريرة]

- ‌حرف الباء

- ‌ الأول

- ‌الباب الأول: (في بر الوالدين)

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌الباب الثاني: في بر الأولاد والأقارب

- ‌الباب الثالث: (في برّ اليتيم)

- ‌الباب الرابع: (في إماطة الأذى عن الطريق)

- ‌الباب الخامس: (في أعمال من البر متفرقة)

- ‌الباب الأول: في آدابه

- ‌الفصل الأول: في الصدق والأمانة

- ‌الفصل الثاني: في التساهل والتسامح في البيع والإقالة

- ‌الأول:

- ‌[الثاني]

- ‌[الثالث]

- ‌[الرابع]

- ‌[الخامس]

- ‌[السادس]

- ‌الفصل الثالث: الكيل والوزن وغيرهما

- ‌الأول:

- ‌ الثاني

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الباب الثاني: (فيما لا يجوز بيعه)

- ‌الفصل الأول: في النجاسات

- ‌ الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌الفصل الثاني: في بيع ما لم يُقْبَضْ

- ‌الأول:

- ‌ الثاني

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌الفصل الثالث: في بيع الثمار والزروع

- ‌الفصل الرابع: في أشياء متفرقة لا يجوز بيعها [أمهات الأولاد

- ‌الفصل‌‌ الأول:في الخداع

- ‌ الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌[الفصل الثاني: في التصرية

- ‌الفصل الثالث: في النَجْش

- ‌الفصل الخامس: الأول: في الملامسة والمنابذة

- ‌الفصل السادس: في بيع الغرر وغيره

- ‌الأول:

- ‌الثاني):

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌الباب الرابع: في الربا

- ‌الفصل الأول: في ذمه

- ‌الفصل الثاني: في أحكامه

- ‌(الأول):

- ‌الثاني:

- ‌فرع: في الحيوان وغيره

- ‌الباب الخامس: في الخيار

- ‌الباب السادس: في الشفعة

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌السادس:

- ‌السابع:

- ‌الثامن:

- ‌الباب الثامن: في الاحتكار والتسعير

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الرابع:

- ‌الباب التاسع: في الرد بالعيب

- ‌الباب العاشر: في بيع الشجر والثمر، ومال العبد والجوائح

- ‌كتاب: البخل وذم المال

- ‌(كتاب: البنيان)

- ‌حرف التاء

- ‌كتاب: التفسير

- ‌الباب الأول: في حكمه

- ‌الفصل الأول: في التحذير منه

الفصل: يده، وقال: حتى يأتيني خازني من الغابة، وعمر بن الخطاب

يده، وقال: حتى يأتيني خازني من الغابة، وعمر بن الخطاب يسمع، فقال عمر: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِباً إِلَّا هَاءَ وَهَاء [195/ ب]

" الحديث.

‌الثاني:

300/ 2 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نُرْزَقُ تَمْرَ الْجَمْعِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الخلْطُ مِنَ التَّمْرِ، فَكُنَّا نَبِيعُ صَاعيْنِ بِصَاعٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"لَا صَاعينِ تَمْراً بِصَاعٍ، وَلَا صَاعَيْنِ حِنْطَةٍ بِصَاعٍ، وَلَا دِرْهَمَيْن بِدِرْهَم". أخرجه الستة إلا أبا داود (1). [صحيح].

قوله: "هو الجمع".

قوله: "وهو الخلط من التمر"، أي: تمر مختلط من أنواع متفرقة من التمور، وليس بمرغوب فيه لما فيه من الاختلاط، وما يخلط إلا لرداءته؛ لأنه إذا كان نوعاً جيداً أفرد على حدته ليرغب فيه.

وقال الهروي (2): كل نوع من النخل لا يعرف اسمه فهو جمع.

301/ 3 - وفي رواية (3): جَاءَ بِلَالٌ رضي الله عنه إِلَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ فقال له: "مِنْ أَيْنَ هَذَا". فَقَالَ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيءٌ فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِمَطْعَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: عِنْدَ ذَلِكَ: "أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا، أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا، عَيْنُ الرِّبَا، لَا تَفْعَلْ وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِىَ فَبعِ التَّمْرَ بَيْعَاً آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِ بهِ". [صحيح].

(1) البخاري رقم (2080) ومسلم رقم (98/ 1595) ومالك (2/ 632 - 633 رقم 30) والنسائي رقم (4571) والترمذي رقم (1241) وقال: حسن صحيح.

(2)

في الغريبين في القرآن والحديث (1/ 316 - 367) نقلاً عن الأصمعي.

(3)

البخاري رقم (2312) ومسلم رقم (1594).

ص: 549

302/ 4 - وفي رواية للشيخين (1): "الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ مِثْلاً بِمِثْلٍ فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى". وَقَال رَاوِيه فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لا يَقُولُهُ، فَقَالَ أبُو سعيدٍ: سَأَلْتُه فَقُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَوْ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ الله تَعَالَى؟ فَقَالَ: كُلُّ ذَلِك لَا أَقُولُ، وَأَنْتُم أَعْلَمُ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنِّي، وَلَكِنْ أَخْبَرَني أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنهما رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا رِبَا إلَّا فِي النَّسِيئَةِ". [صحيح].

303/ 5 - وفي أخرى لمسلم (2): "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، الآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ". [صحيح].

وله (3) عن أبي هريرة في رواية: إِلَّا مَا اخْتَلَفَت أَلْوَانُهُ. [صحيح].

304/ 6 - وفي أخرى عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامت: "إِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ". أخرجه الخمسة (4) إلا البخاري. [صحيح].

قوله: "أوّه". كلمة يقولها الرجل عند الشكاية، وإنما هو من التوجُّع، إلا أنها ساكنة الواو، وربما قلبوا الواو ألفاً، فقالوا: آه من كذا، وربما شدَّوا الواو وكسروها، وسكَّنوا الهاء، فقالوا: أوِّهْ من كذا، وربما حذفوا مع التشديد الهاء فقالوا: أوٍّ من كذا، بلا مد، وبعضهم يقول: أَوِّهْ بفتح الواو وتشديدها وسكون الهاء (5).

(1) البخاري رقم (2178، 2189) ومسلم رقم (1596).

(2)

في صحيحه رقم (82/ 1584).

(3)

أي: لمسلم في صحيحه رقم (83/ 1588).

(4)

مسلم رقم (81/ 1587) وأبو داود رقم (3349) والترمذي رقم (1240) والنسائي رقم (4560) و (4563) و (4564).

(5)

"جامع الأصول"(1/ 549).

ص: 550

قوله: "أوه عين الربا". لفظ الجامع (1): "أوّه عين الربا عين الربا" ليس فيه تكرير لفظ أوّه.

قوله: "فقال أبو سعيد سألته". أي: أنه سأل ابن عباس عن كلامه في الصرف فقلت: سمعته أي: يا ابن عباس، فهو بفتح التاء استفهام له، أو وجدته، أي: فتياك هل هو سماع منك عن النبي صلى الله عليه وسلم أم وجدته في القرآن؟ فقال ابن عباس جواباً على أبي سعيد: كل ذلك أي: منه صلى الله عليه وسلم أو وجدانه في كتاب الله لا أقوله، وأخبر أبا سعيد أنهم أعلم منه برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر أن مستنده في ذلك خبر أسامة (2) له بحديث:"لا ربا إلَّا في النسيئة" وأنه فهم [196/ ب] من الحصر أنه لا يكون الربا في الفضل مع التقابض، وقد صرح العلماء بأن هذا المفهوم عارضه منطوق أقوى منه.

واعلم أن أبا سعيد أقاس الفضة بالفضة على التمر بالتمر، فإنه ذكر قصة شراء الصاع من الطيب بالصاعين مما دونه، وأنه صلى الله عليه وسلم نهى عنه، ثم قال أبو سعيد: فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا أم الفضة بالفضة.

والتحقيق أن التمر والفضة سواء لا يقاس أحدهما على الآخر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد سوى بين الأمور الستة في كونها ربوية يجب فيها التساوي والتقابض.

قوله: "الآخذ والمعطي فيه"، أي: الإثم سواء؛ لأن كلاً قد شارك في الربا.

قوله: "إلا ما اختلفت ألوانه"، مثل قوله في حديث عبادة:"فإذا اختلفت الأصناف" أي: الستة كبيع الفضة بالذهب، فإنه يجوز الزيادة وغيرها [51/ أ] إلا أنه مشروط أن يكون يداً بيد.

(1)"جامع الأصول"(1/ 546).

(2)

البخاري رقم (2187، 2179) ومسلم رقم (1596).

ص: 551

والحاصل أن مع اتفاق النوع يجب التساوي والتقابض، ومع اختلافها يجب التقابض ويجوز الزيادة والنقص، وهذا هو الذي أفاده حديث زيد بن أرقم والبراء بن عازب (1) في النهي عن بيع الذهب بالورق ديناً بل لا بد من التقابض، وقد عرفت أنه سبب رواية عمر للحديث كما قدمناه [198/ ب].

305/ 7 - وَعَنْ أَبَي الْمِنْهَالِ قَالَ: سَألْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ عَنِ الصَّرْفِ فَقَالَا: "نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عنْ بَيع الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْنًا". أخرجه الشيخان (2) والنسائي (3). [صحيح].

قوله: "أبو المنهال"(4)، اسم أبي المنهال: سيار بن سلامة الرياحي، سيار: بفتح السين المهملة، وتشديد الياء المثناة وبالراء، والرياحي: بكسر الراء وتخفيف الياء وبالحاء المهملة.

306/ 8 - وَعَنْ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قال: أُتِيَ الْنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهُوَ بِخَيْبَرَ بِقِلادةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ وَهِيَ مِنَ الْمَغَانِمِ تُبَاعُ، فَأَمَرَ بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلادَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ وَقَالَ:"الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْن". أخرجه الخمسة إلا البخاري (5). [صحيح].

وفي أخرى (6): "لَاتُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ". [صحيح].

"وعن فضالة"، بالفاء وضاد معجمة بزنة سحابة صحابي جليل.

(1) سيأتي تخريجه في الحديث الآتي.

(2)

البخاري رقم (2180) ومسلم رقم (1589).

(3)

في السنن رقم (4577).

(4)

قال الحافظ في "التقريب" رقم (2715): ثقة من الرابعة.

(5)

مسلم رقم (91/ 1591) وأبو داود رقم (3351) والنسائي رقم (4573، 4574) والترمذي رقم (1255)

(6)

أبو داود رقم (3352) والترمذي رقم (1255).

ص: 552

قوله: "فنزع وحده وقال: الذهب بالذهب".

أقول: قال النووي (1) في الحديث: إنه لا يجوز بيع الذهب مع غيره بذهب، حتى يفصل فيباع الذهب بوزنه ذهباً، ويباع الآخر بما أراد، وكذا سائر الربويات لا بد من فصلها، وسواء كان الذهب في الصورة الأولى قليلاً أو كثيراً، وكذلك سائر الربويات.

قال: وهذه هي المسألة المشهورة في كتب الشافعي وأصحابه وغيرهم المعروفة بمسألة مُدّ عجوه، وصورتها ما إذا باع مُدَّ عجوه، ودرهم بمد عجوة، ودرهمين فإنه لا يجوز لهذا الحديث، وهذا منقول عن عمر بن الخطاب وابنه، وجماعة من السلف وهو الشافعي (2)، وأحمد (3)، وإسحاق.

وقال أبو حنيفة (4) والثوري والحسن بن صالح: يجوز بيعه بأكثر مما فيه من الذهب، ولا يجوز بمثله ولا بدونه.

وقال مالك (5) وأصحابه وآخرون: يجوز بيع السيف المحلى بذهب وغيره مما هو في معناه مما فيه ذهب فيجوز في الذهب إذا كان الذهب في البيع تابعاً لغيره وقدروه بأن يكون الثلث فما دونه. انتهى.

(1) في شرحه لصحيح مسلم (11/ 17 - 18).

(2)

البيان للعمراني (5/ 177).

(3)

المغني لابن قدامة (6/ 92 - 93).

(4)

شرح فتح القدير (7/ 135) وبدائع الصنائع (5/ 195).

(5)

بداية المجتهد (3/ 376) بتحقيقي، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/ 63).

ص: 553

ثم قال ما معناه: [ويرد هذا](1) كله قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يباع حتى يفصل"، فإنه صريح في فصل أحدهما عن الآخر في البيع، وأنه لا فرق بين كون الذهب المبيع قليلاً [198/ ب] أو كثيراً.

307/ 9 - وفي أخرى لمسلم (2) قال حَنَشٍ الصنعاني: كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ فِي غَزْوَةٍ فَطَارَتْ لِي وَلأَصْحَابِي قِلَادَةٌ فِيهَا ذَهَبٌ وَوَرِقٌ وَجَوْهَرٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهَا، فَسَألْتُه فَقَالَ: إِنْزِعْ ذَهَبَهَا فَاجْعَلْهُ فِي كِفَّةٍ، وَاجْعَلْ ذَهَبَكَ فِي كِفَّةٍ، ثُمَّ لَا تَأْخُذَنَّ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَأْخُذَنَّ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ". [صحيح].

قوله: "حنش الصنعاني".

أقول: هو أبو رِشدين حنش بن عبد الله، يروي عن فضالة بن عبيد وغيره.

قيل: إنه كان مع علي عليه السلام بالكوفة، وقدم مصر بعد قتل علي عليه السلام.

وقال البخاري: حنش الذي روى عن علي عليه السلام في الضحايا هو غير حنش الصنعاني، ولهم فيه خلاف ذكره الذهبي في الميزان (3)

قوله: "فطارت". أي: جعلت لنا بين القسمة.

قوله: "في كفة".

قال النووي (4): بكسر الكاف وفي القاموس (5): أنها تفتح معه وهو في شرح النووي أيضاً.

(1) في المخطوط (ب): مكررة.

(2)

في صحيحه (3/ 1214 رقم 92/ 1591).

(3)

"ميزان الاعتدال"(1/ 620 رقم الترجمة 2369).

(4)

في شرحه لصحيح مسلم (11/ 19).

(5)

"القاموس المحيط"(ص 1098).

ص: 554

308/ 10 - وَعَن أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عنِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إِلَاّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَشْتَرِيَ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبَ كَيْفَ شِئْنَا، [وَنَشْتَرِي الذَّهَبِ بالْفِضَّةَ كَيْفَ شِئْنَا] يَداً بِيَدٍ. أخرجه الشيخان (1) والنسائي (2). [صحيح].

قوله في حديث أبي بكرة: "إذا كان يداً بيد".

أقول: الذي في الجامع (3) بعد قوله: "كيف شئنا"، قال: فسأله رجل فقال: "يداً بيد" فقال: هكذا سمعته، أخرجه البخاري، ومسلم، وأخرجه النسائي إلى قوله:"كيف شئنا".

فقوله: "يداً بيد"، ليس من لفظ المرفوع هنا؛ لأن قوله: فسأله رجل، دال على أنه لم يذكر ذلك، ثم قال: هكذا سمعت من رسول الله، أي: من دون زيادة: يداً بيد.

ورواية النسائي تؤيد هذا، ويحتمل أن قوله هكذا، أي: بزيادة: يداً بيد، فيكون من المرفوع هنا، وأنه لما لقنه السائل أجابه بأن هذا مرفوع.

واعلم أن ابن الأثير وتبعه المصنف نسبا زيادة، فسأله رجل إلى البخاري ومسلم، ولم نجدها في البخاري، بل الذي فيه هو مثل الذي في النسائي إلى كيف شئنا، ولكنه ترجم (4) للحديث هذا بقوله:(باب بيع الذهب بالورق يداً بيد).

قال الحافظ [199/ ب] في الفتح (5): ليس في حديث أبي بكرة التقييد بالحلول، وكأنه أشار بذلك إلى ما وقع في بعض طرقه.

(1) البخاري رقم (2175) و (2182) ومسلم رقم (88/ 1590).

(2)

في السنن رقم (4578).

(3)

"جامع الأصول"(1/ 558).

(4)

أي: البخاري في صحيحه رقم الباب (81)، (4/ 383 - مع الفتح).

(5)

في "الفتح"(4/ 383).

ص: 555

وقد أخرجه مسلم (1) عن أبي الربيع، عن عباد الذي أخرجه البخاري من طريقه، وفيه: فسأله رجل فقال: "يداً بيد" فقال: هكذا سمعت. انتهى.

فعرفت أنه لم يخرج البخاري الزيادة، فلا يصح نسبتها إليه، وأنه أخرجها مسلم فقط.

وعرفت أنه حمل الحافظ قول أبي بكرة، هكذا سمعت على أن لقنه السائل مسموعاً له من النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه مجمل بما قدمناه.

قول المصنف: "والنسائي".

أقول: قدمنا لك أن النسائي (2) لم يخرج زيادة، فسأله رجل

إلى آخره.

كما قاله ابن الأثير، بل لم يخرجها البخاري كما قررناه، فكان الواجب على ابن الأثير والمصنف أن يقتصرا في نسبة الزيادة إلى مسلم.

309/ 11 - وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم السَّعْدَيْنِ يَومَ خَيْبَرَ أَنْ يَبِيعَا آنِيَةً مِنَ الْمَغَنَمِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَبَاعَا كُلَّ ثَلَاثَةٍ بِأَرْبَعَةٍ، أَوْ كُلَّ أَرْبَعَةٍ بِثَلَاثَةٍ عَيْنًا، فَقَالَ لَهُمَا:"أَرْبَيْتُمَا فَرُدَّا". أخرجه مالك (3). [ضعيف].

قوله: "السعدين".

أقول: قال ابن عبد البر (4): هما سعد بن مالك، وسعد بن عبادة.

قوله: "يوم خيبر"، لم أجده في رواية ابن عبد البر في الاستذكار (5).

(1) في صحيحه رقم (88/ 1590).

(2)

في السنن رقم (4578) وقد تقدم.

(3)

في "الموطأ"(2/ 632 رقم 28) بسند ضعيف لإرساله أو إعضاله.

(4)

في "الاستذكار"(19/ 191 رقم 28700) وزاد ذكر شاهد ذلك في "التمهيد"(24/ 104 - 105).

(5)

(19/ 186 رقم 1283).

ص: 556

قوله: "أخرجه مالك".

أقول: رواه عن يحيى بن سعيد منقطعاً، فكان على المصنف أن يقول: منقطعاً، ولكنه قال ابن عبد البر (1): إنه متصل من حديث عبادة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأجمع العلماء على أن الذهب تبره وعينه ومضروبه لا يحل التفاضل في شيء منه، وكذلك الفضة بالفضة تبرها وعينها، ومصوغ ذلك كله لا يحل التفاضل في شيء منه، وعلى ذلك مضى السلف والخلف من العلماء.

310/ 12 - وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ معَ ابْنِ عُمرَ رضي الله عنهما فَجَاءَهُ صَائِغٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحمنِ! إِنِّي أَصُوغُ الذَّهَبَ فَأَبِيعُهُ بِالذَّهَبَ بَأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ فَأَسْتَفْضِلُ قَدْرَ عَمَلِي فِيْهِ، فَنَهاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَجَعَلَ الصَّائِغُ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ، وَابَنُ عُمَرَ يَنْهَاهُ، حَتَّى كَانَ آَخِرَ مَا قَالَ لَهُ: الدِّيْنَارُ بِالدِّيْنَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا، هَذا عَهْدُ نَبِيَّنَا صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا وَعَهْدِنَا إِلَيْكُمْ. أخرجه بطوله مالك (2)، وأخرج النسائي (3) المسند منه. [صحيح].

قوله: "وعن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر

" الحديث. [52/ أ].

قال ابن عبد البر: أن ابن عمر جعل قوله صلى الله عليه وسلم: [200/ ب]"الدينار بالدينار" كالمصوغ بالدنانير، وأرسله حجة على ذلك وقال له: عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

(1) في "الاستذكار"(19/ 192 رقم 2870).

(2)

في "الموطأ"(2/ 633 رقم 31).

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (14574) والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 279، 292) و"معرفة السنن والآثار"(4/ 292 رقم 3342، 3343).

والبغوي في شرح السنة رقم (2059) بسند صحيح. وهو حديث صحيح.

(3)

في سننه رقم (4568).

ص: 557

قوله: "المسند منه".

أقول: يريد المرفوع أعني "الدينار بالدينار" إلى آخره.

311/ 13 - وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه بَاعَ سِقَايَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهَا فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا، إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا أَرَى بَهَذَا بَأْساً، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ مُعَاوِيَةَ؟ أَنَا أُخْبِرُهُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُخْبِرُنِي عَنْ رَأْيِهِ، لَا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ أنتَ بِهَا! ثُمَّ قَدِمَ أَبَو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ لَا تَبِيعَ ذَلِكَ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ. أخرجه مالك (1) والنسائي (2). "السقاية"، إناء يشرب فيه. [ضعيف عدا المرفوع منه].

قوله: "إن معاوية باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها".

قوله: "من يعذرني"، يقال: من يعذرني من فلان إن كافيته على صنيعه.

قوله: "لا أساكنك بأرض"، قال ابن وهب عن مالك قال: يهجر الأرض التي يعمل فيها المنكر جهاراً ولا يستقر فيها، واحتج بصنيع أبي الدرداء في خروجه عن أرض معاوية لما أعلن فيها بالربا، وأجاز بيع سقاية الذهب بأكثر من وزنها، ذكره القرطبي في التذكرة.

(1) في "الموطأ"(2/ 634 رقم 33).

وأخرجه أحمد (6/ 448) والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 280) وفي "معرفة السنن والآثار"(4/ 293 رقم 3344، 3345) والبغوي في "شرح السنة" رقم (2060).

(2)

في سننه رقم (4572). وهو حديث ضعيف لانقطاعه عدا المرفوع منه.

ص: 558

قال ابن عبد البر (1): إنه يروى عن معاوية من وجوه: أنه كان لا يرى الربا في العين بالتبر، ولا في المصوغ بالمصوغ، وفي العين بالعين، ثم قال أبو عمر بن عبد البر (2): السنة المجمع عليها من نقل الآحاد، ونقل الكافة خلاف ما كان يذهب إليه معاوية.

قلت: واتفق لمعاوية مع عبادة بن الصامت كما اتفق له مع أبي أيوب.

وأخرج مالك في الموطأ (3) عن أبي قلابة قال: كنت في حلقة في الشام فيها مسلم بن يسار، فجاءه أبو الأشعث فجلس فقلت له: حَدِّث أخانا حديث عباده قال: غزونا غزوة وعلى الناس معاوية، فغنمنا غنائم كثيرة، فكان فيما غنمنا آنية من فضة، فأمر معاوية رجلاً أن يبيعها في أعطيات الناس في ذلك، فبلغ عبادة بن الصامت ذلك [201/ ب] فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، وساق الحديث إلى قوله:"إلَّا سواء بسواء، عيناً بعين، من زاد أو استزاد فقد أربا". فبلغ ذلك معاوية فقال: ما بال رجال يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث قد كنا نصحبه ونشهده فلم نسمعها منه. فقام عبادة فأعاد القصة، ثم قال: والله لنحدثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كره معاوية، أو قال: وإن رغم معاوية ما أبالي أن أصحبه في جنده ليلة سوداء (4).

قوله: "أخرجه الموطأ والنسائي".

أقول: الذي في الجامع (5) أخرجه الموطأ، وأخرج النسائي منه إلى قوله:"مثلاً بمثل"، انتهى. فما كان للمصنف حذفه وهو ناقل إذ فيه إيهام أنه أخرجه برمته.

(1) في "الاستذكار"(19/ 193).

(2)

في "الاستذكار"(19/ 194 رقم 28707).

(3)

"الاستذكار"(19/ 196 - 197 رقم 28711).

(4)

أخرجه مسلم رقم (80/ 1587).

(5)

في "جامع الأصول"(1/ 560).

ص: 559

312/ 14 - وَعَنْ أُسَامَة بْن زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسيئَةِ". أخرجه الشيخان (1) والنسائي (2)، وفي أخرى: لَا رِبَا فِيمَا كَانَ يَداً بِيَدٍ. [صحيح].

قوله: "لا ربا إلا في النسيئة".

أقول: النسيئة هي البيع إلى أجل معلوم، وحديث أسامة قد عارضه حديث أبي سعيد الماضي أول الباب الدال على تحريم الفضل، وقد جمع بينهما بوجوه:

(أحدها): أن المراد: لا ربا، الربا: الأغلظ الشديد التحريم، المتوعد عليه بالعقاب الشديد. كما تقول العرب: لا عالم في البلد إلا زيد، مع أن فيها علماء غيره، وإنما القصد نفي الأكمل لا نفي الأصل.

(والثاني): أن تحريم ربا الفضل من حديث أسامة إنما هو بالمفهوم، فيقدم عليه حديث أبي سعيد؛ لأن دلالته بالمنطوق.

نعم، قد كان ابن عباس يذهب إلى العمل بمفهوم حديث أسامة ثم رجع عنه وقال: استغفر الله وأتوب إليه.

313/ 15 - وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيْرُ، وَآخُذُ مَكَانَهَا الوَرَقَ، وَأَبِيْعُ بِالْوَرِقِ، وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَسَأَلْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَال:"لَا بَأْسَ بِهِ بِالْقِيْمَةِ". أخرجه أصحاب السنن (3). [ضعيف مرفوعاً].

(1) البخاري رقم (2178) ومسلم رقم (1596).

(2)

في سننه رقم (4581).

(3)

أبو داود رقم (3351) والترمذي رقم (1242) وابن ماجه رقم (2262) والنسائي رقم (4582) و (4583) وهو حديث ضعيف مرفوعاً.

ص: 560

314/ 16 - وفي رواية أبي داود (1): لَا بَأسَ أَنْ تُؤْخَذَ بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لم تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءُ. [ضعيف مرفوعاً].

قوله في حديث ابن عمر: "لا بأس به بالقيمة".

قال ابن الأثير (2)[202/ ب] هذه رواية الترمذي، وقال الترمذي: وقد روي موقوفاً على ابن عمر، ولا نعرفه مرفوعاً من حديث سماك. انتهى.

وقال المنذري (3): تفرد برفعه سماك.

قوله: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء". هذا لفظ أبي داود.

قال ابن عبد البر (4): قال عثمان البتي: يأخذ الدنانير من الدراهم، والدراهم من الدنانير، بسعر يومه، فإن افترقا لم يجز عند جميعهم، وكان على المبتاع الدراهم التي ابتاع بها السلعة.

قال ابن عبد البر (5): لما أجمعوا أن البر بالبر إلا هاء وهاء، والذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء، وثبت ذلك بالسنة المجمع عليها، ثم وردت السنة في حديث ابن عمر بأن قبض الدنانير من الدراهم جائز كانت مفسرة بذلك انتهى كأنه يريد مخصصة.

قلت: ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم "لا بأس بالقيمة"، وفي قوله:"بسعر يومه" ما يشعر أنه يأخذ الدراهم أو الدنانير أحدهما عن الآخر من باب بيع أحدهما بالآخر، وأنه داخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم:"فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" كما قال: "ما لم تفترقا

(1) في سننه رقم (3351).

(2)

في "جامع الأصول"(1/ 562).

(3)

في "المختصر"(5/ 26).

(4)

في "التمهيد"(12/ 148 - الفاروق).

(5)

في "التمهيد"(12/ 151 - الفاروق).

ص: 561

وبينكما شيء" فجعل صلى الله عليه وسلم الأخذ لهذه عن هذه، وهذه عن هذه بيعاً لأحد الجنسين بالآخر. والله أعلم.

إن قلت: بيع الحنطة مثلاً بالفضة أو الذهب، أيجوز فيه التفاضل والنساء؟

قلت: ظاهر "فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد"، وظاهر قوله:"ما لم تفترقا وبينكما"، أنه يجوز [203/ ب] التفاضل دون النساء، وأنه لا بُدَّ من التقابض، إلا أنه لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة في شعير شراه من يهودي (1) دل على تخصيص الطعام بالدراهم بعدم وجوب التقابض، فيكون خاصاً بذلك. [53/ أ].

315/ 17 - وَعَنْ مَعْمَرِ بْنِ عبد الله بِنْ نَافِع رضي الله عنه: أَنَّهُ أَرْسَلَ غُلَامَهُ بِصَاعِ قَمْحٍ فَقَالَ بِعْهُ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ شَعِيراً فَذَهَبَ الْغُلَامُ فَأَخَذَ صَاعاً وَزِيَادَةَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ انْطَلِقْ فَرُدَّهُ وَلَا تَأْخُذنَّ إِلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَإِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"الطعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بِمِثْلٍ". وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ. فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ لَيْسَ بِمِثْلِهِ قَالَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُضَارَعَ. أخرجه مسلم (2). [صحيح].

ومعنى: "يضارع" يشابه.

(1) أخرجه أحمد (3/ 102، 133) والبخاري رقم (2508) والنسائي رقم (4610) وابن ماجه رقم (2437) من حديث أنس، وهو حديث صحيح.

ولفظه: "رهن رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم درعاً له عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيراً لأهله".

وأخرج البخاري رقم (2059) ومسلم رقم (125/ 1603). من حديث عائشة بلفظ: "أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ورهنه درعاً من حديد" وهو حديث صحيح.

وأخرج البخاري رقم (4467) واللفظ له، ومسلم رقم (125/ 1603). من حديث عائشة بلفظ:"توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير".

(2)

في صحيحه رقم (1592).

ص: 562

316/ 18 - وعَنْ مَالِكٍ (1) أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ: فَنِيَ عَلَفُ حِمَارِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ لِغُلَامِهِ: خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِكَ فَابْتَعْ بِهَا شَعِيرًا، وَلَا تَأْخُذْ إِلَاّ مِثْلَهُ. [موقوف ضعيف].

قوله: "صاعاً وزيادة".

أقول: هذا صحيح داخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا اختلفت هذه الأنواع فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد"، فهذا اجتهاد من نافع يرده النص ومخافة منه أن يشابه ما حرم، ومثله اجتهاد سعد بن أبي وقاص إلا أنه قال ابن عبد البر (2): مذهب سعد معروف في أن البر والسلت والشعير عنده صنف واحد لا يجوز [بيعه](3) بعضه ببعض، إلا مثلاً بمثل يداً بيد. قال (4)[و](5) إلى مذهب سعد هذا ذهب مالك وإياه اختار وعليه أصحابه.

317/ 19 - وَعَنْ أَبَي عَيَّاشٍ رضي الله عنه، واسمه زيد: أَنَّّهُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه عَنِ الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ رضي الله عنه: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ الْبَيْضَاءُ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ عَنْ اشْتِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ". قَالَ: نَعَمْ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ. أخرجه الأربعة (6) وصححه الترمذي. [صحيح].

(1) في "الموطأ"(2/ 645 رقم 50) بسند ضعيف لانقطاعه. وهو موقوف ضعيف.

(2)

في "الاستذكار"(20/ 31).

(3)

زيادة من الاستذكار (20/ 31) لإتمام المعنى.

(4)

أي ابن عبد البر في الاستذكار (20/ 32 رقم 29106).

(5)

زيادة من المخطوط (أ).

(6)

مالك في الموطأ (2/ 4، 6) والترمذي رقم (1225) وأبو داود رقم (3359) والنسائي رقم (4545) وابن ماجه رقم (2264) وهو حديث صحيح.

ص: 563

318/ 20 - وفي أخرى لأبي داود (1) قال: "نَهَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً". [صحيح دون ذكر النسيئة].

"السلت" ضرب من الشعير أبيض لا قشر له.

قوله: "عن البيضاء بالسلت".

قال ابن عبد البر (2): البيضاء الشعير هنا معروف عند العرب بالحجاز كما أن السمراء البر عندهم.

قلت: وفي النهاية (3): البيضاء الحنطة. انتهى. وهو الأنسب بتفضيلها على السلت، ولا يخفى أنه صلى الله عليه وسلم عد الشعير صنفاً، والبر صنفاً، وقال بعد عدها:"فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم: يداً بيد"، وفي رواية عن عبادة ما هو نص في [204/ ب] الباب:"والبر بالشعير، والشعير بالبر، كيف شئنا". أخرجه ابن عبد البر (4).

وأخرج أيضاً عن أنس وعبادة أنهما قالا: لا بأس بالبر والشعير اثنين بواحد يداً بيد، ويرفعانه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن عبد البر (5): الحجة في السنة لا فيما خالفها من [الأقوال](6) التي هي جهالة يلزم ردها إلى السنة.

(1) في سننه رقم (3360) وهو حديث صحيح دون ذكر النسيئة فهي شاذة.

(2)

في الاستذكار (20/ 32 رقم 29105).

(3)

النهاية في غريب الحديث (1/ 174).

(4)

في "الاستذكار"(20/ 35 رقم 29134) وقد تقدم تخريجه.

(5)

في "الاستذكار"(20/ 40 - 41 رقم 29151).

(6)

في المخطوط (ب) الأفعال، والمثبت من (أ) ومن الاستذكار.

ص: 564