الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب: البخل وذم المال
1 -
عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كُنْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَمَرَّ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه وَهُوَ يَقُول: بَشِّرِ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيَيْهِ يَتَزَلْزَلُ، فَوَضَعَ الْقَوْمُ رُءُوسَهُمْ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ رَجَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا، فَأَدْبَرَ فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى جَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ إِلَاّ كَرِهُوا مَا قُلْتَ لَهُمْ. فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا، إِنَّ خَلِيِلي أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم دَعَانِي فَأَجَبْتُهُ فَقَالَ:"أَتَرَى أُحُدًا؟ ". فَقُلْتُ أَرَاهُ. فَقَالَ: "مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي مِثْلَهُ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلَاّ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ، ثُمَّ هَؤُلَاءِ يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا". قُلْتُ: مَا لَكَ وَلإِخْوَانِكَ مِنْ قُرَيْشٍ لَا تَعْتَريهِمْ وَتُصِيبُ مِنْهُمْ، قَالَ:"لَا وَرَبِّكَ لَا أَسْأَلهُمْ عَنْ دُنْيَا وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ حَتَّى أَلْحَقَ بِالله وَرَسُولِهِ". قَالَ قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْعَطَاءِ؟ قَالَ خُذْهُ: فَإِنَّ فِيْهِ الْيَوْمَ مَعونةً، فَإِذَا كَانَ ثَمَنَاً لِدِينِك فَدَعْهُ. أخرجه الشيخان (1). [صحيح]
2 -
وفي رواية (2): كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى أُحُدٍ فَقَالَ: "مَا أُحِبُّ أَنَّ يكون لي ذَهَباً تُمْسِى عَلَيَّ ثَالِثَةً وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ إِلَاّ دِينَاراً أَرْصُدُهِ لِدَيْنٍ إِلَاّ أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ الله هَكَذَا". حَثَا بيْنَ يَدَيْهِ، وَهَكَذَا عَن يَمِينِهِ وَهَكَذَا عَن شِمالِهِ. [صحيح]
"ونغض الكتف" أعلاه، وقيل: العظم الرقيق الذي يلي طرفه.
قوله: "برضف".
(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1407، 1408) ومسلم رقم (34/ 992).
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (32/ 94).
أقول: بفتح الراء، وسكون الضاد المعجمة ففاء، قال ابن الأثير (1): جمع رضفة، وهي الحجر التي تحمى وتترك في اللبن ليحمي.
قوله: "حلمة ثديه". حلمة الثدي (2) هي: الحبة على رأسه.
قوله: "نغض كتفه" في النهاية (3): النغض والنُغص، والناغض أعلى الكتف، وقيل: العظم الدقيق الذي على طرفه. انتهى.
قوله: "تمسي علي ثالثة". أي: ليلة ثالثة. قيل (4): إنما قيد بالثلاث؛ لأنه لا يمكنه تفريق قدر أحد من الذهب في أقل منها غالباً إلا أنه قد ورد يوم وليلة فالأولى أن يقال: الثلاث أقصى ما يحتاج إليه في تفريقه مثل ذلك والواحدة أقل ما يمكن.
قوله: "أرصده (5) لدين"، أي: أعده أو أحفظه، وهذا الإرصاد أعم من أن يكون صاحب دين غائب حتى يحضر فيأخذه أو لأجل وفاء دين مؤجل حتى يحل فيوفيه.
قوله: "إلا أن أقول به"، هكذا هو استثناء (6) بعد استثناء فيفيد الإثبات [60/ أ] فيؤخذ منه أن نفي محبة المال مقيدة بعدم الإنفاق، فيلزم محبة [228/ ب] وجوده مع الإنفاق، فما دام الإنفاق مستمر لا يكره وجود المال وإن انتفى الإنفاق ثبت كراهية وجود المال، ولا يلزم من ذلك كراهية حصول شيء آخر ولو كان قدر أحد أو أكثر مع استمرار الإنفاق.
(1) في "النهاية"(1/ 663).
(2)
انظر: "المجموع المغيث"(1/ 492).
(3)
"النهاية في غريب الحديث"(2/ 769).
(4)
انظر: "الفائق في غريب الحديث"(2/ 172).
(5)
"غريب الحديث" للهروي (4/ 462).
(6)
انظر: "شرح الكوكب المنير"(3/ 332 - 335).
قوله: "حثا بين يديه"، فنص على الثلاث وحمل على المبالغة؛ لأن العطية لمن بين يديه هي الأصل.
قال الحافظ (1) ابن حجر: والذي يظهر لي أن ذلك من تصرف الرواة، وأن أصل الحديث مشتمل على جهات أربع.
3 -
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ:"هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؛ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: "هُمُ الأَكْثَرُونَ أَمْوَالاً، إِلَاّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ بينِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ، مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ وَلَا بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّى زَكَاتَهَا إِلَاّ جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا كَانَتْ وَأَسْمَنَهُ تَنْطِحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا كُلَّمَا نَفِدَتْ أُخْرَاهَا عَادَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا حَتَّى يُقْضِي بَيْنَ النَّاسِ". أخرجه الخمسة (2) إلا أبا داود، واللفظ لمسلم. [صحيح]
4 -
وَعَن ابْنِ عَمْر رضي الله عنهما قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ بِالشُّحِّ، أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخَلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا". أخرجه أبو داود (3)[صحيح]
(1) في "فتح الباري"(11/ 266).
(2)
أخرجه البخاري رقم (6934) ومسلم رقم (990) والترمذي رقم (617) والنسائي (5/ 10، 11).
(3)
في "السنن" رقم (1698).
قلت: وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/ 415) والنسائي كما في "تحفة الأشراف"(6/ 290). وهو حديث صحيح.
قوله: "الشح".
قال ابن الأثير (1): الشح أشد البخل، وقيل (2) هو بخل معه حرص، "والفجور": العصيان والفسق.
وقوله: "أمرهم"، أي: حملهم على ذلك فالشح أصل المعاصي، ولذا قال تعالى:{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)} (3). فحصر الفلاح عليهم.
5 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ: الْبُخْلُ وَسُوءُ الْخُلُقِ". أخرجه الترمذي (4). [صحيح].
6 -
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ". أخرجه الترمذي (5) وصححه. [صحيح].
قوله: "أخرجه الترمذي وصححه".
قلت: قال بعد (6) إخراجه: هذا حديث حسن صحيح غريب، إنما نعرفه من حديث معاوية بن صالح. انتهى.
7 -
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ فَتَرْغَبُوا فِي الدُّنْيَا". أخرجه الترمذي (7)، "والمراد بالضيعة" هنا الأرض والزرع. [حسن لغيره].
(1) في "النهاية في غريب الحديث"(1/ 846) ..
(2)
انظر: "غريب الحديث"(3/ 442).
(3)
سورة الحشر الآية 9، سورة التغابن الآية 64.
(4)
في السنن رقم (1963) وهو حديث ضعيف.
(5)
في السنن رقم (2336) وهو حديث صحيح.
(6)
في السنن (4/ 569).
(7)
في السنن رقم (2328) وهو حديثه حسن لغيره. قلت: وأخرجه الحاكم (4/ 322).
قوله: "فترغبوا في الدنيا". أخرجه الترمذي.
قلت: وقال (1) هذا حديث حسن.
قوله: "الأرض والزرع".
قلت: قال ابن الأثير (2): الضيعة [229/ ب] ها هنا المعيشة والحرفة التي يعود الإنسان بحاصلها على نفسه.
8 -
وَعَن عبد الله بْن الشّخير رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} فَقَالَ: "يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِي مَالِي؛ وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَاّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنيتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ". أخرجه مسلم (3)، والترمذي (4)، والنسائي (5). [صحيح].
قوله: "أخرجه مسلم والترمذي". قلت: وقال (6): هذا حديث حسن صحيح إلا أنه قدم "تصدقت فأمضيت، أو أكلت [فأفنيت] (7) أو لبست فأبليت".
9 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لُعِنَ عبد الدِّينَارِ، لُعِنَ عبد الدِّرْهَمِ". أخرجه الترمذي (8). [ضعيف بهذا اللفظ].
(1) في السنن (4/ 565).
(2)
في النهاية في غريب الحديث (2/ 98).
(3)
في صحيحه رقم (4/ 2273).
(4)
في السنن رقم (3354).
(5)
في السنن (6/ 238 رقم 3613). وهو حديث صحيح.
(6)
أي الترمذي في السنن (5/ 447).
(7)
في (ب) فآنيت.
(8)
في السنن رقم (2375) وهو حديث ضعيف بهذا اللفظ.
قوله: "لعن عبد الدينار
…
" الحديث.
أخرجه الترمذي وقال" (1): هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير هذا الوجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أتم من هذا وأطول. انتهى كلامه.
10 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ الله! مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَاّ مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ. قَالَ: "فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ". أخرجه البخاري (2) والنسائي (3). [صحيح].
11 -
وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: جَاءَ مُعَاوِيَةُ إِلَى أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ يَعُودُهُ فَوَجَدَهُ يَبْكِي فَقَالَ: يَا خَالُ مَا يُبْكِيكَ؟ أَوَجَعٌ يُشْئِزُكَ: أَمْ حِرْصٌ عَلَى الدُّنْيَا؟ قَالَ: كَلَّا، وَلَكِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إِلَيْنَا عَهْدًا لَمْ آخُذْ بِهِ. قَالَ وَمَا ذَاكَ: قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ جَمْعِ المَالِ خَادِمٌ وَمَرْكَبٌ فِي سَبِيلِ الله تَعَالى". وَأَجِدُنِي الْيَوْمَ قَدْ جَمَعْتُ. أخرجه الترمذي (4) والنسائي (5). [حسن]. وزاد رزين رحمه الله قال: فَلَمَّا مَاتَ حُصِّلَ مَا خَلَّفَ فَبَلغَ ثَلَاثِينَ دِرْهَماً.
"يشئزك (6) " أي: يقلقك.
(1) في السنن (4/ 587 - 588). وأخرجه البخاري رقم (6435) وابن ماجه رقم (4135) بلفظ: "تعس عبد الدينار وعبد الدرهم" وهو حديث صحيح.
(2)
في صحيحه رقم (2376).
(3)
في السنن (6/ 237، 238 رقم 3612، 3613).
(4)
في السنن رقم (2327).
(5)
في السنن رقم (5372). وهو حديث حسن.
(6)
أي: يقلقك، يقال شئز وشئز فهو: مشئوز وأشأزه غيره، وأصله الشأز، وهو: الموضع الغليظ الكثير الحجارة.