الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الباب (1) فهو لما يدخل منه إلى بلدة {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} (2) أو مسكن: {ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} (3) ثم نقل إلى الدخول في معان غير معاني ما قبله والخروج منها.
الباب الأول: (فى تعريفهما حقيقة ومجازاً، وفيه ثلاث فصول)
قوله: "في تعريفهما".
أقول: التعريف أقول: يريد التعريف اللفظي، وهو: أن يكون اللفظ واضح الدلالة على معنى فيفسر بلفظ أوضح دلالة على ذلك المعنى كتفسير الغضنفر بالأسد، وليس هذا تعريفاً حقيقياً كما هو معروف في محله.
الفصل الأول: في فضلهما
قوله: "الفصل الأول في فضلهما".
أقول: معنى هذا الفصل مما أخره ابن الأثير إلى حرف الفاء، والمصنف قدمه ولكل وجهه. قد كان الأولى أن يقول: في أفضليتهما.
لما أخرجه (ت)(4) والنسائي (5) وابن ماجه (6).
(1) الباب في الأمثلة: المكان المعدُّ للدخول. ومن الكتاب: مجموع من الأحكام يجمعها موضوع واحد. "معجم لغة الفقهاء"(ص 101).
(2)
المائدة (23).
(3)
النمل (18).
(4)
الترمذي في سننه رقم (3383) وقال: هذا حسن غريب.
(5)
في: "عمل اليوم والليلة" رقم (831).
(6)
ابن ماجه في سننه رقم (3800).
وابن حبان (1) والحاكم (2) من حديث جابر: "أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله".
وحديث: "أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله". الحديث أخرجه [مالك في](3) الموطأ (4) والترمذي (5).
وحديث [12/ ب] ما أخرجه أحمد (6): "أفضل الكلامِ سُبحانَ الله والحمدُ لله ولا إله إلا الله والله أكبر" فهما أفضل الأقوال، والأقوال من الأعمال، فهما أفضل الأعمال.
فالتعبير بأفضليتهما أحسن كما لا يخفى.
واعلم أن تفضيل شيء على شيء يراد به أنه أحب إلى الله وأكثر إثابة، وأعظم أجراً، ولا يصح الحكم لعمل من الأعمال، ولا قول من الأقوال، ولا شخص من الأشخاص بالفضل إلا بتوقيف من الشارع، ولا يجزي فيه الاجتهاد ولا القياس لأن مقادير الأجور لا تعرف إلا بتعريف الله ورسوله كقول الله:{أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} (7)، ونحوها من الآيات والأحاديث.
(1) في صحيحه رقم (846).
(2)
في المستدرك (1/ 503) وصححه ووافقه الذهبي. وهو حديث حسن.
(3)
زيادة يقتضيها السياق.
(4)
في "الموطأ"(1/ 214 رقم 32).
(5)
في السنن رقم (3585) وقال: هذا حديث غريب.
وهو حديث حسن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(6)
في السند (5/ 10) بسند صحيح.
قلت: وأخرجه مسلم رقم (12/ 2137) وأبو داود رقم (4958)، وهو حديث صحيح.
(7)
الحديد: (10).
وأما الخوض: [من الناس](1) في تفضيل أنواع وأفراد وأجناس بالتخمين والقياس، فإنه بدعة، وقول على الله تعالى بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير. ولذا يقال: الخوض في التفضيل بلا دليل من الفضول المنهي عنه الداخل تحت قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (2)، وعبارة ابن الأثير كعبارة المصنف.
1/ 1 - عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتْ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عبد الله وَرَسُولُهُ وَكلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ الله الْجَنّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ" أخرجهُ الشيخان (3) والترمذي (4).
وفي أخرى لمسلم (5): "من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، حرّم الله تعالى عليه النارَ". [صحيح].
قوله: "عن عبادة بن الصامت".
أقول: يتعلق بمحذوف، أي: أروي أو أذكر.
وعُبَادة - بضم العين المهملة فموحدة خفيفة بعد ألفه دال مهملة - قال ابن عبد البر في الاستيعاب (6): عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم خزرجي أنصاري يكنى: أبا الوليد، شهد العقبة الأولى والثانية والثالثة، شهد بدراً والمشاهد كلها، ثم وجّهه عمر إلى الشام قاضياً
(1) في المخطوط (ب) بالناس.
(2)
الإسراء (36).
(3)
البخاري رقم (3438) ومسلم رقم (46/ 28).
(4)
في سننه رقم (2638) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(5)
في صحيحه رقم (29147).
(6)
"الاستيعاب في معرفة الأصحاب"(ص 469 رقم 1674).
ومعلماً، فأقام بحمص، ثم انتقل إلى فلسطين، ومات بها، ودفن ببيت المقدس وقبره بها [5/ أ][13/ ب].
2/ 2 - وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله تعالى عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ إِيمَانِ" قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَمَنْ شَكَّ فَلْيَقْرَأْ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} أخرجه الترمذي (1) وصححه. [صحيح].
للمصنف أن يأتي بهذا الحديث عوضاً عن حديث أبي سعيد ليتم الوفاء بقوله في خطبة كتابه: إنما تكرر فيه من الأحاديث اقتصرت على أتمَّ الروايات فيه، فإن رواية أنس (2) التي سقناها أتم من رواية أبي سعيد التي ذكرها لجمعها بين القول والاعتقاد.
وذكر درجات الاعتقاد من الشعيرة والبرة والذرة والروايتان في الترمذي (3) وقد صححهما كما عرفت.
(1) في السنن رقم (2598) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (60) والنسائي رقم (5010). وأخرجه البخاري رقم (22) ومسلم رقم (183) مطولاً.
(2)
أخرجه البخاري رقم (44) ومسلم رقم (193) في جملة حديث طويل. وأخرجه الترمذي رقم (3593) وابن ماجه رقم (4312) عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال هشام: "يخرج من النار - وقال شعبة: - أخرجوا من النار - من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن ذرة". وقال شعبة: "ما يزن ذرة" مخففة. وهو حديث صحيح.
(3)
رقم (2598) من حديث أبي سعيد الخدري. وقد تقدم. ورقم (3593) من حديث أنس، وقد تقدم.
قوله: "وصححه".
أقول: أحسن المصنف بذكره تصحيح الترمذي، فإنه قال عقيب روايته: حسن صحيح، لكنه لم يطرد ذكر ذلك للمصنف.
واعلم أن ابن الأثير (1) ذكر عقيب حديث أبي سعيد هذا أن في رواية ذكرها رزين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يدخل أهل الجنة الجنةَ، وأهلُ النارِ النارَ" ثم يقول الله: أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردلٍ من إيمان. انتهى.
قلت: وقد عرفت أنه لا ينسب إلى رزين إلا ما خلا عن الستة، ومن العجب أنّ هذا الحديث في صحيح البخاري (2) من حديث أبي سعيد في باب تفاضل الإيمان بلفظه وتمامه بعد قوله:"من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا، فيلقون في نهر لحياء - أو الحياة شك مالك - فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية" انتهى.
3/ 3 - وعنه رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قَالَ رَضِيتُ بِالله رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولاً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ". أخرجه أبو داود (3).
قوله: "رضيت بالله رباً".
أقول: قال "صاحب التحرير": معنى رضيت بالشيء: قنعت به، ولم أطلب معه غيره.
(1) في: "جامع الأصول"(9/ 357).
(2)
رقم (22) ومسلم رقم (183) مطولاً، و (184).
(3)
في سننه رقم (1529).
قلت: وأخرجه مسلم رقم (1884) والنسائي رقم (3131) كلاهما بلفظ: "من رضي بالله رباً .. " وهو الصحيح.
والحديث أخرجه مسلم (1) بلفظ: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً
…
" إلى آخره، أي: مالكاً ومربياً والرضى خلاف السخط، فإن رضي بالله رباً تلقى كلما آتاه بالرضى من السراء والضراء، وأفرده بالربوبية، ولم يتخذ من دونه رباً كما اتخذت اليهود والنصارى أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله؛ كما قال عدي بن حاتم: أتيت رسول الله [17/ ب]صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال: "يا عدي! اطرح هذا الوثن من عنقك" فطرحته، ثم انتهيت إليه وهو يقرأ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (2) حتى فرغ منها فقلت: إنا لسنا نعبدهم! فقال: "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟ ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ " قال: فقلت: بلى. قال: "فتلك عبادتهم" أخرجه الترمذي، وابن سعد، وعبد بن حميد، وابن المنذر وغيرهم (3).
(1) في صحيحه رقم (56/ 34) من حديث العباس بن عبد المطلب.
(2)
سورة التوبة (31).
(3)
وهو حديث حسن.
أخرجه الترمذي رقم (3095) وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف ابن أعين ليس بمعروف في الحديث. اهـ
قلت: عبد السلام هذا ثقة حافظ له مناكير كما ذكره ابن حجر في "التقريب"(1/ 505 رقم 1186).
وأما غطيف هذا فضعفه ابن حجر في "التقريب"(2/ 106 رقم 21) والذهبي في "الميزان"(3/ 336) ووثقه ابن حبان (7/ 311) وذكره ابن أبي حاتم (7/ 55 رقم 315) ولم يتكلم فيه بشيء، وكذلك البخاري في "التاريخ الكبير"(7/ 106 رقم 471) مع إخراجه للحديث، وللحديث شاهدان:
الأول: من حديث حذيفة بن اليمان، أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 109) والبيهقي (10/ 116) وابن جرير الطبري في "جامع البيان"(6/ ج 10/ 114) وهو وإن كان موقوفاً فله حكم المرفوع كما هو مقرر في مصطلح الحديث.
الثاني: من حديث أبي العالية عند ابن جرير الطبري في "جامع البيان"(6/ ج 10/ 115). =
فإذا كانت هذه الطاعة لأحبارهم ورهبانهم تصيرهم متخذين لهم أرباباً، فكيف بغيرها من الانقياد والامتثال والطاعة لكل من خالف أوامر الله ونواهيه، فإن العبد قد اتخذ من انقاد له في غير طاعة رباً وصيره معبوداً ورضي بغير الله رباً، فلا يتم له رضى بالله أن يؤثر على أوامره ونواهيه وطاعته أراء غيره، ويعلم أن كل ما آتاه من مولاه وربه، فهو الخير كله وبهذا تحقق عبوديته لربه الذي إن كل من في السماوات والأرض إلا آتيه عبداً، وليكن في كل أحواله كما قيل:
إن كان سكان الغضى
…
رضوا بقتلي فرِضى
والله لا كنت لما
…
يهوى المحب مبغضاً
صرت له عبداً وما
…
للعبد أن يعترضا
وبالجملة: فالعبد لا زال خائفاً من مولاه راجياً له قائماً بالخدمة ممتثلاً لأمره منتهياً عن نهيه وزجره راضياً بقسمته مقراً بحكمته خائفاً من عذابه راجياً لرحمته، مفتقراً إليه في جميع حالاته، منكسراً ذليلاً في حركاته وسكناته كما قال ابن تيمية:
أنا الفقير إلى رب السماوات
…
أنا المسكين في مجموع حالاتي
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي
…
والخير أن يأتنا من عنده يأتي
ولست أملك شيئاً دونه أبداً
…
ولا شريك أنا في بعض ذراتي
= • وفي رواية أخرى لحديث عدي بن حاتم عند البيهقي (10/ 116) والطبري في "المعجم الكبير"(17/ 92) وابن جرير الطبري في "جامع البيان"(6/ ج 10/ 114) من طرق.
وأخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 109) والسيوطي في "الدر المنثور"(4/ 174).
وزاد نسبته لابن سعد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه.
وخلاصة القول: أن حديث عدي بن حاتم حديث حسن، وقد حسنه الألباني في غاية المرام رقم (6) وابن تيمية في "الإيمان"(ص 64).
ولا ظهير له كي أستعين به
…
كما يكون لأرباب الولاء يأتي
[18/ ب]
ومن رضي بالإسلام ديناً، وأم شعائره، وتعلم أحكامه، ونشر شرائعه، وتعظيم حرماته، ومعرفة ما أمر الله به وجوباً وندباً، وما حرمه وما كرهه، والعمل بكل ذلك واجب معرفته.
ومن رضي بمحمد رسولاً، قَبِل ما جاء به فآمن به وصدق ما جاء من الأحكام وشرائع الإسلام، وتعظيم رب الأنام، والتصديق بكل ما جاء به من الوعد والوعيد، وغير ذلك من أحوال المبدأ والمعاد، ومن الجزاء يوم المعاد، وعظّم هذا الرسول بحسن الاتباع، وهجر الابتداع والرضى بالثلاثة: ربوبية الله، والإسلام، والرسول يفتقر إلى تأليف مستقل، وقد وسعنا الكلام عليها في شرح الجامع الصغير المسمى:"بالتنوير".
قال القاضي عياض (1): في شرح حديث مسلم الذي ذكرناه: معنى الحديث: صح إيمانه.
4/ 4 - وعنه أيضاً رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ كَتَبَ الله لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا، وَمُحِيَتْ عَنْهُ كُلُّ سَيِّئَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ: كلَّ حَسَنةٍ بِعَشْرَةِ أَمْثَالهِا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَاّ أَنْ يَتَجَاوَزَ الله عَنْهَا" أخرجه البخاري (2) تعليقاً، والنسائي (3) مستنداً.
(1) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(1/ 270).
(2)
أخرجه البخاري (1/ 98) رقم الباب (31) مع الفتح) معلقاً.
(3)
ووصله النسائي برقم (4998) وهو حديث صحيح.
وأورده الألباني رحمه الله في "الصحيحة" رقم (247) وعلَّق عليه بكلام مفيد، عن حسنات الكافر موقوفة إن أسلم تقبل، وإلا ترد. فانظره لزاماً. =
ومعنى: "أزلفها" قربها [صحيح].
قوله: "إذا أحسن أحدكم إسلامه":
أقول: في الفتح (1): أي: صار إسلامه حسناً باعتقاده وإخلاصه ودخوله فيه بالباطن والظاهر، وأن يستحضر عند علمه قرب ربه منه، واطلاعه عليه كما دل له تفسير الإحسان [7/ أ] في حديث جبريل (2).
قوله: "كتب الله" أي: أمر بكتابة ذلك، وفي رواية الدارقطني (3) عن معاذ:"يقول لملائكته اكتبوا".
قوله: "كان أزلفها":
أقول: كذا لأبي (4) في رواية البخاري، وبغيره:"زَلَفَها" وهي بالتخفيف فيهما كما ضبطه في المشارق (5).
وقال النووي: بالتشديد. ورواية النسائي (6): "أزلفها" و"زلَّف" بالتشديد و"أزلف" بمعنى واحد: أسلف وقدم.
قوله: "ومحيت عنه كل سيئة":
أقول: [19/ ب]: لأن الإسلام يجب ما قبله.
= ولمزيد في تخريج هذا الحديث انظر: "تغليق التعليق" للحافظ ابن حجر (2/ 44 - 49 رقم 4).
(1)
في "فتح الباري"(1/ 99).
(2)
أخرجه البخاري رقم (50) وطرفه رقم (4777).
(3)
كما في "الفتح"(1/ 99).
(4)
كما في "الفتح"(1/ 99).
(5)
"المشارق"(1/ 310).
(6)
في سننه رقم (4998) وقد تقدم.
قوله: "القصاص":
أقول: أي: كان بعد إسلامه القصاص.
وقوله: "الحسنة" مبتدأ: "بعشر أمثالها" خبره، والجملة استئنافية.
وقوله: "إلى سبعمائة ضعف" متعلق بمحذوف، أي: منتهية. وفي كتاب الرقاق للبخاري (1) زيادة: "إلى أضعاف كثيرة".
وقوله: "والسيئة" عطف على الحسنة مبتدأ. و"بمثلها" خبره.
"إلا أن يتجاوز الله عنها بعفوه". وفيه رد على الخوارج المكفرين بالمعاصي (2)، وعلى المعتزلة (3) القائلين بأنه لا عفو عن المعاصي.
وأول الحديث دليل على زيادة الإيمان ونقصانه؛ لأن الحسن تتفاوت درجاته.
(1) في صحيحه رقم (6491).
(2)
وهم الخوارج الذين يحكمون بتكفير العصاة كفر ملة، وأنهم خارجون عن الإسلام ومخلدون في النار مع سائر الكفار.
انظر "فرق معاصرة تنسب إلى الإسلام" لغالب العواجي (1/ 109 - 112).
(3)
إن استدلال المعتزلة لما يذهبون إليه من إنفاذ الوعيد لا محالة، وأن أصحاب الكبائر والذنوب من المؤمنين مخلدون في النار حتماً قول غير مسلم، وهو خطأ في فهم النصوص وحملٌ لها على غير معانيها.
وخلاصة القول: أن المذهب الصحيح مذهب أهل السنة، حيث يقولون: أن أهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين بعد أن لقوا الله مؤمنين، وهم في مشيئة الله وحكمه إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله كما ذكر عز وجل في كتابه:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48، 116] وإن شاء عذبهم في النار بعدله، ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين أهل طاعته، ثم يبعثهم إلى جنته.
انظر "فرق معاصرة"(2/ 842 - 844).
قوله: "تعليقاً":
أقول: التعليق: أن يحذف من أول السند (1)، وهنا حذف البخاري شيخه فقال: قال مالك. قال في الفتح (2): ذكرها معلقاً، ولم يوصله في موضع آخر من هذا الكتاب. انتهى.
زاد ابن الأثير (3) - بعد قوله تعليقاً -: عن مالك، ولم يذكر الحسنة. انتهى. وما كان يحسن من المصنف حذفه لإبهام عبارته أنه أخرجه بهذا اللفظ الذي ساقه، وليس كذلك، فإن لفظه هكذا: قال مالك: أخبرني زيد بن أسلم أن عطاء بن يسار أخبره أن أبا سعيد الخدري
(1) المعلَّق هو: الحديث الذي حذف من مبدأ سنده واحد فأكثر على التوالي ولو إلى نهاية السند، وعزي لمن فوق المحذوف.
• أما حكم المعلق فهو ضعيف للجهل بحال المحذوف من السند، ويستثنى من ذلك المعلقات الواردة في كتاب التُزمت فيه الصحة، كصحيح البخاري ومسلم - وهو في صحيح البخاري أكثر وقوعاً - فإن المعلقات فيها لها أحكام خاصة.
قال النووي: فما كان منها بصيغة الجزم كقال وفعل وأمر ورَوَى وذكر فلان، فهو حكم بصحته عن المضاف إليه أي: المنسوب ذلك الحديث إليه، وما ليس فيه جزم كيُروى، ويُذكر، ويحكى، ويقال، وروي، وذُكر وحُكي، عن فلان فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه. اهـ.
أي: بل يحتمل أن يكون ضعيفاً أو صحيحاً، وعلى احتمال ضعفه فإنه ليس بواهٍ جداً لإدخاله إياه في كتاب موسوم بالصحة.
وهذا حكم معلقات الصحيحين من حيث الجملة، وأما من حيث التفصيل فهو مبين في المطولات.
قلت: انظر "مقدمة فتح الباري" بتحقيقي، "ومقدمة شرح صحيح مسلم" بتحقيقي انظر "شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث" جمع وترتيب الشيخ العلامة عبد الله سراج الدين (ص 112 - 113).
(2)
في "الفتح"(1/ 98).
(3)
في "جامع الأصول"(9/ 358).
أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفر الله عنه كل سيئة كان أزلفها
…
" إلى آخر ما هنا.
فعرفت أن البخاري أسقط لفظ: "كتب الله له كل حسنة كان أزلفها" كما قاله ابن الأثير.
قلت: وقد نقل الحافظ ابن حجر (1) العذر للبخاري في إسقاط تلك الجملة فقال: قيل: إن المصنف أسقط ما زاد غيره عمداً؛ لأنه يشكل على القواعد. قال المازري (2): الكافر لا يصح منه التقرب، فلا يثاب على العمل الصالح الصادر منه في شركه؛ لأن [20/ ب] من شرط المتقرب أن يكون عارفاً بمن يتقرب إليه، والكافر ليس كذلك، وتابعه القاضي عياض (3) على تقرير هذا الإشكال، واستضعف ذلك النووي (4) فقال: الصواب الذي عليه المحققون، بل نقل بعضهم فيه الإجماع أن الكافر إذا فعل أفعالاً جميلة كالصدقة وصلة الرحم، ثم أسلم ومات على الإسلام أن ثواب ذلك يكتب له، وأما دعوى أنه مخالف للقواعد فغير مسلم؛ لأنه قد يعتد ببعض أفعال الكافر في الدنيا ككفارة الظهار، فإنه لا يلزمه إعادتها إذا أسلم وتجزيه. انتهى.
وأطال التقول، والحق ما قيل: إن قبول طاعته معلق على إسلامه، هذا هو الصواب الذي دل عليه الحديث.
(1) في "الفتح"(1/ 99).
(2)
في "المعلم"(1/ 206).
(3)
في "إكمال المعلم"(1/ 416).
(4)
"المنهاج"(1/ 141، 142).
وأما القول بأنه حذف البخاري تلك الجملة لإشكالها فقول باطل، وكيف يطوى بعض ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مشكل، فهذا لا يفعله مؤمن، بل يجب رواية ما قاله صلى الله عليه وسلم ونبين وجه إشكاله ووقفه مما في كلامه مشكل نظر.
قوله: "والنسائي مسنداً"(1):
أقول: المسند (2): ما اتصل سنده بالمخبر عنه هذا، وقد أخرجه أبو ذر الهروي (3) في روايته لصحيح البخاري موصولاً، ووصله الحسن بن سفيان (4)، والبيهقي في شعب الإيمان (5) من طرق لهم.
قوله: "قربها":
أقول: في الجامع: الزلفة تكون في الخير والشر، وفي المشارق (6): زَلَف بالتخفيف.
أي: جمع وكسب، وهذا يشمل الخير والشر، أما القربة، فلا تكون إلا في الخير.
والحديث قد استعمل الزلفة في الخير والشر كما عرفت.
(1) في "السنن"(4998) وقد تقدم.
(2)
قال صاحب البيقونية:
والمسند المتصل الإسناد من
…
راويه حتى المصطفى ولم يَبن
وحكم المسند: قد يكون صحيحاً، أو حسناً، وقد يكون ضعيفاً.
(3)
قال: أخبرنا النضروي - وهو العباس بن الفضل - حدثنا الحسن بن إدريس، حدثنا هشام بن خالد، حدثنا الوليد بن مسلم عن مالك به. كما في "تغليق التعليق"(2/ 44) و"الفتح"(981 - 99) وفي "هدي الساري"(ص 20) باختصار وفي "عمدة القاري"(1/ 286).
(4)
كما في "الفتح"(1/ 99).
(5)
في "الشعب" رقم (24).
(6)
في "المشارق"(1/ 310).
5/ 5 - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلَامَهُ، فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا حتى يَلْقَى الله تعالى" أخرجه الشيخان (1)[صحيح].
قوله: "عبد الرحمن بن صخر":
أقول: جزم المصنف باسمه واسم أبيه، وفيهما خلاف كثير [21/ ب] قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (2): اختلفوا في اسم أبي هريرة واسم أبيه اختلافاً لا يحاط به ولا يضبط، ثم قال: ومثل هذا الاختلاف والاضطراب لا يصح معه شيء يعتمد عليه إلا أن عبد الله أو عبد الرحمن هو الذي يسكن إليه القلب في اسمه في الإسلام.
قال الحاكم أبو أحمد (3): أصح شيء عندنا في اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر، وقد غلبت كنيته عليه فهو كمن لا اسم له.
أسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لزمه وواظب عليه رغبة في العلم راضياً بشبع بطنه، وكان يده مع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدور معه حيثما دار، وكان من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يحضر ما لا يحضر سائر المهاجرين والأنصار لاشتغال المهاجرين بالتجارة والأنصار بحوائطهم، وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه حريص على العلم والحديث، وقال له: يا رسول الله! إني قد سمعت منك حديثاً كثيراً، وإني أخشى أن أنسى.
(1) البخاري رقم (42) ومسلم رقم (205/ 129).
(2)
في الاستيعاب (ص 442 رقم 1529) و (ص 862 رقم 3183).
(3)
في كتابه: "الكنى" الذي لم يطبع إلا إلى حرف (خ).
قال: "ابسط رِداءك" فبسطه، فغرف بيده منه، ثم قال:"ضُمَّه" فضممته إلى صدري، فما نسيت شيئاً بعد (1).
استعمله عمر على البحرين، ثم عزله، ثم أراده على العمل، فأبى عليه. ولم يزل يسكن المدينة، وكانت وفاته سنة تسع وخمسن، وقيل غير ذلك، وصلى عليه الوليد بن عقبة بن أبي سفيان، وكان أميراً يومئذٍ على المدينة.
قوله: "إذا أحسن أحدكم إسلامه":
أقول: تقدم شرحه في الحديث الأول.
قوله: "أخرجه الشيخان"(2):
أقول: هكذا في "جامع الأصول"، ولكن لفظ:"حتى يلقى الله"[22/ ب] ليست من ألفاظ رواية البخاري، وإنما زادها مسلم في روايته فهي من أفراده.
6/ 6 - وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله دَخَلَ الْجَنَّةَ" أخرجه أبو داود (3)[حسن].
قوله: "وعن معاذ بن جبل":
أقول: هو الخزرجي الأنصاري ثم الجشمي أبو عبد الرحمن، وهو أحد السبعين الذين شهدوا العقبة من الأنصار، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الله ابن مسعود، وقيل: وبين جعفر بن أبي طالب، شهد معاذ بدراً والمشاهد كلها وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم[8/ أ] قاضياً إلى
(1) أخرجه البخاري رقم (119).
(2)
أخرجه البخاري رقم (42) ومسلم رقم (205/ 129).
(3)
في سننه رقم (3116).
قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 351) وصحح إسناده الحاكم، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
الجند (1) من اليمن، ويعلم الناس القرآن وشرائع الإسلام، وجعل إليه قبض الصدقات من العمال باليمن، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل"(2).
وقال صلى الله عليه وسلم: "يأتي معاذ بن جبل يوم القيامة أمام العلماء برتوة"(3) فمكث معاذ في اليمن أميراً حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى المدينة، ثم خرج إلى الشام ومات بناحية الأردن في طاعون [عمواس](4) سنة (18) وهو ابن (38) سنة، وقد أطال ابن عبد البر (5) ترجمة معاذ.
قوله: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة":
أقول: ولذا ورد الأمر بتلقين من هو في سياق الموت هذه الكلمة، قال صلى الله عليه وسلم:"لقنوا موتاكم قول: لا إله إلا الله".
أخرجه أبو داود (6)، وابن حبان (7) من حديث أبي سعيد.
(1) الجَنَد: مدينة مشهورة بالشمال الشرقي من (تعز) بمسافة (17) كم. وجامع الجند هو أول مسجد بُني في اليمن، وكان قد بناه معاذ بن جبل، حينما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضياً ومرشداً وذلك في العام الثامن "معجم البلدان والقبائل اليمنية"(1/ 359).
(2)
أخرجه أحمد (5/ 184) وابن ماجه رقم (154) والترمذي رقم (3790) والنسائي في "السنن الكبرى" رقم (8287) من حديث أنس. وهو حديث صحيح.
(3)
أخرجه أحمد (1/ 18) بنحوه، وابن أبي عاصم في "الوحدان" رقم (1833) من حديث عمر بن الخطاب، وهو حديث حسن بمجموع طرقه.
• الرتوة: قال في "النهاية": رمية سهم، وقيل: ميل. وقيل: مدى البصر.
(4)
في المخطوط (ب): "عمورس".
(5)
في "الاستيعاب"(ص 650 - 653) رقم 2270).
(6)
في السنن رقم (3117).
(7)
في "صحيحه" رقم (3003). =
وهو في مسلم عنه (1) وعن أبي هريرة (2) دون (قول).
وعند ابن حبان (3) عن أبي هريرة بمثله وزاد: "فإنه من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنةَ يوماً من الدهر، وإن أصابَهُ ما أصابه قبلَ ذلك"[23/ ب] وغلط ابن الجوزي فعزاه للبخاري، وليس فيه، وجعله المحب الطبري من المتفق عليه وليس بجدير.
(نكتة) دالة على شرف الاشتغال بعلم الحديث.
ذكر النمازي في شرحه للأثمار ما وقع لأبي زرعة وهو أنه لما حضرته الوفاة كان عنده أبو حاتم ومحمد بن مسلم فاستحييا أن يلقناه فتذاكرا حديث التلقين فارتج عليهما، فبدأ أبو زرعة وهو في النزع، فذكر إسناده إلى أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله" ثم خرجت روحه مع الهاء قبل أن يقول: دخل الجنة.
بل الاشتغال بالعلم النافع مطلقاً سبباً لحسن الخاتمة كما ذكر الشيخ تقي الدين ابن الصلاح وغيره عن بعضهم قال: حضرنا عيادة الشيخ أبي حامد الإسفراييني في مرض موته، فدخلنا عليه وهو يجود بنفسه فسأل بعض الحاضرين صاحبه عن مسألة، وهي ضمان الدرك هل يصح، وكان على وجه السرار بينه وبينه، فسمعه الشيخ أبو حامد فقال: إن كان بعد نقد
= قلت: وأخرجه أحمد (3/ 3) والترمذي رقم (976) والنسائي في "المجتبى"(4/ 5) وفي "السنن الكبرى" رقم (1965) وابن ماجه رقم (1445) وأبو يعلى رقم (1096) و (1117) والبغوي رقم (1465) وعبد بن حميد في "المنتخب" رقم (973) والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 383) وفي "الشعب" رقم (9233)، وهو حديث صحيح.
(1)
في صحيحه رقم (1/ 916).
(2)
عند مسلم في "صحيحه" رقم (2/ 917).
(3)
في "صحيحه" رقم (3004) وهو حديث صحيح.
الثمن صح، وإلا فلا لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم[ثم](1) فاضت نفسه كأنها ذبالة سراج رحمه الله.
واعلم أنه روى أبو القاسم القشيري في أماليه (2) من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً: "إذا أثقلت مرضاكم فلا تملوهم قول لا إله إلا الله، ولكن لقنوهم فإنه لن يختم بها لمنافق قط" وقال غريب.
قال الحافظ ابن حجر (3): فيه محمد بن الفضل بن عطية متروك.
قلت: وفي الأخبار والحكايات ما يدل لصحته. قال الحافظ عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي: واعلم أن سوء الخاتمة - أعاذنا الله منها - له أسباب ولها طرق وأبواب وأعظمها الإكباب على الدنيا والإعراض عن الأخرى، والإقدام والجرأة على معاصي الله حتى قال: وروي أن بعض رجال الناصر نزل به الموت فجعل ابنه يقول: لا إله إلا الله فقال: الناصر مولاي [24/ ب] فأعاد عليه القول، فأعاد مثل ذلك، ثم أصابته غشية، فلما أفاق قال: الناصر مولاي، وكان هذا دأبه كلما قيل له قل: لا إله إلا الله. قال: الناصر مولاي، ثم قال لابنه: يا فلان! الناصر إنما يعرفك بسيفك والقتل القتل، ثم مات.
قال عبد الحق: وقيل لآخر أعرفه: قل: لا إله إلا الله فجعل يقول: الدار الفلانية فيها كذا وكذا، والبستان افعلوا فيه كذا وكذا، ثم ذكر من هذا نحوه ممن أبى أن يقول: لا إله إلا الله عند السياق لأمور حالت بينه وبين قولها.
(1) سقط من المخطوط (ب).
(2)
عزاه إليه الحافظ ابن حجر في "التلخيص"(3/ 1152) رقم (2332 - السلف).
وقال أبو القاسم القشيري: غريب.
وقال الحافظ قلت: فيه محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك.
(3)
في "التلخيص"(3/ 1152) رقم (2332 - السلف).
فانظر كم بين صالحي العلماء الذين حكينا صفة التوفيق لها، وختم كل كلام بها، وبين من صده الشيطان عنها عقوبة بما قدمه من معاصيه وآثره من طاعة هواه على طاعة الله [9/ أ] وفعل ما يرضيه (1).
(1) علاماتُ حسن الخاتمة:
1 -
نطقُه بالشهادةِ عند الموتِ، وفيه أحاديث تقدمت.
2 -
الموت برشح الجبين لحديث بريدة أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "موت المؤمن بعرق الجبين" وهو حديث صحيح.
أخرجه أحمد (5/ 357، 360) والنسائي رقم (1828) والحاكم (1/ 361).
3 -
الموتُ ليلة الجمعةِ أو نهَارها. لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يموتُ يومَ الجمعةِ، أو ليلة الجمعة، إلا وقاه الله فتنة القبر".
أخرجه أحمد رقم (6582 - 6646) والفَسَوي في "المعرفة"(2/ 520) من طريقين، وله شاهد عن أنس وجابر بن عبد الله وغيرهما، فالحديث بمجموع طرقه حسَنٌ أو صحيح.
4 -
الاستشهادُ في ساحة القتال.
5 -
الموتُ غازياً في سبيل الله.
6 -
الموتُ بالطاعون.
7 -
الموت بداء البطن فهو شهيد.
8 -
الموت بالغَرق.
9 -
الموت بالهدم.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "الشهداء خمسة: المطعونُ، والمبطونُ، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله".
أخرجه مسلم رقم (1914).
10 -
موت المرأة في نفاسها بسبب ولدِها.
11 -
الموت بالحرق.
12 -
الموت بذات الجنب.
13 -
الموت بداء السل. =
اللهم! وفقنا لما يرضيك، وأوزعنا شكر أياديك، وعذنا من شر معاصيك.
وقوله: "دخل الجنة".
أقول: قد قدمنا الكلام على رواية (تعبد) بما عرفت.
وقوله: "أخرجه أبو داود"(1):
قلت: وأخرجه أحمد (2) والحاكم (3) من حديث معاذ، وأعله ابن القطان بصالح بن أبي عَريب (4) وأنه لا يعرف وتعقب بأنه روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات (5).
قلت: وفي التقريب (6): عَريب - بفتح العين المهملة وكسر الراء - وقال: إنه مقبول.
7/ 7 - وعَنْ أَبِي ذَرٍّ - جندب بن جنادة الغفاري رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ "أَتَاني جِبْرِيلُ عليه السلام فَبَشَّرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ". قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: "وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ" قلت: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قال: "وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ". ثم قال في الرابعة: "على رغم أبي أنف أبي ذر" أخرجه الشيخان (7) والترمذي (8)[صحيح].
"الرغم" الذل والهوان.
= وانظر "علامات حسن الخاتمة في أحكام الجنائز"(ص 48 - 59).
(1)
في سننه برقم (3116) وقد تقدم.
(2)
في "المسند"(5/ 233).
(3)
في "المستدرك"(1/ 351) وصححه ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وخلاصة القول: أن حديث معاذ حديث حسن.
(4)
"الميزان" للذهبي (2/ 298) رقم الترجمة (3817).
(5)
في "الثقات"(6/ 457).
(6)
في "التقريب" رقم الترجمة (2880).
(7)
البخاري رقم (1237) ومسلم رقم (94).
(8)
في "سننه" رقم (2644) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وهو حديث صحيح.
قوله: "جُنْدَب بن جنادة":
أقول:- بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة فموحدة - قال ابن عبد البر (1): إنه [أكثر](2) وأصح ما قيل في اسمه وفيه اختلاف كثير. قال: كان من كبار الصحابة قديم الإسلام، يقال: أسلم بعد أربعة وكان خامساً في الإسلام، ثم ذكر ابتداء إسلامه وصفته ومقامه بمكة. قال علي بن أبي طالب عليه السلام: وعى أبو ذر علماً عجز الناس عنه، ثم أوكى عليه، ثم يخرج شيئاً منه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبو ذر [25/ ب] في أمتي على زهد عيسى بن مريم"(3).
وقال أبو ذر: "لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر منه علماً"(4).
وساق ابن عبد البر بسنده إليه صلى الله عليه وسلم قال: "ما أظَلَّت الخضراءُ ولا أقلَّتِ الغبراءُ أصدق لهجة من أبي ذر"(5).
توفي أبو ذر بالربذة سنة أحد وثلاثين أو اثنتين وثلاثين. وصلى عليه ابن مسعود، ثم مات بعده في ذلك العام.
(1)"الاستيعاب"(ص 110 رقم 289).
(2)
في المخطوط (ب) أشبه.
(3)
أخرج نحوه عن مالك بن دينار عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً عند ابن سعد (4/ 228).
(4)
لم أقف عليه.
(5)
أخرجه الترمذي في "سننه" رقم (3801) وابن ماجه رقم (156) وقال الترمذي: هذا الحديث حسن. وهو كما قال.
قوله: "لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة. قلت: وإن زنى وإن سرق".
أقول: في رواية أن القائل ذلك [هو](1) رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي البخاري (2) قال: قال لي جبريل: "من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ولم يدخل النار. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: نعم". والرواية الأخرى أن القائل أبو ذر.
وقوله: "على رَغم أبي ذر" قال النووي (3): هو بفتح الراء وكسرها وضمها ذكره الجوهري (4) وغيره، وهو مأخوذ من الرَغام - بفتح الراء - وهو التراب فمعنى: أرغم الله أنفه: ألصقه بالتراب وأذله. فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "على رغم أبي ذر" أي: على ذل منه لوقوعه مخالفاً لما يريده. وقيل: معناه: على كراهة منه، وإنما قاله أبو ذر لاستبعاده العفو عن الزاني والسارق المنتهك للحرمة واستعظامه ذلك، وذكر ذنبين: ذنب بين العبد وربه، وذنب بين العبد وغيره من المخلوقين.
والحديث كغيره مقيد بما سلف في حق الله، وأما حق المخلوقين، فإنه لا يتركه الله بل السارق مثلاً لا بد أن ينتصف منه المسروق؛ إما بالأخذ من حسناته، أو إذا لم يكن له حسنات ألقي عليه من سيئات المسروق، وألقي في النار إلا أن يسامحه المسروق عليه، أو يعيضه الله من فضله كل هذا ثبتت به الأحاديث.
(1) سقط من المخطوط (ب).
(2)
في صحيحه رقم (3222).
(3)
في شرحه لـ "صحيح مسلم" رقم (2/ 96).
(4)
في "الصحاح" للجوهري (5/ 1934 - 1935).
8/ 8 - وعَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! مَا الْمُوجِبَتَانِ فَقَالَ: "مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا دَخَلَ النَّار، وَمَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا دَخَلَ الجنة" أخرجه مسلم (1)[صحيح].
قوله: "وعن جابر بن عبد الله".
أقول: قال ابن عبد البر (2): هو ابن عبد الله بن حَرام الأنصاري السلَميّ: من بني سَلِمة اختُلف في كنيته وأصحُ ما قيل فيه: أبو عبد الله شهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صغير، ولم يَشْهدِ الأولى.
وروي عنه أنه قال: لم أشهد بدراً، ولا أُحُداً؛ [26/ ب] منعني أبي، وذكر البخاري أنه شهد بدراً، وكان ينقل لأصحابه الماء، ثمان عشرة غزوة. قال ابنُ الكلبي. شهد [الجمل](3) وصفين مع علي بن أبي طالب، وكان من المُكْثرين الحُفاظ [للسير](4) وكف بصره في آخر عمره وتوفي بالمدينة سنة أربع وسبعين، وقيل: سنة ثمان وسبعين، وقيل: سنة سبع وسبعين. وصلى عليه أبان بن عثمان، وكان أمير المدينة.
قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثنتان موجبتان
…
" الحديث.
أقول: فيه الإخبار بأن الشرك موجب لدخول النار وعدمه موجب لدخول الجنة، وهو كالأحاديث التي مرت إلا أنه لا بد من قول كلمة التوحيد والاعتقاد، ولو أدنى شيء كما [10/ أ] تقدم تقدير بأدنى شيء من حبه شعير
…
إلى آخره.
(1) في صحيحه رقم (93).
(2)
في "الاستيعاب"(ص 114 - 115) رقم (296).
(3)
لم توجد في الاستيعاب.
(4)
في "الاستيعاب" للسنن.
وأما الإيجاب ففي "النهاية"(1) يقال: وجب يجب وجوباً إذا لزم وثبت، يقال: أوجب الرجل إذا فعل فعلاً وجبت له به الجنة والنار.
9/ 9 - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ:"لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! أَنْ لَا يَسْأَلَني عَنْ هَذَا أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ: أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ" أخرجه البخاري (2)[صحيح].
قوله: "من أسعد الناس بشفاعتك":
في "النهاية"(3): قد تكرر ذكر الشفاعة في الحديث فيما يتعلق بأمور الدنيا والآخرة، وهي السؤال في التجاوز عن الذنوب الجرائم يقال: شفع يشفع شفاعة فهو شفيع وشافع والمشفِع الذي يقبل الشفاعة والمشفَع الذي تقبل شفاعته. انتهى.
وتأتي أحاديث الشفاعة. قال القاضي عياض (4): مذهبُ أهل السنة جواز الشفاعة عقلاً، ووجوبها سمعاً بصريح:{يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109)} (5) وقوله: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} (6) وأمثالهما. وقد جاءت الآثار التي
(1)"النهاية في غريب الحديث"(5/ 152 - 153).
(2)
في "صحيحه" رقم (99).
(3)
"النهاية في غريب الحديث"(2/ 485).
(4)
"إكمال المعلم بفوائد مسلم"(1/ 578 - 579).
(5)
طه (109).
(6)
الأنبياء (28).
بلغت بمجموعها التواتر بصحة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين (1) وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم عليهما [27/ ب] ومنعت الخوارج وبعض المعتزلة منها.
قلت: أي: أنكروا بعض أنواعها.
قال: وتعلقوا بمذاهبهم بتخليد المذنبين في النار، واحتجوا بقوله:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)} (2) وبقوله: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18)} (3) وهذه الآيات في الكفار في الكتاب وغيره.
وأما تأويلهم أحاديث الشفاعة بكونها في زيادة الدرجات فباطل، وألفاظ الأحاديث صريحة في بطلان مذهبهم، وإخراج من استوجب النار منها، ولكن للشفاعة خمسة أقسام:
أولها: مختصة بنبينا صلى الله عليه وسلم وهي الإراحة من هول الموقف، وتعجيل الحساب كما يأتي بيانها.
الثانية: في إدخال قوم الجنة بغير حساب، وهذه وردت لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وحده ذكرها مسلم.
الثالثة: شفاعة لقوم استوجبوا النار فشفع فيهم نبينا صلى الله عليه وسلم ومن شاء الله.
الرابعة: فيمن دخل النار من المؤمنين، فقد جاءت الأحاديث بإخراجهم من النار بشفاعته صلى الله عليه وسلم والملائكة وإخوانهم من المؤمنين، ثم يخرج الله كل من قال: لا إله إلا الله كما جاء في الحديث.
(1) انظر: كتاب "الشفاعة" للعلامة أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي فإنه مفيد في بابه.
(2)
المدثر (48).
(3)
غافر (18).
الخامسة: الشفاعة في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها، وهذه لا ينكرها المعتزلة، ولا ينكرون أيضاً شفاعة الحشر الأولى.
قال القاضي: وقد عرف بالنقل المستفيض من السلف الصالح سؤال شفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم[28/ ب] ورغبتهم فيها، وعلى هذا لا يلتفت إلى قول من قال: إنه يكره أن يسأل الله أن يرزقه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكونها لا تكون إلا للمذنبين؛ فإنها قد تكون لتخفيف الحساب وزيادة الدرجات، ثم كل عاقل يعترف بالتقصير محتاج إلى العفو غير معتد بعمله مشفق من أن يكون من الهالكين، وعزم هذا القائل أن لا يدعوا بالمغفرة والرحمة لأنها لأصحاب الذنوب، وهذا كله خلاف ما عرف من دعاء السلف والخلف (1). انتهى كلام القاضي.
وقوله: "لما رأيت من حرصك على الحديث":
أقول: شهادة لأبي هريرة بمحبته الحديث وحرصه عليه.
وقوله: "أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه" فيه تقييد لكل ما سلف مما لم يذكر منه هذا القيد [29/ ب][11/ أ].
10/ 10 - وعَنْ صُهَيْبٍ بن سنان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كلَّهُ له خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلكَ لأَحَدٍ إِلَاّ لِلْمُؤْمِنِ: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَان خَيْرًا لَهُ، وإنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ". أخرجه مسلم (2)[صحيح].
11/ 11 - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدهِ! لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَاّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ".
(1) في "إكمال المعلم"(1/ 566 - 567).
(2)
في صحيحه رقم (2999).
أخرجه مسلم (1)[صحيح].
12/ 12 - وعَنْ وهْب بْنِ مُنَبِّهٍ وقيل له: أَلَيْسَ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلَاّ وَلهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وإلَاّ لَمْ يُفْتَحْ لَكَ" أخرجه البخاري معلقاً (2)[إسناده ضعيف].
13/ 13 - وعن عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه، وسأله رجل: ما الصراط المستقيم؟ قال: تركنا محمد في أدناه وطرفه في الجنة، وعن يمينه جواد، وعن يساره جواد، وثم رجال يدعون من مر بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط المستقيم انتهى به إلى الجنة، ثم قرأ ابن مسعود:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} الآية (3). أخرجه رزين (4)[ضعيف].
"والجواد" جمع جادة، وهي: الطريق.
(1) في صحيحه رقم (153).
(2)
في صحيحه (3/ 109) رقم الباب (1) مع الفتح) معلقاً.
وقال الحافظ: وأما أثر وهب فوصله الصنف في "التاريخ"(1/ 1/ 95) وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 66) من طريق محمد بن سعيد بن رُمانه .. قال: أخبرني أبي قال: قيل لوهب بن منبه فذكره.
محمد بن سعيد هذا يمني مجهول الحال، روى عنه عبد الملك بن محمد الذماري هذا الأثر، وروى عنه قدامة بن موسى أيضاً كما في "الجرح والتعديل"(3/ 2/ 264) وأبو سعيد بن رمانة لم أجد له ترجمة قاله الألباني في "مختصر صحيح الإمام البخاري"(1/ 362 رقم 237).
(3)
الأنعام (153).
(4)
أخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان" رقم (14170) وفيه جهالة الرجل عن ابن مسعود.