الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام أنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)} إلى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} إلى آخرها. أخرجه رزين (1).
قوله: "طواه". أي: ثناه فيجعل العشرة عشرين.
قوله: "سناً"، أي: جذعاً أو نحوه رفعه إلى السن الذي فوقه.
قوله: " [أخرجهما] (2) رزين". لفظ ابن الأثير (3): ذكره رزين ولم أجده، وذكر فيه زيادة حذفها المصنف إلا أنها نسخة في الجامع.
الباب الخامس: في الخيار
قوله: "الباب الخامس في الخيار".
أقول: الخيار الاسم من الاختيار، وهو: طلب خير أي أمرين، وهو على ثلاثة أضرب: خيار المجلس، وخيار الشرط، وخيار النقيصة.
الأصل في الأول: حديث "البيعان بالخيار" ويأتي.
وفي الثاني - أي: خيار الشرط -: حديث: "المؤمنون [210/ ب] عند شروطهم".
وفي الثالث: أن يظهر عيب بالمبيع يوجب رده، أو نحو ذلك مما يأتي مفصلاً.
ذكر فيه ستة أحاديث:
الأول: عن ابن عمر:
332/ 1 - وَعَنْ ابْنُ عُمَرُ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْمُتبَايِعَانِ بِالخيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا، أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُما لِلْآخَرِ: اخْتَرْ، وَربَّمَا قَالَ: أَو يَكُونُ بَيْعَ خيَار".
(1) ذكره ابن الأثير في "جامع الأصول"(1/ 573).
(2)
في "التيسير" أخرجه.
(3)
"جامع الأصول"(1/ 573).
أخرجه الستة (1).
وفي رواية للشيخين (2): "إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَإِنْ خَيَّرَ الآخرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ يَتَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ فَقَدْ وَجَبَ". [صحيح].
وفي أخرى لمسلم (3): "كُلُّ بَيِّعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا إِلَاّ بَيْعُ الْخِيَارِ". [صحيح].
وله في أخرى (4) قال نافع: وَكَان ابن عُمرَ رضي الله عنهما إِذَا بَايَع رَجُلَاً فَأَرَاد أَن لَا يُقِيلَه قَامَ فَمَشَى هَنيْهَةً ثُمَّ رَجعَ. [صحيح].
وفي أخرى للترمذي (5): كَانَ ابْنُ عُمَرَ إَذَا ابْتَاعَ بَيْعاً وَهُوَ قَاعِدٌ قَامَ لِيَجِبَ لهُ. [صحيح].
قوله: "بالخيار" أي: أنه يثبت لكل أحد إمضاء البيع أو عدم إمضائه مما يقررونه مهما بقيا في مجلس العقد. أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر فإن أي الأمرين وقع نفذ البيع. أو يكون بيع خيار.
قال ابن الأثير: ألا يبقى شرط فيه الخيار فلا يلزم بالتفرق، وقيل: معناه ألا يبقى شرط فيه نفي خيار المجلس فيلزم بنفسه عند قوم.
(1) البخاري رقم (2111) ومسلم رقم (1531) وأبو داود رقم (3454) والترمذي رقم (1245) والنسائي رقم (4465 - 4468)، ومالك في الموطأ (2/ 671).
(2)
البخاري رقم (2107) و (2109) و (2112) ومسلم رقم (44/ 1531).
(3)
البخاري رقم (2113) ومسلم رقم (46/ 1531).
(4)
البخاري (2112) ومسلم رقم (45/ 1531).
(5)
في السنن رقم (1245).
قال الخطابي (1): اختلف الناس في التفرق الذي يصح بوجوده البيع، فقالت طائفة: هو التفرق بالأبدان، وإليه ذهب معظم الأئمة والفقهاء من الصحابة والتابعين، وبه قال الشافعي وأحمد، وقال أصحاب الرأي ومالك: إذا تعاقدا صح البيع.
قال الخطابي (2): وظاهر الحديث يشهد للأول، فإن راوي الحديث عبد الله بن عمر، وفي الحديث أن ابن عمر كان إذا بايع رجلاً فأراد أن يتم البيع مشى خطوات حتى يفارقه.
قال (3): ولو كان تأويل الحديث عل القول الثاني لخلا الحديث من الفائدة، وسقط معناه؛ لأن العلم محيط بأن المشتري ما لم يوجد منه قبول البيع فهو بالخيار، وكذلك البائع [211/ ب] خياره ثابت في ملكه قبل أن يعقد البيع، وهذا من العلم العام الذي قد استقر بيانه والخبر الخاص إنما يروى في الحكم الخاص، والمتبايعان هما المتعاقدان، والبيع من الأسماء المشتقة من أسماء الفاعلين، ولا بيع حقيقة إلا بعد حصول الفعل منهما. انتهى.
وفي الحديث مقاولات وسؤالات وأجوبات قد أودعناها حاشية شرح العمدة (4)، وحاشية ضوء النهار (5)، فالبحث فيه قد جاوز المقدار.
333/ 2 - وعن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا".
(1) في "معالم السنن"(3/ 733).
(2)
في المرجع السابق (3/ 733).
(3)
الخطابي في المرجع السابق (3/ 733).
(4)
"العدة على شرح العمدة"(3/ 428 - 453) وبحوزتي مخطوطتين لهذا الكتاب وهو قيد التحقيق.
(5)
ضوء النهار المشرق على صفحات الأزهار للحسن الجلال، ومعه المنحة حاشية ضوء النهار لمحمد بن إسماعيل الأمير، طبع: مكتبة الجيل الجديد - صنعاء - بـ (7) سبع مجلدات.
أخرجه الخمسة (1). [صحيح].
الثاني: حديث حكيم، وفيه:"فإن صدقا وبينا بورك لهما [55/ أ] في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما".
فيه الأمر بالصدق وإبانة ما في العين والثمن من الغش.
334/ 3 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلَاّ أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ، فَلَا يَحِلُّ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ". أخرجه أصحاب السنن (2). [حسن].
وَفِي أُخْرى لَأَبي دَاود (3) عَنْ أَبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَتَفَرَقَنَّ اثْنَانِ إِلَاّ عَنْ تَرَاضٍ". [حسن].
قوله: "ولا يحل أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله".
أقول: كأن هذا النهي لم يبلغ ابن عمر لما عرفت من أنه كان يفارق لئلا يختار البائع خلاف إمضاء البيع.
335/ 4 - وَعَن جَابِر رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ أَعْرَابِيَّاً بَعْدَ الْبَيعِ". أخرجه الترمذي وصححه (4). [حسن].
قوله: "خير أعرابياً بعد البيع" أخرجه الترمذي وصححه.
قلت: قال الترمذي: وهذا حديث صحيح غريب.
(1) البخاري رقم (2079) ومسلم رقم (1532) وأبو داود رقم (3459) والترمذي رقم (1246) والنسائي رقم (4457، 4464).
(2)
أبو داود رقم (3456) والترمذي رقم (1247) والنسائي رقم (4483).
(3)
في السنن رقم (3458) وهو حديث حسن.
(4)
في السنن رقم (1249) وقال: حديث حسن غريب. وهو حديث حسن.
336/ 5 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَار". أخرجه مالك (1) والترمذي (2) واللفظ له. [حسن].
قوله: "أخرجه مالك".
أقول: لفظ ابن الأثير (3): أخرجه الموطأ، قال مالك: بلغه أن ابن مسعود
…
إلى آخره. انتهى.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (4): حديث ابن مسعود حديث منقطع لا يكاد يتصل وإن كان الفقهاء قد عملوا به كلٌ على مذهبه الذي تأوله فيه.
قوله: "واللفظ له".
أقول: أي: للترمذي، ثم قال: هذا حديث مرسل، عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود، وقد روي عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود عن النبي [212/ ب]صلى الله عليه وسلم هذا الحديث أيضاً، وهو مرسل أيضاً.
قال ابن منصور: قلت لأحمد: إذا اختلف البيعان ولم يكن بينة؟ قال: القول ما قال رب السلعة أو يترادان. وقال: الحق كما قال: وكل من كان القول قوله فعليه اليمن. انتهى بلفظه.
قلت: والعجب من ابن الأثير، فإنه قد أخرجه أبو داود (5) أيضاً وذكر فيه قصة، وفيه قال عبد الله: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا اختلف البيعان
…
" الحديث.
(1) في "الموطأ"(2/ 671).
(2)
في السنن رقم (1270) وقال: هذا حديث مرسل.
وأخرجه أبو داود رقم (3511) وابن ماجه رقم (2186) و (4648) و (4649)، وهو حديث حسن.
(3)
في "الموطأ"(1/ 579).
(4)
في الاستذكار (20/ 222 رقم 29918).
(5)
في سننه رقم (3511).
قال ابن عبد البر (1): وقد ذكر طريقته وكيف كان الأمر، فهو غير متصل ولا مسند.
ومثله ذكر المنذري في مختصر السنن (2)، ونسبه ابن حجر في بلوغ المرام (3) إلى الخمسة، وقال: وصححه الحاكم.
وأما معناه فواضح، وبه قال أحمد كما عرفت، وقال به مالك: فإنه قال: الأمر عندنا في الرجل يشتري السلعة من الرجل فيختلفان في الثمن فيقول البائع: بعتكها بعشرة دنانير، ويقول المبتاع: ابتعتها منك بخمسة، قال: فإن شئت فاحلف ما بعت سلعتك إلا بما قلت، فإن حلف قيل للمشتري: إما أن تأخذ السلعة بما قال البائع، وإما أن تحلف بالله ما اشتريتها إلا بما قلت، فإن حلف برئ منها، وذلك أن كل واحد منهما مدعٍ على صاحبه. انتهى.
ومعنى ذلك أن البائع لم يقر بخروج السلعة عن يده إلا بصفة قد ذكرها أو ثمن قد وصفه لم يقر له المبتاع به، وكذلك المشتري لم يقر بانتقال الملك إليه إلا بصفة لم يصدقه [213/ ب] المبتاع عليها. والأصل أن السلعة للبائع، فلا تخرج عن ملكه إلا بيمين أو إقرار أو بينة، وإقراره منوط بصفة لم يقم المشتري بينة بتكذيبها، فحصل أن كل واحد منهما مدع ومدعى عليه، وقد وردت السنة بأن يبدأ البائع باليمين؛ لأن السلعة له، فلا يعطاها أحد بدعواه، فإذا حلف خير المبتاع في أخذها بما حلف عليه البائع إن شاء، وإلا حلف أنه ما ابتاع إلا بما ذكر حيث دعوى البائع عليه بأكثر مما ذكر، ثم فسخ البيع بينهما، وبهذا وردت السنة مجملة لم تخص كون السلعة بيد واحد دون الآخر، ولا فوتها، ومعلوم أن التراد إذا حصل
(1) في الاستذكار (20/ 222 رقم 29918).
(2)
(5/ 162 - 164).
(3)
برقم (3/ 738) بتحقيقي ط: دار ابن تيمية - القاهرة وانظر "سبل السلام"(5/ 12 - 13) بتحقيقي ط: دار ابن الجوزي - الدمام.
بالتحالف والسلعة حاضرة وجب أيضاً بعد هلاكها؛ لأن القيمة تقوم مقامها كسائر ما فات من البيوع، وقد وجب رده كانت القيمة عند الجميع بدلاً منه، أفاده أبو عمر في الاستذكار (1).
337/ 6 - وَعَنْ أَبِي الْوَضِيءِ (2) قَالَ: غَزَوْنَا غَزْوَةً فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فَبَاعَ صَاحِبٌ لَنَا فَرَسًا بِغُلَامٍ ثُمَّ أَقَامَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَا حَضَرَ الرَّحِيلُ فَقَامَ الرَّجُل إِلَى فَرَسِهِ ليُسْرِجُهُ فَنَدِمَ فَأَتَى الرَّجُلَ فَأَخَذَهُ بِالْبَيْعِ فَأَبَى الرَّجُلُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَبُو بَرْزَةَ صَاحِبُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيَاهُ فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ: أترْضَيَانِ أَنْ أَحْكُمَ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَلَا أُرَاكُمَا افْتَرَقْتُمَا". أخرجه أبو داود (3). [صحيح].
قوله: "وعن أبي الوضي".
أقول: قال ابن الأثير (4): الوضيء: بفتح الواو وكسر الضاد المعجمة بعدها همزة، اسمه: عباد بن نسيب العنسي تابعي، عباد: بتشديد [الباء (5)] الموحدة ونسيب: بضم النون وفتح السين المهملة، وسكون الياء تحتها نقطتان بعدها باء موحدة. انتهى.
(1) انظر الاستذكار (20/ 239 - 244).
(2)
هو عباد بن نسيب القيسي.
(3)
في سننه رقم (3457) وهو حديث صحيح.
(4)
في تتمة جامع الأصول القسم الثاني (2/ 629) ط: دار الفكر - بيروت. عباد بن نسيب: هو أبو الوضّي عباد بن نسيب القيسي.
سمع علي بن أبي طالب، وأبا برزة الأسلمي، روى عنه جميل بن مرة، وعداده في البصريين، وكان من فرسان علي بن أبي طالب على شرطه الخميس قال يحيى بن معين: هو ثقة.
(5)
زيادة من (أ).