الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهكذا كون الإنسان يوكل في الرمي لعجزه وضعفه وخشية على نفسه، كل هذا من باب رعاية المصالح العامة، ودفع الضرر العظيم؛ لأن قاعدة الشريعة دفع الضرر:«لا ضرر ولا ضرار» (1) ورعاية المصالح العامة، ومعلوم أن اجتماع النساء والرجال فيما بين الزوال إلى غروب الشمس، عند زحمة الحج فيه الأخطار العظيمة، فإذا روعي ذلك، وسُمِحَ للمرأة بالتوكيل، والشيخ الكبير، ونحوه، صار في هذا فرج للجميع، وتيسير للجميع.
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22272)، وابن ماجه في كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، برقم (2340).
199 -
حكم الأضحية في الإسلام
س: ما حكم مَن لم يلتزم بشعيرة الضحية في ذي الحجة من كل عام؟ وما حكم من يغالي فيها مغالاة تكسر قلوب الفقراء (1)؟
ج: السنة في الضحية بأن يضحي الإنسان عن نفسه، وعن أهل بيته حسب التيسير، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، إن كان موسرًا ضحى بشاة واحدة، عنه وعن أهل بيته، وإن كان معسرًا، فلا شيء عليه، ولا
(1) السؤال من الشريط رقم (92).
ينبغي له في هذا المغالاة والتشديد، بل ينبغي له الرفق في كل الأمور، وخير الأمور أوسطها، فالسنة أن يحافظ عليها، إذا كان موسرًا، ولكن الصحيح أنها لا تجب، إنما هي سنة؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، ولا يغالي فيها مغالاة تضر بغيره، ويشدد على الفقراء في ذلك، بل من تيسر له ذلك ضحى، وتكفي الشاة الواحدة عنه، وعن أهل بيته، والحمد لله، ومن شق عليه ذلك، فلا حرج، ولا بأس أن يدَعها.
وأحكامها أنه يأكل، ويهدي، ويتصدق، كما قال تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} . في الهدايا والضحايا، يأكل منها ما تيسر، ويطعم الفقراء، ويهدي إلى أقاربه، كل هذا أمر مستحب، وليس فيه تحديد، قد رأى بعض أهل العلم التثليث، وأنه يستحب أن يثلث، فيأخذ ثلثًا لنفسه وأهل بيته، وثلثًا يهديه لأقاربه وجيرانه، وثلثًا للفقراء، ولكن هذا ليس بواجب، إذا فعل ذلك فلا بأس، وإذا أكل أكثر من الثلث، أو أهدى أكثر من الثلث، أو أعطى الفقراء غالبًا فلا بأس به، والحمد لله، ثم الضحية لا بد فيها أن تكون سليمة كالهدي، - يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أربع لا تجوز في الأضاحي" – ومثلها الهدايا – " العوراء
البيِّن عورها، والعرجاء البيِّن عرجها، والمريضة البيِّن مرضها، والعجفاء التي لا تنقي» (1) هذه لا تجزئ في الأضاحي، ولا في الهدايا، والعمياء من باب أولى، إذا كانت العوراء لا تجزئ، فالعمياء من باب أولى، وكذلك المريضة البيِّن مرضها بالجرب، أو غيره، وهكذا الهزيلة التي لا تنقي، لا تجزئ في الضحايا، وهكذا العرجاء التي ضلعها بيِّن، بحيث لا تستطيع المشي مع الصحاح، تتأخر عنهن، عرجها واضح، وهكذا العضباء التي ذهب أكثر قرنها، أو أذنها؛ لأحاديث وردت في ذلك، قلا يضحى بها، وهكذا مقطوع الألية لا يضحى به، بل يضحي بالشاة السليمة، أما كونها في الأذن شق، أو خرق أو نحو ذلك هذا لا يمنع، لكن ترك هذا أفضل، إذا تيسر كونها سليمة فهي أفضل، ولكن هذا الخرق والشق لا يمنع الإجزاء، تجزئ ولكن السليمة من ذلك أفضل، وهكذا التي قطع بعض قرنها؛ يعني القليل من القرن، ليس هو الأكثر
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الضحايا، باب ما يكره من الضحايا، برقم (2802)، والترمذي في كتاب الأضاحي، باب ما لا يجوز من الأضاحي، برقم (1497)، والنسائي في كتاب الضحايا، باب ما نهي عنه من الأضاحي العوراء، برقم (4369)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب الأضاحي، باب ما يكره أن يضحى به، برقم (3144).