المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بيان ما يحصل به التحلل الثاني - فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر - جـ ١٧

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ حكم من ترك الحج وهو قادر عليه

- ‌ حكم من أنشأ الحج في غير بلده

- ‌ حكم أداء العمرة والحج في سفرة واحدة

- ‌ حكم من حج مفردًا ولم يعتمر

- ‌ حكم الحج لمن عليه دين

- ‌ حكم من أراد الحج وعليه أقساط مالية

- ‌ حكم من أراد الحج وعلى أبيه دين

- ‌ حكم الاقتراض من أجل الحج

- ‌ حكم الحج من نفقة الغير

- ‌ حكم تحمل نفقة الحج عن الوالد الموسر

- ‌ حكم الحج من مال الزوجة

- ‌ حكم أداء العمرة على حساب أحد المتبرعين

- ‌ حكم الحج من مال غير مزكى

- ‌ حكم الحج من التركة قبل قسمتها بدون إذن الورثة

- ‌ حكم الحج من المال المشتمل على محرم

- ‌ حكم من حج من أموال التسول

- ‌ حكم من نوى الحج قبل تجهيز النفقة

- ‌ بيان الأعذار التي يؤخر لها الحج

- ‌ حكم من نصحه الطبيب بعدم الحج

- ‌ حكم حج أصحاب العاهات

- ‌ حكم حج من لا يستطيع المشي

- ‌ بيان وقت وجوب الحج على المسلم

- ‌ حكم إعادة الحج احتياطًا من الأخطاء التي وقعت من الحاج

- ‌ حكم الشكوك التي ترد بعد أداء العبادة

- ‌ حكم حج من لا يعرف أحكام الحج

- ‌ حكم حج الابن من ماله ووالداه بحاجة إلى النفقة

- ‌ بيان الأفضل بين أداء العمرة والحج تطوعا وبين التصدق بنفقتهما

- ‌ حكم سقوط الحج بالنفقة على الفقراء

- ‌ بيان الأولى بين تحجيج الوالد أو التصدق بالمال

- ‌ حكم تأخير فريضة الحج بغير عذر

- ‌ حكم الذهاب إلى الحج أو العمرة وترك الزوجة وحدها

- ‌ بيان اشتراط المحرم لوجوب الحج على المرأة

- ‌ نصيحة لمن يأنفون من الرجال من خدمة النساء

- ‌ حكم حج المرأة بدون محرم

- ‌ حكم سفر المرأة للحج مع النساء بدون محرم

- ‌ حكم من حجت بدون محرم

- ‌ بيان محارم المرأة في الحج والعمرة

- ‌ حكم عدم مرافقة المحرم للمرأة أثناء أداء العمرة

- ‌ حكم السفر للحج مع زوج الأخت

- ‌ حكم أداء المرأة مناسك الحج بمفردها

- ‌ بيان أن المرأة لا تكون محرمًا

- ‌ حكم سفر المرأة للحج بالطائرة بدون محرم

- ‌ حكم سفر الخادمة للحج مع الأسرة

- ‌ حكم أداء المرأة مناسك الحج بغير إذن الزوج

- ‌ حكم حج المرأة وهي في عدة الوفاة

- ‌ حكم طاعة الوالد في المنع عن أداء فريضة الحج

- ‌ حكم حج من يتهاون بالصلاة

- ‌ حكم حج من أفطر عمدًا في رمضان

- ‌ حكم حج من قتل نفسًا

- ‌ حكم شرب الدخان أثناء أداء الحج

- ‌ حكم التلفظ بألفاظ كفرية بعد أداء الحج

- ‌ حكم من حج من هو مصاب بالناصور

- ‌ حكم حج من يكذب أثناء الحج

- ‌ حكم من لم يؤد فريضة الحج بسبب منع العمل

- ‌ حكم الحج عن فاقد العقل

- ‌ حكم الحج قبل الزواج

- ‌ حكم حج من ارتكب بعض الكبائر بعد أداء الحج

- ‌ حكم من أعطى نفقة الحج لغيره وهو لم يحج عن نفسه بعد

- ‌ بيان ما يلزم لمن أراد الحج من سؤال أهل العلم

- ‌ نصيحة مهمة للحجاج والمعتمرين

- ‌ واجب الدولة تجاه من يحاول استغلال الحج في الفساد والإجرام

- ‌ حكم رفع الشعارات والتنديد بأعداء الإسلام في الحج

- ‌ حكم النيابة عن الغير في أداء فريضة الحج

- ‌ بيان شروط النيابة عن الغير في الحج

- ‌ نصيحة لمن ينوب عن غيره في الحج

- ‌ بيان تقديم الأم على الأب لمن أراد أن يحج عن والديه

- ‌ بيان الواجب على ما يريد تأدية فريضة الحج عن أحد الوالدين

- ‌ حكم أداء العمرة عن الوالد وتكليف شخص آخر بأداء الحج عنه

- ‌ حكم أداء العمرة والحج عن الوالدين العاجزين

- ‌ حكم الحج عن الجدة المتوفاة

- ‌ حكم من حج عن أبيه المتوفى، ثم وجد وصية منه بالحج عنه

- ‌ بيان اشتراط الاستطاعة لوجوب الحج

- ‌ حكم حج الإنسان عمن أحسن إليه بعد وفاته

- ‌ حكم من نوى الحج عن نفسه والعمرة عن أحد والديه

- ‌ حكم النيابة عن شخص في الحج وعن آخر في العمرة في سفرة واحدة

- ‌ حكم الحج والعمرة عن الوالدة المتوفاة

- ‌ حكم أداء العمرة عن القريب بعد وفاته

- ‌ حكم الحج عن نفسه وعن والده بنية واحدة

- ‌ حكم من شك في أداء من أنابه في الحج عن الغير

- ‌ حكم الاستئذان من الورثة لمن أراد أن يحج عن ميتهم

- ‌ حكم إهداء ثواب الطواف للغير

- ‌ حكم الحج عن الوالدة إذا كانت عاجزة

- ‌ حكم الحج عن الوالدة إذا كانت نشيطة مع كبرها

- ‌ حكم الحج عن المريض الذي يرجى برؤه

- ‌ حكم تحجيج الشخص غيره من ماله ولم يسبق له الحج

- ‌ حكم حج المرأة وعمرتها عن والدها المتوفى

- ‌ حكم من نوى العمرة عن جده ثم اعتمر لنفسه

- ‌ حكم من حج عن شخص لا يعرف اسمه

- ‌ حكم المريض إذا شفي بعد ما تلبس نائبه بالحج

- ‌ حكم من نوى فريضة الحج وتوفي في الطريق

- ‌ حكم الحج عن الوالد القادر بأمر منه

- ‌ حكم الحج عن المتوفى إذا لم يورث مالاً

- ‌ حكم القيام بعمرتين عن الوالدين في وقت واحد

- ‌ بيان الفاصل الزمني بين العمرتين

- ‌ بيان كيفية الحج عن الغير

- ‌ حكم القيام بعمرة كل أسبوع

- ‌ حكم العمرة عن الوالد في حياته

- ‌ حكم العمرة في أشهر الحج

- ‌ حكم أداء العمرة وإهداء ثوابها لأكثر من واحد

- ‌ حكم حج المصاب بالشلل الكلّي

- ‌ حكم الحج عن العاجز ماليًا

- ‌ حكم الحج عن الشيخ الهرم من ماله

- ‌ بيان أن الحج يجب على الفور

- ‌ بيان حكم العمرة

- ‌ بيان صفة العمرة

- ‌ حكم أداء العمرة لأهل مكة

- ‌ بيان فضل العمرة والإكثار من أدائها

- ‌ حكم إهداء ثواب العمرة وقراءة القرآن للغير

- ‌ حكم أداء العمرة في شهر رجب

- ‌ حكم الطواف أثناء صلاة الجماعة

- ‌ حكم تكرار أداء العمرة في رمضان

- ‌ حكم أداء العمرة في ليلة سبع وعشرين

- ‌ بيان فضل أداء العمرة في العشر الأواخر

- ‌ حكم من طاف للعمرة ولم يسع بسبب الزحام

- ‌ حكم من أحرم ولم ينزع الملابس الداخلية نسيانًا

- ‌ بيان عدم اشتراط نية الحج في بلده

- ‌ حكم الحج قبل أداء العمرة أو بعدها

- ‌ بيان المواقيت المكانية

- ‌ بيان فضل ميقات ذي الحليفة

- ‌ بيان ميقات أهل السودان

- ‌ بيان ميقات أهل جدة ورابغ

- ‌ حكم من تجاوز الميقات جوًا ولم يحرم

- ‌ بيان إحرام من كان منزله دون الميقات

- ‌ حكم من أحرم قبل وصوله الميقات

- ‌ حكم من تجاوز الميقات وهو يريد العمرة

- ‌ حكم من تجاوز وهو يريد النسك ميقات بلده إلى ميقات آخر

- ‌ حكم السفر إلى المدينة النبوية للسلام على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم من جاوز الميقات وأحرم من جدة

- ‌ حكم من تعمد تجاوز الميقات وأحرم بعده

- ‌ حكم من انشغل بلبس ملابس الإحرام حتى جاوز الميقات

- ‌ حكم التلفظ بقول: لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج

- ‌ حكم من حاضت بعد الإحرام بالحج

- ‌ بيان ميقات أهل مكة

- ‌ حكم من جمع بين نية الحج والعمل

- ‌ حكم تجاوز الميقات بدون إحرام لأجل العمل

- ‌ حكم من أحرم بالعمرة متمتعًا ثم خرج إلى المدينة

- ‌ حكم من أحرم بالحج من عرفة

- ‌ حكم من أحرمت وهي لابسة القفازين

- ‌ حكم من لبس المخيط بعد إحرامه

- ‌ بيان ميقات من كان دون المواقيت

- ‌ حكم النية عند الإحرام

- ‌ حكم صلاة ركعتين عند الإحرام

- ‌ حكم الاغتسال عند الإحرام

- ‌ حكم من قلم أظافره بعد أن لبس ملابس الإحرام

- ‌ بيان كيفية الإحرام من مكة

- ‌ حكم الإحرام تحت ميزاب الكعبة

- ‌ بيان ما يقول المحرم عند التلبية وقت الإحرام

- ‌ بيان كيفية لباس المرأة في الإحرام

- ‌ حكم إحرام المرأة في ثياب بيض

- ‌ حكم تغطية المرأة وجهها وهي محرمة

- ‌ حكم لبس المرأة النقاب وهي محرمة

- ‌ حكم لبس البرقع للمرأة المحرمة

- ‌ حكم خياطة لباس الإحرام بعد تمزقه

- ‌ حكم غسل لباس الإحرام إذا اتسخ

- ‌ بيان كيفية إحرام الطفل

- ‌ حكم استعمال الطيب والكحل للمرأة المحرمة

- ‌ حكم خروج الدم من المحرم

- ‌ حكم مس ومداعبة الزوج زوجته أثناء الإحرام

- ‌ حكم استعمال المرأة الحناء وحل ضفائر الرأس أثناء الإحرام

- ‌ حكم سقوط عدة شعرات من رأس المحرم من غير تعمد

- ‌ حكم تطييب البدن للمحرم

- ‌ حكم استعمال الصابون أو معجون الأسنان وهو محرم

- ‌ حكم شرب المحرم للزعفران

- ‌ حكم لبس الخف تحت الكعب للمحرم

- ‌ حجم من مرض بعد إحرامه بالحج والعمرة

- ‌ حكم التحاف المحرم لاتقاء المطر والبرد

- ‌ حكم لبس المحرم للمخيط عند الضرورة

- ‌ بيان ما يجب على من تحلل من إحرامه قبل أداء العمرة

- ‌ بيان ما يجب على من ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام

- ‌ حكم الصيد للمحرم

- ‌ حكم من قتل صيدًا وهو محرم من غير تعمد

- ‌ بيان ما يجوز قتله في الحرم من الدواب

- ‌ حكم قطع الشجر في الحرم لنصب الخيام

- ‌ بيان تحية المسجد الحرام

- ‌ حكم من طاف للوداع ثم بات في مكة

- ‌ بيان فضل ماء زمزم

- ‌ حكم نقل ماء زمزم

- ‌ حكم من هم بمعصية في مكة المكرمة

- ‌ بيان آداب الجوار في مكة والمدينة

- ‌ بيان حدود حرم المدينة النبوية

- ‌ حكم زيارة المسجد النبوي الشريف

- ‌ حكم من اعتقد أنه لا يتم الحج إلا بزيارة المدينة النبوية

- ‌ حكم من اعتقد قدسية غار حراء وغار ثور

- ‌ حكم من حج ولم يزر المسجد النبوي

- ‌ حكم قراءة الفاتحة على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌ نصيحة فيما يشرع لمن عزم على الحج

- ‌ بيان صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم توكيل البنك الإسلامي في ذبح الهدي والأضاحي

- ‌ حكم تأخير رمي الجمار حتى اليوم الثالث عشر

- ‌ حكم الأضحية في الإسلام

- ‌ بيان أنواع نسك الحج

- ‌ حكم من اعتقد أنه لا يتم حجه إلا بالإتيان بالأنساك الثلاثة

- ‌ بيان المقصود بالإفراد والقران والتمتع

- ‌ بيان الأفضل من الأنساك الثلاثة

- ‌ حكم ترك المتمتع لسعي الحج

- ‌ حكم طواف القدوم للمتمتع والقارن

- ‌ حكم من جامع زوجته بعد أداء العمرة وهو متمتع

- ‌ حكم من أحرم بالحج متمتعًا وعدل عنه إلى الإفراد

- ‌ حكم اكتفاء القارن بسعي العمرة عن سعي الحج

- ‌ حكم الفصل بين الطواف والسعي بزمن

- ‌ حكم الشك بعد أداء العبادة

- ‌ بيان أن الواجب في حق الحاج أن يؤدي الحج كما أمر الله

- ‌ بيان وجوب تعلم المسلم أحكام العبادة قبل الشروع فيها

- ‌ بيان الفرق بين الأركان والواجبات والسنن في الحج

- ‌ بيان بعض الكتب التي ينصح الحاج بقراءتها

- ‌ بيان وقت التمتع

- ‌ بيان وقت الوقوف والانصراف بعرفة

- ‌ حكم من ترك المبيت بمزدلفة لعذر

- ‌ بيان أفضل الدعاء يوم عرفة

- ‌ حكم القصر والجمع بين الظهر والعصر بعرفة

- ‌ حكم قصر وجمع الصلاة لأهل مكة في الحج

- ‌ حكم ترك الحاج لصلاة الجماعة

- ‌ حكم من وقف بعرفة ليلاً أو نهارًا

- ‌ حكم الوقوف شرقي مسجد نمرة يوم عرفة

- ‌ حكم حج من وقف خارج حدود عرفة

- ‌ حكم من انصرف من عرفة قبل غروب الشمس

- ‌ بيان القدر المجزئ من المبيت بمزدلفة

- ‌ بيان أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم في الحج

- ‌ بيان فضل موافقة يوم الجمعة ليوم عرفة

- ‌ حكم صوم يوم عرفة للحاج

- ‌ حكم كشف المرأة وجهها في الحج

- ‌ حكم من احتلم وهو محرم

- ‌ حكم من حاضت أو نفست أثناء الحج

- ‌ حكم الانصراف من مزدلفة قبل نصف الليل

- ‌ حكم من لم يصل إلى مزدلفة إلا بعد الشروق

- ‌ حكم المبيت بمزدلفة

- ‌ حكم ذكر الله عند المشعر الحرام

- ‌ حكم الخروج من مزدلفة بعد نصف الليل

- ‌ بيان تحديد نصف الليل للخروج من مزدلفة

- ‌ حكم التقاط حصى الجمرات من مزدلفة

- ‌ حكم تكسير الحجر لتكميل عدد الجمرات

- ‌ بيان ما يلزم من ترك رمي الجمار

- ‌ حكم من طاف طواف الوداع بعد ما وكل في رمي الجمار

- ‌ بيان ما يحصل به التحلل الأول

- ‌ حكم رمي الجمرات بعد طلوع الفجر

- ‌ حكم لبس المخيط قبل رمي جمرة العقبة يوم النحر

- ‌ بيان ما يحصل به التحلل الثاني

- ‌ حكم من رمى الشاخص ولم تقع في الحوض

- ‌ حكم التوكيل في رمي الجمرات

- ‌ حكم طواف القدوم

- ‌ حكم الطواف داخل الحجر

- ‌ حكم الاضطباع في الطواف

- ‌ حكم تقديم طواف الإفاضة قبل رمي جمرة العقبة

- ‌ حكم ترك طواف الإفاضة

- ‌ حكم التمسح بحيطان الكعبة

- ‌ حكم الموالاة بين أشواط الطواف

- ‌ حكم الشك في عدد أشواط الطواف

- ‌ حكم الطواف خارج المسجد الحرام

- ‌ حكم تقديم سعي العمرة على الطواف

- ‌ حكم الفصل بين طواف العمرة والسعي

- ‌ حكم صلاة ركعتي الطواف بعد السعي

- ‌ حكم قطع طواف الإفاضة من أجل صلاة الفرض

- ‌ حكم عدم استلام الحجر الأسود بعد الطواف

- ‌ بيان فضل الدعاء عند الكعبة

- ‌ حكم طواف الجنب

- ‌ حكم من احتلم وهو محرم

- ‌ حكم الطواف من غير وضوء

- ‌ بيان ما يلزم من انتقض وضوؤه أثناء الطواف

- ‌ حكم الدعاء الجماعي أثناء الطواف

- ‌ حكم الكلام في الطواف

- ‌ حكم صلاة المحرم مكشوف العاتقين

- ‌ حكم الزيادة في عدد أشواط الطواف والسعي ورمي الجمار

- ‌ بيان ما يجب على القارن والمفرد من السعي

- ‌ حكم تأخير طواف الإفاضة بعد أيام التشريق

- ‌ بيان أصل الحجر الأسود

- ‌ فضل تقبيل الحجر الأسود

- ‌ حكم من حج ولم يقبل الحجر الأسود

- ‌ حكم تقبيل المرأة للحجر الأسود

- ‌ بيان صفة لباس المرأة في الطواف والسعي

- ‌ حكم رفع المرأة صوتها أثناء الدعاء في الطواف

- ‌ حكم طواف الحائض بسبب الخجل

- ‌ حكم طواف وسعي الحائض

- ‌ حكم من وجد أثر النجاسة في بدنه بعد انتهاء العبادة

- ‌ حكم دخول المرأة الحائض للحرم

- ‌ حكم أداء الحائض والنفساء لطواف الإفاضة

- ‌ حكم تأخير الحائض طواف الإفاضة إلى حج آخر

- ‌ حكم أخذ المرأة حبوب منع نزول الدورة أثناء أداء الحج أو العمرة

- ‌ بيان ما تفعله المرأة المحرمة إذا نزل بها العذر الشرعي

- ‌ حكم الطهارة للطواف والسعي

- ‌ حكم كشف المرأة وجهها أثناء الطواف والسعي

- ‌ حكم أداء صلاة ما يسمى سنة زمزم

- ‌ حكم من قطع الطواف بسبب المرض

الفصل: ‌ بيان ما يحصل به التحلل الثاني

بقي ينتظره، وهي نافلة له عليه الصلاة والسلام، وبهذا يستدل على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل، كما كان معاذ يصلي بأصحابه متنفلاً، ويصلي مع النبي فريضته عليه الصلاة والسلام، كل هذا جائز بحمد الله، ثم أقام النبي صلى الله عليه وسلم في منى، الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، يرمي بعد الزوال الجمار الثلاث، كل جمرة يرميها بسبع حصيات واحدة بعد واحدة، ويكبر مع كل حصاة ويجعل الجمرة الأولى، وهي التي تلي مسجد الخيف، يجعلها عن يساره ويتقدم ويسهل؛ حتى لا يصيبه رمي الناس، وحتى لا يضايق الناس، فيرميها بسبع حصيات، ويقف عندها ويجعلها عن يساره، ويدعو ويرفع يديه، ويلح ويطيل الدعاء، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه رفع يديه، وأكثر الدعاء عليه الصلاة والسلام بعدما رمى الجمرة يوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، ثم أتى الوسطى فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم جعلها عن يمينه، وأخذ ذات الشمال عن يساره، ووقف يدعو ورفع يديه وألح في الدعاء، عليه الصلاة والسلام، هذا هو السنة لمن تيسر له ذلك، فمن لم يتيسر له ذلك فلا شيء عليه، هو سنة مؤكدة، فعلها المصطفى عليه الصلاة والسلام، أما الثالثة فكان يرميها ولا يقف عندها، جمرة العقبة يرميها يوم الحادي عشر، والثاني عشر،

ص: 344

والثالث عشر، ولا يقف عندها، كما أنه لم يقف عندها يوم العيد، بل رماها وانصرف عليه الصلاة والسلام، ثم أذن للناس بالتعجل، من أراد أن يتعجل يوم الثاني عشر فلا بأس؛ لقول الله سبحانه:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} .

من أحب أن يتعجل بعد الرمي يوم الثاني عشر فلا بأس، يرمي الجمار ثم يذهب إلى مكة لطواف الوداع، ومن أحب أن يبقى إلى اليوم الثالث عشر، كما بقي النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه بقي اليوم الثالث عشر عليه الصلاة والسلام، فلما رمى الجمار يوم الثالث عشر بعد الزوال تقدم إلى الأبطح، فنزل به، وصلى به الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، عليه الصلاة والسلام، ثم ركب في أثناء الليل إلى مكة لطواف الوداع، فطاف آخر الليل طواف الوداع، عليه الصلاة والسلام، وصلى بالناس الفجر، وقرأ فيها بـ (الطور)، ثم بعدما انتهى من صلاة الفجر توجه إلى المدينة عليه الصلاة والسلام، صباح يوم الأربعاء الرابع عشر من ذي الحجة، عليه الصلاة والسلام، وبهذا انتهت أعمال الحج بطواف الوداع، ومن انصرف في اليوم الثاني عشر، ودع، إذا كان يريد السفر

ص: 345

ذلك اليوم، وإن أحب أن يبقى في مكة أيامًا، أَخَّرَ الوداع، حتى يعزم على السفر، فإذا عزم على السفر، طاف ثم سافر، وهكذا من أخر إلى اليوم الثالث عشر، ولم يتعجل، فإنه إذا فرغ من الرمي، إن كان أحب أن يبقى في مكة، يبقَ في مكة، وإن أحب السفر، طاف للوداع وساف هكذا، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، والرمي بعد الزوال في أيام التشريق، لا قبل الزوال، فإن عجز أو شُغل رمى بعد الغروب لهذا اليوم؛ يعني كل يوم إذا لم يتيسر في النهار، يرميه بعد الغروب لذلك اليوم الذي غابت شمسه، وهكذا اليوم الثاني عشر يرميه بعد الزوال إن تيسر، وإلا بعد الغروب، ولزمه المبيت والرمي من غد، وهكذا اليوم الثالث عشر يرميه بعد الزوال، لكن ليس فيه رمي بعد الغروب؛ لأنه انتهى الرمي بغروب الشمس، فالثالث عشر يجب عليه أن يرميه قبل الغروب، وهذا في الغالب غير متعذر، ولا متعسر؛ لأن الناس في الغالب ينصرفون في اليوم الثاني عشر، ولا يبقى إلا القليل في الثالث عشر، فلا يكون هناك صعوبة في الرمي قبل الغروب، لكن بعد الزوال، وفي أيام منى يكثر من ذكر الله، ومن التكبير والتهليل، قال النبي صلى الله عليه

ص: 346

وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر الله» (1) يذبح فيها الهدايا، ويأكل ويُطْعِم، كما قال سبحانه:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} .

ويكثر من الدعاء والذكر، وقراءة القرآن في الأوقات المناسبة، وتعليم الناس الخير والدعوة على الخير، كل هذا مطلوب، إذا كان عنده علم، وفي العيد كذلك، إذا لم يتيسر الرمي يوم العيد يرمي بعد الغروب إلى آخر الليل، فليلة الحادي عشر تابعة ليوم العيد، إذا لم يتيسر الرمي، فيه فإنه يرمي بعد الغروب، ويجزئه ذلك والحمد لله؛ لأن بعض الناس قد ينشغل يوم العيد، وقد يحصل له مانع من الرمي يوم العيد، فيرمي على الصحيح بعد الغروب، ولا حرج في ذلك.

س: سماحة الشيخ، الذي يتابع ما تفضلتم به يلحظ أن حجة النبي صلى الله عليه وسلم كانت قرانًا، نسمع كثيرًا من المفتين أنهم يفتون بأن التمتع أفضل، كيف تناقشون هذا؟ حفظكم الله.

ج: نعم، - النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أمر الصحابة أن

(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث نبيشة الهذلي رضي الله عنه، برقم (20198).

ص: 347

يجعلوا إحرامهم عمرة؛ الذين ليس معهم هدي، وقد أفردوا الحج، أو قرنوا، فقال:«اجعلوها عمرة، ولولا أن معي الهدي لأحللت» (1) وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولجعلتها عمرة» (2) فهذا وجهه قول العلماء: النبي استحب التمتع؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام، رجع إليه وأمر به الصحابة، وأحب أن يكون فعل ذلك، لكن من أحب أن يحرم قارنًا وهو مُهْدٍ، فلا بأس؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يمنع من هذا النسك، وإنما أمر أصحابه أن يحلوا، إلا من كان معه الهدي، وبقي على حاله، فدل ذلك على أن القران باقٍ لمن معه الهدي؛ لأن الرسول لم يبطله عليه الصلاة والسلام، بل استمر عليه، لكن كونه يُحرم بالتمتع ولا يهدي أفضل، يشتريه من مكة أو منى عند الحاجة، ولا يهدي؛ لأن في الهدي والبقاء على الإحرام مشقة كبيرة، قد يندم عليها الإنسان، ولا سيما إذا طال الأمر، قد يقدم في آخر ذي القعدة، أو في أول ذي الحجة، ثم يبقى محرمًا لا يتطيب ولا يقص ظفرًا ولا شاربًا، ولا يأتي أهله، قد

(1) صحيح البخاري الْحَجِّ (1651)، سنن أبي داود الْمَنَاسِكِ (1788)، سنن ابن ماجه الْمَنَاسِكِ (2980)، مسند أحمد (3/ 305).

(2)

أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب عمرة التنعيم، برقم (1785)، ومسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (1218).

ص: 348

يشق عليه ذلك، فمن رحمة الله أن شرع لنا التمتع، وألاّ نكلف أنفسنا هذه الكلفة، بل نشتري هدينا من داخل مكة، ولا حاجة إلى أن نهدي من خارجها، إذا جاء يوم العيد، أو أيام التشريق اشترى الإنسان هديه، من منى أو من مكة، وذبحه والحمد لله، ولا يشق على نفسه بالبقاء محرمًا من آخر ذي القعدة إلى يوم العيد، لا يتطيب، ولا يقص شعرًا ولا ظفرا، ولا يأتي أهله، كل هذا فيه صعوبة على الرجال والنساء جميعًا، فمن رحمة الله أن شرع التمتع لما فيه من الراحة والتيسير وعدم التكلف.

ص: 349

197 -

‌ حكم توكيل البنك الإسلامي في ذبح الهدي والأضاحي

س: يقول السائل: ما حكم التوكيل في الهدي والأضاحي عن طريق البنك الإسلامي، وما كان من قبل الفدية، ما رأيكم فيه سماحة الشيخ (1)(2)؟

ج: هذا الذي فعله البنك الإسلامي؛ من قبول الوكالات للتخفيف عن الحجاج، والتيسير عليهم أمر طيب، وقد رأينا بحمد الله فوائده الكثيرة، وهم – بحمد الله – موثوقون، وعندهم عناية بهذا الأمر، وعندهم مندوب منا ومن وزارة العدل لمراقبة أعمالهم، فنسأل الله أن ينفع بهم ويعينهم،

(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (92).

(2)

السؤال الثالث من الشريط رقم (92). ') ">

ص: 349

فالأمر في الحقيقة فيه سعة للحجاج؛ لأنه ليس كل واحد يستطيع أن يشتري الهدي، ويتولى ذبحه وتوزيعه، فهؤلاء يشترونه ويذبحونه، ويوزعونه فالحمد لله، لا حرج في ذلك والحمد لله، لكن من تيسر له أن يتولى هديه ويذبحه، ويوزعه، فهذه درجة عُليا، إذا تيسر فهو أفضل بلا شك، لكن ما كل واحد يتيسر له ذلك؛ للزحمة العظيمة، وقد يكون يذبحها ويتركها، ما عنده عناية بها، فهؤلاء يعتنون بها، ويوزعون اللحم في الداخل وفي الخارج، وتحصل بها المنفعة العظيمة الواسعة والحمد لله.

س: ما هو الأولى للمرأة: أن توكل من يرمي عنها في النهار إذا كانت لا تستطيع الرمي، أو أن ترمي ليلاً بنفسها؟

ج: الذي يظهر – والله أعلم – أن توكيلها أولى؛ لأن وقوع الرمي في النهار أفضل بكل حال، ولأنه قد يحصل بعض الزحام في الليل، إذا تعالم الناس واعتادوا الرمي في الليل قد يصعب الرمي أيضًا، فتوكيلها حتى تؤدي العبادة في وقتها هو الأفضل والأولى إن شاء الله؛ لكونها مثلاً عاجزة، ما تستطيع الدخول مع الناس في الرمي، أو لكونها حبلى تخشى على حملها، أو لأسباب أخرى.

ص: 350

198 -

‌ حكم تأخير رمي الجمار حتى اليوم الثالث عشر

س: في هذا الوقت يكثر الزحام في الحج، ويحصل أضرار عظيمة، فهل يجوز للحاج أن يؤخر الرمي حتى اليوم الثالث عشر، ويرمي عن الأيام الماضية (1)؟

ج: أجاز هذا جمع من أهل العلم، وأنه لا بأس به، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرعاة أن يؤخروا اليوم الحادي عشر، ويرموه مع الثاني عشر، قالوا: هذا جنس التأخير لعذر الرعاة، وإذا كان الرعاة يعذرون بسبب رعاية الإبل، فكون الإنسان يعذر بسبب خوفه على نفسه من الهلكة أولى، وأولى، فنفس الإنسان أغلى وأرفع من نفس الإبل، فإذا كانت الرعاية للإبل، ومصلحة الإبل، ومصلحة الحجيج من أجل إبلهم، تجعل الرعاة يرمون ليلاً، ويرمون متأخرين، فخوف الإنسان على نفسه من باب أولى، أن يكون عذرًا؛ ولهذا أجاز جمع من أهل العلم أن يؤخر الرمي إلى اليوم الثاني عشر، أو الثالث عشر، ثم يرمي الحاج بالترتيب، يبدأ بيوم العيد، ثم الحادي عشر، ثم الثاني عشر ثم الثالث عشر، إن تأخر كل هذا لا حرج فيه إن شاء الله،

(1) السؤال في الشريط رقم (92).

ص: 351

وهكذا كون الإنسان يوكل في الرمي لعجزه وضعفه وخشية على نفسه، كل هذا من باب رعاية المصالح العامة، ودفع الضرر العظيم؛ لأن قاعدة الشريعة دفع الضرر:«لا ضرر ولا ضرار» (1) ورعاية المصالح العامة، ومعلوم أن اجتماع النساء والرجال فيما بين الزوال إلى غروب الشمس، عند زحمة الحج فيه الأخطار العظيمة، فإذا روعي ذلك، وسُمِحَ للمرأة بالتوكيل، والشيخ الكبير، ونحوه، صار في هذا فرج للجميع، وتيسير للجميع.

(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22272)، وابن ماجه في كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، برقم (2340).

ص: 352

199 -

‌ حكم الأضحية في الإسلام

س: ما حكم مَن لم يلتزم بشعيرة الضحية في ذي الحجة من كل عام؟ وما حكم من يغالي فيها مغالاة تكسر قلوب الفقراء (1)؟

ج: السنة في الضحية بأن يضحي الإنسان عن نفسه، وعن أهل بيته حسب التيسير، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، إن كان موسرًا ضحى بشاة واحدة، عنه وعن أهل بيته، وإن كان معسرًا، فلا شيء عليه، ولا

(1) السؤال من الشريط رقم (92).

ص: 352

ينبغي له في هذا المغالاة والتشديد، بل ينبغي له الرفق في كل الأمور، وخير الأمور أوسطها، فالسنة أن يحافظ عليها، إذا كان موسرًا، ولكن الصحيح أنها لا تجب، إنما هي سنة؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، ولا يغالي فيها مغالاة تضر بغيره، ويشدد على الفقراء في ذلك، بل من تيسر له ذلك ضحى، وتكفي الشاة الواحدة عنه، وعن أهل بيته، والحمد لله، ومن شق عليه ذلك، فلا حرج، ولا بأس أن يدَعها.

وأحكامها أنه يأكل، ويهدي، ويتصدق، كما قال تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} . في الهدايا والضحايا، يأكل منها ما تيسر، ويطعم الفقراء، ويهدي إلى أقاربه، كل هذا أمر مستحب، وليس فيه تحديد، قد رأى بعض أهل العلم التثليث، وأنه يستحب أن يثلث، فيأخذ ثلثًا لنفسه وأهل بيته، وثلثًا يهديه لأقاربه وجيرانه، وثلثًا للفقراء، ولكن هذا ليس بواجب، إذا فعل ذلك فلا بأس، وإذا أكل أكثر من الثلث، أو أهدى أكثر من الثلث، أو أعطى الفقراء غالبًا فلا بأس به، والحمد لله، ثم الضحية لا بد فيها أن تكون سليمة كالهدي، - يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أربع لا تجوز في الأضاحي" – ومثلها الهدايا – " العوراء

ص: 353

البيِّن عورها، والعرجاء البيِّن عرجها، والمريضة البيِّن مرضها، والعجفاء التي لا تنقي» (1) هذه لا تجزئ في الأضاحي، ولا في الهدايا، والعمياء من باب أولى، إذا كانت العوراء لا تجزئ، فالعمياء من باب أولى، وكذلك المريضة البيِّن مرضها بالجرب، أو غيره، وهكذا الهزيلة التي لا تنقي، لا تجزئ في الضحايا، وهكذا العرجاء التي ضلعها بيِّن، بحيث لا تستطيع المشي مع الصحاح، تتأخر عنهن، عرجها واضح، وهكذا العضباء التي ذهب أكثر قرنها، أو أذنها؛ لأحاديث وردت في ذلك، قلا يضحى بها، وهكذا مقطوع الألية لا يضحى به، بل يضحي بالشاة السليمة، أما كونها في الأذن شق، أو خرق أو نحو ذلك هذا لا يمنع، لكن ترك هذا أفضل، إذا تيسر كونها سليمة فهي أفضل، ولكن هذا الخرق والشق لا يمنع الإجزاء، تجزئ ولكن السليمة من ذلك أفضل، وهكذا التي قطع بعض قرنها؛ يعني القليل من القرن، ليس هو الأكثر

(1) أخرجه أبو داود في كتاب الضحايا، باب ما يكره من الضحايا، برقم (2802)، والترمذي في كتاب الأضاحي، باب ما لا يجوز من الأضاحي، برقم (1497)، والنسائي في كتاب الضحايا، باب ما نهي عنه من الأضاحي العوراء، برقم (4369)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب الأضاحي، باب ما يكره أن يضحى به، برقم (3144).

ص: 354

تجزئ، ولكن السليمة أفضل، وهكذا ما قطع طرف أذنها، لكن أكثرها بقي تجزئ، ولكن السليمة أفضل والله المستعان.

ص: 355

200 -

‌ بيان أنواع نسك الحج

س: الأخ: ن. ص. ق. يسأل ويقول: حدثونا عن أنواع الحج، جزاكم الله خيرًا (1)(2).

ج: أنساك الحج ثلاثة: الأول: الإحرام بالعمرة وحدها. الثاني: الإحرام بالحج وحده. الثالث: الإحرام بهما جميعًا. وصفة كل واحد.

أما العمرة فيقول: اللهم لبيك عمرة. أو يقول: اللهم إني أوجبت عمرة.

هذا يقال له: عمرة مفردة. سواء في أشهر الحج أو غيرها، عليه أن يحرم بها من الميقات، الذي يمر عليه من طريق المدينة، ميقات المدينة، ومن طريق مصر والشام، من طريق الساحل يحرم من الجحفة، رابغ، ومن طريق اليمن يلملم، طريق العراق ذات عرق، الضريبة، من طريق نجد قرن المنازل، وادي قرن، ويسميه الناس السيل، على من أراد الحج أو العمرة أن يحرم من هذه المواقيت إذا مر على واحد منها، فإن كان بالعمرة يقول: اللهم لبيك عمرة. أو: اللهم إني قد أوجبت عمرة. وإن

(1) السؤال الأول من الشريط رقم (259).

(2)

السؤال الأول من الشريط رقم (259). ') ">

ص: 355

زاد: متمتعًا بها إلى الحج. إذا كان في أشهر الحج: شوال وذي القعدة وأول ذي الحجة، فلا بأس، وإن لم يزدها فلا بأس، إذا قال: لبيك عمرة. وهو نيته الحج، وحج، فإنه يسمى متمتعًا، وإن زادها، وقال: متمتعًا بها إلى الحج. فلا بأس أيضًا، وإن قال: فإن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني. كذلك لا حرج، ولا سيما إذا كان يخشى حادثًا، من مرض أو غيره، فيطوف، ويسعى، ويقصر من عموم شعر رأسه، مجموع الشعر، الجوانب والوسط يعم الشعر، ثم يحل، وبهذا تمت العمرة، وإن شاء حلق الرأس حلقًا بالموسى، أو بالماكينة التي تأتي على أصله، فهذا من أنساك العمرة: طواف وسعي وتقصير، أو حلق بعد إحرامه من الميقات والإحرام النية بالقلب، كونه ينوي بقلبه الدخول في العمرة، ثم يلبي يقول: اللهم لبيك عمرة. ينوي بقلبه في الميقات، الذي يمر عليه، أنه يريد العمرة، وهي زيارة البيت العتيق، وتسمى هذه النية إحرامًا بالنية في القلب، ويشرع له التلبية، فيقول: اللهم لبيك عمرة.

ويستحب له أن يغتسل إذا تيسر، يغتسل، ويقلم أظفاره، إن كان فيها طول، أو يقص شاربه، هذا أفضل، وإن لم يفعل، فلا حرج، لو أحرم بدون اغتسال، ومن دون قص الأظفار، ولا قص شارب، فلا حرج، ويلبس الرجل إزارًا ورداء، أبيضين، أفضل، وإن كانت من نوع آخر،

ص: 356

كالأحمر والأسود، فلا حرج، لكن الأبيض أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم» (1) وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، أنه دخل عام الفتح، وعليه عمامة سوداء، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه طاف مضطبعًا، لون إحرامه أخضر، فالألوان الأخرى جائزة، ولكن البياض هو الأفضل، أما المرأة فإنها تحرم فيما تيسر لها من اللباس العادي للنساء: أحمر أو أسود أو أخضر أو غيره، لكن تترك الثياب التي فيها زينة؛ لأنها قد تتعرض لفتنة الطواف والسعي، تكون ملابس عادية، ليس فيها فتنة، هذا هو الأفضل، ولكن لا تلبس القفازين في اليدين، ولا تنتقب النقاب الذي في الوجه حال إحرامها، لا في العمرة ولا في الحج، والنقاب شيء يصنع للوجه تلبسه المرأة في وجهها، وينقب فيه

(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما برقم (2220)، وأبو داود في كتاب اللباس، باب في البياض، برقم (4061)، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يستحب من الأكفان، برقم (994)، وابن ماجه في كتاب اللباس، باب البياض من الثياب، برقم (3566).

ص: 357

نقبان أو نقب واحد للعينين، هذا، النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، قال:«لا تنتقب المرأة» (1) والقفازان غشاءان يجعلان في اليدين، غشاءان تجعل اليدان فيهما أيضًا ممنوعة منهما المحرمة، ولكن تغطي وجهها بالجلباب، بالشيلة، تغطي يديها بجلبابها بعباءتها، لا بأس لا تلبسها في حال الإحرام مطلقًا، ولو ما عندها أحد، لا تلبس النقاب ولا القفازين، لكن عند وجود الأجنبي تغطي وجهها، ويديها بشيء غير النقاب، وغير القفازين، تقول عائشة رضي الله عنها:«كنا مع النبي في حجة الوداع، فإذا دنا منا الرجال سدلت إحدانا خمارها على وجهها ورأسها، فإذا بعدوا كشفنا» (2)

والنوع الثاني الحج: وهو أن ينوي الإنسان الحج فقط بقلبه، نية الحج فقط، من الميقات، سواء كان رجلاً أو امرأة، هذا يسمى الإفراد، إفراد الحج، فينوي الحج بقلبه ويلبي، ويقول: اللهم لبيك حجًا. أو: اللهم إني أوجبت حجة أو حجًا. من الميقات الذي يمر عليه، وإن كان في مكة كذلك، قال من محله: لبيك حجًا. أو حول مكة من الميقات

(1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة، برقم (1838).

(2)

أخرجه أبو داود، باب في المحرمة تغطي وجهها، برقم (2/ 104).

ص: 358

من المحل الذي ينشِئ فيه الإحرام، الذي في جدة، يقول: لبيك حجًا.

أو: عمرة. كما تقدم، أو الشرائع، أو كان في الزيمة، أو أم السلم، المقصود من كان دون المواقيت يحرم بالعمرة، إذا شاء مفردًا أو بالحج مفردًا: اللهم لبيك حجًا. من المحل الذي ينشِئ منه الإحرام، وإن كان قبل المواقيت أحرم من الميقات، كما تقدم فيقول: لبيك حجًا. هذا يسمى حج المفرد، فإذا وصل مكة شرع له أن يجعله عمرة، وإن كان الوقت واسعًا شرع له أن يجعله عمرة، يفسخه إلى عمرة، كما أمر النبي أصحابه بذلك، يطوف ويسعى ويقصر يجعله عمرة، أما إن كان الوقت ضيقًا، قصد عرفات، وحج مع الناس حج المفرد، ولكن لو تيسر له دخول مكة والطواف والسعي، ويقصر ويجعله عمرة، هذا يكون هو الأفضل، ويسمى فسخ الحج إلى العمرة، فإن بقي على إحرامه، وحج مع الناس بالحج المفرد، فلا بأس، يطوف ويسعى عند قدومه، ثم يبقى على إحرامه، حتى يحج مع الناس، أو يبقى على إحرامه، ولا يطوف ولا يسعى إلا بعد الحج في يوم النحرأو ما بعده، كله جائز، ولكن الأفضل أنه يبدأ بالطواف للقدوم والسعي للحج قبل الحج، يطوف ويسعى ويبقى على إحرامه، حتى ينتهي من عرفات، وإذا جاء يوم العيد طاف وسعى، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه حج قارنًا وطاف وسعى عند

ص: 359

قدومه ولم يحل؛ لأنه كان معه الهدي، صلى الله عليه وسلم، أما الذين أحرموا بالحج وليس معهم هدي أمرهم صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها عمرة؛ فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا بأمره عليه الصلاة والسلام، فهذا يسمى نسك إفراد، الإفراد في الحج.

وهناك نسك ثالث يسمى القران، فينوي بقلبه عمرة وحجًا جميعًا من الميقات، أو من محله الذي هو فيه، كجدة أو أم السلم، دون الميقات ينوي بقلبه حجًا وعمرة، ثم يلبي يقول: اللهم لبيك عمرة وحجًا. هذا يسمى القران، وأعماله مثل أعمال الإفراد، يطوف ويسعى أول ما يقدم مكة، ويبقى على إحرامه حتى يفرغ من حجه، فإذا فرغ من حجه من عرفات طاف يوم العيد طواف الإفاضة فقط، وأجزأه السعي السابق، ويسمى قارنًا بين الحج والعمرة، وأعماله كأعمال المفرد، لكن الأفضل له والسنة له أن يفسخ حجه إلى العمرة، يطوف ويسعى ويقصر ويحل، إذا كان ليس معه هدي، والسنة له أنه يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، كالذي أحرم بالحج مفردًا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين أحرموا بالحج مفردًا، أو بالحج والعمرة جميعا وليس معهم هدي، أمرهم أن يجعلوها عمرة، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا، وأما من كان معه الهدي فإنه يبقى على إحرامه،

ص: 360

والأفضل له أن يلبي بالحج والعمرة جميعًا، إذا كان معه الهدي، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه أحرم بالحج والعمرة جميعًا وكان معه هدي، كان معه ثلاث وستون من الإبل، أتى بها من المدينة، وجاء عليٌّ من اليمن بسبع وثلاثين، صار الجمع مائة، نحرها يوم النحر عليه الصلاة والسلام، فمن كان معه هدي ولو ناقة واحدة، ولو شاة واحدة أتى بها هذا يبقى على إحرامه، ويلبي بالحج والعمرة جميعًا، والذي ليس معه هدي فإنه يلبي بالعمرة ويوف ويسعى ويقصر، ويحج، وإن لبى بالحج مفردًا، أو بالحج والعمرة جميعًا فإنه يفسخ، يطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة، كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الذي حجوا معه، وليس معهم هدي، هذا هو الصواب عند المحققين من أهل العلم، وأعمال القارن وأعمال المفرد شيء واحد، طواف وسعي، إن فعلهما عند القدوم أجزأه السعي، ويبقى عليه الطواف يوم العيد أو بعده، وإن لم يسعَ مع طواف القدوم سعى مع طواف الإفاضة بعد عرفات يوم العيد أو بعده، سعيًا واحدًا يجزئ المفرد ويجزئ القارن، أما المتمتع الذي طاف، وسعى، وقصر لعمرته، وحل، هذا عليه سعي ثان، مع طواف الحج يوم العيد أو بعده للحج، وذاك السعي الأول للعمرة التي خلص منها، وطاف وسعى وقصر منها.

ص: 361

201 -

‌ حكم من اعتقد أنه لا يتم حجه إلا بالإتيان بالأنساك الثلاثة

س: بعض الحجاج يرى أن على المسلم أن يحج على الأنساك الثلاثة، بمعنى أن يحج مرة متمتعًا، ومرة قارنًا، ومرة مفردًا، ما حكم هذا المعتقد؟ (1)

ج: لا أصل له، بل الصواب أن يحج متمتعًا دائمًا، هذا هو الأفضل كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولما فيه من زيادة العمل والعبادة؛ لأن فيه طوافًا وسعيًا للعمرة، وطوافًا وسعيًا للحج، وفيه تقصير للعمرة، وفيه تقصير للحج أو الحلق، فهو أكثر عملاً، وهو الموافق لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، لكن النسكان الآخران جائزان: الإفراد، والقران، لكن القران تركه أفضل إلا لمن ساق الهدي.

(1) السؤال من الشريط رقم (266).

ص: 362

202 -

‌ بيان المقصود بالإفراد والقران والتمتع

س: ما معنى مفرد، وماذا يعني القران، وما معنى تمتع؟ (1)

(1) السؤال من الشريط رقم (29).

ص: 362

ج: الإفراد هو أن يلبي بالحج مفردًا بدون عمرة، يقول: اللهم لبيك حجًّا، ويبقى على إحرامه، حتى ينتهي من الحج، هذا يسمى مفردًا، فإن هو قال: لبيك عمرة، فيسمى متمتعًا إذا كان قبل الحج، إذا كانت عمرته بعد رمضان، أو قال: لبيك عمرة، ونيته البقاء حتى يحج، هذا يسمى متمتعًا. أو قال: لبيك عمرة وحجًّا، يسمى قارنًا، والسنة له ألاّ يبقى على حاله، بل يطوف ويسعى ويحل، ثم يكون متمتعًا، هذا هو الأفضل، لا يبقى على إحرامه، وهكذا الحاج من لبى بالحج مفردًا السنة له أن يطوف ويسعى ويقصر ويحل من العمرة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة الذين أحرموا بالحج مفردًا، أو بالحج والعمرة جميعًا، لمن دخلوا في ذي القعدة، أمرهم أن يأخذوا عمرة، فيطوفوا ويسعوا ويقصروا، هذا السنة إلا إذا كان معه هدي؛ إبل أو بقر أو غنم، فيبقى على إحرامه، سواء مفردًا أو قارنًا أو ملبيًا بعمرة، فيبقى على إحرامه ويلبي بالحج مع العمرة، ويبقى حتى يحل من حجه جميعًا يوم النحر.

ص: 363

203 -

‌ بيان الأفضل من الأنساك الثلاثة

س: يسأل صاحب الرسالة عن الأنساك الثلاثة أيهم أفضل: القران أم

ص: 363

التمتع أم الإفراد؟ (1)؟

ج: أفضلها التمتع، كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في حق من قدم بعد رمضان، أفضلها التمتع، وهو أن يحرم بالعمرة من الميقات الذي يمر عليه، ثم يطوف ويسعى ويقصر ويحل، ويبقى حتى يأتي وقت الحج، فإذا جاء اليوم الثامن من ذي الحجة، وهو يوم التروية لبى بالحج، وذهب إلى منى، ثم عرفات، وقف بعرفات يوم عرفة بعد صلاة الظهر والعصر إلى غروب الشمس، ثم ذهب إلى مزدلفة وبات بها، ووقف بعد الفجر إلى أن يسفر جدًا، إلى الإسفار، ثم ينصرف إلى منى. إلى آخره.

فالمقصود أن التمتع هو الأفضل، وهو يشتمل على طواف وسعي للعمرة، وعلى طواف وسعي بعد الحج للحج، وباقي أعمالها أعمال الحجاج كلها، أعمال المفرد والقارن، هذا هو الأفضل، وإذا أحرم بالحج وحده أو بالحج والعمرة جميعًا، فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل أنه يلبي بالعمرة، ويطوف ويسعى، ويقصر، ويحل إلا إن كان ساق معه هديًا، جاء به معه؛ إبل أو غنم أو بقر، يذبحها في مكة، هذا يحرم بالحج والعمرة جميعًا، هذا الأفضل، يلبي بالحج والعمرة جميعًا،

(1) السؤال من الشريط رقم (352).

ص: 364

ويكون قارنًا، ويطوف ويسعى إذا قدم، ويبقى على إحرامه، فإذا جاء بعد الحج يوم العيد أو بعده طاف فقط طواف الإفاضة يكفي، وإذا رمى الجمار وأراد السفر طاف للوداع، هذا يسمى قارنًا، ومثله المفرد الذي أحرم بالحج وحده، عمله عمل القارن، إذا قدم مكة يطوف ويسعى ويبقى على إحرامه، ثم بعد نزوله من عرفات ومزدلفة يطوف فقط، يسده السعي الأول، وإن أخر السعي إلى ما بعد العيد وسعاه مع طواف الوداع كذلك كفى.

ص: 365

204 -

‌ حكم ترك المتمتع لسعي الحج

س: حججنا ومعنا طالب علم كنا نثق به، وتمتعنا في حجنا من السيل، فطفنا وسعينا، وبعد طواف الإفاضة لم نسع، فهل حجنا هذا صحيح أم لا (1)؟

ج: المتمتع وهو الذي يحرم بالعمرة من الميقات ويفرغ منها، ثم يحج من عامه، هذا يسمى متمتعًا في اصطلاح العلماء، وهكذا من أحرم بهما جميعًا بالعمرة والحج جميعًا، وبقي على إحرامه حتى حج يسمى متمتعًا أيضًا، ويسمى قارنًا عند أهل العلم، فهذان عليهما الهدي،

(1) السؤال من الشريط رقم (18).

ص: 365

هذا الذي أحرم بالعمرة من الميقات وتحلل منها، ثم أحرم بالحج يسمى متمتعًا، وذاك الذي أحرم بهما جميعًا من الميقات، ميقات المدينة أو ميقات أهل نجد أو غيرهما، واستمر على إحرامه حتى فرغ من حجه كلاهما عليه هدي، والذي حل عليه سعي ثان، والذي لم يحل بل بقي على إحرامه حكمه حكم المفرد الذي حج حجًّا مفردًا، ليس عليه إلا سعي واحد.

والحاصل أن الذي تمتع بالعمرة إلى الحج وتحلل من عمرته يسعى سعيًا ثانيًا لحجه، والسعي الأول يكون لعمرته، هذا هو المشروع، والذي أفتاكم بأنكم لا تسعون أفتى بقول بعض العلماء، نسأل الله له العفو والمغفرة، ولكن الذي عليه جمهور أهل العلم وهو أرجح القولين أن المتمتع الذي فرغ من عمرته في أشهر الحج ثم أحرم بالحج في عامه أن عليه سعيًا ثانيًا لحجه، والسعي الأول لعمرته، هذا هو المشروع، وهذا هو الأرجح، وهو أرجح القولين، وعليه أكثر أهل العلم، فإذا سمعت أيها السائل هذا فعليك أن تسعى عن حجك السابق في هذا الوقت، لا بأس في هذا الوقت أو بعده، عليك أن تسعى لحجك السابق، وعليك أن تذبح احتياطًا هديًا عن جماعك أهلك إذا كان عندك زوجة وجامعتها بعد الحج، تذبح هديًا في مكة عن جماعك

ص: 366

لها قبل أن تسعى، صدقة عن إتيانك لزوجتك تكون في مكة لفقراء الحرم، هذا هو المشروع على سبيل الاحتياط وخروجًا من خلاف العلماء، وهو الذي دلت عليه السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما حج كان أصحابه ثلاثة أقسام: منهم من أهل بالعمرة وتحلل منها، ومنهم من أهل بالحج والعمرة جميعًا قارنًا، ومنهم من أحرم بالحج وحده، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي أحرموا بالحج وحده أو بالحج والعمرة جميعًا أن يجعلوها عمرة، وأن يتحللوا، فأجابوا وسمعوا وأطاعوا، وتحللوا إلا من كان معه الهدي، فإنه بقي على إحرامه، وأمر الذين تحللوا من عمرتهم، أن يسعوا سعيًا ثانيًا لحجهم بعدما رجعوا من منى. كما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:«وأما الذين حلوا من عمرتهم فطافوا طوافًا آخر لحجهم.» (1) يعني بين الصفا والمروة. هذا هو المعتمد.

(1) أخرجه البخاري في كتاب الحج: باب طواف القارن برقم (1638)، ومسلم في كتاب الحج: باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج برقم (1211).

ص: 367

205 -

‌ حكم طواف القدوم للمتمتع والقارن

س: هل للحاج المتمتع والقارن طواف قدوم (1)؟

(1) السؤال من الشريط رقم (4).

ص: 367

ج: إذا كان قارنًا فطوافه طواف قدوم، والعمرة الآن دخلت في الحج، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» (1) فإن أحرم بهما جميعًا وقدم يطوف ويسعى، ويعتبر طاف طواف القدوم، والسعي سعي الحج، ويبقى على إحرامه إذا كان معه الهدي من إبل أو بقر أو غنم، يبقى على إحرامه إلى الحج، فإذا جاء يوم عرفة وقف بعرفات، ثم يوم العيد يرمي الجمرة جمرة العقبة، ويحلق أو يقصر، ويحصل التحلل الأول، ثم يطوف حينئذٍ، ويكون بذلك قد أدى الحج والعمرة جميعًا، وأجزأه السعي السابق، وطوافه الأول طواف قدوم، هذا إذا كان قارنًا، وهو الذي أحرم بالحج والعمرة جميعًا، وبقي على إحرامه إما لأنه ساق الهدي أو لأنه رأى أن هذا جائز ففعله واستمر على إحرامه، فإن هذا طوافه الأول يعتبر طواف قدوم، والعمرة دخلت في الحج، وصار الحكم للحج، والسعي يكون سعي الحج مقدمًا، وطواف الحج يكون بعد عرفات يوم العيد متأخرًا، طواف

(1) أخرجه مسلم في كتاب الحج: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم برقم (1218).

ص: 368

207 -

حكم من اعتمر في رمضان ويريد الحج متمتعًا

س: أديت مناسك العمرة في رمضان، ونويت تأدية مناسك الحج، فإذا كان ذلك هل أحج مفردًا أم متمتعًا أم قارنًا مع العلم أنني مقيم في مكة المكرمة (1)؟

ج: ما دمت على ما ذكرت فالحج مفردًا، الأفضل لك أن تحج مفردًا؛ لأنك أديت العمرة في رمضان، تبقى في مكة في عبادة الله وطاعته، فإذا جاء اليوم الثامن لبيت بالحج مفردًا، هذا هو السنة، وإن أخذت عمرة بعد رمضان، فلا حرج.

(1) السؤال من الشريط رقم (350).

ص: 370

208 -

‌ حكم من أحرم بالحج متمتعًا وعدل عنه إلى الإفراد

س: أحرمت بنية التمتع عمرة متمتعًا بها إلى الحج، ولكني حينما رأيت الزحام شديدًا حول البيت عدلت عن العمرة إلى الحج فقط، فهل يجوز ذلك (1)؟

ج: لك أن تدخل الحج بالعمرة، لك أن تلبي بالحج مع العمرة، وتكون قارنًا بذلك، يكون إحرامك قارنًا، ولكن الأفضل أن تصبر ولا

(1) السؤال من الشريط رقم (44).

ص: 370

تعجل، وإذا خفَّ الزحام تطوف وتسعى وتقصر، وتحل من عمرتك، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، فإن شق عليك ذلك تلبي بالحج وتقول: اللهم لبيك حجًّا مع العمرة. وتكون قارنًا، وإذا تيسر لك الطواف تطوف فقط، وإن طفت وسعيت كفى، ثم تبقى على إحرامك إلى الحج، لكن السنة أنك تطوف وتسعى وتقصر وتحل، ويكفى؛ لأن الرسول أمر أصحابه بهذا عليه الصلاة والسلام، أمرهم أن يطوفوا ويسعوا ويقصروا، ولا يبقوا على إحرامهم، فأنت كذلك عليك التأسي بهم كما أمرهم النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا خف الزحام تطوف وتسعى وتقصر – والحمد لله – وتلبي بالحج في وقته إذا جاء وقت الحج يوم الثامن، تلبي بالحج ثم تذهب إلى منى.

ص: 371

209 -

‌ حكم اكتفاء القارن بسعي العمرة عن سعي الحج

س: لقد حججت مرتين، واعتمرت أربع مرات، وهذا العام حججت لوالدتي التي لم تستطع أداء المناسك، وأيضًا أخي الذي حج لوالدي الذي لم يستطع أداء المناسك، نظرًا لكبر سنهما فقد نويت عند الإحرام بالحج متمتعًا، وبعد أن وصلت إلى الأراضي

ص: 371

الطاهرة قمت بطواف القدوم وطواف السعي، ولم أقصر من شعري، ولم أتحلل إلا بعد رمي الجمرة الأولى، ولم أنحر، ولم أسع مرة أخرى غير طواف الإفاضة وطواف الوداع، فهل يجوز ذلك؟ وهل يحتسب حجة فقط أم ماذا؟ وما حكم الدين في ذلك؟ وهل لي حسنات أجزى بها؟ أفيدوني جزاكم الله الكريم خير الجزاء (1)(2).

ج: الذي يظهر من سؤال السائل أنه أراد التمتع بالعمرة إلى الحج، ولكنه ما صرح بالعمرة، فأحرم متمتعًا، فإذا كان أراد بقصده التمتع فالتمتع بالعمرة إلى الحج، فالقِران يسمى تمتعًا، وهذا عمل القارن، أخونا طاف وسعى وبقي على إحرامه، هذا عمل القارن، ثم طاف بعد ذلك ولم يسع، يجزئ السعي الأول عن السعي بعد الحج إذا كان نوى أن يؤدي حجًّا وعمرة جميعا فقط ولم يقصد أن يتحلل بعد السعي عند قدومه مكة، إنما أراد التمتع بالعمرة إلى الحج، يعني أن يجمع بينهما وأن يقرن بينهما، فهو قد طاف وسعى، ثم طاف بعد الحج وطاف للوداع فهذا يكفي، لكن عليه هدي، عليه أن يرسل من يذبح

(1) السؤال من الشريط رقم (5).

(2)

السؤال من الشريط رقم (5). ') ">

ص: 372

هديًا في مكة؛ لأن القارن مثل من حلَّ بالعمرة سواء بسواء، فعليه هديٌ يذبحه بمكة، أما إن كان أراد بقوله متمتعًا بالحج لا بالعمرة، وأن قصده حج مفرد، فهذا ليس عليه هدي، فالطواف والسعي الأول كافٍ، وطواف الحج طواف الإفاضة الذي فعله بعد ذلك يكفي، وطواف الوداع كذلك، وليس عليه سعيٌ آخر، وهكذا إذا كان أراد حجًا وعمرة جميعًا، فليس عليه إلا سعي واحد، وهو السعي الأول الذي فعله يكفيه، ولكن إذا كانت العمرة يعرفها ويقصدها فإن عليه الهدي، عليه أن يأتي ويذبح في مكة، أو يوكل ثقة من الثقات يذبحه في مكة عن قرانه، ويكون بذلك قد أدى الواجب، وهو واجب هدي التمتع، وليس عليه سوى ذلك، والله أعلم.

س: أنا وصلت من بلدي لأداء العمرة، واعتمرت، ثم ذهبت إلى المدينة للزيارة، وجلست في المدينة أسترزق عدة شهور، ثم جاء وقت الحج وأريد أن أحج، فما هو الحكم في عملي هذا ولا سيما أنني قدمت فقط للعمرة والزيارة (1)؟

ج: تحج من المدينة والحمد لله، هذا من فضل الله عليك أن يسر

(1) السؤال من الشريط رقم (312). ') ">

ص: 373

لك الحج، تحرم من ميقات المدينة بالحج والحمد لله، وإذا أخذت عمرة ثانية من ميقات المدينة، ثم يوم الثامن من ذي الحجة تلبي بالحج مع الناس يكون أفضل، وتكون متمتعًا، ويكون عليك الدم ذبيحة واحدة، تذبحها يوم النحر يوم العيد، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، هذا هو الواجب على المتمتع، وإذا أحرمت بحج مفرد فلا بأس، لكن الأفضل لك أن ترحم بالعمرة، هذا هو السنة، تطوف وتسعى وتقصر وتحل، ثم في اليوم الثامن بعد ذلك عند الذهاب إلى منى تلبي بالحج، هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لما قدموا من المدينة في حجة الوداع، أمرهم أن يحلوا ويجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي، إلا من ساق الهدي من المدينة، أو من الطريق، هذا يبقى على إحرامه، أما الذي لبى بالحج وليس معه هدي فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يحلوا بالطواف والسعي والتقصير، ويجعلوها عمرة، ثم يلبون بالحج يوم الثامن، وقد فعلوا رضي الله عنهم.

س: أريد أن أحج حجًّا بدون عمرة؛ لأنني ليس عندي الاستطاعة للفدية، لكني لا أعرف الطرق الصحيحة التي أتبعها حتى يكون

ص: 374

حجي صحيحًا وبدون فدية علمًا بأنني أقيم وأعمل في جدة؟

ج: الحج الذي ليس فيه فدية أن تحرم بالحج مفردًا، تقول: اللهم لبيك حجًّا مع النية في قلبك إذا كنت في جدة، من جدة تلبي بالحج ناويًا الحج مفردًا، فتذهب إلى مكة وقت الحج، وتطوف وتسعى، أو تبقى على إحرامك حتى تقف في عرفات، وحتى ترمي جمرة العقبة، فإذا رميت جمرة العقبة فالأفضل أن تحلق، وإن قصرت فلا بأس، ثم تحل، ومن حل بعد الرمي أجزأه، لكن الأفضل يكون بعد الرمي والحلق أو التقصير، ثم يلبس ثيابه إذا شاء، ويتطيب إذا شاء، ثم يطوف ويسعى طوافًا بالبيت سبعة أشواط، ويصلي ركعتين، ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، هذا هو الحج المفرد، ليس فيه هدي، تحرم من مكانك في جدة، أو من الميقات إن كنت من غير جدة، إذا مررت بالميقات تحرم من الميقات بالحج فقط، تقول: اللهم لبيك حجًّا. ثم إذا جئت مكة تطوف بدون أن تسعى، وتبقى على إحرامك حتى تخرج إلى عرفات، وحتى ترمي الجمرة يوم العيد، ثم تحل وتحلق أفضل أو تقصر، ثم تحل وتتطيب وتلبس ملابسك، ثم عليك الطواف بعد ذلك طوافًا فقط بدون سعي، إلا إذا كنت أخرت السعي إلى ما بعد

ص: 375

العيد، تسعى مع الطواف، ليس عليك إلا سعي واحد، إن قدمته مع طواف القدوم كفى، وإن أخرته مع طواف الإفاضة فلا بأس، وإذا رميت الجمرة حصل التحلل الأول، لكن الأفضل والأحوط أن يكون مع الرمي الحلق أو التقصير خروجًا من الخلاف، ثم تحل – يعني تلبس الملابس، تتطيب – ثم يبقى عليك الطواف والسعي إن كنت ما سعيت مع طواف القدوم، ويبقى عليك الطواف والسعي، وبهذا يحصل التحلل كله، إن كان لك زوجة تحل لك الزوجة، ويبقى عليك الرمي في الحادي عشر والثاني عشر، رمي الجمار الثلاث، والمبيت ليلة إحدى عشرة، وليلة اثنتي عشرة، وإن شئت بقيت يوم الثالث عشر، يكون أفضل، تبقى اليوم الثالث عشر، وإن تعجلت اليوم الثاني عشر بعد الرمي فلا بأس، ترمي الجمرة بعد الزوال في اليوم الثاني عشر، وتعجل إلى مكة، تطوف طواف الوداع، ثم تخرج إلى أهلك بعد طواف وداع بدون سعي، وإن بقيت في منى يوم الثالث عشر ترمي الجمار الثلاث، هذا أفضل كما بقي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعد رمي الجمار بعد الزوال تخرج إلى مكة للوداع، وإن بقيت في مكة أيامًا فلا بأس، لكن إذا عزمت على السفر تطوف للوداع سبعة أشواط قبل السفر، وتصلي ركعتين سنة بعد الطواف، وليس فيه سعي.

ص: 376

210 -

‌ حكم الفصل بين الطواف والسعي بزمن

س: أحرمت بالحج مفردًا من مكان إقامتي في جدة ليلة الثامن من ذي الحجة، وطفت طواف القدوم قبل يوم التروية، ثم سعيت سعي الحج بعد صلاة فجر يوم التروية، فهل الترتيب الزمني الذي أديت فيه المناسك المذكورة صحيح؟ جزاكم الله خيرًا (1).

ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، لكن لو سعيت مع الطواف مبادرة فهو أفضل، ولكن تأخيره كونك طفت يوم الثامن أو في اليوم الثامن، ثم سعيت في صباح اليوم التاسع أو في يوم التروية لا بأس، المقصود الفصل بين السعي وبين الطواف لا يضر، لكن كون السعي يلي الطواف هذا هو الأفضل، فإذا طاف الإنسان في اليوم الثامن، أو في السابع ثم سعى بعد ذلك في اليوم الذي بعده أو في الليلة فلا حرج في ذلك.

(1) السؤال من الشريط رقم (301).

ص: 377

211 -

‌ حكم الشك بعد أداء العبادة

س: يقول السائل: أديت فريضة الحج، وأكملت الحج تمامًا – ولله الحمد – وعند عودتي شعرت بأني لم أكمل الحج على الوجه المطلوب علمًا بأني أديت مناسك الحج والعمرة بالشكل

ص: 377

من كل فج عميق يريدون رحمة الله وفضله، وعتقه لهم من النار، ويريدون أداء ما أوجب الله عليهم من مناسك الحج والعمرة، الواجب عليهم أن يهتموا بذلك وأن يعتنوا بذلك، وأن يسألوا عما أشكل عليهم أهل العلم، وهم بحمد الله موجودون، ومن أشكل عليه سأل عنهم في المسجد الحرام والمسجد النبوي، وقد عينت الحكومة السعودية – وفقها الله – علماء في المسجد الحرام والمسجد النبوي وفي المشاعر يبصرون الناس ويعلمونهم مناسكهم، ويرشدونهم إلى كا ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وهم يقومون بالوعظ والتذكير والتدريس والإفتاء، فعلى الحاج أن يسأل من وجد منهم في المسجد الحرام وفي المشاعر في المسجد النبوي، وهكذا يسأل من يعرف من العلماء من جماعته من رفقته، ومن غيرهم من علماء الشريعة المعروفين بالاستقامة والغيرة لله والعلم بشريعته، يسألهم من أي جنس كانوا، من الشام، من العراق، من مصر من أفريقيا، من أي مكان، ما دام يعرفهم بكل خير، ويعرفهم بالعلم والفضل، والغيرة لله والبصيرة في دينهم، حتى يفقهوه، وحتى يعلموه ما يحتاج إليه في حجه وعمرته وصلاته وسفره وإقامته وغير ذلك.

ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من يرد الله به

ص: 379

خيرًا يفقهه في الدين» (1) متفق على صحته. هذا يدلنا على أن من علامات الخير ومن علامات التوفيق للعبد أن يتفقه في دين الله، وأن يتبصر في دين الله، كما يدل على أن من علامات الخذلان وعدم التوفيق الجهل بالدين والإعراض عن الدين والغفلة، فعليك يا أخي أيها الحاج، وعليك أيتها الأخت في الله الحاجة، عليكما جميعًا العناية بالحج، والعناية بجميع أمور الدين في مكة وفي المدينة، وفي بلادكم وفي كل مكان، الواجب على المكلف من الرجال والنساء العناية والتبصر في الدين، لماذا؟ لأننا مخلوقون لنعبد الله، يقول الله سبحانه:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ} والله أرسل الرسل لهذا الأمر؛ ليبصروا الناس ويعلموهم، وعلى رأسهم نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، فهو أفضل الرسل، وهو إمامهم، وهو خاتمهم، وهو نصيبنا منهم عليه الصلاة والسلام، فالواجب علينا جميعًا أن نتعلم ديننا من كتاب ربنا، ومن سنة نبينا عليه الصلاة والسلام حتى نعلم العبادة التي خلقنا لها، ما هي العبادة التي خلقنا لها، نتعلمها من

(1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين برقم (71)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة برقم (1037).

ص: 380

كلام ربنا، ومن كلام رسوله، فما أمر الله به ورسوله فهو العبادة، وما نهى عنه الله ورسوله فهو المنكر الذي يترك، والطريق إلى هذا العلم والعلماء الشرعيون، العلماء الفقهاء في دين الله، المعروفون بالخير والاستقامة هم الواسطة بين العامة وبين كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، هم الذين يعلمون الناس دينهم، فمن كان عنده علم رجع إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وتبصر منهما وعلم الناس، ومن لم يكن له علم من عامة المسلمين من الحجاج وغيرهم عليهم أن يسألوا أهل العلم، والله يقول سبحانه:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} فوصيتي للحجاج جميعًا من الرجال والنساء أن يتقوا الله وأن يحرصوا غاية الحرص على إكمال حجهم وعلى العناية به، وعلى كل ما أوجب الله عليهم من صلاة وصوم، وحق الزوج وحق الزوجة، وحق الأقارب، وحق الوالدين، وحق الجار، إلى غير ذلك.

المؤمن يتبصر في دينه، والمؤمنة كذلك وبالأخص في الحج وقت أداء الحج، يخص ذلك بمزيد العناية حتى يؤدي حجه على بصيرة، والله سبحانه يقول:

ص: 381

{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (1) يعني رجع مغفورًا له إذا أدى الحج كما ينبغي. والرفث: الجماع ودواعيه من قبلة ومس بشهوة ونحو ذلك، فالحاج لا يجوز له جماع زوجته، وليس لها أن تمكنه من ذلك حتى يحل من حجه، وحتى يحل التحلل الثاني الكامل برمي الجمار يوم العيد، وبالحلق أوالتقصير وبالطواف والسعي، هذا هو التحلل الكامل، وبعده يحل للرجل جماع أهله، وفي العمرة ليس له جماع ولا وسائل ذلك من القبلة والملامسة بشهوة، ليس له ذلك حتى يطوف كل منهما، وحتى يسعى كل منهما، وحتى يحلق الجل أو يقصر، وحتى تقصر المرأة؛ لأنه ليس لها إلا التقصير، فإذا طاف الرجل وسعى وحلق أو قصر حل من عمرته، وإذا طافت وسعت وقصرت من رأسها حلت من عمرتها، فبعد ذلك يحل لهما الجماع

(1) أخرجه البخاري في كتاب الحج: باب فضل الحج المبرور برقم (1521)، ومسلم في كتاب الحج: باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم (1350).

ص: 382

الذي أباح الله من الرفث مثل ما تقدم، دواعي الجماع، كونه يلمسها بشهوة، أو يداعبها المداعبة التي تجر إلى الجماع، هذا محرم لأنه من الرفث. والفسوق: المعاصي جميعها، كل المعاصي تسمى فسوقًا كالسب والشتم للناس، وضربهم وإيذائهم، والغيبة والنميمة، والسرقة سرقة أموال الناس أو نهبها، كل هذا من الفسوق، فيجب على الحاج أن يحذر ذلك، وهكذا غير الحاج يجب الحذر من هذه المعاصي، ولكن الحاج بصفة خاصة يجب أن يحذر ذلك فلا يؤذي أحدًا لا عند الطواف ولا في السعي، ولا في أي مكان لا بيده ولا برجله ولا بكلامه، ولا يأخذ مال أحد إلا بحق، ولا يغتاب الناس ولا ينم عن الناس، ولا يشهد بالزور ولا يكذب، ولا يفعل شيئًا مما حرم الله، حتى يكمل حجه، حتى يتممه، وحتى يرجع مغفورًا له بإذن الله. والجدال: معناه المراء في الدين بغير حق، ولا جدال في الحج: يعني لا مراء في غير الحق، يعني يجادل بالباطل مع إخوانه، أو مع آخرين غير جماعته، لا يجادل، أما بيان الحق بالدليل وبالتي هي أحسن فهذا لا بأس به؛ لأن الله قال في كتابه العظيم:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}

ص: 383

فجادل بالتي هي أحسن في بيان الحق، بيان مشاعر الحج، بيان ما أشكل على الناس لإزالة الشبهة، هذا لا بأس، أما الجدال لإظهار جودته أو لإظهار فهمه، أو ليغلب الناس، أو لشيء من الأغراض الأخرى ليس لقصد الخير فهذا هو المذموم، وهو الجدال الذي نهى الله عنه، أما الجدال بالتي هي أحسن في بيان الحق وإرشاد الجاهل وتعليمه، وإزالة الشبهة وكشفها فهذا مأمور به، وليس داخلاً في النهي، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

ص: 384

213 -

‌ بيان وجوب تعلم المسلم أحكام العبادة قبل الشروع فيها

س: سمعنا في نور على الدرب من حلقات الشيخ عبد العزيز بن باز بعض الأسئلة الخاصة بالحجاج، وكثير من الأسئلة عن الحج، وكان من المفروض أن ترسل قبل أن يتلبسوا بنسك العبادة لا أن يرسلوها بعد ما يتلبسون بالعبادة ويخطئون، فما موقف الإسلام من ذلك، وما رأي الشيخ؟ جزاه الله عنا خيرًا (1)(2).

ج: هذا هو الواجب، الواجب على المسلم أن يسأل قبل أن

(1) السؤال من الشريط رقم (32).

(2)

السؤال من الشريط رقم (32). ') ">

ص: 384

يتلبس بالعبادة، يسأل عن أمور دينه ويتفقه في دينه قبل أن يتلبس بالعبادة، يسأل عن الحج قبل أن يحرم، يسأل عن أمور الصلاة قبل أن يشرع في الصلاة، يسأل عن الصيام قبل أن يأتي شهر رمضان إذا تيسر ذلك – يعني لا يغفل، بل يبادر ويسارع إلى السؤال قبل الشروع في العبادات – لكن لو قدر أنه فرط وتساهل ولم يسأل إلا بعد ذلك فلا حرج، المهم أن يتعلم مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة» (1) وقال عليه الصلاة والسلام: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (2) فالواجب على أهل الإسلام أن يتعلموا ويتفقهوا قبل أن يقعوا في الخطأ في عباداتهم، في صلاتهم، في صومهم، في حجهم، في عباداتهم، في جميع أمورهم، لكن لو قدر أنه غفل وسأل عما جرى في صلاته وعما جرى في صيامه كل هذا طلب علم واجب متعين، والله قال سبحانه:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} قبل العبادة وبعدها، قبل التلبس وبعد التلبس،

(1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر برقم (2699).

(2)

أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا برقم (71).

ص: 385

لكن كونه يتأهب، كونه يسأل قبل أن يتلبس ويعد نفسه إعدادًا كاملاً حتى إذا شرع في العبادة إذا هو يؤديها عن علم وعن بصيرة، هذا هو الواجب وهذا هو الطريق السليم.

س: يقول السائل: من حج مع الناس، وفعل كما يفعلون دون معرفة بالأركان والواجبات والسنن، فما الحكم في هذا الحج؟ (1)

ج: حجه صحيح ما دام فعل ما يفعله المسلمون من الوقوف بعرفات، والذهاب إلى مزدلفة والمبيت فيها، والطواف والسعي، وبقية الأعمال من رمي الجمار وغيرها، فالحمد لله حجه صحيح، المقصود ما دام فعل أعمال الحج وإن كان ما عنده علم إنما قلد الناس فيما يفعلون، وفعل كفعلهم في أعمال الحج فإنه يكون حجه صحيحًا، مجزئًا له، لكن ليس مثل من حج عن فقه وعن علم، ذاك أفضل، والمطلوب من الحاج أنه يتعلم ويسأل أهل العلم عما أشكل عليه حتى يكون على بينة وعلى بصيرة، وهنا الآن المناسك موجودة، فيها بيان أعمال الحج، ولنا منسك مستوفٍ غالب أعمال الحج، سميناه التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة، وهو منسك مفيد،

(1) السؤال من الشريط رقم (260). ') ">

ص: 386

وهو السيل، وإن كنت من المدينة فميقات المدينة، وإن كنت في الجنوب فمن ميقات اليمن يلملم، الميقات الذي تمر عليه تحرم منه بالعمرة، تقول: اللهم لبيك عمرة. تنويها بقلبك، وتلبس الإزار والرداء قبل الإحرام قبل النية بالقلب، ثم تستمر تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. هذه التلبية الشرعية، وهي التلبية التي لباها النبي عليه الصلاة والسلام حتى تصل مكة وأنت تلبي، وإن ذكرت الله وسبحت الله واستغفرت الله حينذاك كله طيب، أو قراءة القرآن، كله طيب، فإذا جئت المسجد الحرام طفت سبعة أشواط، تبدأ بالحجر الأسود في كل شوط، تذكر الله في أشواطك، تدعوه، ولا بأس أن تقرأ القرآن، كله طيب، تبدأ بالتكبير: الله أكبر، عندما تبدأ الطواف من الحجر تستلمه بيدك، وتقبله، ثم تجعل البيت على يسارك وتطوف سبعة أشواط، كلما وازيت الحجر قبلته واستلمته وكبرت، وهكذا عند الركن اليماني تستلمه بيمينك بيدك وتقول: باسم الله، والله أكبر. وتقول في آخر كل شوط:{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} . في آخر كل شوط من السبعة، ثم تصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم، أو في مكان من المسجد، والأفضل خلف مقام

ص: 388

إبراهيم ركعتين، تقرأ فيهما الفاتحة، و:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} في الأولى، و:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في الثانية، هذا هو الأفضل كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ثم تسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط.

وباقي الإجابة نحولك إلى مراجعة كتاب التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة نظرًا لضيق الوقت.

س: سائلة من القصيم تقول: ما هي فرائض الحج على أتم وجه حتى يقبله الله سبحانه وتعالى؟

ج: الحج له أركان وله واجبات، وله أشياء مشروعة موضحة في المناسك التي كتبها أهل العلم، وقد كتبنا منسكًا مختصرًا سميناه التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة، لعلك تحصلين عليه من بعض الإخوان عندك في القصيم، وفيه بيان أركان الحج وواجباته وما شرع الله في ذلك، وهو كتاب – بحمد الله – مختصر، وفيه الفائدة المطلوبة، وأركان الحج أربعة: الإحرام بالحج بالقلب،

ص: 389

والواجب أن يكون من الميقات الذي يمر عليه، والوقوف بعرفة، وطواف الزيارة – يعني طواف الإفاضة – والسعي. هذه أربعة أركان للحج، وله واجبات سبعة بينها العلماء، وهي مذكورة في المنسك: أولها: الإحرام من الميقات الذي يمر عليه الإنسان، الذي يجيء من مصر يحرم من ميقات مصر الجحفة – يعني رابغًا – والذي يمر من المدينة يحرم من ميقات المدينة، والذي من نجد يحرم من ميقات أهل نجد، والذي يأتي من اليمن يحرم من ميقات أهل اليمن، كل إنسان يحرم من ميقات بلده إذا مر عليه بنية الحج، يحرم من الميقات، أو بنية العمرة كذلك. الثاني: كونه يقف بمزدلفة بعد انصرافه من عرفات يبيت فيها. والثالث: المبيت بمنى ليلة إحدى عشرة، واثنتي عشرة لمن تعجل. والرابع: رمي الجمار. هذه من واجبات الحج. والخامس: الحلق أو التقصير، الحلق للرجل، والتقصير للمرأة. والسادس: طواف الوداع، إذا انتهى من حجه يطوف للوداع عند سفره إلى بلاده. والسابع: الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس، أما إن وقف في الليل كفاه، الوقوف بالليل والحمد لله. هذه سبع واجبات من ترك شيئًا منها وجب عليه دم إلا أن يكون له عذر شرعي، وهذا مبسوط في كتب المناسك، وموضح، وهناك أشياء مشروعة للحاج مثل التلبية من حين يحرم، يلبي، والإكثار

ص: 390

من ذكر الله عز وجل، والإكثار من الطواف إذا تيسر ذلك، وكل ما يتعلق بالمسائل الشرعية التي ينتهزها الحاج أو المعتمر من الصدقات على الفقراء والمساكين، مثل الإكثار من قراءة القرآن، إلى غير هذا من وجوه الخير التي يفعلها في الحرم الشريف في مكة المكرمة، أو في المدينة إذا زار المدينة، هذه مكملات وفيها فضل.

ص: 391

214 -

‌ بيان الفرق بين الأركان والواجبات والسنن في الحج

س: يقول السائل: هل هناك فرق بين الأركان والواجبات والسنن في الحج من حيث الأحكام (1)؟

ج: نعم، الأركان لا بد منها، لا تسقط لا سهوًا ولا جهلاً ولا نسيانًا، وهي الإحرام بالقلب، والطواف، والسعي، وعرفة. هذه أركان لا بد منها، لا بد من أداء الحاج لها، وهكذا العمرة: الإحرام بنية القلب، والطواف والسعي. هذه أركان لا بد منها، أما الواجبات إذا سقط منها شيء يجبر بالدم مثل الحلق أو التقصير، ومثل المبيت بمزدلفة وفي منى، مثل طواف الوداع، ومثل رمي الجمار، هذه تجبر بالدم، إذا ترك واحدًا منها فعليه دم، وينجبر الحج والحمد لله.

(1) السؤال من الشريط رقم (260).

ص: 391

215 -

‌ بيان بعض الكتب التي ينصح الحاج بقراءتها

س: إذا كنت أقيم بمنطقة جبلية وأريد أن أحج، فأي الكتب تنصحونني بقراءتها كي أحج على بصيرة؟ جزاكم الله خيرًا (1).

ج: ننصحك بقراءة الكتب التي بينت أحكام الحج مثل عمدة الأحكام في الحديث للشيخ المقدسي، ومثل بلوغ المرام، ومثل المنتقى، هذه موجودة، وهناك مناسك فيها الفائدة والبركة إذا قرأتها أنت استفدت منها، منها ما كتبناه في هذا وسميناه التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة. جيد ونافع ومفيد، وهناك مناسك أخرى لغيري من المشايخ والإخوة مثل منسك الشيخ عبد الله بن جاسر، منسك جيد ومفيد، فإذا استعملت شيئًا منها واستفدت منه فهو طيب.

(1) السؤال من الشريط رقم (298).

ص: 392

216 -

‌ بيان وقت التمتع

س: هل الإحرام بنسك التمتع له وقت معين كفاصل زمني بين الوقوف بعرفة ووقت الإحرام (1)؟

(1) السؤال من الشريط رقم (352).

ص: 392

ج: ليس فيه شيء محدود، إذا أحرم بعد رمضان يحل من العمرة ويبقى حلالاً إلى يوم التروية ليحرم بالحج، لكن قبل شهر رمضان يحرم بالعمرة فقط، لا يحرم بالحج، السنة يلبي بالعمرة إذا كان قبل العيد في رمضان، ويحل منها ويبقى، وإذا جاء وقت الحج لبى بالحج من مكة، إذا كان مقيمًا.

ص: 393

217 -

‌ بيان وقت الوقوف والانصراف بعرفة

س: ما هي أقل مدة للوقوف بعرفة، ومتى يجوز الانصراف منها إلى مزدلفة؟ أرجو إيضاح أول الوقت وآخره ولكم الأجر من الله (1).

ج: الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم بالحج كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة» (2) فمن أدرك عرفة بليل قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج، وزمن الوقوف ما بين زوال الشمس يوم عرفة يوم

(1) السؤال من الشريط رقم (44).

(2)

أخرجه الترمذي في كتاب الحج: باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج، برقم (889)، والنسائي في كتاب مناسك الحج: باب فرض الوقوف بعرفة برقم (3016)، وابن ماجه في كتاب المناسك: باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع برقم (3015)، والإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الرحمن بن يعمر رضي الله تعالى عنه برقم (18774).

ص: 393

التاسع إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، هذا هو وقت الوقوف عند أهل العلم، ما بين الزوال يوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، هذا مجمع عليه بإجماع أهل العلم، ليس فيه خلاف أن هذا هو وقت الوقوف، فإذا وقف فيه ولو قليلاً أجزأه الحج، لكن إن كان بالليل أجزأه، وليس عليه فدية، وإن كان بالنهار وجب عليه أن يبقى إلى غروب الشمس كما وقف النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه وقف نهارًا بعد ما صلى الجمع، بعد ما صلى الظهر والعصر جمعًا جمع تقديم بأذان وإقامتين، تقدم إلى الموقف فوقف عليه الصلاة والسلام على راحلته حتى غابت الشمس، هذا هو الأفضل، هذا هو الكمال، يقف نهارًا ويبقى حتى غروب الشمس، فإن انصرف قبل غروب الشمس فعليه دم عند أكثر أهل العلم، يذبح في مكة للفقراء إلا إن رجع في الليل سقط عنه الدم، ولو قليلاً سقط عنه الدم، وإذا وقف قليلاً ساعة أو ربع ساعة أو نصف ساعة، المقصود مر بعرفات وهو محرم بالحج، فإن مروره أو وقوفه بها قليلاً يجزئ، إن كان في الليل أجزأ بلا فدية، وإن كان في النهار ولم يبق حتى الغروب فعليه فدية عند الجمهور، وحجه صحيح عند جمهور أهل العلم، أما الوقوف قبل الزوال فأكثر أهل العلم على أنه لا يجزئ، من وقف قبل الزوال ولم

ص: 394

يرجع بعد الزوال ولا في الليل أنه لا يجزئ عند الجمهور، وذهب الإمام أحمد بن حنبل وجماعة إلى أنه يجزئ قبل الزوال لحديث عروة بن مضرِّس حيث قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:«وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهارًا» (1) فأطلق النهار فقال: هذا يشمل قبل الزوال وما بعد الزوال. ولكن الجمهور قالوا: يحمل على ما بعد الزوال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف بعد الزوال، ولم يقف قبل الزوال، وقال: عليه الصلاة والسلام «خذوا عني مناسككم» (2) فالأحوط للمؤمن أن يكون وقوفه بعد الزوال كما قاله جمهور أهل العلم، وكما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يتحدد الوقوف بشيء قليل أو كثير، كله يجزئ، لكن مثل ما تقدم، إن كان بالليل في أول الليل أو في

(1) أخرجه الترمذي في كتاب الحج: باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج برقم (891)، وأبو داود في كتاب المناسك: باب من لم يدرك عرفة برقم (1950)، وأحمد في مسنده، من حديث: عروة بن مضرس الطائي رضي الله تعالى عنه برقم (16208)، والدارمي في كتاب المناسك: باب يتم به الحج برقم (1888).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الحج: باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم (1297).

ص: 395

وسطه أو في آخره أجزأ بلا فدية، وإن كان في النهار ولم يبق حتى الغروب فعليه فدية عند أكثر أهل العلم؛ لأنه ترك واجبًا وهو الجمع بين الليل والنهار في حق من وقف نهارًا. وقال قوم: لا فدية عليه حتى لو وقف نهارًا بعد الزوال كالليل، ولكن أكثر أهل العلم قالوا: إن وقوف النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغروب يدل على الوجوب. وقال: «خذوا عني مناسككم» (1) وقوله: «خذوا عني مناسككم» (2) يدل على وجوب البقاء إلى الليل، فإنه عليه الصلاة والسلام، لم ينصرف حتى غابت الشمس فينبغي لمن وقف نهارًا أن يبقى إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت انصرف إلى مزدلفة، فإن استعجل وانصرف قبل الغروب جبره بدم عند أكثر أهل العلم، يذبح في الحرم للفقراء جبرًا للحج.

(1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، برقم (1297)، بلفظ لتأخذوا عني مناسككم.

(2)

صحيح مسلم الحج (1297)، سنن النسائي مناسك الحج (3062)، سنن أبو داود المناسك (1970)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 337).

ص: 396

218 -

‌ حكم من ترك المبيت بمزدلفة لعذر

س: ذهبت لأداء فريضة الحج، وذهبنا يوم تسعة من ذي الحجة إلى جبل عرفات، ولم نتمكن من المبيت في منى، وعدنا من الجبل بعد المغرب إلى المزدلفة، وصلنا في منتصف الليل، وصلينا المغرب والعشاء، وذهبنا إلى منى، ووصلنا قبل الفجر، ولم

ص: 396

نتمكن من المبيت في مزدلفة، فما رأيكم في عدم المبيت في منى يوم ثمانية؟ وما رأيكم في عدم المبيت في المزدلفة بعد النزول من عرفة – جزاكم الله خيرًا – وهذا المبيت كان عدم تمكننا منه بسبب المسؤولين عن الحملة؟ جزاكم الله خيرًا (1).

ج: ما دام الواقع كما ذكره السائل فلا شيء عليه؛ لأن مروره بمزدلفة بعد نصف الليل، وجمعه الصلاة فيها، كل ذلك يحصل به الإجزاء، والحمد لله؛ ولأنه معذور بسبب الحملات وعدم تمكنه من البقاء، فلا حرج في ذلك، والمبيت في مزدلفة واجب على الصحيح، وقال بعض أهل العلم: إنه ركن، والصواب أنه واجب، وقال آخرون من أهل العلم: إنه سنة، والصواب الوسط، ليس بركن، ولكنه فوق السنة، واجب؛ لأن الرسول بات في ذلك وقال:«خذوا عني مناسككم» (2) اللهم صل عليه وسلم. فالواجب على الحجاج أن يبيتوا في مزدلفة إلى ما بعد نصف الليل، ومن جاءها بعد نصف الليل أجزأه ذلك إذا خرج منها آخر الليل، ويجوز للضعفة من النساء وأتباعهم الخروج بعد نصف الليل إلى منى قبل حطمة الناس؛ لأن الرسول عليه السلام رخص لهم

(1) السؤال من الشريط رقم (196).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، برقم (1297)، بلفظ لتأخذوا عني مناسككم.

ص: 397

في ذلك عليه الصلاة والسلام، والخلاصة أن من بات بها فقد أدى الواجب، ومن خرج منها بعد نصف الليل فلا حرج عليه، ولا حرج على الضعفة أن يخرجوا بعد نصف الليل الأخير قبل حطمة الناس؛ لأن الرسول رخص لهم عليه الصلاة والسلام، ومن حيل بينه وبين ذلك بعذر شرعي كأن تعطلت سيارته ولم يصل إلى مزدلفة فلا حرج عليه إن شاء الله؛ لأنه معذور عذرًا شرعيًّا، وهكذا من منع من البقاء بها بسبب القائمين على حملته، منعوه البقاء في مزدلفة، وحالوا بينه وبين ذلك فنرجو أن لا حرج عليه إن شاء الله، وإن فدى احتياطًا بذبيحة تذبح في مكة للفقراء من باب الاحتياط فهذا حسن إن شاء الله، وأما الليلة التاسعة في منى فليست واجبة، المبيت في منى ليلة التاسعة ليس واجبًا ولكن مستحب. الرسول صلى الله عليه وسلم بات بها الليلة التاسعة، فإذا بات في منى الليلة التاسعة فهو أفضل، وإلا فليس بواجب لو لم يأت منى إلا يوم التاسع، وسار منها إلى عرفات فلا حرج في ذلك.

ص: 398

219 -

‌ بيان أفضل الدعاء يوم عرفة

س: ما هو أفضل دعاء يقوله الحاج في عرفة؟ (1) ج: ليس في هذا شيء مخصوص، فإنه يدعو بما تيسر، وقد روي

(1) السؤال من الشريط رقم (44)؟

ص: 398

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» (1) لكن في إسناده ضعف، ومعناه صحيح، فإن يوم عرفة يوم عظيم، وهو أفضل أيام السنة عند قوم من أهل العلم، وقال آخرون: بل أفضلها يوم النحر، وكلا القولين له حظ من القوة، والمقصود أن يوم عرفة يوم عظيم، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو فيباهي بهم ملائكته» (2) فيوم عرفة يوم عظيم، وليس في الدنيا يوم أكثر أن يعتق الله فيه من النار من يوم عرفة، فينبغي أن يكثر من الدعاء، وأن يجتهد في الدعاء، ويكثر من: لا إله إلا الله؛ فإنها دعاء، وفي المعنى ذكر ودعاء، هذه الكلمة العظيمة ذكر الله سبحانه وتعالى، وهي في المعنى دعاء؛ لأن الذاكر إنما ذكر يطلب الأجر، ويطلب الفضل من الله سبحانه وتعالى، ولهذا روي عنه عليه

(1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء يوم عرفة برقم (3585)، ومالك في كتاب النداء للصلاة، باب ما جاء في الدعاء برقم (498).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم (1348).

ص: 399

الصلاة والسلام قوله: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» (1) فينبغي للمؤمن أن يكثر من الدعاء بسؤال الجنة والتعوذ بالله من النار، ويسأله العفو: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. وسؤاله القبول قبول الحج، والمغفرة من الذنوب والأوزار، وسؤال الله لولاة الأمور – ولاة أمر المسلمين – أن يصلحهم الله، وأن يوفقهم للقيام بحقه، وأن يعينهم على أداء الواجب، وأن يصلح أحوالهم وبطانتهم، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباد الله، والحذر من تحكيم القوانين الباطلة، هذه من الدعوات الطيبة، والحاج يدعو لنفسه ولإخوانه المسلمين في هذا اليوم العظيم، يسأل ربه فإنه حري بالإجابة، ويكثر من الحمد لله، يثني على الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، كل هذا من أسباب الإجابة، يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، هذا من أسباب الإجابة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلاً يدعو ولم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:" عجل هذا" ثم قال: «إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي – صلى الله عليه

(1) سنن الترمذي الدعوات (3585).

ص: 400

وسلم – ثم يدعو بما شاء» (1) فدل ذلك على أن البداءة بالحمد والثناء والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام من أسباب الإجابة، والواقفون بعرفة ينبغي لهم أن يفعلوا هذا فإنهم في موقف عظيم، ودعاؤهم ترجى إجابته، فينبغي الإكثار من الدعاء بعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، ثم يدعو ويلح في الدعاء، ويكثر من الدعاء، هذا كله من أسباب الإجابة، كذلك رفع اليدين، فالرسول عليه الصلاة والسلام رفع يديه في دعاء يوم عرفة، وفي مزدلفة رفع يديه، فيستحب للحاج في يوم عرفة أن يرفع يديه ويدعو ويلح في الدعاء ويكثر من الدعاء حتى تغيب الشمس كما فعله المصطفى عليه الصلاة والسلام، ويدعو لوالديه المسلمين، ويدعو لأقاربه المسلمين، ويدعو للمسلمين عمومًا أن يصلحهم الله، وأن يثبتهم على الحق، وأن يولي عليهم خيارهم، وأن يعلمهم ما ينفعهم، وأن يمنحهم الفقه في الدين، والثبات

(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه برقم (23937)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء برقم (1481)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3477).

ص: 401

على الحق، يدعو للمسلمين في سائر الدنيا، يدعو لهم أن الله يوفقهم ويهديهم ويصلح أحوالهم، ويمنحهم الفقه في الدين. وهكذا في مزدلفة، إذا وقف في مزدلفة في أثناء الليل أو كما هو السنة بعد صلاة الفجر يدعو ويلح في الدعاء، ويرفع يديه يدعو للمسلمين عمومًا، ويدعو لوالديه المسلمين، ولقراباته المسلمين، ويدعو لنفسه بالصلاح والتوفيق وحسن الختام، يدعو الله أن يصلح قلبه وعمله، وأن الله يفقهه في الدين، يدعو الله عز وجل لحكام المسلمين في كل مكان أن الله يصلح قلوبهم وأعمالهم، ويصلح لهم البطانة، وأن الله عز وجل يوفقهم للحكم بالشريعة، والتحاكم إليها، وإلزام الناس بها، ونهيهم عن كل ما حرم الله، وإقامة الحدود عليهم حتى يستقيم أمر المسلمين، وحتى يسلموا من غضب الله وعذابه، وحتى ينصرهم الله على عدوهم، فإن تحكيم الشريعة والاستقامة عليها من أسباب النصر والتوفيق، ومن أسباب هداية الله للعباد، ومن أسباب إعانتهم على عدوهم، ونصرهم على عدوهم كما قال الله سبحانه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} وقال سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}

ص: 402

220 -

‌ حكم القصر والجمع بين الظهر والعصر بعرفة

س: هل صلاة الظهر والعصر جمعًا وقصرًا في نمرة أمر واجب أم يجوز أن أصليهما في وقت كل منهما كاملتين (1)؟

ج: صلاتهما جمعًا وقصرًا في عرفات، في عُرَنة، صلاهما النبي صلى الله عليه وسلم في عُرَنة، في غرب عرفات، هذا مستحب وسنة مؤكدة، ولا ينبغي للمؤمن أن يخالف السنة، لكن ليس بواجب عند أهل العلم بل هو سنة؛ لأن المسافر لو أتم صحت صلاته، لكن هنا متأكد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله وقال:«خذوا عني مناسككم» (2)

(1) السؤال من الشريط رقم (44).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، برقم (1297).

ص: 403

فلا ينبغي له أن يخالف السنة، بل يصلي مع الناس قصرًا وجمعًا، جمع تقديم، ثم يتوجه إلى محل الوقوف في نفس عرفة، ولو صلاهما في عرفة ولم يصلهما في عُرَنة ولا نمرة فلا بأس، فإن الناس في حال النفود يحتاجون إلى الترويح عن أنفسهم فغالبًا بقاؤهم في نمرة وفي عُرَنة قد يشق عليهم في آخر النهار عند دخوله في عرفة، فإذا دخل عرفة ضحى ونزل بها ضحى وبقي بها حتى يصلي الظهر والعصر فيها، في عرفات جمع تقديم فلا بأس، وإن نزل في نمرة وصلى في عُرَنة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دخل عرفة هذا أفضل إذا تيسر، ولكنه في الوقت الحاضر قد يصعب على غالب الناس بسبب كثرة الناس وزحام السيارات، والله المستعان.

ص: 404

221 -

‌ حكم قصر وجمع الصلاة لأهل مكة في الحج

س: ما هو الراجح لأهل مكة بالنسبة للصلاة في مكة وعرفة ومنى؟ (1)

ج: النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس في عرفات وفي مزدلفة وفي منى قصرًا ركعتين ركعتين، الظهر والعصر والعشاء، ومعه أهل مكة وغيرهم، ولم يأمرهم بالإتمام، فدل ذلك على أن أهل مكة مع

(1) السؤال من الشريط رقم (33).

ص: 404

الناس سواء سمَّينا الخروج إلى منى وعرفات سفرًا أو لم نسمه سفرًا، فإنهم يقصرون مع الحجيج، وهكذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم في عرفات ومزدلفة بين الظهر والعصر في عرفة، والمغرب والعشاء في مزدلفة، والناس معه، ولم يقل: يا أهل مكة أتموا، ولم يقل لهم: لا تجمعوا. فدل ذلك أنه لا حرج عليهم من الجمع والقصر، وهذا هو المختار، وهو الأرجح من أقوال أهل العلم.

ص: 405

222 -

‌ حكم ترك الحاج لصلاة الجماعة

س: حاجّ صلى الظهر منفردًا في عرفات يوم التروية، وصلى العصر أيضًا مفردًا، وصلى المغرب منفردًا، وصلى العشاء مفردًا، فما حكمه؟ جزاكم الله خيرًا (1).

ج: صلاته صحيحة ولكن أساء، فهو آثم في عدم الصلاة مع الجماعة، والصلاة صحيحة إن شاء الله، ولكن عليه التوبة إلى الله لأنه ترك الجماعة، والجماعة واجبة، صلاة الجماعة واجبة، والصلاة صحيحة، والحج ليس فيه شيء، إنما عليه التوبة إلى الله عز وجل، فالواجب على الحاج أن يصلي مع الجماعة، الجماعة التي عنده في

(1) السؤال من الشريط رقم (29).

ص: 405

منزله، أو الجماعات الآخرين، أو في مسجد الخيف إن كان في منى، المقصود أن يتحرى الجماعة ويصلي مع الجماعة ولا يصلي وحده.

ص: 406

223 -

‌ حكم من وقف بعرفة ليلاً أو نهارًا

س: يقول السائل: ما حكم من وقف بعرفة ليلاً أو نهارًا؟ (1)

ج: إن كنت وصلت إلى عرفات في يوم عرفة أو في ليلة النحر ولو زمنًا قليلاً فحجك صحيح إذا كان مجيئك إليها ليلاً، ليلة النحر فحجك صحيح ولا شيء عليك، أما إن كنت جئتها نهارًا ولم تبق فيها إلى غروب الشمس فعليك ذبيحة واحدة، تذبح في مكة للفقراء؛ لأن الواجب على من حضر في عرفات نهارًا بعد الظهر أن يبقى إلى غروب الشمس، فإن انصرف قبل غروب الشمس فعليه دم يذبح في مكة للفقراء.

(1) السؤال من الشريط رقم (98).

ص: 406

224 -

‌ حكم الوقوف شرقي مسجد نمرة يوم عرفة

س: حججت في عام مضى، وذهبنا إلى عرفات في اليوم التاسع، ولكن وقفنا خلف مسجد نمرة شرقًا بحوالي خمسين مترًا فقط دون الذهاب إلى الجبل، فهل حجتنا صحيحة؟ (1)؟

(1) السؤال من الشريط رقم (201).

ص: 406

ج: إذا كنت في داخل عرفات، إذا كنت خلف مسجد نمرة على ما قلت بخمسين مترًا فأنت في داخل عرفات، وحجك صحيح والحمد لله، إذا كنت لم تخرج إلا بعد الغروب، أما إن كنت خرجت قبل الغروب ولم ترجع إلى عرفة، فعليك دم يذبح في مكة للفقراء؛ لأن الواجب على من وقف بعرفات نهارًا أن يبقى إلى الليل أو يعود في الليل، فإذا كنت وقفت بعرفات حتى غابت الشمس فالحمد لله، ولا شيء عليك؛ لأن شرقي المسجد كله من عرفات.

ص: 407

225 -

‌ حكم حج من وقف خارج حدود عرفة

س: يقول هذا السائل: إذا وقف الحاج خارج حدود عرفة قريبًا منها حتى غربت الشمس، ثم انصرف، فما حكم حجه؟ مأجورين (1)(2).

ج: الذي وقف خارج عرفة لا حج له، الحج عرفة، إذا وقف خارج عرفة في الليل أو في النهار ما دخلها فلا حج له، لكن لو وقف نهارًا خارجها، ثم نبه ودخل في الليل ليلة العيد دخل عرفة أجزأ الحج، أما إذا كان ما دخل عرفة في الكلية، لا في يوم عرفة ولا في ليلة العيد فهذا لا حج له، يتحلل بعمرة والحمد لله، يطوف ويسعى ويقصر، يتحلل بعمرة.

(1) السؤال من الشريط رقم (400).

(2)

السؤال من الشريط رقم (400). ') ">

ص: 407

س: يقول السائل: من جهل حدود عرفة، أو حدود مزدلفة، أو حدود منى، ولم يتبين له ذلك إلا بعد انتهاء الحج فما حكم حجه؟ (1)

ج: أما في عرفة إذا كان ما وقف بها أبدًا لا ليلاً ولا نهارًا – لا يوم عرفة ولا ليلة العيد – فهذا حجه ليس صحيحًا، عليه أن يقضيه؛ لأنه يعتبر فاته الحج، إذا كان فريضة عليه أن يقضيه، وإذا كان نافلة يشرع له أن يقضيه، وفي وجوب القضاء عليه في النافلة نظر، لكن إذا كان حج الفريضة لا بد أن يقضيه، أما إذا كان الغلط في يوم مزدلفة أو منى فهذا عليه دم فقط، وحجه صحيح، لو ما بات في مزدلفة أو ما بات في منى ليالي منى عليه دم عن ترك الواجب، ولا يعذر فيها بالجهل ولا بالنسيان، الواجبات لا بد من دم عند تركها.

س: يقول السائل: إذا امتلأت عرفة أو مزدلفة أو منى ولم يجد الحاج مكانًا في هذه الحدود فما الحكم؟

ج: أما في منى فيسقط عنه المبيت في منى، أما في مزدلفة ففي إمكانه لأنه يمكن أن يأتي في آخر الليل، ويكفيه إذا مر بها في آخر الليل إذا ما تيسر مكان، غالبًا مزدلفة لا يقفون فيها الناس كثيرًا، وبذلك

(1) السؤال من الشريط رقم (260). ') ">

ص: 408

يجد مكانًا آخر الليل، لكن إذا ما وجد مكانًا يمر بها مرورًا حسب طاقته، ويجزئه ذلك، ويكون أدى الواجب، وهكذا عرفة إذا دخلها بعد الزوال وبقي فيها إلى الغروب أجزأه ذلك، وهذا الموقف الشرعي، وإن عجز عن ذلك أتاها بالليل ولو لحظة في الليل، وهو محرم قبل طلوع الفجر ليلة العيد، ويكفي ولو قليلاً، لكن من وقف قبل الغروب لا بد أن يكمل إلى الغروب، فإذا انصرف قبل الغروب يكون عليه دم.

ص: 409

226 -

‌ حكم من انصرف من عرفة قبل غروب الشمس

س: ما حكم من انصرف من عرفة قبل غروب الشمس (1)؟

ج: عليه أن يرجع فيقف بعد غروب الشمس ولو قليلاً، فإن لم يرجع فعليه دم، يذبح في مكة للفقراء؛ لأن الوقوف بها إلى الغروب واجب لمن وقف نهارًا، يجب عليه أن يكمل؛ لأن الرسول وقف نهارًا وكمل إلى الغروب عليه الصلاة والسلام، وقال:«خذوا عني مناسككم» (2) اللهم صل عليه.

(1) السؤال الأول من الشريط رقم (432).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة برقم (1297).

ص: 409

227 -

‌ بيان القدر المجزئ من المبيت بمزدلفة

س: ما هو ضابط المبيت في المزدلفة، وإذا تعذر المبيت واكتفى الحاج بالمرور بها فقط فما حكم حجه (1)؟

ج: من فاتته مزدلفة فعليه دم يذبح في مكة للفقراء؛ لأن الوقوف فيها واجب، أما إن وقف فيها غالب الليل، وانصرف بعد النصف فلا بأس إذا انصرف منها بعد نصف الليل، فلا بأس، والأفضل المكث فيها جميع الليل، فإذا طلع الفجر صلى مع المسلمين صلاة الفجر، ثم وقف يذكر الله مستقبلاً القبلة، ويدعو حتى يسفر، فإذا أسفر انصرف إلى منى قبل طلوع الشمس، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، أما الضعفاء من النساء والشيوخ الكبار ومن معهم فلا بأس أن ينصرفوا بعد نصف الليل من مزدلفة إلى منى، الرسول رخص لهم في ذلك، أما الأقوياء وغالب الناس فالمشروع لهم البقاء في مزدلفة حتى صلاة الفجر، فإذا صلوها جلسوا فيها إلى الإسفار للذكر والدعاء، حتى يسفروا، فإذا أسفروا انصرفوا إلى منى قبل طلوع الشمس، هذا هو الأفضل.

(1) السؤال من الشريط رقم (432).

ص: 410

228 -

‌ بيان أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم في الحج

س: يقول السائل: كنا في مجلس نتحدث عن أمور الدين، وخطر لنا سؤال وهو: لماذا يعتبر يوم عرفة هو أهم ركن في الحج (1)؟

ج: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في ذلك: «الحج عرفة» (2) بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحج هو عرفة، هو الركن الأعظم، من فاته الوقوف بعرفة فاته الحج؛ لأن الرسول بين ذلك، قال:«الحج عرفة» (3) ومن أدرك عرفة بالليل فقد أدرك الحج، فدل ذلك على أن من لم يدرك عرفة فقد فاته الحج.

(1) السؤال من الشريط رقم (410).

(2)

أخرجه الترمذي، في كتاب الحج، باب فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك، برقم (812).

(3)

سنن الترمذي الحج (889)، سنن النسائي مناسك الحج (3044)، سنن ابن ماجه المناسك (3015)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 335)، سنن الدارمي المناسك (1887).

ص: 411

229 -

‌ بيان فضل موافقة يوم الجمعة ليوم عرفة

س: يسأل السائل ويقول: هل لوقفة عرفات يوم الجمعة ميزة على غيرها، وهل لها أجر عظيم؟ (1)(2)؟

ج: ليس في وقفة يوم الجمعة ميزة خاصة فيما نعلم، ولكن يوم الجمعة هو أفضل الأيام، وخير يوم طلعت عليه الشمس، والوقوف في

(1) السؤال من الشريط رقم (423).

(2)

السؤال من الشريط رقم (423). ') ">

ص: 411

يوم الجمعة يوافق وقفة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وقف يوم عرفة وهو يوم الجمعة، فيصادف وقوف الناس يوم عرفة اليوم الذي فيه الجمعة حجته صلى الله عليه وسلم ووقوفه صلى الله عليه وسلم. وأمر آخر وهو أن الدعاء يوم الجمعة في آخر النهار ترجى إجابته، فإنه ساعة ما بعد العصر إلى غروب الشمس ساعة يرجى فيها إجابة الدعاء، والواقفون بعرفة يدعون الله عز وجل ويسألونه في وقفتهم إلى غروب الشمس، فهذا يرجى فيه إجابة الدعاء، فهذه المزايا ليوم الجمعة إذا صادف ذلك اليوم يوم عرفة، نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل خير.

س: السائلة من الإمارات تقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ، يقال بأن يوم عرفة إذا صادف يوم الجمعة يسمى هذا الحج بالحج الأكبر، فهل هذا صحيح؟ وما هو الحديث الوارد في هذا الشأن إن وجد؟

ج: إذا صادف يوم الجمعة صادف عيدًا مع عيد، وصادف حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه فضل عظيم لكن يوم الحج الأكبر هو

ص: 412

يوم النحر، هو يوم الحج الأكبر، لكن إذا صادفت الجمعة يوم عرفة صار فضلاً إلى خير، يوم الجمعة وفضل يوم عرفة، اجتمع للحجاج فضلان، واجتمع للحجاج موافقة حجة النبي عليه الصلاة والسلام، ففي ذلك خير عظيم وفضل كبير.

ص: 413

230 -

‌ حكم صوم يوم عرفة للحاج

س: يقول السائل: ما الحكمة من منع الحاج من صوم يوم عرفة (1)؟

ج: الحكمة فيما بين أهل العلم أنه يوم عيد، وهو يوم ينبغي فيه تعاطي ما يسبب النشاط والقوة في الدعاء والضراعة إلى الله بالذكر، والصوم قد يضعفهم عن ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، قال:«عيدنا أهل الإسلام» (2) يعني الأيام الخمسة: يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة. قال فيها:«عيدنا أهل الإسلام» (3) وهكذا يوم الجمعة لما كان يوم عيد نهى عن

(1) السؤال من الشريط رقم (249).

(2)

أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من مسند، عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (17379).

(3)

أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من مسند، عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (17379).

ص: 413

صومها مفردة، فالأفضل في يوم عرفة أن لا يصوم، لذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم عرفة بعرفة، والنبي صلى الله عليه وسلم وقف في يوم عرفة مفطرًا، وجيء له بلبن وهو واقف بعرفة على مطيته فشرب والناس ينظرون عليه الصلاة والسلام، فالسنة للحجاج ألا يصوموا يوم عرفة، بل يكونوا مفطرين؛ لأنه أقوى لهم على العبادة، وأنشط لهم على الخير، ولأنه يوم عيد، والأعياد لا تصام، لكنه يوم عيد لا يحرم صومه، ولكن لا يستحب، يفطر فيه إلا لغير الحجاج كأصحاب المدن والقرى، من السنة أن يصوموه؛ لأنه يوم فاضل يصام، لكن بالنسبة للحجاج هو عيد لهم، فالأفضل لهم ألا يصوموه، بل يقفون بعرفات وهم مفطرون كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، أما أهل القرى والأمصار والبوادي فالسنة لهم أن يصوموا يوم عرفة؛ لأنه يوم فاضل، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صومه يكفر السنة التي قبله والتي بعده، وهو يوم عظيم، لكنه في حق الحجاج عيد لهم، يشرع لهم فيه الفطر.

ص: 414

231 -

‌ حكم كشف المرأة وجهها في الحج

س: مجموعة من النساء ذهبن للحج، وعندما وصلنا عرفة قلن: إننا خلعنا الثياب عن رؤوسنا من شدة الحر. ولم يعلمن ما حكم

ص: 414

ذلك، فما هو توجيهكم (1)؟

ج: إذا كان ليس هناك أجانب، لا حرج إن شاء الله، الستر يجب عند وجود الأجنبي، أما إذا خلعن عن رؤوسهن في الخيمة ليس عندهن إلا النساء فلا حرج في ذلك، مثل الرجل لو طرح الرداء عن كتفيه للحر فلا بأس بذلك.

(1) السؤال من الشريط رقم (355).

ص: 415

232 –‌

‌ حكم من احتلم وهو محرم

س: أديت فريضة الحج وأنا محرم في منى، وبتنا في منى وحصل لي حدث، واغتسلت وذهبت في الصباح إلى عرفة، هل حجتي صحيحة أم يلزمني شيء (1)(2)؟

ج: إذا كان أراد بهذا أنه احتلم فلا يضره ذلك الاحتلام، ما هو باختياره، إذا احتلم ورأى المني ما يضر حجه، عليه أن يغتسل والحمد لله، وحجه صحيح، الممنوع أن يتعمد جماع الزوجة، هذا الممنوع، أما كونه يحتلم في الليل أو في النهار وهو حاج أو في رمضان لا يضره ذلك، لا يضر حجه ولا صومه؛ لأنه ليس باختياره.

(1) السؤال من الشريط رقم (378).

(2)

السؤال من الشريط رقم (378). ') ">

ص: 415

س: رجل أدى فريضة الحج، ويقول: إنه احتلم وهو محرم في منى في أول ليلة نام فيها، والتي صبيحتها يوم عرفة، وبقي على إحرامه، ووقف يوم عرفة ولم يغتسل نظرًا للبس الإحرام وضيق الوقت، ما هو الحكم في ذلك؟ وهل حجه صحيح أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (1).

ج: حجه صحيح، وقد أخطأ في عدم الغسل، والمحتلم لا شيء عليه؛ لأن ذلك ليس باختياره، ولكنه أخطأ في تأخير الغسل، والواجب عليه البدار بالغسل حتى يصلي الفجر وبقية الصلوات بالطهارة الشرعية، فقد أخطأ بهذا وهذا غلط عظيم، فعليه التوبة إلى الله، وعليه أن يقضي تلك الصلوات.

س: تقول السائلة: ذهبت فتاة لأداء فريضة الحج، وبعد الإحرام وعند وقوفها على جبل عرفات جاءتها العادة الشهرية، فما العمل؟ هل يجوز لها أن تتابع أم تتوقف عن أداء الفريضة، أو ترجع إلى محل السكن الذي تسكن فيه حتى تنتهي المدة وتحسب لها حجة؟ ساعدوني وفقكم الله.

(1) السؤال من الشريط رقم (93). ') ">

ص: 416

ج: إذا حجت المرأة وجاءها الحيض وهي في عرفات فإنها تستمر، أو جاءها في منى أو قبل الصعود إلى منى أو الصعود إلى عرفات فإنها تمشي مع الناس وتفعل ما يفعله الحجاج من الذهاب إلى منى وعرفات من الذكر والدعاء في عرفات، ثم الانصراف إلى مزدلفة، وتبقى في مزدلفة مع الناس، وتستغفر الله وتعظمه، ثم تنصرف مع الناس إلى منى، ثم ترمي الجمار مع الناس، وتقص شعرها مع الناس يوم العيد، وتحل من إحرامها بحيث تتطيب، وتقص أظفارها وتكدّ شعرها إذا شاءت لا حرج عليها في كل ذلك، ويبقى عليها الطواف والسعي، فإذا طهرت تطوف وتسعى، ويتم حجها ويحصل لها التحلل الأول، حيث يباح لها الطيب، ويباح لها قص أظفارها، وكدّ شعرها ونحو ذلك، ولبس البرقع، فإذا طافت وسعت حلت الحل كله، حلت لزوجها بعد ذلك، لا حرج عليها في ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت:«افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» (1) هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام عائشة رضي الله عنها، فإنها جاءت محرمة، فلما جاءت مكة أصابها الحيض فشق عليها ذلك،

(1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، برقم (1650).

ص: 417

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت من بنات آدم، هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، فدعي العمرة وأحرمي بالحج، وافعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» (1) فلما طهرت طافت وسعت فقال عليه الصلاة والسلام: «طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك» (2) فالنساء كذلك من أصابها الحيض في العمرة أو في أثناء الحج فإنها في الحج تكمل أعمال الحج إلا الطواف والسعي، فإنه يبقى عليها، وفي العمرة تقف لا تعمل شيئًا، فإذا طهرت طافت وسعت وقصرت وحلت.

(1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي، برقم (1786)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج، برقم (1211).

(2)

أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي، برقم (1786)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج، برقم (1211).

ص: 418

233 -

‌ حكم من حاضت أو نفست أثناء الحج

س: أثناء الوقوف بعرفة أتتها العادة الشهرية، فما هي الأعمال المتبقية من الحج التي لا يجوز لها فعلها بنفسها، ولو أتتها قبل وصولها إلى عرفة فما الحكم بالنسبة لحجها، هل تتمه أو تقطعه أم ماذا تفعل (1)(2)؟

(1) السؤال من الشريط رقم (44).

(2)

السؤال من الشريط رقم (44). ') ">

ص: 418

ج: حجها صحيح، أما كونها أتتها العادة الشهرية فهذا لا يمنع الحج، وهكذا لو ولدت في عرفات تكمل حجها، ولو أنها نفساء، هذا لا يقطع الحج، تذكر الله مع المسلمين في عرفات، تذكر الله وتثني عليه، وتلبي وترفع يديها في الدعاء مع المسلمين في عرفات وفي مزدلفة، وفي الطريق تلبي وتذكر الله، ما يضر هذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت عند قربها من مكة قبل الحج، وذهبت إلى عرفات وهي حائض:«افعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» (1) أمرها أن تفعل ما يفعله الحجاج إلا الطواف وهي حائض رضي الله عنها، وهكذا أسماء بنت عميس زوجة الصديق رضي الله عنهما لما ولدت في الميقات أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم كما يحرم الناس، وأن تتحفظ بثوب، وأن تفعل ما يفعله الحجاج من الذكر والتلبية والإحرام والدعاء وغير ذلك، ما عدا الطواف، أما الصلاة فمعلوم أنها لا تصلي الصلاة، فهو شيء معروف الصلاة والطواف، لا تصلي ولا تطوف، والطواف من جنس الصلاة، قال ابن عباس: الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام. فالحائض والنفساء لا

(1) أخرجه مسلم في، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (4/ 30).

ص: 419

تصليان، ولكن حجهما صحيح، وهكذا لو حاضت قبل عرفات وهي في الطريق بعد الإحرام تكمل حجها مع الناس، لكن لا تطوف، تبقى في مكة تذكر الله، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح أنها تقرأ القرآن عن ظهر قلب، الصحيح من أقوال العلماء أن لها أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب من دون المصحف في مكة وفي عرفات، وفي كل مكان، لكن لا تصلي ولا تطوف حتى تطهر كما هو معلوم، فتبقى على إحرامها ولا بأس أن تغير ملابسها، لو غيرت الملابس لا بأس بذلك، للرجل والمرأة جميعًا، لا يضر تغيير الملابس بملابس أخرى سواء لعذر أو لغير عذر، المقصود أن تغيير الملابس لا يضر من جهة الحائض ولا من جهة النفساء، ولا من جهة بقية المحرمات، ولا من جهة الرجال أيضًا، لا بأس بتغيير الملابس، فهي تستمر في حجها، تخرج معهم إلى عرفات، وتقف بالموقف، وتذكر الله وتلبي، وتدعو ربها وترفع يديها كالرجل، وهكذا تنصرف بعد الغروب إلى مزدلفة، وتبقى في مزدلفة إلى ما بعد صلاة الفجر، تقف مع الناس بعد الفجر، تدعو ربها، ترفع يديها، تلبي في الطريق وفي مزدلفة، لكن لا تصلي ولا تطوف بعد ذلك، المقصود أنها مثل الحجاج في ذكرهم ودعائهم ونحو ذلك ما عدا الصلاة والطواف، وإن تعجلت مع الماس من مزدلفة في آخر الليل فلا بأس لها أن تتعجل في آخر الليل من مزدلفة مع بقية الناس؛ لأن

ص: 420

الرسول رخص للضعفة في أن يتعجلوا من مزدلفة في آخر الليل عليه الصلاة والسلام، وإن تعجلت إلى منى تبقى في منى ولا تطوف، تبقى حتى تطهر فإن نزلت إلى مكة ولم تطهر بقيت في مكة حتى تطهر، فإذا طهرت طافت وسعت إن كان عليها سعي، واكملت حجها، والحمد لله.

ص: 421

234 -

‌ حكم الانصراف من مزدلفة قبل نصف الليل

س: إحدى الأخوات المستمعات من الأردن ف. م تقول: في أحد الأعوام أدينا فريضة الحج انا وزوجي، وفي يوم عرفة ذهبنا من عرفة إلى المزدلفة وصلينا العشاء فيها، وجمعنا منها الحصى، ولكننا لم ننم تلك الليلة في مزدلفة، وعاد بنا الباص إلى مكة، الرجاء إفادتنا أفادكم الله عن صحة حجنا، وماذا نفعل هل علينا من فدية أم لا علمًا بان زوجي متوفى، ما حكم صحة الحج الذي أديناه (1)(2)؟

ج: إذا كان الواقع ما ذكرت فالحج صحيح والحمد لله، لكن إن كان انصرافكم من مزدلفة قبل نصف الليل فعليك دم وعلى زوجك دم يذبح في مكة للفقراء والحمد لله، الحج صحيح، وأما إن كان الانصراف من

(1) السؤال من الشريط رقم (346).

(2)

السؤال من الشريط رقم (346). ') ">

ص: 421

مزدلفة بعد نصف الليل فلا شيء عليكما، والحمد لله.

س: يقول: لم نصل إلى مزدلفة إلا بعد منتصف الليل نظرًا لتأخر السيارة علينا، فما الحكم؟

ج: لا حرج في ذلك ولو لم تصلوا إلا آخر الليل، والحمد لله.

ص: 422

235 -

‌ حكم من لم يصل إلى مزدلفة إلا بعد الشروق

س: السائل أبو رامي يقول: قمنا بالحج أنا والأولاد منذ عام، وفي يوم عرفة تخلفت السيارة عنا، وأدى ذلك إلى بقائنا في عرفة حتى قرب الفجر، وأخذنا سيارة، وهذه السيارة لم تقم بتوصيلنا إلى مزدلفة إلا بعد شروق الشمس، فصلينا بها المغرب والعشاء قضاءً والفجر أيضًا، ماذا علينا في ذلك؟ وإذا كان علينا شيء، فهل على الأطفال شيء أيضًا (1)؟

ج: الواجب عليكم المبادرة إلى مزدلفة، لكن إذا كان التخلف لعذر شرعي، ما حصلت السيارات تنقلكم فلا حرج عليكم والحمد لله؛ لأنكم معذورون، ولكن يجب عليكم أن تصلوا الصلاة في وقتها قبل

(1) السؤال من الشريط رقم (389).

ص: 422

نصف الليل، صلاة المغرب في وقتها والعشاء جمعًا وقصرًا، ولو في عرفة أو في الطريق لا تؤجلوها إلى ما بعد نصف الليل، قد أخطأتم في تأخيرها، فعليكم التوبة إلى الله من ذلك، الواجب على من تأخرت عنه السيارات أن يصلي الصلاة في وقتها، وهكذا عند الزحمة في الطريق لا يؤخر الصلاة، يصليها قبل نصف الليل، المغرب والعشاء قصرًا وجمعًا، وليس عليه شيء إذا فاته المبيت في مزدلفة من أجل العذر الشرعي، وهو تأخر السيارات والعجز عن المجيء، لا حرج، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} .

ص: 423

236 -

‌ حكم المبيت بمزدلفة

س: ما حكم المبيت بمزدلفة، وهل يجوز للحاج أن يذهب من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الفجر (1)؟

ج: لقد دلت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام على أن المبيت بمزدلفة أمر مفترض؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بات بها، وقال:«خذوا عني مناسككم» (2) اللهم صل وسلم عليه. فالواجب على الحاج أن يبيت بها إذا انصرف من عرفات بعد الغروب يقصد

(1) السؤال من الشريط رقم (4).

(2)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الإيضاح في وادي محسر، (5/ 125).

ص: 423

مزدلفة ويصلي بها المغرب والعشاء قصرًا وجمعًا، العشاء ثنتين والمغرب ثلاثًا بأذان واحد وإقامتين، ويبيت بها حتى يصلي بها الفجر، فإذا صلى بها الفجر جلس بها أيضًا يذكر الله ويدعوه مستقبل القبلة، وإن قرب من المشعر فحسن، ولكن كل مزدلفة موقف – الحمد الله – في أي مكان منها، يذكر الله ويدعوه مستقبل القبلة حتى يسفر، فإذا أسفر انصرف إلى منى كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا المبيت واجب عند أهل العلم على الصحيح، وقال بعضهم: يكفي المرور بها، ولكنه قول ضعيف، ويجوز للضعفاء من النساء والصبيان وكبار السن ومن كان معهم بصحبتهم الانصراف من مزدلفة في آخر الليل، بعد مضي نصف الليل، والأفضل بعد غروب القمر كما جاء في حديث أسماء بنت أبي بكر، فإذا غاب القمر انصرفوا إلى منى، كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لسودة وأخيها ولأم سلمة. هذا هو المشروع، ومن بقي من الضعفة مع الناس فلا بأس، فإذا انصرفوا من مزدلفة في آخر الليل توجهوا إلى منى ورموا الجمرة إن شاءوا، وإن شاءوا جلسوا في منى حتى يرموها نهارًا، هم مخيرون، ومن رماها ليلاً كما رمت أم سلمة في آخر الليل فلا بأس، الضعفة يرمونها ليلاً في آخر الليل، ثم ينصرفون إذا شاءوا إلى مكة للطواف ولا سيما النساء، فإنهن يخشين أن تنزل بهن العادة الشهرية فتمنعهن من الطواف فيتوجهن إلى مكة

ص: 424

مسرعات آخر الليل للطواف فلا بأس، كل هذا لا حرج فيه بحمد الله، أما الأقوياء فالسنة لهم المبيت بمزدلفة حتى يصلوا بها الفجر، وحتى يقفوا بها بعد الفجر حتى يسفروا، هذه السنة، ومن انصرف من الأقوياء مع الضعفة في آخر الليل أجزأه ذلك، وصح حجه في أصح قولي العلماء، ولكنه ترك الأفضل.

ص: 425

237 -

‌ حكم ذكر الله عند المشعر الحرام

س: ما حكم من لم يذكر الله عند المشعر الحرام بعد الانتهاء من عرفات؟ لأنني رأيت معظم حجاج الخارج الذين يأتون من بلاد أخرى لم يتموا هذه الفريضة التي أمر الله بها في كتابه (1)(2).

ج: ذكر الله عند المشعر الحرام سنة، فإذا تركها الإنسان فلا حرج، سنة؛ لأن الرسول أذن للضعفة أن ينصرفوا في آخر الليل، ولم يقفوا عند المشعر الحرام، بل انصرفوا من مزدلفة ولم يقل لهم: قفوا عند المشعر الحرام. دل ذلك على أنه إذا ذكر الله في منزله في مزدلفة في خيمته في طريقه كفى، ليس بلازم أن يقف عند الجبل المشعر، لو ذكر الله في مزدلفة في فراشه في مسكنه في طريقه كل ذلك طيب، هذا هو

(1) السؤال من الشريط رقم (366).

(2)

السؤال من الشريط رقم (366). ') ">

ص: 425

السنة، وإذا صعد الجبل وذكر الله عند الجبل بعد صلاة الفجر فهذا أكمل وأفضل بعد صلاة الفجر إلى أن يسفر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف على المشعر، فلما أسفر جدًّا انصرف إلى منى، هذا هو الأفضل، لكن لو أن بعض الناس انصرف في آخر الليل ولم يقف عند المشعر فلا حرج؛ لأن الرسول أذن للضعفة ومن معهم أن ينصرفوا في آخر الليل.

س: هل هناك أدعية خاصة يقولها الحاج في مزدلفة وما هو المشعر الحرام؟؟

ج: المشعر الحرام يدعو عنده الإنسان مثل ما شرع الله بالذكر يذكر الله ويدعو، قال الله جل وعلا:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} فإذا أتوا المشعر يذكرون الله في أرض مزدلفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده

ص: 426

أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. ويجتهد في الدعاء أيضًا ويستغفر ربه سبحانه وتعالى.

ص: 427

238 -

‌ حكم الخروج من مزدلفة بعد نصف الليل

س: السائل: ح. ع. من مكة المكرمة يقول: ما حكم الخرروج من مزدلفة بعد الساعة الواحدة والنصف ليلاً لرمي جمرة العقبة خوفًا من الزحام الشديد (1)(2)؟

ج: النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفة من النساء وكبار السن والأطفال وأتباعه أن يخرجوا من مزدلفة بالليل؛ يعني آخر الليل، النصف الأخير بعد ما يغيب القمر، فلا حرج إذا خرج الضعفاء من النساء وأتباعهن، وكبار السن ونحوهم وتوجهوا إلى منى حتى يرموا الجمرة قبل الزحمة، فلا بأس بذلك كما رخص النبي لهم عليه الصلاة والسلام، أما الأقوياء فالأفضل لهم المبيت في مزدلفة والوقوف بها بعد صلاة الفجر مستقبلين القبلة يدعون الله ويسألونه، ويضرعون إليه،

(1) السؤال من الشريط رقم (417).

(2)

السؤال من الشريط رقم (417). ') ">

ص: 427

ويرفعون أيديهم بالدعاء كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الفجر في مزدلفة، ثم وقف بها حتى أسفر، ورفع يديه ودعا ربه حتى أسفر جدًّا مستقبل القبلة، فلما أسفر جدًّا انصرف إلى منى قبل طلوع الشمس، هذه السنة للحجاج أن يصلوا في مزدلفة الفجر، وأن يقفوا في المشعر الحرام في مزدلفة، كل مزدلفة موقف، كلها، يستقبلون القبلة ويرفعون أيديهم ويدعون بما يسر الله من الدعاء في قبول حجهم، وبحصول المغفرة والنجاة من النار، إلى غير هذا من الدعوات الطيبة، فإذا أسفروا انصرفوا قبل طلوع الشمس، ينصرفون إلى منى قبل أن تطلع الشمس بعد الإسفار، قال عمر رضي الله عنه: كانوا في الجاهلية لا ينصرفون حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق. (1) والنبي خالفهم فأفاض بمزدلفة قبل أن تطلع الشمس عليه الصلاة والسلام.

س: يقول السائل: حججنا مع مجموعة كبيرة من الحجاج، ومعنا سيارة فيها ست نساء وطفلان ورجل، أما البقية فإنهم شباب في بقية السيارات، وبعد أن انتصف الليل في مزدلفة أحب صاحب العائلة أن ينزل إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة، وأصر الشباب

(1) أخرجه البخاري كتاب الحج: باب متى يدفع من جمع برقم (1684). ') ">

ص: 428

أن ينزلوا معه، هل يجوز لهم النزول معه أم لا؟

ج: إذا كان الحجاج معهم نساء فلهم الرخصة أن ينصرفوا من مزدلفة في النصف الأخير من الليل ليلة النحر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفة من أهله أن ينصرفوا منها بالليل، وهذا ثابت عنه عليه الصلاة والسلام، والذي يظهر أن أصحابهم مثلهم، فالذين مع النساء من الرجال القوامين عليهن والرفاق الذي معهم الذي يظهر أنهم شيء واحد، فإذا سمح للضعفة أن ينصرفوا فالذين معهم كذلك مسموح لهم الانصراف، أما الأقوياء الذين ليس معهم نساء فالسنة لهم البقاء حتى يصلوا الفجر، وحتى يقفوا بعد الصلاة ذاكرين مهللين مكبرين حتى يسفروا كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وأما أولئك الضعفاء فأصحابهم حكمهم حكمهم، هذا هو الأرجح والأقرب ما داموا رفقة في سيارة واحدة، أما إن كانوا جماعة في سيارة مستقلة فالأقوياء سنتهم البقاء حتى يكملوا الليل، حتى يصلوا الفجر وحتى يقفوا مع الناس بعد صلاة الفجر ذاكرين مكبرين مهللين وداعين حتى يسفروا، هذا هو السنة بخلاف ما إذا كانوا في سيارة واحدة تجمع رجالاً ونساءً شبابًا وشيبًا، فهؤلاء

ص: 429

دربهم واحد، ولا حرج إن شاء الله في انصرافهم جميعًا وذهابهم إلى منى آخر الليل، ورميهم الجمرة، وذهابهم إلى مكة كل هذا لا حرج فيه إن شاء الله؛ لأن الضعيف يتبعه القوي الذي هو في رفقته أو في القيام على شؤونه.

ص: 430

239 -

‌ بيان تحديد نصف الليل للخروج من مزدلفة

س: هل الخروج من المزدلفة في الوقت الحاضر في الساعة الحادية عشرة والنصف – يعني وقت انتصاف الليل – هل هو للنساء فقط أو معهن غيرهن (1)(2)؟

ج: للضعفاء من النساء والرجال والشيوخ الكبار بعد نصف الليل، والليل يختلف على مدار الزمان، فإذا كان الليل عشر ساعات فالنصف بعد مضي الساعة الخامسة من العشر، وإذا كان الليل إحدى عشرة في مضي خمس ونصف، وهكذا يختلف الليل، إذا مضى نصفه بالساعة خرج الضعفاء ونحوهم كالشيوخ الكبار والأطفال، ومن معهم من الملازمين.

(1) السؤال من الشريط رقم (432).

(2)

السؤال من الشريط رقم (432). ') ">

ص: 430

س: المستمع أبو عبد الله من الزلفي يقول: العام الماضي لم نبت في المزدلفة حيث معنا نساء كبيرات في السن عددهن خمس نساء، وأربع رجال، هل علينا شيء في ذلك سماحة الشيخ؟

ج: من لم يبت في مزدلفة فعليه دم، يذبح في مكة للفقراء؛ لأن المبيت فيها واجب، فمن تركه عمدًا أو تساهلاً فعليه دم؛ لأن الواجب هكذا إذا ترك المبيت عليه دم يذبح في مكة للفقراء، والمبيت في المزدلفة واجب إلا من تعسر عليه بأن حيل بينه وبين ذلك بسبب الزحمة عند انصرافهم من عرفات، ولم يتيسر له ذلك للزحمات الكثيرة حتى فات الوقت فمعذور.

ص: 431

240 -

‌ حكم التقاط حصى الجمرات من مزدلفة

س: هل يجوز التقاط جميع الجمرات من مزدلفة للجمرات الثلاث في الأيام الثلاث أم لا يجوز (1)(2)؟

ج: التقاط الجمرات جائز من مزدلفة ومن بقية الحرم، ومن عادة العامة أنهم يلتقطون الحصى كله من مزدلفة، وقد روي عن بعض

(1) السؤال من الشريط رقم (4).

(2)

السؤال من الشريط رقم (4). ') ">

ص: 431

السلف ذلك، ولكن الأفضل عدم ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم التقط سبعًا يوم صبيحة العيد، لقطها له ابن عباس، وأعطاها إياه عليه الصلاة والسلام، فجعل يقلبها في يده ويقول:«أمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين» (1) سبع ما لقط إلا سبع مثل حصى الخذف، صغيرة؛ يعني مثل بعر الغنم غير الكبير، هذا هو الخذف، فوق الحمص ودون البندق، يرمي به الجمرة يوم العيد، وإن لقطه من منى كفى ذلك، فإن ظاهر الحديث أنه لقط له من منى عليه الصلاة والسلام، هذا ظاهر السياق، فإذا لقطه من منى أو من مزدلفة فلا بأس، كله طيب، وكله كافٍ، أما بقية الجمار فتلقط من منى، هذا ظاهر السنة، وإن لقطه من مزدلفة وجمعه فلا حرج، لكن الأفضل ألا يتكلف، يلقطه من منى، ويكفي – والحمد لله – كل يوم واحد وعشرون حصاة من منى الجمرات الثلاث: الحادي عشر، والثاني عشر، وهكذا الثالث عشر لمن لم يتعجل، ومما قد يغلط فيه العامة أنهم إذا وصلوا مزدلفة اشتغلوا بلقط الحصى قبل الصلاة، قبل كل شيء، هذا غلط ما له أساس، إذا صلى وتفرغ وتعشى إذا أحب أن يلقطها فلا بأس، وإن تركها إلى منى

(1) أخرجه أحمد في مسنده، من مسند عبد الله بن العباس برقم (3248).

ص: 432

كفى ذلك والحمد لله، المقصود أن العامة يتكلفون في هذا، وليس له أصل، بل إن لقطها من مزدلفة فلا بأس بعد ما يصلي وبعد ما يستريح، وإن تركها حتى يلقطها من منى كفى ذلك والحمد لله.

س: يقول السائل: أنا حججت بوالدتي، والتقطت لها جمارًا من مزدلفة لجميع الرمي، فطلبت مني غسل الجمار وتطييبها، وقلت لها: قد فعلت ذلك، وأنا كاذب لأنه لا وقت عندي، فما حكم طلبها لغسل الجمار وتطييبه، وما حكم كذبي على أمي هل يقبل حجي أم لا؟

ج: أما غسل الجمار وتطييبها فهذا لا أصل له، لا تغسل ولا تطيب، تؤخذ ويرمى بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما غسلها، ولا طيبها عليه الصلاة والسلام، وهو المقتدى به، وهو الأسوة عليه الصلاة والسلام، وهو المشرع لأمته، فلا يستحب غسل الجمار، ولا تطييبها بل تؤخذ من التراب ويرمى بها، هذا هو المشروع، وأما كونك قلت لأمك أيها السائل أنك فعلت، أنك غسلته وطيبته كاذبًا فعليك التوبة إلى الله من الكذب، والاستغفار، ولا تعد لمثل هذا، وحجك صحيح بحمد الله، لا يضر حجك هذا، فإنما هو نقص في الحج، الكذب نقص في الدين، فعليك الاستغفار والتوبة، وكان الواجب عليك أن تقول: يا أمي لا يستحب

ص: 433

هذا، يا والدتي لا يستحب غسلها ولا تطييبها؛ لأن الرسول ما فعله ولا أصحابه، وعلينا أن نتأسى بهم، تعلمها بالسنة لأنها جاهلة، لكن لعلك كنت جاهلاً ما كنت تعرف السنة، فالحاصل أنه لا حرج عليك من جهة حجك، حجك صحيح وعليك التوبة والاستغفار عن كذبك، وعليك أن تعلم أن غسل الجمار وتطييبها لا يستحب ولا يشرع، بل هو بدعة، فعليك أن تعلم الناس، تعلم إخوانك وجماعة من جماعتك الذين معك في أي حج حججته، أو في أي مجلس تقول لهم: هذا شيء لا يشرع، وهكذا أرجو من سمع هذا المقال وهذا البرنامج أرجو منه إذا سمع الفائدة أن يبلغها غيره، وصيتي لإخواني المستمعين أن يبلغوا ما يسمعون من الفائدة؛ لأن العلم يكون هكذا بالتبليغ، فالنبي عليه الصلاة والسلام إذا خطب الناس يقول لهم:«فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع» (1) وكان يقول عليه الصلاة والسلام: «بلغوا عني ولو آية» (2) فعلينا أيها الإخوة أن نبلغ العلم، وأن نتواصى بالحق، ونتعاون على البر والتقوى حتى ينتشر العلم، إذا أنت نقلت الفائدة، والآخر نقل

(1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، برقم (67).

(2)

أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل برقم (3461).

ص: 434

الفائدة، والأخرى المرأة نقلت الفائدة لأخواتها ولأقاربها، والأخرى نقلت ذلك فإنه يتسع العلم ويكثر، فأنا وصيتي للمستمعين دائمًا أن ينقلوا العلم إذا سمعوه من هذا البرنامج أو غير نور على الدرب، إذا سمعوا الفائدة من أهل العلم ينشرونها في مجالسهم، وفي أحاديثهم، وفيما بينهم حتى يعم العلم سواء كان ذلك يتعلق بالعقيدة والإخلاص لله سبحانه وتعالى، والحذر من الشرك، أو كان يتعلق بالصلاة أو بالصيام أو بالحج، أو بالمعاملات، على كل حال تبليغ العلم مطلوب لا من الرجال ولا من النساء عليكم جميعًا أيها المستمعون رجالاً ونساءً أن تبلغوا ما تسمعون من الفائدة في كل مكان تستطيعونه، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

ص: 435

241 -

‌ حكم تكسير الحجر لتكميل عدد الجمرات

س: لقد كسرت حجرًا كبيرًا إلى واحد وعشرين حجرًا، ورمين به في اليوم الثاني – أي في اليوم الأول من أيام التشريق – فهل يعتبر رميي صحيحًا أم أنه يعتبر مجرد واحد على حسب أصله؟ وفقكم الله (1).

ج: السنة والأفضل أن يلقط الإنسان حجرات من الأرض من دون

(1) السؤال من الشريط رقم (18).

ص: 435

تكسير؛ لأن التكسير قد يؤذيه قد يضره، وقد يطير إليه منه شيء، فإذا أخذه من الأرض فذلك أولى وأسلم، وإذا كسره فلا حرج، إذا كسره من حجر كبير واستخرج من ذلك واحدًا وعشرين حصاة، أو سبع حصيات أجزأه ذلك ولا بأس، ولو مكسرًا من حجر، فإذا رمى كل جمرة بسبع حصيات من هذا الحجر الكبير الذي كسره فإنه يجزئ ولا بأس، ولكن ذكر العلماء أن كونه يلتقط من الحجر الصغار بدون تكسير يكون أولى وأسلم، وأبعد عن الخطر؛ لأنه قد يطير إليه شيء من التكسير قد يضره، ويضر عينه، أو يضر غيره، هذا المقصود، وإلا فلا حرج في ذلك.

ص: 436

242 -

‌ بيان ما يلزم من ترك رمي الجمار

س: أم عبد الله من المزاحمية تقول: لقد أديت فريضة الحج قبل خمس سنوات، ولكن لم أرم إلا في المرة الأولى – أي رميت ليلة العيد قبل الفجر – حيث إننا خرجنا من مزدلفة بعد منتصف الليل خوفًا من الزحام، ثم إنني رميت الحصيات، ولا أعلم هل وقعت في الحوض أم طاشت عنه ولم تقع، وكان وقتها الزحام شديدًا، وكنت في ذلك الوقت جاهلة أنه يجب أن تقع الحصيات في الحوض. وتكمل السائلة فتقول: كما أنني لم أرم

ص: 436

في اليوم الثاني والثالث، وإنما وكلت أخي للرمي عني، وذلك خوفًا من الزحام فقط، كما أنني كنت جاهلة بأنه على المرأة أن ترمي بنفسها، ولا توكل إلا لعجزها عن ذلك، أفيدوني ما الذي يجب في رميي للحصيات حينما كنت لا أعلم: هل كانت تقع في الحوض أم كانت تطيش عنه، وما الذي يجب علي في توكيل أخي في الرمي في اليوم الثاني والثالث، هل يجب علي فدية أم ماذا؟ جزاكم الله خيرًا (1).

ج: عليك عن جميع ذلك ذبيحة واحدة، عن ترك الرمي في اليوم الثاني والثالث وأنتِ قادرة، وعن رمي اليوم الأول شككتِ هل وصلت الجمرات إلى الحوض أم لا، المقصود أن عليكِ دمًا واحدًا ذبيحة جذع من الضأن، أو ثني من المعز كالضحية، يذبح في مكة للفقراء عن ترك هذا الواجب؛ لأنه لا بد من العلم عن وقوع الحصى في المرمى، أو غلبة الظن في ذلك، والهدي يذبح في مكة للفقراء، وتذبحه بنفسها أو بواسطة وكيلها.

(1) السؤال من الشريط رقم (299).

ص: 437

243 -

‌ حكم من طاف طواف الوداع بعد ما وكل في رمي الجمار

س: بعد رمي جمرة العقبة في أول يوم العيد مرضت بالأنفلونزا،

ص: 437

وجلست لليوم الثاني، ورميت الجمرات الثلاث، ووكلت شخصًا لرمي الجمرات لليوم الثالث وهو اليوم الثاني من أيام التشريق، وذهبت لطواف الوداع، وذهبت إلى جدة عند أخي، فما كان منه إلا أن جعلني أرجع، وقال: هذا لا يجوز. فعدت الساعة الثانية صباحًا، ورميت في الظهر الجمرات الثلاث، ورجعت بعد طواف الوداع للمرة الثانية، هل ما عملته صحيح؟ جزاكم الله خيرًا (1).

ج: إذا كان رميك أثناء توكيلك لأنك عاجز مريض فالوكالة صحيحة وليس عليك إعادة، وطواف الوداع صحيح إذا كان بعد رمي الوكيل، أما إذا كنت تساهلت في الوقت هذا وأنت تستطيع فأخوك لما أمرك بالرجوع فقد أصاب، فعليك أن ترمي الجمار لليوم الثاني عشر الذي وكلت فيه، وأن تقوم في رمي اليوم الثالث عشر؛ لأنك جئت في الليل وأنت يلزمك أن تبقى حتى ترمي جمرة اليوم الثالث؛ لأنك مضى عليك نهار اليوم الثاني وأنت لم ترم الجمرات، وجئت في الليل لليوم الثالث عشر، فكان يجب عليك أن تبقى حتى ترمي لليوم الثالث عشر، فعليك أن تذبح ذبيحة عن عدم المبيت، وعدم رميك لليوم الثالث عشر، وأما الوداع فمحل نظر، إن كان الوداع الأول صادف أنك رميت الجمار

(1) السؤال من الشريط رقم (299).

ص: 438

الأولى وأنت معذور بالمرض فالوداع صحيح وعودتك ما لها مطلب، أما إن كنت وكلت وانت لست في حاجة للوكالة وأنت صحيح تقوى على الرمي فعليك دم عن ترك الوداع وعن ترك الرمي لليوم الثالث عشر، عليك دمان: إحدهما عن ترك الرمي لليوم الثالث عشر، والثاني عن ترك الوداع؛ لأنك ودعت قبل أن يحل الوداع؛ لأن الوداع يكون بعد الرمي.

ص: 439

244 -

‌ بيان ما يحصل به التحلل الأول

س: متى يخلع الإحرام (1)؟

ج: متى رمى المحرم جمرة العقبة، والمحرمة كذلك، جاز له فك الإحرام، ويبقى عليه تحريم النساء، والأفضل أن يكون مع ذلك الحلق أو التقصير، إذا رمى يحلق ويقصر، والمرأة كذلك تقصر، حتى يفعل اثنين من ثلاثة، فإن الحل يكون بثلاثة أمور، يكون بالطواف والسعي إن كان عليه سعي، وبالرمي وبالحلق أو التقصير، بثلاثة، فإذا طاف المحرم طواف الإفاضة، ورمى جمرة العقبة يوم العيد، وحلق أو قصر تم حله من النساء وغير النساء، له لبس المخيط وغطاء الرأس، وإتيان الزوجة، والمرأة كذلك إذا رمت الجمرة وطافت طواف الإفاضة وقصت من

(1) السؤال من الشريط رقم (277).

ص: 439

رأسها حلت الحل الكامل، وإذا كانت متمتعة أو الرجل متمتعًا لا بد من السعي سواء كان قارنًا جمع بين الحج والعمرة، أو متمتعًا قد حل من العمرة، لا بد من السعي مع الطواف، وبهذا يتم الحل، إذا طاف وسعى ورمى الجمرة يوم العيد وحلق أو قصر إن كان رجلاً، وقصرت إن كانت امرأة بهذا يتم الحل، وإذا فعل اثنين من ثلاثة: رمى وحلق أو قصر حصل التحلل الأول، يبقى عليه تحريم النساء، لكن يغطي رأسه، يلبس المخيط، يتطيب يقص أظفاره، إلى غير ذلك، ويبقى عليه تحريم النساء، وكذلك المرأة إذا رمت الجمرة وقصرت حل لها كل شيء حرم عليها بالإحرام إلا الزوج، فإذا طافت وسعت مع الرمي والتقصير حصل الحل كله، الزوج والطيب وقلم الأظفار وقص الشعر ونحو ذلك، يعني حلاً كاملاً، وفي حق المتمتع والقارن لا بد من السعي مع طواف الإقاضة، أما الذي لم يحرم إلا بالحج وحده فإنه يكفيه طواف الإفاضة، إذا كان سعى مع طواف القدوم كفاه السعي الأول، ويجزئه طواف الإفاضة يوم العيد، والرمي والحلق أو التقصير، ويحصل له الحل بكامله، والمرأة كذلك إذا كانت سعت مع طواف القدوم وهي قد أحرمت بالحج فإن الرمي والطواف والتقصير يكفيها، وهكذا القارن الذي قرن الحج بالعمرة حكمه حكم المفرد بالحج إذا سعى مع طواف

ص: 440

القدوم كفاه السعي الأول، ولا يبقى عليه إلا طواف الإفاضة، فإذا رمى وطاف وحلق أو قصر تم حله.

ص: 441

245 -

‌ حكم رمي الجمرات بعد طلوع الفجر

س: يقول السائل: حججت العام الماضي، ورأيت الناس يرمون الجمار بعد الفجر فرميت معهم، فما حكم ما فعلت (1)؟

ج: إذا كان ذلك يوم العيد أجزأ إن شاء الله، أما الأفضل فهو بعد طلوع الشمس، لكن ليلة العيد لا بأس بالرمي في آخر الليل في النصف الآخر، ولا بأس بالرمي بعد الفجر، والأفضل بعد طلوع الشمس، اما إذا كان في أيام التشريق؛ الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر فالرمي قبل الزوال لا يجزئ، وعليك أن تعيده بعد الزوال، فإذا كانت الأيام ذهبت ولم تعد فعليك دم عن ترك الرمي؛ لأنك في حكم من لم يرم، فعليك دم تذبحه في مكة للفقراء بسبب ترك الواجب وهو رمي الجمار بعد الزوال.

(1) السؤال من الشريط رقم (215).

ص: 441

246 -

‌ حكم لبس المخيط قبل رمي جمرة العقبة يوم النحر

س: والدي بعد أن وصل منى ذبح كبشًا وحلق رأسه ولبس ثيابه،

ص: 441

فهل فعله هذا صحيح أم يلزمه هدي؟ وفقكم الله (1).

ج: المشروع أنه لا يلبس ثيابه حتى يرمي الجمرة يوم العيد، ثم يحلق أو يقصر، والذبح بينهما، هذا هو الأفضل، يرمي، ثم يذبح، ثم يحلق أو يقصر، هذا هو السنة، ثم بعد هذا يتطيب ويلبس ثيابه، هذا هو الأفضل، فالذي ذبح وحلق ولبس ولم يرم لا يجوز له ذلك، لكن ليس عليه شيء لأنه جاهل، فما دام جاهلاً فلا شيء عليه في اللبس، إنما عليه إذا انتبه أن يخلع ثيابه المخيطة، ويرمي جمرة العقبة، ثم يلبس بعد ذلك، أما تقديمه الذبح على الرمي فلا يضر؛ لأن النبي «سئل عليه الصلاة والسلام عمن ذبح قبل أن يرمي فقال عليه الصلاة والسلام: لا حرج» (2) ولكن السنة يوم العيد أنه يرمي أولاً جمرة العقبة سبع حصيات، كل واحدة لحالها، يكبر مع كل حصاة: الله أكبر، ويرمي، الله أكبر، هذه السنة بحجر صغير يشبه بعر الغنم الذي ليس بكبير، ثم بعد ما يرمي الجمرة ينحر هديه إن كان تيسر، يذبح ثم يحلق رأسه وهو الأفضل، وإن قصر فلا بأس، لكن التقصير يكون من جميع الرأس من عموم رأسه من أطراف الشعر، بعض الناس يأخذ شعرات من جانب أو من جانبين، لا ينبغي

(1) السؤال من الشريط رقم (18).

(2)

أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم (83).

ص: 442

هذا، بل يعم رأسه بالتقصير كما يعم بالحلق، ثم يكون بعد هذا قد تحلل التحلل الأول، يعني بهذا العمل يكون قد تحلل التحلل الأول، فيلبس المخيط، ويغطي رأسه ويتطيب ويفعل ما يفعله الحلال ما عدا النساء، ما عدا زوجته فإنه لا يأتيها حتى يطوف، فالذي مثلاً جهل فرمى ولبس، أو حلق ولبس لا شيء عليه لأجل الجهل، لكن يخلع الثياب في وقته إذا نبه، يخلع ويلبس إزاره ورداءه، ويكمل فيرمي إذا كان ما رمى، ويحلق إذا كان ما حلق، فإذا رمى وحلق وقصر يلبس ثيابه بعد ذلك ويتطيب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رمى ونحر وحلق طيبته عائشة عليه الصلاة والسلام، وتحلل، ثم ركب إلى البيت فطاف طواف الإفاضة عليه الصلاة والسلام، ويروى عنه عليه السلام أنه قال:«إذا رميتم وحلقتم قد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء» (1) فالحاصل أنه إذا رمى وحلق، أو رمى وقصر حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء، فإذا رمى وحلق أو قصر وطاف طواف الإفاضة طواف الحج وسعى إن كان عليه سعي تم الحل، فحينئذٍ يلبس المخيط، ويتطيب، وتحل له زوجته ولو كان ما رمى الرمي الأخير الذي في أيام التشريق.

(1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عائشة رضي الله عنها برقم (25103).

ص: 443

247 -

‌ بيان ما يحصل به التحلل الثاني

س: من رمى وحلق وطاف بالبيت ولكنه لم يذبح، هل يجوز له التحلل الأصغر أو الأكبر (1)(2)؟

ج: إذا رمى وطاف وحلق ولو لم يذبح حل له كل شيء حتى النساء، يلبس المخيط، ويغطي رأسه، ويتطيب، ويأتي زوجته؛ لأن الذبح لا يتعلق بالتحلل على الصحيح، لكن الأفضل أن يسردها كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، أولاً يرمي الجمرة صباح العيد، أو في آخر الليل إن كان من المستضعفين، وإن كان من الأقوياء فالسنة أن يتأخر حتى يرميها الضحى بعد طلوع الشمس، ثم ينحر الهدي سواء كان غنمًا أو بقرًا أو إبلاً، يذبحه ويأكل منه ويتصدق، ثم يحلق رأسه، والحلق أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالمغفرة والرحمة ثلاث مرات، والمقصرين واحدة، أو يقصر بدل الحلق من عموم رأسه، وبهذا يتحلل التحلل الأول؛ يعني يجوز له المخيط وتغطية رأسه والطيب ونحو ذلك، ويبقى عليه إتيان النساء، فإذا طاف طواف الإفاضة طواف الحج يوم العيد أو بعده وسعى السعي الذي عليه إن كان ما سعى مع طواف القدوم يسعى مع طواف الحج، أو كان متمتعًا قد طاف وسعى لعمرته

(1) السؤال من الشريط رقم (18).

(2)

السؤال من الشريط رقم (18). ') ">

ص: 344

وتحلل فإنه يسعى سعيًا ثانيًا لحجه، فإذا طاف وسعى حل من كل شيء حرم عليه بالإحرام، النساء وغير النساء، وهذا الترتيب هو السنة، أن يرمي، ثم يذبح، ثم يحلق أو يقصر – والحلق أفضل – ثم يطوف ويسعى إذا كان عليه سعي. هذا الترتيب المشروع، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، لكن لو قدم بعضه على بعض بأن نحر قبل أن يرمي، حلق قبل أن يذبح، طاف قبل أن يرمي، طاف قبل أن يحلق، لا حرج في ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن هذا، قال له رجل:«يا رسول الله، نحرت قبل أن أرمي؟ قال: " لا حرج " قال آخر: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: "لا حرج " وقال له آخر عليه الصلاة والسلام: أفضت قبل أن أرمي؟ قال: "لا حرج "» (1) قال الراوي – وهو ابن عباس -: «فما سئل يومئذٍ عن شيء قدم أو أخر إلا قال: افعل ولا حرج» (2) وهكذا جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وهذا يدل على التوسعة بحمد الله، وأن الأمر موسع، وهذا من إحسان الله عز وجل على عباده؛ لأن هذا اليوم يكثر فيه النسيان، يكثر فيه الجهل، فمن رحمة الله أن جعل الأمر واسعًا، من ذبح قبل أن يرمي لا حرج، من حلق قبل أن يذبح لا حرج،

(1) صحيح البخاري العلم (83)، صحيح مسلم الحج (1306)، سنن الترمذي الحج (916)، سنن أبو داود المناسك (2014)، موطأ مالك الحج (959)، سنن الدارمي المناسك (1907).

(2)

أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم (83).

ص: 445

من طاف قبل أن يرمي، طاف قبل أن يذبح، طاف قبل أن يحلق لا حرج، هذه كلها بحمد الله موسعة، إنما الأفضل والأولى أنه يرمي، ثم يذبح، ثم يحلق أو يقصر – والحلق أفضل – ثم الطواف الأخير. هذا هو الأفضل، ويلبس ثيابه إذا رمى وحلق، أو رمى وقصر يلبس ثيابه ولو كان ما بعدُ طاف، يلبس ثيابه ويغطي رأسه، ويطوف بثيابه العادية بعد رميه وحلقه أو تقصيره.

س: يقول السائل في أحد الأعوام حججت ولله الحمد، وعندما أتينا من مزدلفة إلى منى لرمي الجمرات ذهبت ورميت سبع جمرات، وعندما سألت في المساء قالوا لي: ليس بسبع، إنما إحدى وعشرون جمرة، ثم قمت في اليوم الثالث فرميت الجمرات المتبقية عليَّ، هل عليَّ شيء؟ أرجو الإفادة (1).

ج: أما يوم العيد فليس فيه إلا سبع، جمرة العقبة ترمى بسبع حصيات، أما الأيام الأخرى: الحادي عشر، والثاني عشر فإن الواجب رمي ثلاث جمار، كل واحدة منهن بسبع: الأولى، والوسطى، والأخيرة، كل واحدة بسبع، والأخيرة هي التي تلي مكة (تكون هي التالية) التي

(1) السؤال من الشريط رقم (295). ') ">

ص: 446

رماها الناس يوم العيد، تكون هي الأخيرة، وترمى الجمرتان الأوليان قبلها، الأولى التي تلي مسجد الخيف في داخل منى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة التي رماها الناس يوم العيد، وهكذا اليوم الثاني عشر ترمى الثلاث كل واحدة بسبع حصيات، فإذا كنت رميت الثلاث يوم الحادي عشر والثاني عشر كل واحدة بسبع فليس عليك شيء، وإن كنت تركت هذه الجمرات أو بعضها فعليك دم يذبح في مكة للفقراء، إذا كنت تركت سبعًا في الحادي عشر أو تركتها كلها، أو تركت ثنتين منها – يعني أربعة عشر – فإن عليك دمًا يذبح في مكة للفقراء، أما إذا كنت كملت إحدى وعشرين يوم الحادي عشر، وإحدى وعشرين يوم الثاني عشر، ثم نفرت قبل الغروب فليس عليك شيء.

س: نويت الحج في اليوم الثامن من منى، ووقفت بعرفة، وقمت بالمبيت بمزدلفة، ولكن بعد صلاة الفجر تحركنا بالسيارة إلى خارج مزدلفة، وقمنا برمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس، وقمت بحلق شعري، وبعدها تحللت من الإحرام، وانتظرت حتى بعد صلاة العصر، واتجهت للحرم للطواف، فهل علي شيء فيما تقدم؟

ص: 447

ج: ليس عليك شيء ولا على أصحابك، لكن لو أجلتم الرمي إلى ما بعد طلوع الشمس يكون أفضل، وإلا فهو مجزئ والحمد لله، من حين ينتصف الليل ليلة النحر فهو مجزئ، لكن الأفضل للأقوياء أن يؤجلوا الرمي إلى ما بعد طلوع الشمس كما رمى النبي صلى الله عليه وسلم، ومن رمى قبل ذلك أجزأه، ولا سيما الضعفة من النساء والشيوخ والمرضى، كل هذا لا بأس به، أما الأقوياء فالأفضل لهم أن يؤجلوا الرمي إلى ما بعد طلوع الشمس يوم العيد، هذا هو الأفضل، ومن قدمه فلا حرج إن شاء الله.

ص: 448

248 -

حكم من أخر رمي جمرة العقبة في يوم العيد ليلاً

س: لم أتمكن من رمي جمرة العقبة يوم العيد، فرميتها ليلة اليوم الأول من أيام التشريق، فهل يلزمني شيء في ذلك أم لا؟ وفقكم الله (1).

ج: الرمي يوم العيد يجزئ كله؛ لأن يوم العيد كله محل رمي، لكن من فاته ذلك بأن غابت عليه الشمس يوم العيد ولم يرم، ورمى بعد غروب الشمس أجزأه على الصحيح، بعض أهل العلم يقولون: لا

(1) السؤال من الشريط رقم (18).

ص: 448