الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَعْلَمْتُهُ مَا جَعَلَهُ (أَعْلَمَ الشَّفَةِ) أَيْ: مَشْقُوقَهَا (وَ) يَعْنِي (بِالْحَاجَةِ) فِي قَوْلِهِ مَا سَأَلْتُهُ حَاجَةً (شَجَرَةً صَغِيرَةً)(وَ) يَعْنِي (بِالدَّجَاجَةِ) بِقَوْلِهِ مَا أَكَلْت لَهُ دَجَاجَةً بِتَثْلِيثِ الدَّالِ (الْكُبَّةُ مِنْ الْغَزْلِ) وَبِالْفُرُوجَةِ الدُّرَّاعَةَ (وَ) يَعْنِي (بِالْفُرُشِ) فِي قَوْلِهِ وَلَا بِبَيْتِهِ فُرُشٌ (صِغَارَ الْإِبِلِ؛ وَيَعْنِي بِالْحَصِيرِ) بِقَوْلِهِ مَا فِي بَيْتِهِ حَصِيرٌ الْحَبْسَ، (وَ) يَعْنِي (بِالْبَارِيَةِ) فِي قَوْلِهِ مَا فِي بَيْتِهِ بَارِيَةٌ (السِّكِّينَ الَّتِي يَبْرِي بِهَا) الْأَقْلَامَ (وَلَا أَكَلْت مِنْ هَذَا شَيْئًا وَلَا أَخَذْت مِنْهُ، وَيَعْنِي) بِالْمُشَارِ إلَيْهِ (الْبَاقِي بَعْدَ أَكْلِهِ وَأَخْذِهِ) فَلَا حِنْثَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا، لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُ مَا نَوَاهُ.
[تَنْبِيهٌ لَا يَخْلُو الْحَالِفُ الْمُتَأَوِّلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ]
ٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مَظْلُومًا مِثْلُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ ظَالِمٌ عَلَى شَيْءٍ لَوْ صَدَقَهُ لَظَلَمَهُ أَوْ ظَلَمَ غَيْرَهُ، أَوْ نَالَ مُسْلِمًا مِنْهُ ضَرَرٌ؛ فَهَذَا لَهُ تَأْوِيلُهُ قَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ اسْمُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَاطِمَةُ، فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، فَحَلَفَ بِطَلَاقِ فَاطِمَةَ، وَنَوَى الَّتِي مَاتَتْ. قَالَ إنْ كَانَ الْمُسْتَحْلِفُ لَهُ ظَالِمًا؛ فَالنِّيَّةُ نِيَّةُ صَاحِبِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ الْمُطَلِّقُ هُوَ الظَّالِمُ، فَالنِّيَّةُ نِيَّةُ الَّذِي اسْتَحْلَفَهُ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنْ الْكَذِبِ» يَعْنِي سَعَةَ الْمَعَارِيضِ الَّتِي تُوهِمُ بِهَا السَّامِعَ غَيْرَ مَا عَنَاهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: الْكَلَامُ أَوْسَعُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ ظَرِيفٌ، يَعْنِي لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَكْذِبَ، لِكَثْرَةِ الْمَعَارِيضِ، وَخَصَّ الظَّرِيفَ بِذَلِكَ يَعْنِي بِهِ الْكَيِّسَ الْفَطِنَةَ، فَإِنَّهُ يَفْطِنُ التَّأْوِيلَ، فَلَا وَجْهَ إلَى الْكَذِبِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ ظَالِمًا كَاَلَّذِي يَسْتَحْلِفُهُ الْحَاكِمُ عَلَى حَقٍّ عِنْدَهُ، فَهَذَا تَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَى ظَاهِرِ الَّذِي عَنَاهُ الْمُسْتَحْلِفُ، وَلَا يَنْفَعُ الْحَالِفَ تَأْوِيلُهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ سَاغَ التَّأْوِيلُ لَبَطَلَ الْمَعْنَى الَّذِي عَنَى بِهِ الْيَمِينَ، إذْ مَقْصُودُهَا تَخْوِيفُ الْحَالِفِ لِيَرْتَدِعَ عَنْ الْجُحُودِ خَوْفًا مِنْ
عَاقِبَةِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، فَمَتَى سَاغَ التَّأْوِيلُ لَهُ انْتَفَى ذَلِكَ، فَصَارَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى جَحْدِ الْحُقُوقِ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ ظَالِمًا وَلَا مَظْلُومًا، فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ لَهُ تَأْوِيلَهُ لِقِصَّةِ المروذي الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ: كَانَ إذَا طَلَبَ إنْسَانٌ إبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يُرِدْ إبْرَاهِيمُ أَنْ يَلْقَاهُ خَرَجَتْ إلَيْهِ الْخَادِمَةُ فَقَالَتْ: اُطْلُبُوهُ فِي الْمَسْجِدِ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ الْعَجُوزِ وَالرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إنَّا حَامِلُوك عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ» : «وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِامْرَأَةٍ وَقَدْ ذَكَرَتْ لَهُ زَوْجَهَا هُوَ الَّذِي فِي عَيْنِهِ بَيَاضٌ؟ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّهُ لَصَحِيحُ الْعَيْنِ» وَأَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْبَيَاضَ الَّذِي حَوْلَ الْحَدَقَةِ.
وَيُرْوَى عَنْ شَقِيقٍ أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ امْرَأَةً وَتَحْتَهُ أُخْرَى، فَقَالُوا: لَا نُزَوِّجُك حَتَّى تُطَلِّقَ امْرَأَتَك، فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ طَلَّقْت ثَلَاثًا، فَزَوَّجُوهُ، فَأَقَامَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالُوا: قَدْ طَلَّقْت ثَلَاثًا فَقَالَ: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهُ كَانَ لِي ثَلَاثُ نِسْوَةٍ؛ فَطَلَّقْتُهُنَّ، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: قَدْ طَلَّقْتُ ثَلَاثًا؛ قَالُوا: مَا هَذَا أَرَدْنَا فَذَكَرَ ذَلِكَ شَقِيقٌ لِعُثْمَانَ، فَجَعَلَهَا بِنِيَّتِهِ، فَهَذَا وَشِبْهُهُ مِنْ الْمَعَارِيضِ وَهُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي لَا يُعْذَرُ بِهِ الظَّالِمُ، وَيَسُوغُ لِغَيْرِهِ مَظْلُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَظْلُومٍ؛ «لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ فِي الْمِزَاحِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ، وَقَدْ سَمَّاهُ حَقًّا، فَقَالَ: لَا أَقُولُ إلَّا حَقًّا» .
(وَلَا يَجُوزُ تَحَيُّلٌ لِإِسْقَاطِ حُكْمِ الْيَمِينِ) كَمَا لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ بِأَدِلَّتِهِ (وَلَا تَسْقُطُ) الْيَمِينُ أَيْ: حُكْمُهَا (بِهِ) أَيْ: التَّحْلِيلِ عَلَى إسْقَاطِهِ (وَقَدْ نَصَّ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ عَلَى مَسَائِلَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: مَنْ احْتَالَ بِحِيلَةٍ فَهُوَ حَانِثٌ، وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ جُمْلَةُ مَذْهَبِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحْلِيلُ فِي الْيَمِينِ) وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِمَا وَرَدَ بِهِ سَمْعٌ كَنِسْيَانٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ وَكَإِكْرَاهٍ وَاسْتِثْنَاءٍ (فَلَوْ حَلَفَ آكِلٌ مَعَ غَيْرِهِ تَمْرًا وَنَحْوَهُ) مِمَّا لَهُ نَوًى كَخَوْخٍ
وَمِشْمِشٍ عَلَى الْغَيْرِ (لَتُمَيِّزَنَّ نَوَى مَا أَكَلْت، أَوْ) حَلَفَ (لَتُخْبِرَنَّ بِعَدَدِهِ) أَيْ عَدَدِ نَوَى مَا أَكَلْت (فَأَفْرَدَ) الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (كُلَّ نَوَاةٍ) وَحْدَهَا فِيمَا إذَا حَلَفَ لَتُمَيِّزُنَّ نَوَى مَا أَكَلْت (أَوْ عَدَّ) الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَتُخْبَرُنَّ بِعَدَدِ نَوَى مَا أَكَلْت (مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَدَدٍ يَتَحَقَّقُ دُخُولَ) نَوَى (مَا أَكَلَ فِيهِ) أَيْ: فِيمَا عَدَّهُ، مِثْلُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ عَدَدَ ذَلِكَ مَا بَيْنَ مِائَةٍ إلَى أَلْفٍ فَيُعِيدُ الْأَلْفَ كُلَّهُ، فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا أَكَلَ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَمْ تَعْلَمْ عَدَدَ حَبِّهَا، فَذَكَرَتْ عَدَدًا يَدْخُلُ فِيهِ عَدَدُ حَبِّهَا (لَمْ يَحْنَثْ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ نِيَّتَهُ) بِالْحَلِفِ؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ قَدْ فَعَلَ مَا حَلَفَ الْحَامِلُ عَلَيْهِ (وَإِنْ نَوَى) الْحَالِفُ (حَقِيقَةَ الْإِخْبَارِ بِكَمِّيَّتِهِ) أَيْ: بِعَدَدِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ؛ حَنِثَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَى مَقْصُودِهِ (أَوْ أَطْلَقَ) فَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا مِمَّا سَبَقَ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (حَنِثَ، لِأَنَّهُ حِيلَةٌ) وَالْحِيَلُ غَيْرُ جَائِزَةٍ، لِحِلِّ الْيَمِينِ (كَحَالِفٍ لَيَقْعُدَنَّ عَلَى بَارِيَةٍ بِبَيْتِهِ وَلَا يَدْخُلُهُ بَارِيَةٌ، فَأَدْخَلَهُ قَصَبًا وَنَسَجَهُ فِيهِ، أَوْ نَسَجَ قَصَبًا كَانَ فِيهِ) بَارِيَةٌ؛ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِحُصُولِ الْبَارِيَةِ بِبَيْتِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى " وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَطَعَ فِي " الْإِقْنَاعِ " بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لَهُ.
(وَ) إنْ حَلَفَ لَيَطْبُخَنَّ (قِدْرًا بِرِطْلِ مِلْحٍ وَيَأْكُلَ مِنْهُ) أَيْ: مِمَّا طَبَخَهُ بِرِطْلِ مِلْحٍ (فَلَا يَجِدُ طَعْمِ الْمِلْحِ، فَسَلَقَ بِهِ بَيْضًا فَأَكَلَهُ) لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ بَيْضًا وَلَا تُفَّاحًا وَلَيَأْكُلَنَّ مِمَّا فِي هَذَا الْوِعَاءِ؛ فَوَجَدَهُ بَيْضًا وَتُفَّاحًا، فَعَمِلَ مِنْ الْبَيْضِ نَاطِفًا وَمِنْ التُّفَّاحِ شَرَابًا، وَأَكَلَهُ) لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ مِمَّا فِي الْإِنَاءِ، وَلَيْسَ بَيْضًا وَلَا تُفَّاحًا حَيْثُ اُسْتُهْلِكَ، فَلَمْ يَظْهَرْ طَعْمُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ (أَوْ) حَلَفَ (مَنْ عَلَى سُلَّمٍ لَا نَزَلْتُ إلَيْك) أَيُّهَا السُّفْلَى (وَلَا صَعِدْتُ إلَى هَذِهِ) الْعُلْيَا (وَلَا أَقَمْت مَكَانِي سَاعَةً فَنَزَلْت الْعُلْيَا وَصَعِدْت السُّفْلَى وَطَلَعَ أَوْ نَزَلَ أَوْ) حَلَفَ مَنْ عَلَى سُلَّمٍ (لَا أَقَمْتُ عَلَيْهِ وَلَا نَزَلْتُ عَنْهُ وَلَا صَعِدْتُ فِيهِ، فَانْتَقَلَ إلَى آخِرِ) سُلَّمٍ فِي الْكُلِّ؛ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ (إلَّا مَعَ حِيلَةٍ عَلَى قَصْدِ التَّخَلُّصِ مِنْ الْحَلِفِ)
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ لَوْ عَمِلَ الْحَالِفُ ذَلِكَ حِيلَةً لِأَجْلِ التَّخَلُّصِ مِنْ الْيَمِينِ، كَأَنْ عَمِلَ النَّاطِفَ وَالشَّرَابَ أَوْ الْبَارِيَةَ لِأَجْلِ ذَلِكَ التَّخَلُّصِ مِنْ الْيَمِينِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ، وَأَمَّا لَوْ عَمِلَ الْحَالِفُ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ لَا يَقْصِدُ ذَلِكَ، أَيْ: لَا يَقْصِدُ التَّحَيُّلَ عَلَى فِعْلِ الْيَمِينِ فَلَا حِنْثَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " فِي الْبَارِيَةِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا (كَ) مَا لَوْ حَلَفَ لَا شَرِبْت هَذَا الْمَاءَ وَلَا أَرَقْته وَلَا (تَرَكْته أَبَدًا) فِي الْإِنَاءِ وَلَا فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرِي، فَطَرَحَ فِي الْإِنَاءِ ثَوْبًا فَشَرِبَ الْمَاءَ ثُمَّ جَفَّفَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ شَرِبَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بَعْضَهُ، وَأَرَاقَ الْمَاءَ أَوْ تَرَكَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى مُمْسِكٍ مَأْكُولًا لَا أَكَلَهُ وَلَا أَمْسَكَهُ وَلَا أَلْقَاهُ (وَ) إنْ حَلَفَ مَنْ بِمَاءٍ (لَا أَقَمْت فِي هَذَا الْمَاءِ وَلَا خَرَجْت مِنْهُ، وَهُوَ جَارٍ؛ لَمْ يَحْنَثْ) أَقَامَ بِهِ أَوْ خَرَجَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقِفُ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِهِ (إلَّا مَعَ سَبَبٍ) يَقْتَضِي ذَلِكَ، فَيَحْنَثُ (لَوْ قَصَدَ أَنْ لَا يُقِيمَ وَلَا يَخْرُجَ مِنْ مُطْلَقِ الْمَاءِ) فَيَحْنَثُ (وَإِنْ كَانَ) الْمَاءُ (رَاكِدًا) حَنِثَ، وَلَوْ حَمَلَ مِنْهُ مُكْرَهًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِامْتِنَاعُ، فَلَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا حَقِيقَةً، قَالَهُ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى "؛ وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَصَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " وَفِي " الْإِقْنَاعِ " لَمْ يَحْنَثْ إذَا نَوَى ذَلِكَ الْمَاءَ بِعَيْنِهِ وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لَهُ. (وَيَتَّجِهُ) حِنْثُ مَنْ حَلَفَ لَا خَرَجْت مِنْ هَذَا الْمَاءِ (مَعَ عَدَمِ تَقْيِيدِهِ) الْإِقَامَةَ فِيهِ (بِزَمَنٍ قَصِيرٍ كَلَحْظَةٍ) ، أَمَّا إذَا قَيَّدَ الْإِقَامَةَ فِي الْمَاءِ بِزَمَنٍ قَصِيرٍ، فَخَرَجَ بَعْدَ مُضِيِّهِ؛ لَمْ يَحْنَثْ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ) ظَالِمٌ (مَا لِفُلَانٍ عِنْدَك وَدِيعَةٌ وَهِيَ) أَيْ: وَدِيعَةُ فُلَانٍ
(عِنْدَهُ) فَحَلَفَ (وَعَنَى) أَيْ: قَصَدَ (بِمَا الَّذِي) فَكَأَنَّهُ قَالَ الَّذِي عِنْدِي لِفُلَانٍ وَدِيعَةٌ (أَوْ نَوَى) بِحَلِفِهِ (غَيْرَهَا) أَيْ: مَالَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ غَيْرَ الْمَطْلُوبَةِ (أَوْ) نَوَى بِحَلِفِهِ مَكَانًا (غَيْرَ مَكَانِهَا أَوْ اسْتَثْنَاهَا، بِقَلْبِهِ) بِأَنْ يَقُولَ فِي نَفْسِهِ غَيْرَ وَدِيعَةِ كَذَا (فَلَا حِنْثَ) لِأَنَّهُ صَادِقٌ، فَإِنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ فِي يَمِينِهِ، أَثِمَ لِكَذِبِهِ وَحَلِفِهِ عَلَيْهِ مُتَعَمِّدًا، وَإِثْمُ حَلِفِهِ عَامِدًا دُونَ إثْمِ إقْرَارِهِ بِهَا، لِعَدَمِ تَعَدِّي ضَرَرِهِ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ؛ فَإِنَّهُ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ، فَتَفُوتُ عَلَيْهِ بِهِ، وَيُكَفِّرُ لِحِنْثِهِ إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُكَفَّرَةً (وَكَذَا لَوْ اسْتَحْلَفَهُ) ظَالِمٌ (بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَنْ لَا يَفْعَلَ مَا) أَيْ: شَيْئًا (يَجُوزُ فِعْلُهُ، أَوْ) اسْتَحْلَفَهُ ظَالِمٌ (أَنْ يَفْعَلَ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ) فِعْلُهُ (أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا لِشَيْءٍ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِهِ، فَحَلَفَ) بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا (وَنَوَى بِقَوْلِ طَالِقٍ مِنْ عَمَلٍ تَعْمَلُهُ كَخِيَاطَةٍ وَغَزْلٍ) ، لَا طَالِقٌ مِنْ عِصْمَتِهِ (وَ) نَوَى (بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهُ) كَأَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ (لَكِنْ لَوْ أَرَادَ) بِحَلِفِهِ (تَخْوِيفَ زَوْجَتِهِ، وَنَوَى ذَلِكَ) أَيْ: بِقَوْلِهِ طَالِقٌ مِنْ عَمَلٍ وَبِقَوْلِهِ ثَلَاثًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (دُيِّنَ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى رِوَايَةً وَاحِدَةً، (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ حُكْمًا، لِأَنَّهُ (احْتِمَالٌ بَعِيدٌ) فَإِرَادَتُهُ مُخَالِفَةٌ لِلظَّاهِرِ، فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ (وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) مَرْجُوحٍ (بَلْ يُقْبَلُ) مِنْهُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(وَكَذَا) إنْ قَالَ لَهُ ظَالِمٌ: قُلْ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَنَحْوَهُ إنْ فَعَلْت كَذَا، فَقَالَ:(زَوْجَتُهُ) طَالِقٌ
إنْ فَعَلَ كَذَا (أَوْ قَالَ: كُلُّ زَوْجَةٍ لَهُ طَالِقٌ إنْ فَعَلَ كَذَا) وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا (وَنَوَى زَوْجَتَهُ الْعَمْيَاءَ أَوْ الْيَهُودِيَّةَ أَوْ الْحَبَشِيَّةَ وَنَحْوَهُ) كَالرُّومِيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةِ (أَوْ نَوَى) بِقَوْلِهِ (كُلُّ زَوْجَةٍ تَزَوَّجَهَا بِالصِّينِ وَنَحْوِهِ) كَالسَّنَدِ وَلَا زَوْجَةَ لِلْحَالِفِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي نَوَاهَا فِي الْأُولَى، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِمَا نَوَاهُ مِنْ الصِّينِ وَنَحْوِهِ؛ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ نَوَى إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا بِالصِّينِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهُ فِيهَا؛ فَلَا حِنْثَ.
(وَكَذَا) لَوْ أَحْلَفَهُ ظَالِمٌ فَقَالَ (نِسَاؤُهُ طَوَالِقُ إنْ كَانَ فَعَلَ كَذَا، أَوْ نَوَى) بِنِسَائِهِ (نَحْوَ بَنَاتِهِ) كَأَخَوَاتِهِ وَعَمَّاتِهِ، لَمْ يَحْنَثْ (وَلَوْ قَالَ) لَهُ ظَالِمٌ (كُلَّمَا أُحَلِّفُك بِهِ فَقُلْ نَعَمْ أَوْ قَالَ لَهُ: الْيَمِينُ الَّذِي أُحَلِّفُك بِهَا لَازِمَةٌ لَك، قُلْ نَعَمْ، فَقَالَ نَعَمْ، وَنَوَى) بِقَوْلِهِ نَعَمْ، (بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ) لَمْ يَحْنَثْ.
(وَكَذَا) لَوْ قَالَ لَهُ: (قُلْ الْيَمِينُ الَّتِي تُحَلِّفُنِي بِهَا) لَازِمَةٌ لِي (أَوْ) قَالَ لَهُ: قُلْ (أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي) إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا، وَقَدْ فَعَلَهُ وَنَحْوَهُ (فَقَالَ، وَنَوَى) بِالْيَمِينِ (يَدَهُ أَوْ) بِأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ (الْأَيْدِي الَّتِي تُبْسَطُ عِنْدَ الْبَيْعَةِ) أَيْ: مُبَايَعَةِ الْإِمَامِ بِالْخِلَافَةِ؛ لَمْ يَحْنَثْ (وَكَذَا) لَوْ قَالَ لَهُ: (قُلْ الْيَمِينُ يَمِينِي وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك، وَنَوَى بِيَمِينِهِ يَدَهُ، وَبِالنِّيَّةِ) مِنْ قَوْلِهِ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك (الْبَضْعَةُ) بِالْفَتْحِ قَالَ فِي " الصِّحَاحِ " أَيْ: الْقِطْعَةُ (مِنْ اللَّحْمِ) النِّيءِ لَمْ يَحْنَثْ.
(وَكَذَا) لَوْ قَالَ لَهُ: (قُلْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَزَوْجَتِي عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَنَوَى بِالظَّهْرِ مَا يَرْكَبُ نَحْوُ خَيْلٍ) كَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ؛ لَمْ يَحْنَثْ (وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: وَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا) وَإِلَّا فَأَنَا مُظَاهِرٌ مِنْ زَوْجَتِي وَ (نَوَى بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَأَنَا مُظَاهِرٌ أَيْ: قَائِلٌ أَيُّنَا أَشَدُّ ظَهْرًا) لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ) قَالَ لَهُ فِي اسْتِحْلَافِهِ: قُلْ إلَّا فَعَلْت كَذَا، وَإِلَّا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ، وَكَانَ فَعَلَهُ؛ وَ (نَوَى بِمَمْلُوكٍ حُرٍّ، الدَّقِيقَ الْمَلْتُوتَ بِالزَّيْتِ أَوْ السَّمْنِ) لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ نَوَى بِالْحُرِّ الْفِعْلَ الْجَمِيلَ أَوْ الرَّمَلَ الَّذِي مَا وَطِئَ) فَلَا يَحْنَثُ، وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ: قُلْ إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا فَجَارِيَتِي حُرَّةٌ، أَوْ فَجَوَارِيَّ أَحْرَارٌ، أَوْ فَمَمَالِيكِي أَحْرَارٌ، فَقَالَ ذَلِكَ (وَ) نَوَى (بِالْجَارِيَةِ السَّفِينَةَ أَوْ الرِّيحَ
وَنَوَى بِالْحُرَّةِ السَّحَابَةَ الْكَثِيرَةَ الْمَطَرِ، أَوْ الْكَرِيمَةَ مِنْ النُّوقِ وَنَوَى بِالْأَحْرَارِ الْبَقْلَ وَ) نَوَى (بِالْحَرَائِرِ الْأَيَّامَ) فَلَا حِنْثَ.
(وَمَنْ حَلَفَ) بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ (مَا فُلَانٌ هُنَا، وَعَيَّنَ مَوْضِعًا لَيْسَ هُوَ فِيهِ) لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِنِيَّةٍ أَوْ سَبَبٍ لِأَنَّهُ صَادِقٌ (وَمَنْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَةٍ لَا سَرَقَتْ مِنِّي شَيْئًا، فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَرِقَةً (إلَّا بِنِيَّةٍ) بِأَنْ نَوَى بِالسَّرِقَةِ الْخِيَانَةَ (أَوْ سَبَبَ) بِأَنْ كَانَ سَبَبَ يَمِينِهِ خِيَانَتُهَا، وَلَوْ حَلَفَ لَيَعْبُدَن اللَّهَ عِبَادَةً يَنْفَرِدُ بِهَا دُونَ جَمِيعِ النَّاسِ فِي وَقْتِ تَلَبُّسِهِ بِهَا، بَرَّ بِالطَّوَافِ وَحْدَهُ أُسْبُوعًا بَعْدَ أَنْ يُخْلَى لَهُ الْمَطَافُ؛ (وَمِنْ الْحِيَلِ الْمُبَاحَةِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى ضَفِيرَةِ شَعْرِهَا) أَيْ: زَوْجَتِهِ (وَيَقُولُ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى ضَفِيرَةِ أَمَتِهِ، وَيَقُولَ: أَنْتِ حُرَّةٌ وَيَنْوِي مُخَاطَبَةَ الضَّفِيرَةِ) فَلَهُ نِيَّتُهُ (أَوْ يَحْلِفُ أَنْ يَأْتِيَ فُلَانًا كُلَّمَا دَعَاهُ وَنَوَى) بِيَمِينِهِ إتْيَانَهُ إلَيْهِ إذَا دَعَاهُ، وَهُوَ فِي (الْكَعْبَةِ، أَوْ وَهُوَ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ) كَالصِّينِ مَثَلًا، فَلَهُ نِيَّتُهُ (أَوْ قَالَ: جَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ) عَلَى الْمَسَاكِينِ (وَنَوَى مَا يَمْلِكُهُ مِنْ نَحْوِ يَاقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ) أَوْ عَنْبَرٍ أَوْ نَوَى مَا يَمْلِكُهُ مِنْ السُّيُوفِ وَالْقَسِّيِّ وَنَحْوِهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَحْنَثْ لِمَا سَبَقَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الصِّدْقُ بِشَيْءٍ مِمَّا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ (أَوْ قَالَ) لِمَنْ يَسْتَحْلِفُهُ: قُلْ إنْ فَعَلْت كَذَا وَإِلَّا (فَمَالِي عَلَى الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ فَ) إذَا نَوَى (أَنَّ مَالَهُ عَلَيْهِمْ) : أَيْ الْمَسَاكِينِ (مِنْ الدَّيْنِ) فَيَجْعَلُ مَا اسْمًا مَوْصُولًا بِالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ (وَلَا دَيْنَ لَهُ) عَلَيْهِمْ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ (أَوْ) قَالَ فِي اسْتِحْلَافِهِ لَهُ: قُلْ إنْ فَعَلْت كَذَا، إلَّا أَكُنْ فَعَلْت كَذَا (فَمَا صَلَّيْت لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) فَقَالَ ذَلِكَ (وَنَوَى بِ) قَوْلِهِ (صَلَّيْت شَوَيْت عَلَى النَّارِ) أَوْ أَخَذْت بِصَلَى الْفَرَسِ، وَهُوَ مَا اتَّصَلَ بِخَاصِرَتِهِ إلَى فَخِذَيْهِ (أَوْ قَالَ) : إنْ فَعَلَ ذَلِكَ (فَهُوَ كَافِرٌ، وَنَوَى الْمُسْتَتِرَ) الْمُتَغَطِّيَ أَوْ السَّاتِرَ الْمُغَطَّى، وَمِنْهُ قِيلَ لِلزَّارِعِ كَافِرٌ، فَلَهُ