الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَرْعٌ أَفْتَى ابْنُ نَصْرٍ بِعَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقٍ عُلِّقَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ) الْمُسْتَقْبَلَةِ (وَ) مِنْ (نَفَقَةِ الْعِدَّةِ)، كَأَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ: إنْ أَبْرَأْتِنِي مِمَّا سَيَجِبُ لَكِ عَلَيَّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ؛ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهَا) أَيْ: النَّفَقَةِ (إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهَا) بِالْعِدَّةِ (وَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ إلَّا بِالطَّلَاقِ) الْمُعَلَّقِ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَحِينَ أَبْرَأَتْهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ تُبْرِئُهُ مِنْهُ، فَكَأَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَعْدُومٍ، وَالْبَرَاءَةُ مِنْ الْمَعْدُومِ لَا تَصِحُّ؛ فَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا.
[فَصْل الْخُلْعُ عَلَى مَا لَا يَصِحُّ مَهْرًا لِجَهَالَةٍ]
فَصْل (وَيَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى مَا لَا يَصِحُّ مَهْرًا لِجَهَالَةٍ) كَمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَا بِيَدِهَا أَوْ بَيْتِهَا (أَوْ غَرَرٌ) كَمَا لِأَنَّ الْخُلْعَ إسْقَاطٌ لِحَقِّهِ مِنْ الْبِضْعِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ شَيْءٍ، وَالْإِسْقَاطُ تَدْخُلُهُ الْمُسَامَحَةُ، وَلِهَذَا جَازَ بِلَا عِوَضٍ عَلَى رِوَايَةٍ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَأُبِيحَ لَهَا افْتِدَاءُ نَفْسِهَا، لِحَاجَتِهَا إلَيْهِ، فَوَجَبَ مَا رَضِيَتْ بِبَذْلِهِ، دُونَ مَا لَمْ تَرْضَهُ، (وَلَهُ مَا جَعَلَتْ مِنْ الْعِوَضِ الْمَجْهُولِ وَالْمَعْدُومِ الْمُنْتَظَرِ) وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (فَ) لِزَوْجٍ (مُخَالِعٍ عَلَى مَا بِيَدِهَا أَوْ بَيْتِهَا مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ مَتَاعٍ مَا بِهِمَا) أَيْ: بِيَدِهَا أَوْ بَيْتِهَا مِنْ ذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) بِيَدِهَا (شَيْءٌ) مِنْ الدَّرَاهِمِ (فَلَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ) ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ؛ فَهِيَ الْمُتَيَقَّنَةُ (أَوْ) لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهَا لِشَيْءٍ مِنْ الْمَتَاعِ؛ فَلَهُ (مَا يُسَمَّى مَتَاعًا) كَالْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِهَا دُونَ الثَّلَاثِ؛ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ.
(وَ) إنْ خَالَعَهَا (عَلَى مَا تَحْمِلُ شَجَرَتُهَا وَ) مَا تَحْمِلُ (أَمَتُهَا) وَنَحْوُهَا (أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا) أَيْ: الْأَمَةِ وَنَحْوِهَا؛ صَحَّ كَالْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ، وَلَهُ (مَا يَحْصُلُ) مِنْ ذَلِكَ، لَكِنَّ قِيَاسَ مَا سَبَقَ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ
قِيمَةُ وَلَدِ الْأَمَةِ لِتَحْرِيمِ الْفُرْقَةِ (فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْهُ، وَجَبَ فِيهِ) مُطْلَقُ مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ كَالْوَصِيَّةِ، وَكَذَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي ضُرُوعِ مَاشِيَتِهَا وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَجْهُولٍ أَوْ مَعْدُومٍ مُنْتَظَرٍ وُجُودُهُ، (وَ) يَجِبُ (فِيمَا) إذَا خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ، (يُجْهَلُ مُطْلَقًا كَثَوْبٍ وَنَحْوِهِ) كَعَبْدٍ وَبَعِيرٍ وَشَاةٍ (مُطْلَقُ مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ) لِأَنَّهَا خَالَعَتْهُ عَلَى مُسَمًّى مَجْهُولٍ، فَكَانَ لَهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْ ثَمَرَةٍ وَوَلَدٍ وَثَوْبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
لِصِدْقِ الِاسْمِ بِذَلِكَ (وَ) لَوْ خَالَعَهَا (عَلَى هَذَا الثَّوْبِ الْهَرَوِيُّ، فَبَانَ مَرْوِيًّا أَوْ) : بَانَ مَعِيبًا، أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ السِّنْدِيِّ فَبَانَ زِنْجِيًّا أَوْ مَعِيبًا (لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ) لِوُقُوعِ الْخُلْعِ عَلَى عَيْنِهِ.
قَالَ فِي " الْمُطْلِعِ ": الْهَرَوِيُّ مَنْسُوبٌ إلَى هَرَاةٍ كُورَةٍ مِنْ كَوْرِ الْعَجَمِ تَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ، وَمَرْوِيٌّ - بِسُكُونِ الرَّاءِ - مَنْسُوبٌ إلَى مَرْوَ، وَهُوَ بَلَدٌ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ مَرُّوذِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَثَوْبٌ مَرْوِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ انْتَهَى.
(وَ) وَإِنْ خَالَعَهَا (عَلَى عَبِيدٍ فَلَهُ ثَلَاثٌ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْعَبِيدِ.
(وَيَصِحُّ) الْخُلْعُ (عَلَى) ثَوْبٍ (هَرَوِيٌّ فِي الذِّمَّةِ) عَلَيْهَا أَنْ تُعْطِيَهُ سَلِيمًا؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ (وَيُخَيَّرُ إنْ أَتَتْهُ) بِثَوْبٍ (مَرْوِيٍّ بَيْنَ رَدِّهِ وَإِمْسَاكِهِ) وَكَذَا يُخَيَّرُ إنْ أَتَتْهُ بِهَرَوِيٍّ مَعِيبٍ أَوْ نَاقِصٍ صِفَةً شَرَطَتْهَا، لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِذِمَّتِهَا سَلِيمٌ تَامُّ الصِّفَاتِ (وَقَبْضُ عِوَضِ خُلْعٍ وَ) عِوَضِ (طَلَاقٍ وَضَمَانُهُ) أَيْ: الْمَقْبُوضِ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ (وَعَدَمُهُ كَمَبِيعٍ) فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا أَوْ مَذْرُوعًا؛ فَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الزَّوْجِ إلَّا بِقَبْضِهِ، وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ إلَّا بِقَبْضِهِ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَكِيلُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ فَلِلزَّوْجِ عِوَضُهُ، وَلَمْ يَنْفَسِخْ الْخُلْعُ بِتَلَفِهِ، وَإِنْ كَانَ عِوَضُ الْخُلْعِ غَيْرَ مَكِيلٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَحْتَاجُ لِحَقِّ تَوَفَّيْهِ؛ دَخَلَ فِي ضَمَانِ الزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ الْخُلْعِ، وَصَحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ ": إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْقُودًا عَلَيْهِ بِالصِّفَةِ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ كَالْبَيْعِ.