الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِنْ أَدَّبَهَا لِنُشُوزٍ أَوْ تَرْكِ فَرْضٍ) كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ (فَخَالَعَتْهُ لِذَلِكَ؛ جَازَ وَصَحَّ) الْخُلْعُ، وَأُبِيحَ لَهُ عِوَضُهُ؛ لِأَنَّهُ بِحَقٍّ.
[فَائِدَةٌ الْخُلْعُ فِي الْحَيْضِ]
فَائِدَةٌ: وَلَا بَأْسَ بِالْخُلْعِ فِي الْحَيْضِ إذَا كَانَ بِسُؤَالِهَا؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِإِدْخَالِهَا ضَرَرَ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَى نَفْسِهَا، وَلَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ حَيْثُ كَانَ بِسُؤَالِهَا وَكَذَا الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ.
(وَيَصِحُّ) الْخُلْعُ (وَيَلْزَمُ مِمَّنْ يَقَعُ طَلَاقُهُ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا كَبِيرًا، أَوْ صَغِيرًا يَعْقِلُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ الطَّلَاقَ وَهُوَ مُجَرَّدُ إسْقَاطٍ لَا تَحْصِيلَ فِيهِ فَلَأَنْ يَمْلِكَهُ مُحَصِّلًا لِعِوَضٍ أَوْلَى. وَشَمَلَ كَلَامُهُ الْحَاكِمَ فِي الْإِيلَاءِ وَنَحْوِهِ.
قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ " وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يَصِحُّ مِمَّنْ طَلَاقُهُ بِالْمِلْكِ أَوْ الْوَكَالَةِ أَوْ الْوِلَايَةِ كَالْحَاكِمِ فِي الشِّقَاقِ، وَكَذَا لَوْ فَعَلَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ الْعُنَّةِ أَوْ الْإِعْسَارِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَمْلِكُ الْحَاكِمُ فِيهَا الْفُرْقَةَ.
(وَ) يَصِحُّ (بَذْلُ عِوَضِهِ) أَيْ: الْخُلْعِ (مِنْ) كُلِّ (مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ) وَهُوَ الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَالَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ؛ أَشْبَهَ التَّبَرُّعَ، سَوَاءٌ كَانَ بَذْلُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَلَوْ مِمَّنْ شَهِدَا بِطَلَاقِهِ) أَيْ: الزَّوْجَةَ (وَرُدَّا) أَيْ: رَدَّ شَهَادَتَهُمَا الْمَانِعُ مِنْ قَبُولِهَا كَبَذْلِ أَجْنَبِيٍّ فِي افْتِدَاءِ أَسِيرٍ، وَكَشِرَاءِ الشَّاهِدَيْنِ مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا بِعِتْقِهِ؛ فَإِنَّهُ يَصِحُّ شِرَاؤُهَا إيَّاهُ، وَيُعْتَقُ عَلَيْهِمَا؛ لِاعْتِرَافِهِمَا بِحُرِّيَّتِهِ.
(فَيَصِحُّ) قَوْلُ رَشِيدٍ لِزَوْجِ امْرَأَةٍ (اخْلَعْهَا عَلَى كَذَا عَلَيَّ أَوْ) اخْلَعْهَا عَلَى كَذَا (عَلَيْهَا وَأَنَا ضَامِنٌ) فَإِنْ أَجَابَهُ الزَّوْجُ صَحَّ، وَلَزِمَهُ الْعِوَضُ لِالْتِزَامِهِ لَهُ (وَلَا يَلْزَمُهَا) أَيْ: الْمَرْأَةَ الْعِوَضُ (إنْ لَمْ تَأْذَنْ) لِلْأَجْنَبِيِّ بِشَيْءٍ مِمَّا اخْتَلَعَا عَلَيْهِ، فَإِنْ أَذِنَتْهُ لَزِمَهَا، لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهَا.
(وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ) الْأَجْنَبِيُّ (حَيْثُ سُمِّيَ الْعِوَضُ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ) الْخُلْعُ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ فَلَمْ يَصِحَّ الْبَذْلُ.
(وَيَصِحُّ سُؤَالُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا الْخُلْعَ
(عَلَى مَالِ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ زَوْجِهَا، وَلَوْ قَرِيبًا لِأَحَدِهِمَا (بِإِذْنِهِ) لَهَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا وَكِيلَةٌ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي مُخَالَعَةِ الزَّوْجِ بِمَالِ الْأَجْنَبِيِّ إنْ سَأَلَتْ زَوْجَهَا أَنْ يَخْلَعَهَا عَلَى مَالِ أَجْنَبِيٍّ (بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ (إنْ ضَمِنَتْهُ) بِأَنْ قَالَتْ: اخْلَعْنِي عَلَى عَبْدِ زَيْدٍ، وَأَنَا ضَامِنَتُهُ، صَحَّ الْخُلْعُ، وَلَزِمَهَا الْعِوَضُ؛ لِأَنَّهَا بَاذِلَةٌ لِلْبَدَلِ وَمَالُهُ لَاغٍ (وَإِلَّا) تَضْمَنْهُ (لَمْ يَصِحَّ) الْخُلْعُ؛ لِتَصَرُّفِهَا فِي مَالِ غَيْرِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَيَقْبِضُ الْعِوَضَ) أَيْ عِوَضَ الْخُلْعِ (زَوْجٌ حُرٌّ رَشِيدٌ وَمَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ وَمُكَاتِبٌ) لِأَهْلِيَّتِهِمْ وَيَقْبِضُهُ (وَوَلِيُّ صَغِيرٍ وَ) وَلِيُّ (سَفِيهٍ وَسَيِّدُ قِنٍّ، لَا هُمْ) هَذَا الْمَذْهَبُ، اخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَصَحَّحَهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي نِهَايَتِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْبُلْغَةِ " وَقَدَّمَهُ فِي " الْهِدَايَةِ " وَ " الْمَذْهَبِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِمْ (خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ الْقَاضِي وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ " وَصَاحِبُ " الْمُنَوِّرِ " وَغَيْرُهُمْ الْقَائِلُونَ بِصِحَّةِ الْقَبْضِ مِمَّنْ يَصِحُّ خُلْعُهُ.
(وَ) إنْ قَالَ أَبُو امْرَأَةٍ لِزَوْجِهَا (طَلِّقْ بِنْتِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ مَهْرِهَا فَفَعَلَ) أَيْ: طَلَّقَهَا (فَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيٌّ) لِخُلُوِّهِ عَنْ الْعِوَضِ (وَلَمْ يَبْرَأْ) الزَّوْجُ مِنْ مَهْرِهَا بِإِبْرَاءِ أَبِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ (وَلَمْ يَرْجِعْ) الزَّوْجُ (عَلَى الْأَبِ) لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِمَّا لَيْسَ لَهُ، أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ (وَلَا تَطْلُقُ) الزَّوْجَةُ (إنْ قَالَ) الزَّوْجُ بَعْدَ بَرَاءَةِ أَبِيهَا لَهُ (طَلَّقْتُهَا إنْ بَرِئْتُ) أَنَا (مِنْهُ) أَيْ مَهْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ.
(وَلَوْ قَالَ) زَوْجٌ لِأَبِي زَوْجَتِهِ (إنْ أَبْرَأْتَنِي أَنْتِ) مِنْهُ أَيْ: مَهْرِ ابْنَتك (فَهِيَ طَالِقٌ فَأَبْرَأَهُ) أَبُوهَا مِنْهُ (لَمْ تَطْلُقْ) رَشِيدَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ عَلَى بَرَاءَتِهِ مِنْ مَهْرِهَا، وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ بِبَرَاءَةِ أَبِيهَا (مَا لَمْ يَرُدَّ) الزَّوْجُ (صُورَةَ الْبَرَاءَةِ) فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِوُجُودِ اللَّفْظِ، كَقَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتِنِي خَمْرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: هِيَ طَالِقٌ إنْ بَرِئْتُ مِنْ صَدَاقِهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِعَدَمِ الْبَرَاءَةِ، فَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، (أَوْ) مَا لَمْ (يَقُلْ) الْأَبُ (طَلِّقْهَا عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِهَا وَعَلَيَّ الدَّرَكُ) فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ (فَ) إنَّهَا (تَبِينُ) بِذَلِكَ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ عَلَى عِوَضٍ، وَهُوَ
مَا لَزِمَ الْأَبَ مِنْ ضَمَانِ الدَّرْكِ (وَيَضْمَنُ) الْأَبُ، وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُهَا مِنْ مَالِهَا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى ابْنَتِهِ إلَّا إنْ أَذِنَتْ، وَكَانَتْ رَشِيدَةً كَالْأَجْنَبِيِّ.
(وَلَيْسَ لِأَبِ صَغِيرَةٍ أَنْ تُخَالِعَ) زَوْجَهَا (مِنْ مَالِهَا) كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْهِدَايَةِ " وَ " الْمَذْهَبِ " وَ " مَسْبُوكِ الذَّهَبِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " الْخُلَاصَةِ " وَ " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِمْ (وَلَوْ لِحَظٍّ) فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ (خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ فِي أَحَدِ احْتِمَالَيْهِمَا وَابْنُ عَقِيلٍ فِي " الْفُصُولِ " وَهُوَ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا فِي " الْمَنْهَجِ " وَصَوَّبَهَا فِي " الْإِنْصَافِ " مَعَ أَنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُهَا (وَلَا لِأَبِ) زَوْجٍ (صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ أَوْ سَيِّدِهِمَا) كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (أَنْ يَخْلَعَا أَوْ يُطَلِّقَا عَنْهُمَا) أَيْ: الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُمَا فِيهِ، وَلِحَدِيثِ:«الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» .
(وَإِنْ خَالَعَتْ عَلَى شَيْءٍ أَمَةٌ) زَوْجَهَا، وَلَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً (بِلَا إذْنِ سَيِّدِ) هَا؛ لَمْ يَصِحَّ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهَا، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ صَحَّ؛ إذْ الْعِوَضُ مِنْهُ لِأَمَتِهَا، وَتُسَلِّمُهُ مُكَاتَبَةٌ مَأْذُونَةٌ مِمَّا فِي يَدِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهَا شَيْءٌ فَهُوَ عَلَى سَيِّدِهَا (أَوْ) خَالَعَتْ زَوْجَهَا (مَحْجُورَةٌ لِسَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ؛ لَمْ يَصِحَّ) الْخُلْعُ (وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ وَلِيٌّ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ، وَلَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَا إذْنَ لِلْوَلِيِّ فِي التَّبَرُّعَاتِ.
(وَيَتَّجِهُ احْتِمَالٌ) مَرْجُوحٌ (وَ) إنْ خَالَعَتْ الْأَمَةُ (بِإِذْنِ سَيِّدِهَا وَ) كَانَ حِينَ الْإِذْنِ (أَطْلَقَ) فَلَمْ يُعَيِّنْ لَهَا شَيْئًا، وَلَا بَيَّنَ لَهَا قَدْرًا؛ مَلَكَتْ الْمُخَالَعَةَ بِالْمُسَمَّى إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَلَهَا أَنْ تُخَالِعَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا (فَ) إنْ (زَادَتْ عَلَى) الْمُسَمَّى أَوْ (مَهْرِ مِثْلِهَا فَ) الزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ (بِذِمَّتِهِ) أَيْ: السَّيِّدِ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِاسْتِدَانَةِ فَفَعَلَتْ، وَ (لَا يَتَعَلَّقُ الزَّائِدُ بِرَقَبَتِهَا) ؛ لِأَنَّهَا مَأْذُونَةٌ مِنْ السَّيِّدِ، كَذَا قَالَ وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ".
وَإِنْ خَالَعَتْ عَلَى مُعَيَّنٍ بِإِذْنِ السَّيِّدِ فِيهِ