الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ يَلْزَمُ الزَّوْجَ لزوجته وَطْءُ وَمَبِيتٌ فِي الْمَضْجَعِ]
فَصْلٌ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الزَّوْجَ (وَطْءُ) زَوْجَتِهِ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كَافِرَةً، حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِطَلَبِهَا (فِي كُلِّ ثُلُثِ سَنَةٍ مَرَّةً إنْ قَدَرَ) عَلَى الْوَطْءِ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْرُهُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي حَقِّ الْمَوْلَى، وَكَذَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُوجِبُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَدَلَّ أَنَّ الْوَطْءَ وَاجِبٌ بِدُونِهَا (وَ) يَلْزَمُهُ (مَبِيتٌ) فِي الْمَضْجَعِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي " نَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ " وَ " الْإِقْنَاعِ " وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِمَوَاضِعَ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَذَكَرَ فِي الْفُرُوعِ نُصُوصًا تَقْتَضِيهِ (بِطَلَبٍ عِنْدَ) زَوْجَةٍ (حُرَّةٍ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعِ) لَيَالٍ إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ (كَأَنَّهَا وَاحِدَةٌ) لِمَا رَوَى كَعْبُ بْنُ سَوَّارٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ أَفْضَلَ مِنْ زَوْجِي، وَاَللَّهِ إنَّهُ لَيَبِيتُ لَيْلَهُ قَائِمًا، وَيَظَلُّ نَهَارَهُ صَائِمًا، فَاسْتَغْفَرَ لَهَا، وَأَثْنَى عَلَيْهَا، وَاسْتَحْيَتْ الْمَرْأَةُ، وَقَامَتْ رَاجِعَةً فَقَالَ كَعْبٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلَّا أَعْدَيْتَ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَ: إنَّهَا جَاءَتْ تَشْكُوهُ إذَا كَانَ هَذَا فِي الْعِبَادَةِ مَتَى يَتَفَرَّغُ لَهَا، فَبَعَثَ عُمَرُ إلَى زَوْجِهَا، وَقَالَ لِكَعْبٍ: اقْضِ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّكَ فَهِمْتَ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا لَمْ أَفْهَمْهُ قَالَ: فَإِنِّي أَرَى أَنَّهَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا ثَلَاثُ نِسْوَةٍ، وَهِيَ رَابِعَتُهُنَّ، فَأَقْضِي لَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ يَتَعَبَّدُ فِيهِنَّ، وَلَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاَللَّهِ مَا رَأْيُكَ الْأَوَّلُ بِأَعْجَبَ إلَيَّ مِنْ الْآخَرِ، اذْهَبْ فَأَنْتَ قَاضٍ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَفِي لَفْظٍ قَالَ: نِعْمَ الْقَاضِي أَنْتَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ.
وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ اُشْتُهِرَتْ، وَلَمْ تُنْكَرْ، فَكَانَتْ كَالْإِجْمَاعِ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ «عليه الصلاة والسلام لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: إنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْجِكَ عَلَيْكَ
حَقًّا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ لَهَا عَلَيْهِ حَقٌّ لَمَلَكَ الزَّوْجُ تَخْصِيصَ إحْدَى زَوْجَاتِهِ بِهِ كَالزِّيَادَةِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ، (وَ) يَلْزَمُهُ بِطَلَبِ زَوْجَةٍ (أَمَةٍ) أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً (مِنْ) كُلِّ (سَبْعِ) لَيَالٍ (كَأَنَّ مَعَهَا ثَلَاثَ حَرَائِرَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْلَتَانِ، وَلَهَا لَيْلَةٌ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ (وَلَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ فِي الْبَقِيَّةِ بِنَفْسِهِ أَوْ مَعَ سُرِّيَّتِهِ) إذَا لَمْ تَسْتَغْرِقْ زَوْجَاتُهُ جَمِيعَ اللَّيَالِي (فَمَنْ مَعَهُ حُرَّةٌ) فَقَطْ (انْفَرَدَ ثَلَاثًا) أَيْ: ثَلَاثَ لَيَالٍ مِنْ أَرْبَعٍ، (وَ) إنْ كَانَ مَعَهُ حُرَّتَانِ (ثِنْتَانِ) فَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي (ثِنْتَيْنِ) مِنْ أَرْبَعٍ، (وَ) إنْ كَانَ مَعَهُ (ثَلَاثُ) حَرَائِرَ (فَ) لَهُ الِانْفِرَادُ فِي لَيْلَةٍ (وَاحِدَةٍ) مِنْ سَبْعٍ، (وَإِنْ) كَانَ مَعَهُ (أَرْبَعُ) حَرَائِرَ (فَلَا) يَنْفَرِدُ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَبِيبُ وَحْدَهُ.
تَتِمَّةٌ: وَإِنْ كَانَ مَعَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ قَسَّمَ لَهُنَّ ثَلَاثَ لَيَالٍ مِنْ ثَمَانٍ، وَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي خَمْسٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ حُرَّتَانِ وَأَمَةٌ فَلَهُنَّ خَمْسٌ، وَلَهُ ثَلَاثٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ حُرَّتَانِ وَأَمَتَانِ فَلَهُنَّ سِتٌّ، وَلَهُ لَيْلَتَانِ.
قَالَهُ فِي " الْمُبْدِعِ " وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَلَهَا لَيْلَةٌ، وَلَهُ سِتٌّ
(وَإِنْ سَافَرَ) الزَّوْجُ (فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ فِي غَيْرِ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ وَاجِبَيْنِ، أَوْ فِي غَيْرِ طَلَبِ رِزْقٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ، فَطَلَبَتْ) زَوْجَتُهُ (قُدُومَهُ، وَرَاسَلَهُ الْحَاكِمُ؛ لَزِمَهُ) الْقُدُومُ نَصًّا (فَإِنْ أَبَى) الزَّوْجُ شَيْئًا مِنْ مَبِيتِ لَيْلَةٍ مِنْ أَرْبَعٍ عِنْدَ الْحُرَّةِ أَوْ لَيْلَةٍ مِنْ سَبْعٍ عِنْدَ الْأَمَةِ؛ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا (أَوْ) أَبَى عَنْ (وَطْءِ) زَوْجَتِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا (أَوْ) أَبَى مُسَافِرٌ مِنْ (قُدُومٍ) بِلَا عُذْرٍ لِأَحَدِهِمَا فِي الْجَمِيعِ (فَرَّقَ) الْحَاكِمُ (بَيْنَهُمَا بِطَلَبِهَا، وَلَوْ قَبْلَ دُخُولٍ) نَصًّا قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ (قِيلَ لِأَحْمَدَ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً) وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا (يَقُولُ غَدًا أَدْخُلُ بِهَا غَدًا أَدْخُلُ بِهَا إلَى شَهْرٍ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الدُّخُولِ؟ قَالَ: أَذْهَبُ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) فَجَعَلَهُ كَالْمَوْلَى،