الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ الْإِيلَاءُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ]
فَصْلٌ (وَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ) مِنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَيُمْكِنُهُ الْوَطْءُ (مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) وَحُرٍّ (وَقِنٍّ وَغَضْبَانَ وَسَكْرَانَ) أَثِمَ بِسُكْرِهِ (وَمَرِيضٍ مَرْجُوٍّ بُرْؤُهُ وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ) بِزَوْجَتِهِ (وَ) يَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْ (مُمَيِّزٍ) يَعْقِلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ فِي " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِ قَالَ فِي " الْهِدَايَةِ: " وَالْمَذْهَبِ " وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ "" وَالْمُسْتَوْعِبِ "" وَالْخُلَاصَةِ "" وَالرِّعَايَتَيْنِ "" وَالْحَاوِي " وَغَيْرُهُمْ تَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ (وَيَتَّجِهُ لَا) يَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْ مُمَيِّزٍ اخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ " وَمُنْتَخَبُ الْآدَمِيِّ "" وَمُنَوَّرُهُ " وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الصِّحَّةُ، وَلَا يَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] كَمَا لَا يَصِحُّ (مِنْ مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُمَا (وَ) لَا مِنْ (عَاجِزٍ عَنْ وَطْءٍ لَجَبٍّ كَامِلٍ أَوْ شَلَلٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْوَطْءُ لِامْتِنَاعِهِ بِعَجْزِهِ.
(وَيُضْرَبُ لِمُولٍ، وَلَوْ) كَانَ (قِنًّا) لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْآيَةِ (مُدَّةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَمِينِهِ) لِلْآيَةِ، فَلَا يُفْتَقَرُ إلَى ضَرْبِ حَاكِمٍ كَالْعِدَّةِ (وَلَا يُطَالَبُ فِيهِنَّ) أَيْ: الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (بِوَطْءٍ وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ زَمَنُ عُذْرِهِ) فِيهَا (كَإِحْرَامٍ وَمَرَضٍ) وَحَبْسٍ
لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ جِهَتِهِ، وَقَدْ وُجِدَ التَّمْكِينُ مِنْهَا، وَ (لَا) يُحْسَبُ زَمَنُ (عُذْرِهَا كَصِغَرٍ وَجُنُونٍ وَيَتَّجِهُ) أَنَّهَا تُعْذَرُ بِجُنُونٍ (مُطْبِقٍ) أَمَّا غَيْرُ الْمُطْبِقِ، فَلَا تُعْذَرُ بِهِ، لِسُرْعَةِ زَوَالِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَنُشُوزٍ وَإِحْرَامٍ وَنِفَاسٍ) وَمَرَضِهَا وَحَبْسِهَا وَسَفَرِهَا، وَلَا تُضْرَبُ لَهُ الْمُدَّةُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ تُضْرَبُ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ وَطْئِهَا، وَالْمَنْعُ هُنَا مِنْ قِبَلِهَا (لَا) زَمَنَ (حَيْضٍ) فَيُحْسَبُ مِنْ الْمُدَّةِ، وَلَا يَقْطَعُهَا، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى إسْقَاطِ حُكْمِ الْإِيلَاءِ، وَإِنَّمَا حُسِبَ مِنْ الْمُدَّةِ (لِمَشَقَّةِ تَكَرُّرِهِ) فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ الْحَيْضِ غَالِبًا (وَإِنْ حَدَثَ عُذْرُهَا) فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ (اُسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ لِزَوَالِهِ) وَلَمْ تَبِنْ عَلَى مَا مَضَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا مُتَوَالِيَةٌ؛ فَإِذَا قَطَعَتْهَا؛ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا كَمُدَّةِ الشَّهْرَيْنِ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ (إنْ) كَانَ قَدْ (بَقِيَ مِنْ) الْمُدَّةِ الَّتِي حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ (أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، بَلْ أَرْبَعَةٌ فَأَقَلُّ، سَقَطَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً، وَلَا تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى إذَا حَدَثَ عُذْرٌ مِمَّا سَبَقَ كَمُدَّةِ الشَّهْرَيْنِ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ إذَا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ يَسْتَأْنِفُهُمَا (كَمَنْ بَانَتْ) فِي الْمُدَّةِ (ثُمَّ عَادَتْ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ بَانَتْ مِنْهُ بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لِأَنَّهَا بِالْبَيْنُونَةِ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ، فَلَمَّا عَادَ وَتَزَوَّجَهَا عَادَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا، فَاسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ إذَنْ.
(وَإِنْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا فِي الْمُدَّةِ) أَيْ: مُدَّةِ التَّرَبُّصِ (لَمْ تَنْقَطِعْ) الْمُدَّةُ إذَنْ (مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ) نَصًّا لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ عَلَى نِكَاحِهَا، وَهِيَ فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ، وَإِنْ انْقَطَعَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَكَانَ قَدْ حَدَثَ (بِهَا عُذْرٌ) بَعْدَهَا يَمْنَعُ (وَطْأَهَا) كَإِحْرَامٍ وَنِفَاسٍ (لَمْ تَمْلِكْ طَلَبَ الْفِيئَةِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ جِهَتِهَا، فَطَلَبُهَا بِهِ عَبَثٌ (وَإِنْ كَانَ) الْعُذْرُ
(بِهِ؛ وَهُوَ) أَيْ: الْعُذْرُ (مِمَّا يَعْجِزُ بِهِ عَنْ الْوَطْءِ) كَالْمَرَضِ وَالْإِحْرَامِ (أُمِرَ) أَيْ: أَمَرَهُ الْحَاكِمُ (أَنْ يَفِيَ بِلِسَانِهِ؛ فَيَقُولُ: مَتَى قَدَرْت جَامَعْتُك) لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْفِيئَةِ تَرْكُ مَا قَصَدَهُ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْإِيلَاءِ، وَاعْتِذَارِهِ يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْإِضْرَارِ (ثُمَّ مَتَى قَدَرَ) أَنْ يُجَامِعَ (وَطِئَ أَوْ طَلَّقَ) لِزَوَالِ عَجْزِهِ الَّذِي أُخِّرَ لِأَجْلِهِ، كَالدَّيْنِ يُوسِرُ بِهِ الْمُعْسِرُ، وَلَا كَفَّارَةَ وَلَا حِنْثَ فِي الْفِيئَةِ بِاللِّسَانِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، بَلْ، وَعَدَ بِهِ (وَيُمْهَلُ) مُولٍ طُلِبَتْ فِيئَتُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ (لِصَلَاةِ فَرْضٍ وَتَغَدٍّ وَهَضْمِ) طَعَامٍ (وَنَوْمٍ وَنُعَاسٍ وَتَحَلُّلٍ مِنْ إحْرَامٍ) وَفِطْرٍ مِنْ صَوْمٍ وَاجِبٍ (وَدُخُولِ خَلَاءٍ) وَرُجُوعٍ إلَى بَيْتِهِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ: بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ الْعَادَةُ (وَ) يُمْهَلُ مُولٍ (مُظَاهِرٌ لِطَلَبِ رَقَبَةٍ) بِعِتْقِهَا عَنْ ظِهَارِهِ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، وَلَا يُمْهَلُ مُظَاهِرٌ (لِصَوْمٍ) عَنْ كَفَّارَتِهِ (وَيَتَّجِهُ وَيُؤْمَرُ) مُظَاهِرٌ طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِصَوْمٍ (بِطَلَاقٍ) فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ زَمَنَ الصَّوْمِ كَثِيرٌ وَ (لَا) يُمَكَّنُ مِنْ وَطْءٍ لِتَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ لِلْآيَةِ (وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّهُ يُحْمَلُ) قَوْلُهُمْ لَا يُمْهَلُ مُظَاهِرٌ لِصَوْمٍ (عَلَى مَنْ) أَيْ: مُظَاهِرٌ (أَمْكَنَهُ الصَّوْمُ فِي الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ الْمَاضِيَةِ وَلَمْ يَفْعَلْ) أَيْ: لَمْ يَصُمْ تَهَاوُنًا مِنْهُ وَكَسَلًا، فَيَكُونُ مُفَرِّطًا، أَمَّا لَوْ كَانَ مَعْذُورًا لِمَرَضٍ أَصَابَهُ وَنَحْوِهِ؛ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يُمْهَلُ لِيَصُومَ عَنْهُ كَفَّارَتُهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(فَإِنْ لَمْ يَبْقَ) لِمُولٍ (عُذْرٌ وَطَلَبَتْ) زَوْجَتُهُ، وَلَوْ كَانَتْ (أَمَةً الْفِيئَةَ - وَهُوَ الْجِمَاعُ - لَزِمَ الْقَادِرَ) عَلَى وَطْءٍ (مَعَ حِلِّ وَطْئِهَا) أَنْ يَطَأَ، وَأَصْلُ الْفَيْءُ الرُّجُوعُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الظِّلُّ بَعْدَ الزَّوَالِ الْمُوَلِّي فَيْئًا؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ الْمَغْرِبِ إلَى الْمَشْرِقِ، فَسُمِّيَ الْجِمَاعُ مِنْ الْمُولِي فَيْئَةً؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَى فِعْلِ مَا تَرَكَهُ وَبِحَلِفِهِ (وَتُطَالِبُ) زَوْجَةٌ (غَيْرُ مُكَلَّفَةٍ) لِصِغَرٍ وَجُنُونٍ (إذَا كُلِّفَتْ) لِتَصِحَّ دَعْوَاهَا (وَلَا مُطَالَبَةَ لِوَلِيٍّ) صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ (وَلَا سَيِّدِ) أَمَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْوَطْءِ لِلزَّوْجَةِ، دُونَ وَلِيِّهَا وَسَيِّدِهَا (وَيُؤْمَرُ بِطَلَاقٍ مَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ بِوَطْئِهَا وَيَحْرُمُ) وَطْؤُهَا؛ لِوُقُوعِ الثَّلَاثِ بِإِدْخَالِ ذَكَرِهِ، فَيَكُونُ نَزَعَهُ فِي أَجْنَبِيَّةٍ، وَالنَّزْعُ جِمَاعٌ، وَالظَّاهِرُ إنَّمَا يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، لِأَنَّهُ إذْ ذَاكَ وَقْتُ وُجُوبٍ الْوَطْءِ عَلَيْهِ (وَمَتَى أَوْلَجَ) حَشَفَتَهُ فِي زَوْجَتِهِ عَلَّقَ طَلَاقَهَا الثَّلَاثَ بِوَطْئِهَا (وَتَمَّمَ) وَطْأَهُ (وَلَبِثَ) وَهُوَ مُولِجٌ (لَحِقَهُ نَسَبُهُ) أَيْ مَا وَلَدَتْهُ مِنْ هَذَا الْوَطْءِ (وَلَزِمَهُ الْمَهْرُ، وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِمَا؛ لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ نَزَعَ فِي الْحَالِ فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ، لِأَنَّهُ تَارِكٌ، وَإِنْ نَزَعَ، ثُمَّ أَوْلَجَ، فَإِنْ جَهِلَا التَّحْرِيمَ؛ فَالْمَهْرُ وَالنَّسَبُ وَلَا حَدَّ، وَإِنْ عَلِمَا التَّحْرِيمَ؛ فَلَا مَهْرَ وَلَا نَسَبَ، وَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ؛ وَإِنْ عَلِمَا التَّحْرِيمَ، وَجَهِلَتْهُ؛ لَزِمَهُ الْمَهْرُ وَالْحَدُّ، وَلَا نَسَبَ، وَإِنْ عَلِمَتْ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَهُ الْوَاطِئُ؛ لَزِمَهَا الْحَدُّ، وَلِحَقِّهِ النَّسَبُ، وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا.
وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا بِوَطْئِهَا، فَوَطِئَهَا، وَقَعَ رَجْعِيًّا قَالَ الْبُهُوتِيُّ: وَحَصَلَتْ رَجْعَتُهَا بِنَزْعِهِ؛ إذْ النَّزْعُ جِمَاعٌ.
(وَتَنْحَلُّ يَمِينُ مَنْ) أَيْ مُولٍ (جَامَعَ، وَلَوْ مَعَ تَحْرِيمِهِ) أَيْ: الْجِمَاعِ (كَ) جِمَاعِهِ (فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ، إحْرَامٍ أَوْ صِيَامِ فَرْضٍ) لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، فَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ بِهِ، وَقَدْ وَفَّى الزَّوْجَةَ رَجْعَتَهَا مِنْ الْوَطْءِ، فَخَرَجَ مِنْ الْفِيئَةِ كَالْوَطْءِ الْمُبَاحِ (وَيُكَفِّرُ) لِحِنْثِهِ
(وَأَدْنَى مَا يَكْفِي) مُولٍ فِي خُرُوجِهِ مِنْ فِيئَةٍ (تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا) مِنْ مَقْطُوعِهَا (وَلَوْ مِنْ مُكْرَهٍ) قَالَ فِي " التَّرْغِيبِ ": وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْوَطْءِ لَا يُتَصَوَّرُ (وَنَاسٍ وَجَاهِلٍ وَمَجْنُونٍ أَوْ أُدْخِلَ ذَكَرُ نَائِمٍ) لِوُجُودِ الْوَطْءِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَرْأَةِ بِهِ حَقَّهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ فَعَلَهُ قَصْدًا (وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِنَّ) أَيْ: هَذِهِ الصُّوَرُ لِعَدَمِ حِنْثِهِ فَلَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ (فِي الْقُبُلِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَغْيِيبٍ أَيْ: قُبُلِ مَنْ آلَى مِنْهَا (فَلَا يَخْرُجُ) مُولٍ (مِنْ الْفِيئَةِ بِوَطْءٍ دُونَ فَرْجٍ؛ أَوْ فِي دُبُرٍ) لِأَنَّ الْفِيئَةَ الرُّجُوعُ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَهَذَا غَيْرُ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ؛ كَمَا لَوْ قَبَّلَهَا، وَلِأَنَّهُ لَا يَزُولُ بِهِ ضَرَرُ الْمَرْأَةِ.
(وَإِنْ لَمْ يَفِ) مُولٍ بِوَطْءِ مَنْ آلَى مِنْهَا (وَأَعْفَتْهُ؛ سَقَطَ حَقُّهَا) لِرِضَاهَا بِإِسْقَاطِهِ (كَعَفْوِهَا) أَيْ: كَعَفْوِ زَوْجَةِ الْعِنِّينِ (بِعُذْرٍ مِنْ الْعُنَّةِ) عَنْ الْفَسْخِ، فَيَسْقُطُ، وَإِلَّا تُعْفِهِ الْمَرْأَةُ (أُمِرَ) أَيْ: أَمَرَهُ الْحَاكِمُ (أَنْ يُطَلِّقَ) إنْ طَلَبَتْهُ مِنْهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226]{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227] وَقَوْلُهُ: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ بَذْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَمْ يَمْسِكْ بِمَعْرُوفٍ، فَيُؤْمَرُ بِالتَّسْرِيحِ بِإِحْسَانٍ.
(وَلَا تَبِينُ) زَوْجَةُ مُولٍ مِنْهُ بِطَلَاقٍ (رَجْعِيٍّ) سَوَاءٌ أَوْقَعَهُ أَوْ الْحَاكِمُ كَغَيْرِ مُولٍ (فَإِنْ أَبَى) مُولٍ أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ طَلَّقَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ طَلْقَةً، وَتَقَعُ رَجْعِيَّةً أَوْ ثَلَاثًا أَوْ فَسَخَ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَيَّنَ مُسْتَحِقُّهُ، فَدَخَلَتْهُ النِّيَابَةُ، كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَيُفَارِقُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ النِّسْوَةِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَلِأَنَّهَا خِيرَةُ تَشَهٍّ، بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالطَّلَاقِ، وَلَا أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ
تَطْلُبَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ فَلَا يَسْتَوْفِيهِ بِدُونِهَا، فَإِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ فَسَخَ صَحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَائِمًا مَقَامَ الزَّوْجِ؛ فَيَمْلِكُ مَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ وَالْخِيرَةُ فِي ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ، فَيَفْعَلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ (وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) مَرْجُوحٍ أَنَّ الْحَاكِمَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إيقَاعِ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَبَيْنَ فَسْخٍ، وَحَيْثُ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ (فَلَا تَحْرُمُ الثَّلَاثُ) أَيْ: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إيقَاعُهُمَا دَفْعَةً (هُنَا) أَيْ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ فِعْلَ الْأَصْلَحِ (وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ) فِي بَابِ سُنَّةِ الطَّلَاقِ وَبِدْعَتِهِ (الْحُرْمَةُ) أَيْ: حُرْمَةُ إيقَاعِ طَلَاقِ ثَلَاثٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِكَلِمَاتٍ وَلَوْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ أَوْ ظِهَارٍ قَبْلَ رَجْعَةٍ، وَهَذَا مِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُولِيَ نَفْسَهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إيقَاعُ ثَلَاثٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَغَيْرُهُ أَوْلَى.
(وَإِنْ قَالَ) حَاكِمٌ (فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا) وَلَمْ يَنْوِ طَلَاقًا (فَهُوَ فَسْخٌ) لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ لَيْسَتْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَلَا نِيَّتِهِ، أَشْبَهَ قَوْلَهُ: فَسَخْت النِّكَاحَ.
(وَإِنْ ادَّعَى) مُولٍ طَلَبَتْهُ زَوْجَتُهُ بِالْفِيئَةِ (بَقَاءَ الْمُدَّةِ) أَيْ: مُدَّةَ التَّرَبُّصِ؛ قُبِلَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِ حَلِفِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ؛ لِصُدُورِهِ مِنْ جِهَتِهِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِيلَاءِ، أَوْ ادَّعَى وَطْأَهَا بَعْدَ إيلَائِهِ (وَهِيَ ثَيِّبٌ، قُبِلَ) لِأَنَّهُ أَمْرٌ خَفِيٌّ تَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ غَالِبًا، وَلِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ كَقَوْلِ الْمَرْأَةِ فِي حَيْضِهَا
(وَإِنْ ادَّعَتْ) زَوْجَةُ مُولٍ ادَّعَى وَطْأَهَا (بَكَارَةً، فَشَهِدَ بِهَا) أَيْ: بِالْبَكَارَةِ امْرَأَةٌ (ثِقَةٌ؛ قُبِلَتْ) كَسَائِرِ عُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ الثِّيَابِ (وَإِلَّا يَشْهَدْ بِبَكَارَتِهَا أَحَدٌ) ثِقَةٌ، (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهُ) ، (كَمَا) لَوْ