الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَاخْتَصَّ بِهِ الرَّجُلُ كَالطَّلَاقِ، وَلِأَنَّ الْحِلَّ فِي الْمَرْأَةِ حَقٌّ لِلزَّوْجِ؛ فَلَا تَمْلِكُ إزَالَتَهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ (وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ) أَيْ: الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، وَقَدْ أَتَى بِالْمُنْكَرِ مِنْ الْقَوْلِ وَالزُّورِ فِي تَحْرِيمِ الْآخَرِ عَلَيْهِ أَشْبَهَتْ الزَّوْجَ، وَعَلَيْهَا التَّمْكِينُ لِزَوْجِهَا مِنْ وَطْئِهَا قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ التَّكْفِيرِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلزَّوْجِ؛ فَلَا تَمْنَعُهُ، كَسَائِرِ حُقُوقِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الظِّهَارِ؛ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ تَغْلِيظًا، وَلَيْسَ لَهَا ابْتِدَاءُ الْقُبْلَةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ.
وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ النَّخَعِيّ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ: أَنَّهَا قَالَتْ: إنْ تَزَوَّجْت مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي، فَسَأَلَتْ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرَأَوْا أَنَّ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ وَرَوَى سَعِيدٌ: أَنَّهَا اسْتَفْتَتْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ يَوْمئِذٍ كَثِيرٌ، فَأَمَرُوهَا أَنْ تَعْتِقَ رَقَبَةً، وَتَتَزَوَّجَهُ، فَتَزَوَّجَتْهُ، وَأَعْتَقَتْ عَبْدًا.
(وَيُكْرَهُ دُعَاءُ أَحَدِهِمَا) أَيْ: الزَّوْجَيْنِ (الْآخَرَ) بِمَا يَخْتَصُّ (بِذِي رَحِمٍ كَأَبِي وَأُمِّي وَأَخِي وَأُخْتِي) قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي.
[فَصْلٌ مِنْ يَصِحُّ مِنْهُ الظِّهَارُ]
فَصْلٌ (وَيَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِنْ كُلِّ مَنْ) أَيْ: زَوْجٍ (يَصِحُّ طَلَاقُهُ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ كَالطَّلَاقِ، فَجَرَى مَجْرَاهُ، وَصَحَّ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ (وَاخْتَارَ الْمُوَفَّقُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ظِهَارُ مُمَيِّزٍ وَلَا إيلَاؤُهُ) لِأَنَّهُ يَمِينُ مُكَفَّرَةٌ، فَلَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّهِ كَالْيَمِينِ، وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ، لِمَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ وَذَلِكَ مَرْفُوعٌ عَنْ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ، لَكِنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ ظِهَارِ الْمُمَيِّزِ وَإِيلَاؤُهُ كَطَلَاقِهِ؛ قَالَ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " سَوَّى أَحْمَدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ قَالَ
فِي " الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ " أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى صِحَّةِ ظِهَارِهِ وَإِيلَائِهِ قَالَ النَّاظِمُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
(وَيُكَفِّرُ كَافِرٌ بِمَالٍ) أَيْ: عِتْقٍ أَوْ إطْعَامٍ، لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ وَعَكْسُهُ أَيْ: عَكْسُ الْكَافِرِ (الْقِنُّ) فَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا يُكَفِّرُ مِنْهُ وَيَصِحُّ (مِنْ كُلِّ زَوْجَةٍ) كَانَتْ أَوْ ذِمِّيَّةٍ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَطْؤُهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 2] الْآيَةُ فَخَصَّهُنَّ بِالظِّهَارِ وَلِأَنَّهُ لَفْظٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمُ الزَّوْجَةِ؛ فَاخْتُصَّ بِهَا كَالطَّلَاقِ، وَلِأَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَنُقِلَ حُكْمُهُ، وَبَقِيَ مَحَلُّهُ.
وَ (لَا) يَصِحُّ ظِهَارُهُ (مِنْ أَمَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ، وَيُكَفِّرُ) سَيِّدٌ قَالَ لِأَمَتِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (كَيَمِينٍ بِحِنْثٍ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا، ثُمَّ وَطِئَهَا قَالَ نَافِعٌ:«حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَارِيَتَهُ فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ» .
(وَإِنْ نَجَّزَهُ) أَيْ: الظِّهَارَ (لِأَجْنَبِيَّةٍ) بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي صَحَّ ظِهَارٌ (أَوْ عَلَّقَهُ بِتَزْوِيجِهَا) أَيْ الْأَجْنَبِيَّةِ (كَ) : قَوْلِهِ لَهَا (إنْ تَزَوَّجْتُك) فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، لَمْ يَطَأْهَا إنْ تَزَوَّجَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ، لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا، تَحَقَّقَ مَعْنَى الظِّهَارِ مِنْهَا، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ وَطْؤُهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ الظِّهَارِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عُمَرَ لِأَنَّهُ يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ فَصَحَّ عَقْدُهَا قَبْلَ النِّكَاحِ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ خَرَجَتْ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ أَنَّ الطَّلَاقَ حَلَّ قَيْدَ النِّكَاحِ، وَلَا يُمْكِنُ حَلُّهُ قَبْلَ عَقْدِهِ وَالظِّهَارُ تَحْرِيمٌ لِلْوَطْءِ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْعَقْدِ كَالْحَيْضِ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّ حُكْمُ الْإِيلَاءِ بِنِسَائِهِ؛ لِكَوْنِهِ يَقْصِدُ الْإِضْرَارَ بِهِنَّ، وَالْكَفَّارَةُ هُنَا وَجَبَتْ لِقَوْلِ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ، فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِنِسَائِهِ.
وَكَذَا إنْ قَالَ: كُلُّ النِّسَاءِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (أَوْ قَالَ: كُلُّ
امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا) فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (فَظِهَارٌ) فَإِنْ تَزَوَّجَ نِسَاءً، وَأَرَادَ الْوَطْءَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَهُنَّ بِعَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ وَاحِدَةٍ، فَلَا تُوجِبُ أَكْثَرَ مِنْ كَفَّارَةٍ.
(وَكَذَا) لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَنَوَى أَبَدًا) فَمُظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ ظِهَارٌ فِي الزَّوْجَةِ، فَكَذَا الْأَجْنَبِيَّةُ، فَلَا يَطَؤُهَا إذَا تَزَوَّجَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ وَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ظِهَارًا (إنْ أَطْلَقَ) فَلَمْ يَنْوِ أَبَدًا (أَوْ نَوَى) أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ (إذَنْ) لِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ (وَيُقْبَلُ) مِنْهُ دَعْوَى ذَلِكَ (حُكْمًا) لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ.
(وَيَصِحُّ الظِّهَارُ مُنَجَّزًا) كَمَا تَقَدَّمَ (وَمُعَلَّقًا) كَإِنْ قُمْت فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (وَمَحْلُوفًا بِهِ) كَأَنْتِ الظِّهَارُ لَأَقُومَنَّ (وَمُطْلَقًا)، كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (وَمُؤَقَّتًا كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي شَهْرَ رَمَضَانَ) أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (عَامًا إنْ وَطِئَ فِيهِ) أَيْ: رَمَضَانَ أَوْ الْعَامِ (كَفَّرَ، وَإِلَّا يَطَأْ) فِيهِ (زَالَ) حُكْمُ الظِّهَارِ بِمُضِيِّهِ؛ لِحَدِيثِ صَخْرِ بْنِ سَلَمَةَ: وَفِيهِ «ظَاهَرْت مِنْ امْرَأَتِي حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَصَابَهَا فِيهِ فَأَمَرَهُ بِالْكَفَّارَةِ» وَلَمْ يُنْكِرْ تَقْيِيدَهُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ؛ فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ، وَهَذَا يُوقِعُ تَحْرِيمًا يَرْفَعُهُ التَّكْفِيرُ أَشْبَهَ الْإِيلَاءَ
(وَيَحْرُمُ عَلَى مُظَاهِرٍ وَمُظَاهَرٍ مِنْهَا وَطْءٌ وَدَوَاعِيهِ قَبْلَ تَكْفِيرٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] وَقَوْلِهِ: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4](وَلَوْ) كَانَ تَكْفِيرُهُ (بِإِطْعَامٍ) لِحَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي ظَاهَرْت مِنْ امْرَأَتِي، فَوَقَعْت عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ، فَقَالَ: مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ رَحِمَك اللَّهُ؟ قَالَ: خَلْخَالُهَا فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ قَالَ: فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَك اللَّهُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلِأَنَّ مَا حَرَّمَ الْوَطْءَ
مِنْ الْقَوْلِ حَرَّمَ دَوَاعِيهِ كَالطَّلَاقِ وَالْإِحْرَامِ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ فَلَهُ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ (وَتَثْبُتُ) أَيْ: تَسْتَقِرُّ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ: الْمُظَاهِرِ (بِالْعَوْدِ) وَهُوَ الْوَطْءُ نَصًّا، لَا الْعَزْمِ عَلَيْهِ، فَلَا تَسْتَقِرُّ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا شَرْطٌ لِحِلِّ الْوَطْءِ فَيُؤْمَرُ بِهَا مَنْ أَرَادَهُ لِيَسْتَحِلَّهُ بِهَا كَمَا يُؤْمَرُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ مَنْ أَرَادَ حِلَّ الْمَرْأَةِ (وَلَوْ) كَانَ مِنْ الْوَطْءِ (مِنْ مَجْنُونٍ) بِأَنْ ظَاهَرَ، ثُمَّ جُنَّ.
(وَيَتَّجِهُ) أَوْ كَانَ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَةٍ فَبَانَتْ مِنْهُ، ثُمَّ وَطِئَهَا (بِزِنًا) فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ، لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَادَ إلَى الْوَطْءِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (لَا) إنْ كَانَ الْوَطْءُ (مِنْ مُكْرَهٍ) لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِالْإِكْرَاهِ، وَنَائِمٍ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ضِدَّ قَوْلِ الْمُظَاهِرِ، إذْ الْمُظَاهِرُ حَرَّمَ الْوَطْءَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنَعَهَا مِنْهُ، فَالْعَوْدُ فِعْلُهُ، وَأَمَّا الْإِمْسَاكُ عَنْ الْوَطْءِ فَلَيْسَ بِعَوْدٍ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] وَثُمَّ لِلتَّرَاخِي، وَالْإِمْسَاكُ غَيْرُ مُتَرَاخٍ؛ وَلِأَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ يَقْتَضِي تَرْكَ الْوَطْءِ فَلَا يَجِبُ كَفَّارَةٌ إلَّا بِهِ كَالْإِيلَاءِ.
(وَيَأْثَمُ كَلِفٌ) بِوَطْءٍ وَدَوَاعِيهِ قَبْلَ تَكْفِيرٍ؛ لِمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ) إنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ (لَا يَطَأُ) بَعْدُ (حَتَّى يُكَفِّرَ) لِلْخَبَرِ، وَلِبَقَاءِ التَّحْرِيمِ (وَتُجْزِئُهُ) كَفَّارَةٌ (وَاحِدَةٌ) وَلَوْ كَرَّرَ الْوَطْءَ، لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ وُجِدَ الْعَوْدُ وَالظِّهَارُ، فَدَخَلَ فِي عُمُومِ {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] لِآيَتَيْنِ (كَمُكَرِّرٍ ظِهَارًا مِنْ) امْرَأَةٍ (وَاحِدَةٍ قَبْلَ تَكْفِيرٍ وَلَوْ) كَرَّرَهُ (بِمَجَالِسَ، أَوْ أَرَادَ) بِتَكْرَارِهِ (اسْتِئْنَافًا) نَصًّا؛ لِأَنَّ تَكْرِيرَهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ؛ لِتَحْرِيمِهَا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَلَمْ تَكْفِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ وَكَذَا لَوْ ظَاهَرَ (مِنْ نِسَاءٍ بِكَلِمَةٍ) كَقَوْلِهِ أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَلِأَنَّهُ ظِهَارٌ وَاحِدٌ.
وَإِنْ
ظَاهَرَ مِنْهُنَّ (بِكَلِمَاتٍ) بِأَنْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي؛ فَعَلَيْهِ (لِكُلٍّ) مِنْهُنَّ (كَفَّارَةٌ، كَأَنْ قَالَ) أَيْ: مَا تَقَدَّمَ (لِكُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ بِمُفْرَدِهَا؛ لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ عَلَى أَعْيَانٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَلِأَنَّهَا أَيْمَانٌ لَا يَحْنَثُ فِي إحْدَاهَا بِالْحِنْثِ فِي الْأُخْرَى؛ فَلَا تُكَفِّرُهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (أَوْ كَرَّرَهُ) أَيْ: كَرَّرَ قَوْلَهُ (لَهُنَّ) أَيْ: لِلنِّسَاءِ أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (وَلَمْ يُرِدْ) بِتَكْرَارِ ذَلِكَ (تَأْكِيدًا) فَعَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ؛ لِوُجُودِ التَّكْرَارِ الْعَارِي عَنْ إرَادَةِ التَّأْكِيدِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وُجِدَتْ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ، بِخِلَافِ الْحَدِّ، فَإِنَّهُ عُقُوبَةٌ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ
(وَيَلْزَمُ) مُظَاهِرًا (إخْرَاجُ) كَفَّارَةِ ظِهَارٍ (بِعَزْمٍ عَلَى وَطْءٍ) نَصًّا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] الْآيَتَيْنِ وَحَدِيثِ «فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَك اللَّهُ بِهِ» حَيْثُ أَمَرَ بِالْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْتِمَاسٍ (وَيُجْزِئُ) إخْرَاجٌ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ عَزْمٍ عَلَى الْوَطْءِ (لِوُجُودِ سَبَبِهِ) أَيْ: سَبَبِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الظِّهَارُ كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ بَعْدَ كَمَالِ النِّصَابِ (لَا قَبْلَ) ذَلِكَ (فَلَا تُجْزِئُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ قَبْلَهُ كَ) مَا لَا تُجْزِئُ كَفَّارَةُ (يَمِينٍ) قَبْلَ حَلِفٍ، (وَلَا) تُجْزِئُ (كَفَّارَةُ قَتْلٍ قَبْلَ جَرْحٍ) لِعَدَمِ انْعِقَادِ سَبَبِ الْوُجُوبِ.
(وَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ: (إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) ، لَمْ يُكَفِّرْ قَبْلَ دُخُولِهَا الدَّارَ، فَإِنْ دَخَلَتْهَا صَارَ