الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، (وَإِلَّا) يَكُنْ دَخَلَ بِهَا (فَ) يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ) تَبِينُ بِهَا، وَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا (وَإِنْ قَصَدَ الزَّوْجُ إفْهَامًا أَوْ) قَصَدَ (تَأْكِيدًا فِي مُكَرَّرٍ) مُتَّصِلٍ (مَعَ جَزَاءٍ) كَقَوْلِهِ إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ (وَأَرَادَ إفْهَامَهَا) ، أَوْ أَرَادَ التَّأْكِيدَ (فَوَاحِدٌ) لِصَرْفِهِ عَنْ الْإِيقَاعِ كَمَا سَبَقَ (قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (فِيمَنْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ وَكَرَّرَهُ) مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ (لَا أَفْعَلُ كَذَا) وَكَذَا (لَا يَقَعُ أَكْثَرُ مِنْ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ إذَا لَمْ يَنْوِ) أَكْثَرَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ يَقَعُ بِعَدَدِ مَا كَرَّرَهُ، مَا لَمْ يَنْوِ إفْهَامًا أَوْ تَأْكِيدًا، وَيَكُونُ مُتَّصِلًا.
[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ]
ِ (وَهُوَ) لُغَةً مِنْ الثَّنْيِ (وَهُوَ) الرُّجُوعُ إلَيَّ يُقَالُ ثَنَى رَأْسَ الْبَعِيرِ إذَا عَطَفَهُ إلَى وَرَائِهِ، فَكَأَنَّ الْمُسْتَثْنِيَ رَجَعَ فِي قَوْلِهِ إلَى مَا قَبْلَهُ، وَاصْطِلَاحًا (إخْرَاجُ بَعْضِ الْجُمْلَةِ) أَيْ: مَدْخُولِ اللَّفْظِ (بِ) لَفْظِ (إلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا) كَغَيْرِ وَسِوَى وَلَيْسَ وَعَدَا وَخَلَا وَحَاشَا (مِنْ مُتَكَلِّمٍ بِوَاحِدٍ) فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ غَيْرُ مُوَقَّعٍ، لِاعْتِبَارِ نِيَّتِهِ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ.
(وَشُرِطَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (فِيهِ) أَيْ: الِاسْتِثْنَاءِ (اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَّصِلِ لَفْظٌ يَقْتَضِي رَفْعَ مَا وَقَعَ بِالْأَوَّلِ، وَلَا يُمْكِنُ رَفْعُ الطَّلَاقِ إذَا وَقَعَ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ؛ إذْ الِاتِّصَالُ يَجْعَلُ اللَّفْظَ جُمْلَةً وَاحِدَةً؛ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا صَحَّ التَّعْلِيقُ.
وَيَكُونُ الِاتِّصَالُ (إمَّا لَفْظًا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِ مُتَوَالِيًا (أَوْ) يَكُونَ (حُكْمًا كَانْقِطَاعِهِ) أَيْ: الِاسْتِثْنَاءِ عَمَّا قَبْلَهُ (بِنَحْوِ تَنَفُّسٍ فِيهِ) كَعُطَاسٍ (وَسُعَالٍ) بِخِلَافِ انْقِطَاعِهِ بِكَلَامٍ مُعْتَرَضٍ أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ، لَا يَسِيرٍ (أَوْ) طُولِ كَلَامٍ
مُتَّصِلٍ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، قَالَهُ الطُّوفِيُّ.
وَشَرْطُ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا (نِيَّتُهُ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ) فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً؛ لَمْ يُعْتَدَّ بِالِاسْتِثْنَاءِ إنْ لَمْ يَنْوِهِ قَبْلَ تَمَامِ قَوْلِهِ ثَلَاثًا (وَقَطَعَ جَمْعٌ) مِنْهُمْ صَاحِبُ " الْمُبْهِجِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "(وَ) تَصِحُّ نِيَّتُهُ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (قَبْلَ فَرَاغِهِ) مِنْ كَلَامِهِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِ نَاوِيًا لَهُ عِنْدَ تَمَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْكُتَ (وَاخْتَارَهُ) أَيْ: الْقَوْلَ بِصِحَّةِ نِيَّتِهِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ (الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِهِ، وَقَالَ لَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ بِالنِّيَّةِ وَبِالِاسْتِثْنَاءِ قَالَ: وَفِي الْقُرْآنِ جُمَلٌ قَدْ فُصِلَ أَبْعَاضُهَا بِكَلَامٍ آخَرَ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا} [آل عمران: 72] إلَى قَوْلِهِ: {هُدَى اللَّهِ} [آل عمران: 73] فَصَلَ بَيْنَ أَبْعَاضِ الْكَلَامِ الْمَحْكِيِّ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ (وَ) اخْتَارَهُ أَيْضًا تِلْمِيذُهُ (ابْنُ الْقَيِّمِ) فِي " إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ " وَالْمَذْهَبُ اعْتِبَارُ نِيَّتِهِ الِاسْتِثْنَاءَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَقَطَعَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الرِّعَايَتَيْنِ " وَ " الْحَاوِي الصَّغِيرِ " وَ " الْوَجِيزِ " وَ " النَّظْمِ " وَ " تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ " وَغَيْرِهِمْ (وَكَذَا شَرْطٌ مُلْحَقٌ) أَيْ: لَاحِقٌ لِآخِرِ الْكَلَامِ؛ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْتِ؛ فَيُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُ عَادَةً وَنِيَّتُهُ قَبْلَ تَمَامِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (وَ) كَذَا (عَطْفٌ مُغَيَّرٌ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا) ، فَلَا يُقْطَعُ بِهِ طَلَاقٌ إنْ اتَّصَلَ عَادَةً وَنَوَاهُ قَبْلَ تَمَامِ مَعْطُوفٍ وَكَذَا الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمَشِيئَةِ وَنِيَّتُهُ الْعَدَدُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَقُولُ إنَّ لَهَا تَأْثِيرًا
فِيهَا، لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا صَوَارِفُ لِلَّفْظِ عَنْ مُقْتَضَاهُ، وَإِطْلَاقِهِ؛ فَوَجَبَ مُقَارَنَتُهَا لَفْظًا وَنِيَّةً كَالِاسْتِثْنَاءِ (وَ) كَذَا (نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ) لِعَدَمِ إمْكَانِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ، وَيَأْتِي.
(وَيَصِحُّ) اسْتِثْنَاءٌ (فِي نِصْفٍ فَأَقَلَّ) نَصًّا لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ أَبَانَ بِهِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مُرَادٍ بِالْأَوَّلِ؛ فَصَحَّ كَمَا لَوْ أَتَى بِمَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى بِدُونِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ عليه السلام: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [الزخرف: 26]{إِلا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف: 27] يُرِيدُ بِهِ الْبَرَاءَةَ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ عز وجل، وَقَالَ تَعَالَى:{فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] وَلَيْسَ الِاسْتِثْنَاءُ بِهِ رَافِعًا لِوَاقِعٍ وَإِنَّمَا مَانِعُ الْمُسْتَثْنَى فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ؛ فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ (مِنْ مُطَلَّقَاتٍ) كَ زَوْجَتَايَ طَالِقَتَانِ إلَّا فُلَانَةَ، أَوْ زَوْجَاتُهُ الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ (وَ) مِنْ (طَلْقَاتٍ) كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً (وَإِقْرَارٍ كَ) مَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا أَرْبَعَةً (فَ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً يَقَعُ) عَلَيْهِ (طَلْقَةٌ) وَاحِدَةٌ؛ لِرَفْعِهِ الثَّانِيَةَ بِالِاسْتِثْنَاءِ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ) لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الثِّنْتَيْنِ وَاحِدَةً؛ فَبَقِيَ وَاحِدَةٌ اسْتَثْنَاهَا مِنْ الثَّلَاثِ، فَبَقِيَ ثِنْتَانِ، (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً) يَقَعُ ثِنْتَانِ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي مُؤَكِّدٌ لَهُ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةٌ إلَّا وَاحِدٌ) يَقَعُ ثِنْتَانِ إلْغَاءً لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي، لِئَلَّا يَلْزَمَ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً وَثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً) يَقَع ثِنْتَانِ لِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ وَاحِدَةٍ مِنْ اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرْبَعًا إلَّا ثِنْتَيْنِ؛ يَقَعُ ثِنْتَانِ) لِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ
النِّصْفِ (وَ) إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا) يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ رَفْعٌ لِمَا أَوْقَعَهُ؛ فَلَمْ يَرْتَفِعْ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا ثِنْتَيْنِ) يَقَعُ ثَلَاثٌ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَا يَصِحُّ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا جُزْءَ طَلْقَةٍ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ) أَوْ رُبْعٍ أَوْ خُمُسٍ أَوْ سُدُسٍ (يَقَعُ ثَلَاثٌ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ فَيَكْمُلُ الْبَاقِي مِنْ الطَّلْقَةِ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً) يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ بَقِيَ اثْنَتَانِ، وَاسْتَثْنَاهُمَا مِنْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ؛ فَلَا يَصِحُّ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (خَمْسًا) إلَّا ثَلَاثًا، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا (إلَّا ثَلَاثًا يَقَعُ) ثَلَاثٌ، لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرْبَعًا إلَّا وَاحِدَةً) يَقَعُ ثَلَاثٌ لِبَقَائِهَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ (أَوْ) أَنْتِ (طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً) يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِعَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَا يَلِيهِ؛ فَهُوَ كَاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ (وَدِينَ إنْ أَرَادَ بِهِ) الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ (الْمَجْمُوعِ) فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ مُحْتَمَلٌ وَقُبِلَ مِنْهُ حُكْمًا فَيَقَعُ اثْنَتَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لِأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ (إلَّا طَالِقًا؛ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثِنْتَيْنِ وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً؛ أَوْ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً، أَوْ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ) يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ (إلَّا وَاحِدَةً، يَقَعُ الثَّلَاثُ) لِبَقَائِهَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ كَعَطْفِهِ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ ثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً، فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثَلَاثٌ، لِأَنَّ الْكَلَامَ صَارَ جُمْلَتَيْنِ؛ لِلتَّرْتِيبِ الْحَاصِلِ بِالْعَطْفِ بِالْفَاءِ أَوْ ثُمَّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنْ عَادَ إلَى الرَّابِعَةِ، فَقَدْ بَقِيَ بَعْدَهَا ثَلَاثٌ، وَإِنْ عَادَ إلَى الْوَاحِدَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ، كَانَ اسْتِثْنَاءً لِلْجَمِيعِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ الْمُسْتَثْنِي كَمَا يَأْتِي، وَإِنْ فَرَّقَ مَنْ أَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ وَوَاحِدَةٌ وَوَاحِدَةٌ إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً،
وَوَاحِدَةً، قَالَ فِي " التَّرْغِيبِ " وَقَعَتْ الثَّلَاثُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ (وَ) إنْ قَالَ مَنْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ (نِسَاؤُهُ الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ، وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ طُلِّقْنَ) كُلُّهُنَّ (حُكْمًا) أَيْ فِي الظَّاهِرِ.
قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ انْتَهَى وَتَطْلُقُ الْمُسْتَثْنَاةُ أَيْضًا فِي الْبَاطِنِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالْخِرَقِيُّ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ نَصٌّ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ، فَلَا يَرْتَفِعُ مِنْهُ شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ مِنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَرْبَعُ) بِأَنْ قَالَ نِسَاؤُهُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِقَلْبِهِ (لَمْ تَطْلُقْ الْمُسْتَثْنَاةُ) لِأَنَّهُ اسْمٌ عَامٌّ يَجُوزُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ بَعْضِ مَا وُضِعَ لَهُ، وَاسْتِعْمَالُ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ كَثِيرٌ، فَيَنْصَرِفُ اللَّفْظُ بِنِيَّتِهِ إلَى مَا أَرَادَهُ فَقَطْ، (وَإِنْ) سَأَلَتْهُ إحْدَى نِسَائِهِ طَلَاقَهَا، فَقَالَ نِسَاؤُهُ طَوَالِقُ (وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ مَنْ سَأَلَتْهُ طَلَاقَهَا، دِينَ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّهُ لَفْظٌ عَامٌّ يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ (حُكْمًا) لِأَنَّ طَلَاقَهُ جَوَابٌ لِسُؤَالِهَا لِنَفْسِهَا، فَدَعْوَاهُ صَرْفَهُ عَنْهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَلِأَنَّهَا سَبَبُ الطَّلَاقِ، وَسَبَبُ الْحُكْمِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْعُمُومِ بِالتَّخْصِيصِ (وَإِنْ) كَانَتْ (قَالَتْ لَهُ طَلِّقْ نِسَاءَك فَقَالَ نِسَاؤُهُ طَوَالِقُ، طَلُقَتْ) الْقَائِلَةُ كَبَاقِي نِسَائِهِ، لِعُمُومِ اللَّفْظِ مَعَ عَدَمِ الْمُخَصِّصِ (مَا لَمْ يَسْتَثْنِهَا لَفْظًا) فَلَا تَطْلُقُ قَوْلًا وَاحِدًا (وَ) إنْ اسْتَثْنَاهَا (نِيَّةً بِقَلْبِهِ) ، فَلَا تَطْلُقُ أَيْضًا وَ (يَدِينُ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي " الْمُبْدِعِ "" وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى " وَغَيْرِهِمَا يُقْبَلُ مِنْهُ حُكْمًا أَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا بِقَلْبِهِ؛ لِأَنَّ خُصُوصَ السَّبَبِ يُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ اللَّفْظِ، وَلِأَنَّ السَّبَبَ يُقَدَّمُ عَلَى نِيَّتِهِ.
(فَرْعٌ قَوْلُهُمْ) أَيْ: الْأُصُولِيِّينَ قَاعِدَةُ، الْمَذْهَبِ أَنَّ (الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ) مَنْ عَدَّدَ الطَّلَاقَ، لَا إلَى لَفْظٍ بِهِ (وَ) أَنَّ (الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُصَيِّرُ الْجُمْلَتَيْنِ وَاحِدَةً) أَيْ: بِخِلَافِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ وَثُمَّ قَالَ الْمُنَقِّحُ (وَلَيْسَ) قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى إطْلَاقِهِ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ، وَلَوْ رَجَعَ إلَى مَا يَمْلِكُهُ وَقَعَ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَا يَصِحُّ، وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَالِقٌ وَنَحْوُهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ، وَلَوْ صَيَّرَ