الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّهُ يَجُرُّ لِنَفْسِهِ نَفْعًا، أَوْ ادَّعَى الرَّجْعَةَ (بَعْدَ مُضِيِّ مَا) أَيْ: زَمَنٍ (يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ لَوْ كَانَتْ حَيَّةً) كَأَنْ يَكُونَ فَوْقَ شَهْرٍ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) لَوْ قَالَتْ الرَّجْعِيَّةُ (انْقَضَتْ عِدَّتِي، ثُمَّ) رَجَعَتْ وَ (قَالَتْ: مَا انْقَضَتْ) عِدَّتِي؛ فَلَهُ رَجْعَتُهَا حَيْثُ لَمْ تَتَزَوَّجْ أَحَدِهِمَا النِّكَاحَ، ثُمَّ يَعْتَرِفُ بِهِ (أَوْ قَالَ) الزَّوْجُ: أَنْتِ (أَخْبَرْتنِي بِانْقِضَائِهَا) أَيْ: الْعِدَّةِ (فَأَنْكَرَتْ إخْبَارَهَا إيَّاهُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) ، وَأَقَرَّتْ بِأَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ (فَلَهُ رَجْعَتُهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِخَبَرِهَا عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ رَجَعَتْ عَنْ خَبَرِهَا، فَقَبِلَ رُجُوعَهَا هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ.
[فَصْلٌ فِي حُكْم التَّطْلِيق ثَلَاثًا]
فَصْلٌ (وَإِنْ طَلَّقَهَا) أَيْ: الزَّوْجَةَ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً (زَوْجٌ حُرٌّ ثَلَاثًا)(أَوْ) طَلَّقَهَا زَوْجٌ (عَبْدٌ ثِنْتَيْنِ، وَلَوْ عَتَقَ) قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ الرَّجُلُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَسَخَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] إلَى قَوْلِهِ {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ مَا شَاءَ أَنْ يُطَلِّقَهَا
وَهِيَ امْرَأَتُهُ إذَا ارْتَجَعَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ فَأَكْثَرَ، حَتَّى قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُطَلِّقُك فَتَبِينِي مِنِّي أَوْ لَا آوِيكِ أَبَدًا قَالَتْ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أُطَلِّقُك فَكُلَّمَا هَمَمْت أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُك رَاجَعْتُك، فَذَهَبَتْ الْمَرْأَةُ فَدَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ، فَأَخْبَرَتْهَا فَسَكَتَتْ حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْهُ فَسَكَتَ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] قَالَتْ عَائِشَةُ: فَاسْتَأْنَفَ النَّاسُ الطَّلَاقَ مُسْتَقْبَلًا مَنْ كَانَ طَلَّقَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ؛ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَصَحُّ.
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: كُنْت عِنْدَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ، فَطَلَّقَنِي، فَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ - بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ التَّحْتِيَّةِ - وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، قَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَرَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْعُسَيْلَةُ هِيَ الْجِمَاعُ» وَاعْتُبِرَ كَوْنُ الْوَطْءِ فِي قُبُلٍ، لِأَنَّ الْوَطْءَ الْمُعْتَبَرَ شَرْعًا لَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِ (مَعَ انْتِشَارٍ) لِأَنَّ الْعُسَيْلَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ الِانْتِشَارِ (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ الْوَاطِئُ (مَجْنُونًا أَوْ خَصِيًّا) أَوْ مَسْلُولًا أَوْ مَوْجُوءًا مَعَ بَقَاءِ ذَكَرِهِ (أَوْ نَائِمًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ، وَأَدْخَلَتْهُ) أَيْ: ذَكَرَهُ (فِيهِ) أَيْ: فِي فَرْجِهَا مَعَ انْتِشَارِهِ؛ بِوُجُودِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ مِنْ زَوْجٍ، أَشْبَهَ حَالَ إفَاقَتِهِ وَوُجُودِ خُصْيَتَيْهِ (أَوْ) كَانَ الزَّوْجُ الثَّانِي (ذِمِّيًّا وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ طَلَّقَهَا مُسْلِمٌ) فَيُحِلُّهَا لَهُ (أَوْ) كَانَ (لَمْ يُنْزِلْ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْعُسَيْلَةَ هِيَ الْجِمَاعُ، (أَوْ) كَانَ لَمْ (يَبْلُغْ عَشْرًا) لِعُمُومِ {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] (أَوْ) كَانَ حِينَ وَطْئِهِ (ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً) لِوُجُودِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ مِنْ زَوْجٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ (وَيَكْفِي) فِي حِلِّهَا (تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ) تَغْيِيبُ (قَدْرِهَا) أَيْ: الْحَشَفَةِ
(مِنْ مَقْطُوعِهَا) لِأَنَّهُ جِمَاعٌ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَيُفْسِدُ الْحَجَّ، أَشْبَهَ تَغْيِيبُ الذَّكَرِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ ذَكَرٍ مَقْطُوعٍ قَدْرُ الْحَشَفَةِ، بَلْ بَقِيَ دُونَهُ؛ فَلَا يُحِلُّهَا إيلَاجُهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلِهِ إيلَاجِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ، وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامُ الْوَطْءِ (وَتَعُودُ) إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ (بِطَلَاقٍ) ثَلَاثٍ، (يُحِلُّهَا وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لِمَرَضِ) الزَّوْجَةِ أَوْ الزَّوْجِ (وَ) وَطْءٌ مُحَرَّمٌ (لِضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَبِمَسْجِدٍ وَ) فِي حَالِ مَنْعِ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا (لِقَبْضِ مَهْرٍ) حَالٍّ (وَعَدَمِ إطَاقَةِ وَطْءٍ) كَعَبَالَةِ ذَكَرِهِ وَضِيقِ فَرْجِهَا؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا لِمَعْنًى فِيهَا لِحَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ مَا يَأْتِي.
(وَلَا يُحِلُّهَا وَطْءٌ مُحَرَّمٌ بِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صَوْمِ فَرْضٍ أَوْ فِي دُبُرٍ أَوْ فِي نِكَاحٍ بَاطِلٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ رِدَّةُ) أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِمَعْنًى فِيهَا وَلِحَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ فِي الْحِلِّ، فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى:{فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230](أَوْ) أَيْ: وَلَا يُحِلُّهَا وَطْءٌ (بِشُبْهَةٍ وَلَا عَقْدَ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى نِكَاحًا شَرْعًا (أَوْ) بِمِلْكِ يَمِينٍ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَيْسَ بِزَوْجٍ (وَلَوْ كَانَتْ) الْمُطَلَّقَةُ (أَمَةً، فَاشْتَرَاهَا مُطَلِّقُهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ) حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لِلْآيَةِ، وَيَطَأَهَا لِلْحَدِيثِ.
(وَمَنْ غَابَ مِنْ مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ حَضَرَ، فَذَكَرَتْ أَنَّهَا نَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا وَأَنَّهَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَأَمْكَنَ) ذَلِكَ بِأَنْ مَضَى زَمَنٌ يَتَّسِعُ لَهُ، وَكَذَا لَوْ غَابَتْ عَنْهُ ثُمَّ حَضَرَتْ وَذَكَرَتْ ذَلِكَ (فَلَهُ نِكَاحُهَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا) لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى نَفْسِهَا، وَعَلَى مَا أَخْبَرَتْ بِهِ عَنْ نَفْسِهَا؛ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حَقِيقَةً إلَّا مِنْ جِهَتِهَا، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهَا فِيهِ كَإِخْبَارِهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا؛ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَنْقُلُ عَنْهُ، وَ (لَا) يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا (إنْ رَجَعَتْ) عَنْ إخْبَارِهَا بِذَلِكَ (قَبْلَ عَقْدٍ) عَلَيْهَا، لِزَوَالِ الْخَبَرِ الْمُبِيحِ لَهُ (وَلَا يُقْبَلُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا (فَلَوْ) تَزَوَّجَتْ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا
بِآخَرَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَذَكَرَتْ لِلْأَوَّلِ أَنْ الثَّانِيَ وَطِئَهَا وَ (كَذَّبَهَا الثَّانِي فِي وَطْءٍ، وَيَتَّجِهُ أَوْ كَذَّبَهَا فِي عَقْدٍ) صَحِيحٍ بِأَنْ قَالَ: تَزَوَّجْتُهَا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ فَالْقَوْلُ (قَوْلُهُ) أَيْ: الثَّانِي (فِي تَنْصِيفِ مَهْرٍ) إذَا لَمْ يُقِرَّ بِالْخَلْوَةِ بِهَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْهُ، (وَ) وَالْقَوْلُ (قَوْلُهَا) فِي وَطْءِ (إبَاحَتِهَا لِلْأَوَّلِ) لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى نَفْسِهَا (إنْ لَمْ يُكَذِّبْهَا) الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ مَا أَصَابَهَا، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (فَإِنْ رَجَعَ) الْأَوَّلُ عَنْ تَكْذِيبِهِ إيَّاهَا (وَصَدَّقَهَا) عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ وَطِئَهَا (دُيِّنَ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأُبِيحَتْ لَهُ، لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ حِلَّهَا لَمْ تَحْرُمْ بِكَذِبِهِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ فِي الْمَاضِي (فَقَطْ) أَيْ: وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ حُكْمًا (فَإِنْ قَالَ مَا أَعْلَمُ) أَيْ: الثَّانِيَ (أَنَّهُ وَطِئَهَا؛ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي حِلِّهَا لَهُ خَبَرٌ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا، لَا حَقِيقَةَ الْعِلْمِ.
(وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ) امْرَأَةٌ (حَاضِرًا وَفَارَقَهَا) ، وَادَّعَتْ إصَابَتَهُ (إيَّاهَا وَهُوَ مُنْكِرُهَا) أَيْ الْإِصَابَةَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَنْصِيفِ الْمَهْرِ، إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْخَلْوَةِ، وَقَوْلُهَا فِي حِلِّهَا لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا، وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا وَكُلِّ مَا يَلْزَمُهَا بِالْوَطْءِ، كَذَا لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ النِّكَاحِ، وَلِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا نِكَاحُهَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا.
(وَمَنْ جَاءَتْ حَاكِمًا، وَادَّعَتْ أَنْ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) ، فَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا وَلِيٌّ غَيْرُهُ (إنْ ظَنَّ صِدْقَهَا، وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يُعْرَفُ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِمَجْهُولٍ لَا يَصِحُّ؛ وَأَيْضًا الْأَصْلُ صِدْقُهَا، وَلَا مُنَازِعَ، وَالْإِقْرَارُ لِمُعَيَّنٍ إنَّمَا يُثْبِتُ الْحَقَّ إذَا صَدَّقَهُ مُقِرٌّ لَهُ، وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ إذَا كَتَبَ إلَيْهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا؛ لَمْ تَتَزَوَّجْ حَتَّى يَثْبُتَ الطَّلَاقُ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِهِ
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (وَكَذَا) أَيْ: كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا (لَوْ) جَاءَتْ الْمَرْأَةُ حَاكِمًا، وَ (ادَّعَتْ أَنْ لَهَا زَوْجًا مُعْسِرًا لِتَفْسَخَ) نِكَاحَهَا؛ فَلَهُ أَنْ يُجِيبَهَا إنْ ظَنَّ صِدْقَهَا (لِأَنَّ قَوْلَهَا أَثْبَتَ النِّكَاحَ؛ فَقُبِلَ) قَوْلُهَا (فِي زَوَالِهِ) وَهُوَ مُتَّجِهٌ (بِخِلَافِ نِكَاحٍ ثَابِتٍ بِلَا قَوْلِهَا) كَأَنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ.
(وَادَّعَتْ طَلَاقَهَا؛ فَلَا تُزَوَّجُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مَنْ أَصَابَهَا، وَطَلَّقَهَا، وَلَمْ تُعَيِّنْهُ، فَإِنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَثْبُتْ لِمُعَيَّنٍ، بَلْ لِمَجْهُولٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: عِنْدِي مَالٌ لِشَخْصٍ، وَسَلَّمْتُهُ إلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالِاتِّفَاقِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهَا كَانَ لِي زَوْجٌ وَطَلَّقَنِي، وَسَيِّدٌ وَأَعْتَقَنِي وَلَوْ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي فُلَانٌ وَطَلَّقَنِي؛ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ وَادَّعَى الْوَفَاءَ؛ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا، ذَكَرَهُ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ ".
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّ مَنْ ادَّعَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ أَنْ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا؛ فَزَوَّجَهَا الْحَاكِمُ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهَا ظَانًّا أَنَّهَا صَادِقَةٌ فِي دَعْوَاهَا (لَوْ حَضَرَ) زَوْجُهَا الْأَوَّلُ (وَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ، يُقْبَلُ) إنْكَارُهُ، وَتُرَدُّ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ وُجُوبًا بَعْدَ أَنْ تَعْتَدَّ مِنْ الثَّانِي إذَا كَانَ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَوْ شَهِدَا) أَيْ: رَجُلَانِ (أَنْ فُلَانًا طَلَّقَ) امْرَأَتَهُ (ثَلَاثًا، وَوُجِدَ) الزَّوْجُ (مَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَادَّعَى الْعَقْدَ ثَانِيًا بِشُرُوطِهِ؛ قُبِلَ مِنْهُ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سُئِلَ عَنْهَا الْمُوَفَّقُ؛ فَلَمْ يُجِبْ (وَإِنْ عَلِمَتْ) الزَّوْجَةُ (كَذِبَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (لَمْ يَحِلَّ لَهَا تَمْكِينُهُ) فَإِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا؛ كَانَتْ زَانِيَةً (وَ) يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ (تَدْفَعَهُ