الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ شَرَطَ الزَّوْجَةَ مُسْلِمَةً فَبَانَتْ كَافِرَةً]
فَصْلٌ (وَإِنْ شَرَطَهَا) أَيْ: الزَّوْجَةَ (مُسْلِمَةً أَوْ قِيلَ) أَيْ: قَالَ لَهُ الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُك هَذِهِ الْمُسْلِمَةَ فَبَانَتْ كَافِرَةً، أَوْ ظَنَّهَا) أَيْ ظَنَّ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (مُسْلِمَةً، وَلَمْ تُعْرَفْ) الزَّوْجَةُ (بِتَقَدُّمِ كُفْرٍ فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً) فَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، لِأَنَّهُ شَرَطَ صِفَةً مَقْصُودَةً، فَبَانَتْ بِخِلَافِهَا، وَبِالْعَكْسِ لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةُ خَيْرٍ فِيهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ عُرِفَتْ قَبْلُ بِكُفْرٍ؛ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِتَفْرِيطِهِ (أَوْ شَرَطَ) الزَّوْجُ كَوْنَهَا (بِكْرًا أَوْ جَمِيلَةً أَوْ نَسِيبَةً) فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ، فَلَهُ الْخِيَارُ (أَوْ شَرَطَ) الزَّوْجُ فِي الْعَقْدِ (نَفْيَ عَيْبٍ) عَنْ الزَّوْجَةِ (لَا يُفْسَخُ بِهِ النِّكَاحُ) كَشَرْطِهَا سَمِيعَةً أَوْ بَصِيرَةً (فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ؛ فَلَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (الْخِيَارُ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ صِفَةً مَقْصُودَةً، فَفَاتَتْ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً، فَإِنْ فَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ لِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا (وَيَرْجِعُ) زَوْجٌ فَسَخَ (بَعْدَ دُخُولٍ بِهِ) بِالْمَهْرِ (عَلَى الْغَارِّ) مِنْهَا أَوْ وَلِيِّهَا أَوْ وَكِيلِهِ، لِلْغُرُورِ.
(وَيَتَّجِهُ) : أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ: بِشَرْطِ أَنَّهَا عَذْرَاءُ، فَادَّعَى بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا أَنَّهُ وَجَدَهَا ثَيِّبًا، وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ (لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ وَطْئِهِ فِي عَدَمِ بَكَارَتِهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، فَإِنْ شَهِدَتْ امْرَأَةٌ عَدْلٌ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا قَبْلَ الدُّخُولِ، قُبِلَ قَوْلُهَا، وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ:
(وَإِنْ شَرَطَ) فِي الزَّوْجَةِ (صِفَةً أَدْنَى فَبَانَتْ) صِفَتُهَا (أَعْلَى) مِنْ الصِّفَةِ الَّتِي
شَرَطَهَا، كَأَنْ شَرَطَهَا (كِتَابِيَّةً، أَوْ) شَرَطَهَا (أَمَةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ حُرَّةً؛ فَلَا خِيَارَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ خَيْرٍ فِيهَا.
(وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً) وَهُوَ حُرٌّ (وَظَنَّ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ) فَبَانَتْ أَمَةً (أَوْ شَرَطَهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً) وَكَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ؛ فَالنِّكَاحُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا مَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ؛ لِكَوْنِهِ عَادِمَ الطَّوْلِ خَائِفَ الْعَنَتِ، وَاخْتَارَ الْفَسْخَ؛ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ غُرَّ فِيهِ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِحُرِّيَّةِ الْآخَرِ، فَيَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ كَالْآخَرِ، ثُمَّ إنْ فَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ فَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا، وَإِنْ فَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ فَلَهَا الْمُسَمَّى، لِتَقَرُّرِهِ بِالدُّخُولِ. فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ (فَوَلَدُهُ حُرٌّ) لِاعْتِقَادِهِ حُرِّيَّتَهَا، فَكَانَ وَلَدُهُ حُرًّا، لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ مَا يَقْتَضِي حُرِّيَّتَهُ (وَيَفْدِيهِ) الزَّوْجُ إنْ وَلَدَتْهُ (حَيًّا) لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ؛ كَأَنْ تَأْتِيَ بِهِ (لِنِصْفِ سَنَةٍ) مُنْذُ وَطِئَهَا سَوَاءٌ عَاشَ أَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْهُ؛ لِقَضَاءِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِأَنَّ الْوَلَدَ نَمَاءُ الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ فَسَبِيلُهُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِمَالِكِهَا، وَقَدْ فَوَّتَ رِقَّهُ بِاعْتِقَادِهِ الْحُرِّيَّةَ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ، كَمَا لَوْ فَاتَ رِقُّهُ بِفِعْلِهِ، فَفِدْيَتُهُ (بِقِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ، وَكُلُّ الْحَيَوَانَاتِ مُتَقَوِّمَةٌ (يَوْمَ وِلَادَتِهِ) قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ عِنْدَ وَضْعِهِ، وَهُوَ أَوَّلُ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ، وَقِيمَتُهُ الَّتِي تَزِيدُ بَعْدَ وَضْعِهِ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لِمَالِكِ الْأَمَةِ، فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا بَعْدَ الْخُصُومَةِ.
وَإِذَا وَضَعَتْهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا قِيمَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ (وَ) إنْ وَلَدَتْهُ (مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَعَلَى جَانٍ غُرَّةٌ) ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى جَنِينٍ حُرٍّ، تَرِثُ الْغُرَّةَ وَرَثَةُ الْجَنِينِ، كَأَنَّهُ وُلِدَ حَيًّا، وَمَاتَ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي أَبَاهُ فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ (وَلَا) يَجِبُ (فِدَاءُ) هَذَا الْوَلَدِ (لِسَيِّدٍ) لِأَنَّهُ وَلَدٌ مَيِّتٌ وَلَا قِيمَةَ لَهُ (ثُمَّ إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مِمَّنْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُ الْإِمَاءِ) بِأَنْ كَانَ حُرًّا وَاجِدَ الطَّوْلِ، أَوْ غَيْرَ خَائِفِ الْعَنَتِ (وَيَتَّجِهُ) : أَنَّ
مَحِلَّ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ كَذَلِكَ (حَالَ عَقْدٍ) لَا بَعْدَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ:(فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) لِظُهُورِ بُطْلَانِ النِّكَاحِ؛ لِفَقْدِ شَرْطِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ (فَلَهُ الْخِيَارُ) بَيْنَ فَسْخِ النِّكَاحِ وَالْمُقَامِ عَلَيْهِ، كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ قَدْ غُرَّ فِيهِ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِحُرِّيَّةِ الْآخَرِ؛ أَشْبَهَ عَكْسَهُ (فَإِنْ رَضِيَ بِالْمُقَامِ) مَعَهَا (فَمَا) حَمَلَتْ بِهِ (وَلَدَتْهُ، بَعْدَ) ثُبُوتِ رِقِّهَا، (فَ) هُوَ (رَقِيقٌ) لِمَالِكِ الْأَمَةِ تَبَعًا لِأُمِّهِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ مِنْ نَمَائِهَا، وَنَمَاؤُهَا لِوَلَدِهَا، وَقَدْ انْتَفَى الْغَرَرُ الْمُقْتَضِي لِلْحُرِّيَّةِ.
(وَيَتَّجِهُ: بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (أَنَّ الْوَلَدَ لَا) يَصِيرُ رَقِيقًا (مَعَ شَرْطِ حُرِّيَّةٍ) أَيْ: بِأَنْ يَشْرِطَ الزَّوْجُ عَلَى وَلِيِّ مَنْ تَزَوَّجَهَا حُرِّيَّتَهَا، فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ رِقُّهَا فَوَلَدِي مِنْهَا حُرٌّ، فَلَهُ شَرْطُهُ؛ لِحَدِيثِ:«الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ كَانَ) حِينَ تَزَوَّجَ بِالْمَرْأَةِ، (ظَنَّهَا عَتِيقَةً) فَبَانَتْ أَمَةً؛ فَلَا خِيَارَ لَهُ (أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مُطَلَّقَةً) مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ رِقٍّ وَلَا حُرِّيَّةٍ (فَبَانَتْ أَمَةً؛ فَلَا خِيَارَ لَهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِتْقِ، فَكَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى بَصِيرَةٍ (وَإِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ) بِالْأَمَةِ بِأَنْ ظَنَّهَا أَوْ شَرَطَهَا حُرَّةً (عَبْدًا؛ فَوَلَدُهُ) مِنْهَا (حُرٌّ) لِأَنَّهُ وَطِئَهَا مُعْتَقِدًا
حُرِّيَّتَهَا، فَأَشْبَهَ الْحُرَّ، وَعِلَّةُ رِقِّ الْوَلَدِ رِقُّ أُمِّهِ خَاصَّةً، وَلَا عِبْرَةَ لِلْأَبِ بِدَلِيلِ وَلَدِ الْحُرِّ مِنْ الْأَمَةِ وَوَلَدِ الْعَبْدِ مِنْ الْحُرَّةِ، وَهُنَا يُقَالُ: حُرٌّ (بَيْنَ رَقِيقَيْنِ وَيَفْدِيهِ) أَيْ: يَفْدِي الْعَبْدُ وَلَدَهُ مِنْ أَمَةٍ غُرَّ بِهَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وِلَادَتِهِ حَيًّا (لِتَعَلُّقِهِ) أَيْ: الْفِدَاءِ (بِذِمَّتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ؛ فَوَّتَ رِقَّهُ بِاعْتِقَادِهِ الْحُرِّيَّةَ وَفِعْلِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ فِي الْحَالِ فَتَعَلَّقَ الْفِدَاءُ بِذِمَّتِهِ.
(وَيَرْجِعُ زَوْجٌ) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا (بِفِدَاءٍ) غَرِمَهُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ إنْ كَانَ الْغَارُّ لَهُ أَجْنَبِيًّا، قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ حَتَّى يَغْرَمَ، لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَمَرَ إنْسَانٌ عَبْدًا بِإِتْلَافِ مَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ مَغْرًا لَهُ بِأَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَأَغْرَمَهُ مَالِكُهُ قِيمَتَهُ؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْغَارِّ (بِ) الْمَهْرِ (الْمُسَمَّى) أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرِّ (عَلَى مَنْ غَرَّهُ إنْ كَانَ) الْغَارُّ لَهُ (أَجْنَبِيًّا) ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الْوَطْءِ، كَمَا ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الْوَلَدِ فَكَمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ كَذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ، وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ انْتِفَاعِهِ بِهَا إنْ غَرِمَهَا (وَإِنْ كَانَ) الْغَارُّ لِلزَّوْجِ (سَيِّدُهَا، وَلَمْ تُعْتَقْ بِذَلِكَ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ التَّغْرِيرُ بِلَفْظٍ تَحْصُلُ بِهِ الْحُرِّيَّةُ (أَوْ) كَانَ لِلزَّوْجِ (إيَّاهَا) أَيْ: الزَّوْجَةُ نَفْسُهَا (وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ، فَلَا مَهْرَ لَهُ) أَيْ: لِسَيِّدِهَا إذَا كَانَ هُوَ الْغَارُّ؛ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي أَنْ يَجِبَ لَهُ مَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ (وَلَا) مَهْرَ (لَهَا) أَيْ: الْمُكَاتَبَةِ إنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةَ (وَوَلَدُهَا) أَيْ: الْمُكَاتَبَةِ مِنْ زَوْجٍ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا (مُكَاتَبٌ) لَوْلَا التَّغْرِيرُ تَبَعًا لَهَا (فَيَغْرَمُ أَبُوهُ قِيمَتَهُ لَهَا إنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ الْغَارَّةَ) لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهَا، وَيَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ (وَإِنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (قِنًّا) أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ؛ لَمْ يَسْقُطْ مَهْرُهَا، وَيَغْرَمُهُ الزَّوْجُ، وَفِدَاءُ وَلَدِهَا لِسَيِّدِهَا، وَيُقَوَّمُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدِ كَأَنَّهُ قِنٌّ؛ (وَتَعَلَّقَ) مَا غَرِمَهُ لِسَيِّدِهَا (بِرَقَبَتِهَا، فَيُخَيَّرُ سَيِّدُ) هَا بَيْنَ فِدَائِهَا بِقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِمَّا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا، أَوْ يُسَلِّمُهَا إنْ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ، فَإِنْ اخْتَارَ فِدَاءَهَا بِقِيمَتِهَا؛ سَقَطَ قَدْرُهَا عَنْ الزَّوْجِ مِمَّا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إيجَابِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ اخْتَارَ تَسْلِيمَهَا سَلَّمَهَا وَأَخَذَ
مَالَهُ، وَإِنْ كَانَ الْغُرُورُ مِنْ الْأَمَةِ وَمِنْ وَكِيلِهَا؛ فَالضَّمَانُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَالشَّرِيكَيْنِ فِي الْجِنَايَةِ، وَتَعَلَّقَ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا بِرَقَبَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا) إذَا غَرَّتْ زَوْجَهَا بِحُرِّيَّتِهَا (يَجِبُ لَهَا الْبَعْضُ) مِنْ مَهْرِهَا بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهَا (وَيَسْقُطُ مَا وَجَبَ لَهَا) ، لِمَا تَقَدَّمَ، وَيَجِبُ بَاقِيهِ لِمَالِك الْبَقِيَّةِ، وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا، فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهَا كَكَامِلَةِ الرِّقِّ (وَوَلَدُهَا) أَيْ: الْمُعْتَقُ بَعْضُهَا (يَغْرَمُ أَبُوهُ قَدْرَ رِقِّهِ) مِنْ قِيمَتِهِ (لِأَنَّهُ مُبَعَّضٌ كَهِيَ) أَيْ: كَامِلَةٍ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ؛ لِأَنَّ بَاقِيَهُ حُرٌّ بِحُرِّيَّةِ أُمِّهِ، لَا بِاعْتِقَادِ الزَّوْجِ حُرِّيَّتَهُ (وَيَثْبُتُ كَوْنُهَا أَمَةً بِبَيِّنَةٍ) فَقَطْ لَا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَ (لَا) يَثْبُتُ كَوْنُهَا أَمَةً (بِإِقْرَارِهَا) لِإِنْسَانٍ بِالرِّقِّ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى زَوْجِهَا نَصًّا، لِأَنَّ إقْرَارَهَا يُزِيلُ النِّكَاحَ عَنْهَا، وَيُثْبِتُ حَقًّا عَلَى غَيْرِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِمَالٍ عَلَى غَيْرِهَا.
(وَلِمُسْتَحِقٍّ غَرِمَ) مِنْ سَيِّدٍ وَزَوْجَةٍ مُكَاتَبَةٍ وَمُبَعَّضَةٍ (مُطَالَبَةُ) كُلٍّ مِنْ (زَوْجٍ وَغَارٍّ ابْتِدَاءً) أَمَّا الزَّوْجُ فَلِأَنَّهُ هُوَ الْمُتْلِفُ فَإِذَا طُولِبَ فَغَرِمَ؛ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَارِّ، وَأَمَّا الْغَارُّ، فَإِنَّهُ لَمَّا تَسَبَّبَ بِمَا يُوجِبُ غُرْمًا سَاغَ، لِمُسْتَحِقِّ الْفِدَاءِ وَالْمَهْرِ مُطَالَبَتُهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطَالِبَهُ الزَّوْجُ؛ لِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بِتَغْرِيرِهِ الزَّوْجَ (وَالْغَارُّ مَنْ عَلِمَ رِقَّهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ أَوْ رِقَّ بَعْضِهَا (فَأَبْهَمَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ) بَلْ أَتَى بِقَرَائِنَ مُوَهِّمَةً لِلزَّوْجِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا فَيَنْكِحُهَا عَلَى ذَلِكَ وَيَرْغَبُ فِيهَا وَيُصْدِقُهَا صَدَاقَ الْحَرَائِرِ. (وَيَتَّجِهُ) : أَنَّ الْإِبْهَامَ وَعَدَمَ الْبَيَانِ يَتَأَتَّى غَالِبًا (مِمَّنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي النِّكَاحِ) كَوَلِيِّ الزَّوْجَةِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ الزَّوْجَةِ نَفْسِهَا، وَقَدْ يَتَأَتَّى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَعَلَى كُلٍّ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَارِّ؛ لِأَنَّهُ كَتَمَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بَيَانُهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَمَنْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ، أَوْ تَظُنُّهُ حُرًّا؛ فَبَانَ قِنًّا؛ فَلَهَا الْخِيَارُ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ نَصًّا، أَمَّا الْحُرَّةُ فَلِأَنَّهَا إذَا مَلَكَتْ الْفَسْخَ لِلْحُرِّيَّةِ الطَّارِئَةِ فَلِلسَّابِقَةِ أَوْلَى، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلِأَنَّهَا مَغْرُورَةٌ بِحُرِّيَّةِ مَنْ لَيْسَ بِحُرٍّ، أَشْبَهَتْ الْحُرَّةَ وَالْعَبْدَ الْمَغْرُورَ، وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ النِّكَاحِ، لِأَنَّ اخْتِلَافَ الصِّفَاتِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ؛ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَهَذَا إذَا كَمُلَتْ شُرُوطُ النِّكَاحِ، وَكَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْحُرَّةُ الْإِمْضَاءَ فَلِأَوْلِيَائِهَا الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا، لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَإِنْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ فَلَهَا ذَلِكَ (بِلَا حُكْمِ) حَاكِمٍ، كَمَا لَوْ كَانَتْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، وَإِنْ غَرَّهَا بِنَسَبٍ فَبَانَ دُونَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مُخِلًّا بِالْكَفَاءَةِ بِأَنْ غَرَّهَا بِأَنَّهُ عَرَبِيٌّ، فَبَانَ عَجَمِيًّا؛ فَلَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ لَمْ يُخِلَّ ذَلِكَ بِالْكَفَاءَةِ؛ فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَتْهُ فَقِيهًا، فَبَانَ بِخِلَافِهِ.
(وَإِنْ شَرَطَتْ) زَوْجَةٌ فِي زَوْجٍ (صِفَةً) غَيْرَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ مِمَّا لَا تُعْتَبَرُ (فِي الْكَفَاءَةِ) كَكَوْنِهِ جَمِيلًا أَوْ نَسِيبًا أَوْ عَفِيفًا وَنَحْوَهُ (فَبَانَ أَقَلَّ) مِنْهَا (فَلَا فَسْخَ لَهَا)، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ؛ أَشْبَهَ شَرْطَهَا طُولَهُ أَوْ قِصَرَهُ (إلَّا بِشَرْطِ حُرِّيَّةٍ) أَيْ: إذَا اشْتَرَطَتْهُ حُرًّا، فَبَانَ عَبْدًا، فَلَهَا الْفَسْخُ كَمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَعَتَقَتْ تَحْتَهُ فَهَاهُنَا أَوْلَى (وَنَحْوُهَا) كَشَرْطِهَا فِيهِ صِفَةً يُخِلُّ فَقْدُهَا بِالْكَفَاءَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. تَتِمَّةٌ
: وَكُلُّ مَوْضِعٍ حُكِمَ فِيهِ بِفَسَادِ الْعَقْدِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا مَهْرَ، وَبَعْدَهُ، فَلَهَا الْمُسَمَّى قَالَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " وَكُلُّ مَوْضِعٍ فُسِخَ فِيهِ النِّكَاحُ مَعَ صِحَّتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا، لِحُصُولِ الْفَسْخِ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا، وَبَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ الْخَلْوَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُقَرِّرُهُ، يَجِبُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ لِتَقَرُّرِهِ، وَلِأَنَّهُ فَسْخٌ طَرَأَ عَلَى نِكَاحٍ، فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ.
فَصْلٌ (وَلِمَنْ) أَيْ: وَلِأَمَةٍ وَمُبَعَّضَةٍ (عَتَقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ رَقِيقٍ كُلِّهِ، الْفَسْخُ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمَا (إجْمَاعًا، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُعْتَقْ كُلُّهَا تَحْتَ رَقِيقٍ كُلِّهِ بِأَنْ عَتَقَ بَعْضُهُمَا؛ أَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ مُبَعَّضٍ؛ فَلَا فَسْخَ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، لِأَنَّهَا كَافَأَتْ زَوْجَهَا فِي الْكَمَالِ فَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا خِيَارٌ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ الْكِتَابِيَّةُ تَحْتَ مُسْلِمٍ، وَأَمَّا خَبَرُ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ بَرِيرَةَ، وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ. فَقَدْ رَوَى عَنْهَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةُ " أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ لِبَنِي الْمُغِيرَةِ، يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُمَا أَخَصُّ بِهَا مِنْ الْأَسْوَدِ، لِأَنَّهُمَا ابْنُ أَخِيهَا وَابْنُ أُخْتِهَا قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ قَالَا فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ: إنَّهُ عَبْدٌ: رِوَايَةُ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَعَمَلُهُمْ، وَإِذَا رَوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَدِيثًا وَعَمِلُوا بِهِ، فَهُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنَّهُ حُرٌّ عَنْ الْأَسْوَدِ وَحْدَهُ، وَقَالَ: الْعَقْدُ صَحِيحٌ فَلَا يُفْسَخُ بِالْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَالْحُرُّ فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَالْعَبْدُ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، وَيُخَالِفُ الْحُرُّ الْعَبْدَ، لِأَنَّ الْعَبْدَ نَاقِصٌ، فَإِذَا كَمُلَتْ تَحْتَهُ تَضَرَّرَتْ بِبَقَائِهَا عِنْدَهُ، بِخِلَافِ الْحُرِّ (أَوْ عَتَقَا) أَيْ: الزَّوْجَانِ (مَعًا) بِأَنْ كَانَا لِوَاحِدٍ، فَأَعْتَقَهُمَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ كَانَا لِاثْنَيْنِ، فَوَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، أَوْ وَكَّلَا وَاحِدًا، فَأَعْتَقَهُمَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ (فَلَا) فَسْخَ، لِأَنَّهَا لَمْ تُعْتَقْ كُلُّهَا تَحْتَ رَقِيقٍ كُلِّهِ (فَتَقُولُ الْعَتِيقَةُ إنْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ فَسَخْت نِكَاحِي، أَوْ) تَقُولُ: (اخْتَرْت نَفْسِي) أَوْ اخْتَرْت فِرَاقَهُ (وَ) قَوْلُهَا (طَلَّقْتهَا)
أَيْ: طَلَّقْت نَفْسِي (كِنَايَةٌ عَنْ الْفَسْخِ) فَيُفْسَخُ بِهِ نِكَاحُهَا إنْ نَوَتْ بِهِ الْفُرْقَةَ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَى الْفَسْخِ، فَصَلُحَ كَوْنُهُ كِنَايَةً عَنْهُ (كَعَكْسِهِ) أَيْ: كَمَا أَنَّ الْفَسْخَ كِنَايَةٌ عَنْ الطَّلَاقِ، وَلَيْسَ فَسْخُهَا لِنِكَاحِهَا طَلَاقًا، لِحَدِيثِ:«الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» وَكَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ يُفْسَخُ بِهِ نِكَاحُهَا، وَلَهَا الْفَسْخُ (وَلَوْ مُتَرَاخِيًا) كَخِيَارِ الْعَيْبِ (مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى رِضًا) بِالْمُقَامِ مَعَهُ. رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأُخْتِهِ حَفْصَةَ، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد:«أَنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ وَهِيَ عِنْدَ مُغِيثٍ عَبْدٌ لِآلِ أَبِي مُحَمَّدٍ، فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ لَهَا: إنْ قَرِبَك فَلَا خِيَارَ لَك» . وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ لِابْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ (وَلَا يَحْتَاجُ) نُفُوذُ (فَسْخِهَا لِحُكْمِ حَاكِمٍ) لِلْإِجْمَاعِ، وَعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِلِاجْتِهَادِ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ (بِخِلَافِ غَيْرِهَا) كَمَنْ تُرِيدُ الْفَسْخَ لِخِيَارِ الْعَيْبِ فِي النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، فَافْتَقَرَ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، كَالْفَسْخِ لِلْإِعْسَارِ.
(فَإِنْ عَتَقَ) زَوْجُ عَتِيقَةٍ (قَبْلَ فَسْخِهَا) بَطَلَ خِيَارُهَا، لِأَنَّ الْخِيَارَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِالرِّقِّ وَقَدْ زَالَ بِالْمُعْتَقِ فَسَقَطَ الْخِيَارُ كَالْمَبِيعِ إذَا زَالَ عَيْبُهُ سَرِيعًا (أَوْ أَمْكَنَهُ) مِنْ وَطْئِهَا أَوْ مِنْ (مُبَاشَرَتِهَا أَوْ) أَمْكَنَتْهُ مِنْ (قُبْلَةٍ) طَائِعَةً، أَوْ قَبَّلَتْهُ هِيَ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى (وَلَوْ جَاهِلَةً عِتْقَهَا أَوْ) جَاهِلَةً (مِلْكَ الْفَسْخِ، بَطَلَ خِيَارُهَا) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ مَوْلَاةً لِبَنِي عَدِيٍّ يُقَالُ لَهَا: زَبْرَاءُ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَعَتَقَتْ، قَالَتْ: فَأَرْسَلْت إلَى حَفْصَةَ، فَدَعَتْنِي فَقَالَتْ: إنَّ أَمْرَك بِيَدِك مَا لَمْ يَمَسّكِ زَوْجُك، وَإِنْ مَسَّكِ فَلَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ، فَقُلْت: هُوَ الطَّلَاقُ ثُمَّ الطَّلَاقُ؛ فَفَارَقَتْهُ ثَلَاثًا وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ مَا لَمْ يَمَسَّهَا (وَيَجُوزُ لَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (الْإِقْدَامُ عَلَى وَطْئِهَا قَبْلَ عِلْمِهَا بِالْعِتْقِ) ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ حَقُّهُ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُسْقِطُهُ (وَمَالَ ابْنُ رَجَبٍ لِلتَّحْرِيمِ) أَيْ: تَحْرِيمِ إقْدَامِهِ عَلَى وَطْئِهَا قَبْلَ عِلْمِهَا، وَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: قِيَاسُ مَذْهَبِنَا جَوَازُهُ.
(وَلِبِنْتِ تِسْعٍ أَوْ) بِنْتٍ (دُونَهَا إذَا بَلَغَتْهَا) أَيْ: تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ الْخِيَارُ (وَلِمَجْنُونَةٍ إذَا عَقَلَتْ وَلَمْ يَطَأْ) هَا الزَّوْجُ (قَبْلَ) اخْتِيَارِهَا الْفَسْخَ (الْخِيَارُ) فَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ أَنْ تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ أَوْ بَعْدَ أَنْ عَقَلَتْ وَلَمْ تَخْتَرْ، سَقَطَ خِيَارُهَا كَالْكَبِيرَةِ الْعَاقِلَةِ، لِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بِزَوْجَيْهِمَا عَيْبٌ يُوجِبُ الْفَسْخَ فَإِنْ وَطِئَهُمَا زَوْجَاهُمَا فَعَلَى مَا سَبَقَ لَا خِيَارَ لَهُمَا، لِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَلَا خِيَارَ لِبِنْتٍ دُونَ تِسْعٍ وَلَا الْمَجْنُونَةِ، لِأَنَّهُ لَا قَوْلَ لَهُمَا (دُونَ وَلِيِّ) مَجْنُونَةٍ وَبِنْتِ تِسْعٍ فَأَقَلَّ فَلَا خِيَارَ لَهُ، لِأَنَّ طَرِيقَهُ الشَّهْوَةُ، فَلَا تَدْخُلُهُ الْوِلَايَةُ كَالْقِصَاصِ.
(فَإِنْ بَانَتْ) مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ بِطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ: الْفَسْخِ (بَطَلَ خِيَارُهَا) لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ زَوْجٍ عَاقِلٍ يَمْلِكُ الْعِصْمَةَ، فَنَفَذَ كَمَا لَوْ لَمْ تَعْتِقْ الزَّوْجَةُ (وَإِنْ طَلُقَتْ) طَلَاقًا (رَجْعِيًّا) فَلَهَا الْخِيَارُ (أَوْ عَتَقَتْ الرَّجْعِيَّةُ فَلَهَا الْخِيَارُ) مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا بَاقٍ وَيُمْكِنُ فَسْخُهُ، وَلَهَا فِي الْفَسْخِ فَائِدَةٌ؛ فَإِنَّهَا لَا تَأْمَنُ رَجْعَتَهُ إذَا لَمْ تَفْسَخْ بِخِلَافِ الْبَائِنِ (فَإِنْ رَضِيَتْ) الرَّجْعِيَّةُ (بِالْمُقَامِ) تَحْتَ الْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهَا (بَطَلَ) خِيَارُهَا؛ لِأَنَّهَا حَالَةٌ يَصِحُّ فِيهَا اخْتِيَارُ الْفَسْخِ، فَصَحَّ اخْتِيَارُ الْمُقَامِ كَصُلْبِ النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ تَخْتَرْ شَيْئًا؛ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهَا، لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَسُكُوتُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا (وَمَتَى فَسَخَتْ) عَتِيقَةٌ نِكَاحَهَا (بَعْدَ دُخُولٍ فَمَهْرُهَا لِسَيِّدٍ) لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ وَهِيَ مَلَكَتْهُ حَالَتَهُ، كَمَا لَوْ لَمْ تَفْسَخْ، وَالْوَاجِبُ الْمُسَمَّى؛ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، (وَ) مَتَى فَسَخَتْ (قَبْلَهُ) أَيْ: الدُّخُولِ (فَلَا مَهْرَ) نَصًّا لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا، كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ، أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ يُفْسَخُ بِهِ نِكَاحُهَا (وَإِنْ شَرَطَ مُعْتِقُهَا) فِي عِتْقِهَا (أَنْ لَا تَفْسَخَ نِكَاحَهَا وَرَضِيَتْ) صَحَّ وَلَزِمَهَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ بِشَرْطٍ صَحِيحٍ (أَوْ بُذِلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (لَهَا) أَيْ: لِمَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ (عِوَضٌ) مِنْ السَّيِّدِ أَوْ غَيْرِهِ (لِتُسْقِطَ حَقَّهَا مِنْ فَسْخٍ مَلَكَتْهُ) بِالْعِتْقِ؛ صَحَّ وَلَزِمَهَا (أَوْ أَسْقَطَتْهُ) أَيْ: حَقَّهَا (بِلَا عِوَضٍ؛ صَحَّ) ذَلِكَ (وَلَزِمَهَا) نَصًّا وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى صِحَّةِ إسْقَاطِ الْخِيَارِ بِعِوَضٍ وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِجَوَازِهِ فِي خِيَارِ