الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَنْبِيهٌ: لِلْمُبَعَّضِ وَطْءُ أَمَةٍ مَلَكَهَا بِجُزْئِهِ الْحُرِّ بِلَا إذْنِ أَحَدٍ؛ لِأَنَّهَا خَالِصُ مِلْكِهِ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى سَيِّدٍ امْتَنَعَ مِمَّا يَجِبُ لِرَقِيقٍ) عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَإِعْفَافٍ (إزَالَةُ مِلْكِهِ) عَنْهُ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ عِتْقٌ وَنَحْوُهَا (بِطَلَبِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِعَجْزِ سَيِّدٍ عَنْهُ أَوْ لَا) كَفِرْقَةِ زَوْجَةٍ امْتَنَعَ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ؛ إزَالَةٌ لِلضَّرَرِ؛ وَفِي الْخَبَرِ: «عَبْدُك يَقُولُ أَطْعِمْنِي وَإِلَّا فَبِعْنِي، وَامْرَأَتُك تَقُولُ أَطْعِمْنِي وَإِلَّا طَلِّقْنِي» (وَقَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (لَوْ لَمْ تُلَائِمْ أَخْلَاقُ الْعَبْدِ أَخْلَاقَ سَيِّدِهِ، لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَا يُعَذِّبُ خَلْقَ اللَّهِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُعَذِّبُوا عِبَادَ اللَّهِ.»
[فَصْلٌ عَلَى مَالِكِ بَهِيمَةٍ إطْعَامُهَا]
فَصْلٌ (وَعَلَى مَالِكِ بَهِيمَةٍ إطْعَامُهَا وَ) لَوْ عَطِبَتْ؛ وَعَلَيْهِ (سَقْيُهَا) حَتَّى تَنْتَهِيَ (إلَى أَوَّلِ شِبَعٍ وَ) أَوَّلِ (رِيٍّ) دُونَ غَايَتِهِمَا؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، وَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ نَفَقَتِهَا (أَجْبَرَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ ذَبْحِ مَأْكُولٍ) إزَالَةً لِضَرَرِهَا وَظُلْمِهَا، وَلِأَنَّهَا تَتْلَفُ إذَا تُرِكَتْ بِلَا نَفَقَةٍ، وَإِضَاعَةُ الْمَالِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا (فَإِنْ أَبَى) فِعْلَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (فَعَلَ حَاكِمٌ الْأَصْلَحَ) مِنْ الثَّلَاثَةِ (أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا) ، وَكَمَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ (وَيَجُوزُ انْتِفَاعٌ بِهَا فِي غَيْرِ مَا خُلِقَتْ لَهُ كَبَقَرٍ لِحَمْلٍ وَرُكُوبٍ وَإِبِلٍ وَحُمُرٍ لِحَرْثٍ) ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْمِلْكِ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِيمَا يُمْكِنُ؛ وَهَذَا مُمْكِنٌ كَاَلَّذِي خُلِقَ لَهُ، وَجَرَتْ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَكْلُ الْخَيْلِ، وَاسْتِعْمَالُ اللُّؤْلُؤِ فِي الْأَدْوِيَةِ؛ وَإِنْ لَمْ
يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسْرِقُ بَقَرَةً أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَهَا، قَالَتْ: إنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِذَلِكَ إنَّمَا خُلِقْت لِلْحَرْثِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْ: أَنَّهُ مُعْظَمُ النَّفْعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَنْعُ غَيْرِهِ (وَجِيفَتُهَا) إنْ مَاتَتْ (لَهُ) أَيْ: لِمَالِكِهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ لِمَوْتٍ (فَيَدْبَغُ جِلْدَهَا) وَيَسْتَعْمِلُهُ فِي الْيَابِسَاتِ (وَيَأْكُلُهَا) إنْ كَانَ (مُضْطَرًّا) لِأَكْلِهَا (وَنَقَلَهَا عَلَيْهِ لِدَفْعِ أَذَاهَا) ؛ لِأَنَّ نَفْعَهَا كَانَ لَهُ فَغُرْمُهَا عَلَيْهِ.
(وَيَحْرُمُ لَعْنُهَا) أَيْ: الْبَهِيمَةِ، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ «عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي سَفَرٍ. فَلَعَنَتْ امْرَأَةٌ نَاقَةً، فَقَالَ: خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا مَكَانَهَا مَلْعُونَةً، فَكَأَنِّي أَرَاهَا الْآنَ تَمْشِي فِي النَّاسِ مَا تَعَرَّضَ لَهَا أَحَدٌ» وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ:«لَا تَصْحَبُنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ» وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ «لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَلِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ «ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا نَازَعَتْهُ الرِّيحُ رِدَاءَهُ، فَلَعَنَهَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لَا تَلْعَنْهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتْ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ» .
(وَ) يَحْرُمُ (تَحْمِيلُهَا) أَيْ الْبَهِيمَةِ (مُشِقًّا) ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لَهَا (وَ) يَحْرُمُ (حَلْبُهَا مَا يَضُرُّ وَلَدَهَا) ؛ لِأَنَّ لَبَنَهُ مَخْلُوقٌ لَهُ أَشْبَهَ وَلَدَ الْأَمَةِ، وَيُسَنُّ لِلْحَلَّابِ أَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ لِئَلَّا يَجْرَحَ الضَّرْعَ.
(وَ) يَحْرُمُ (ذَبْحُ) حَيَوَانِ (غَيْرِهِ مَأْكُولٍ لِإِرَاحَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مَا دَامَتْ حَيَّةً، وَذَبْحُهَا إتْلَافٌ لَهَا وَقَدْ نُهِيَ عَنْ إتْلَافِ الْمَالِ.
(وَ) يَحْرُمُ (ضَرْبُ وَجْهٍ وَوَسْمٌ فِيهِ) أَيْ: فِي الْوَجْهِ؛ «؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَعَنَ مَنْ ضَرَبَ أَوْ وَسَمَ الْوَجْهَ، وَنَهَى عَنْهُ» .
ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَهُوَ فِي الْآدَمِيِّ أَشَدُّ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجُوزُ الْوَسْمُ إلَّا لِمُدَاوَاةٍ، وَقَالَ أَيْضًا يَحْرُمُ لِقَصْدِ الْمُثْلَةِ (وَيَجُوزُ) الْوَسْمُ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ: الْوَجْهِ (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ) كَالْمُدَاوَاةِ
(وَيَتَّجِهُ) جَوَازُ الْوَسْمِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فِي الْبَهَائِمِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْقِنِّ؛ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ وَلَهُ حُرْمَةٌ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
. (وَيُكْرَهُ خَصْيُ غَيْرُ غَنَمٍ وَدُيُوكٍ) وَيَحْرُمُ الْخَصِيُّ فِي الْآدَمِيِّينَ لِغَيْرِ قِصَاصٍ وَلَوْ رَقِيقًا، وَيُكْرَهُ (جَزُّ مَعْرِفَةٍ وَنَاصِيَةٍ وَجَزُّ ذَنَبٍ وَتَعْلِيقُ جَرَسٍ أَوْ وَتَرٍ) لِلْخَبَرِ، وَيُكْرَهُ لَهُ إطْعَامُهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَإِكْرَاهُهُ عَلَى الْأَكْلِ عَلَى مَا اتَّخَذَهُ النَّاسُ عَادَةً لِأَجْلِ التَّسْمِينِ قَالَهُ فِي " الْقُنْيَةِ ".
وَيُكْرَهُ (نَزْوُ حِمَارٍ عَلَى فَرَسٍ) كَالْخِصَاءِ، لِأَنَّهُ لَا نَسْلَ فِيمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُمَا، وَيَجِبُ عَلَى مُقْتَنِي الْكَلْبِ الْمُبَاحِ أَنْ يُطْعِمَهُ وَيَسْقِيَهُ أَوْ يُرْسِلَهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ ذَلِكَ تَعْذِيبٌ لَهُ؛ وَلَا يَحِلُّ حَبْسُ شَيْءٍ مِنْ الْبَهَائِمِ لِتَهْلِكَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا وَلِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ، وَلَوْ غَيْرَ مَعْصُومَةٍ، لِحَدِيثِ «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» .
(وَيُبَاحُ تَجْفِيفُ دُودِ قَزٍّ بِشَمْسٍ) إذَا اسْتَكْمَلَ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ (وَتَدْخِينُ زَنَابِيرَ) دَفْعًا لِأَذَاهَا بِالْأَسْهَلِ (فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُهَا إلَّا بِحَرْقٍ جَازَ) إحْرَاقُهَا قَالَهُ الْحَجَّاوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مَنْظُومَةِ الْآدَابِ "، وَكَذَا الْقُمَّلُ وَالنَّمْلُ وَنَحْوُهُمَا إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُهُ إلَّا بِحَرْقِهِ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ عَلَى مَا اخْتَارَهُ النَّاظِمُ؛ وَقَالَ: إنَّهُ سَأَلَ عَنْهُ صَاحِبَ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فَقَالَ مَا هُوَ بِبَعِيدٍ.
(فَرْعٌ: تُسْتَحَبُّ نَفَقَتُهُ) أَيْ: الْمَالِكِ (عَلَى مَالِهِ غَيْرِ الْحَيَوَانِ) مِنْ دُورٍ وَبَسَاتِينَ وَأَوَانٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِ اسْتِحْبَابًا؛ لِئَلَّا يَضِيعَ (وَإِنْ كَانَ) الْمِلْكُ (لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ) لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونِ (وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ) عِمَارَةُ دَارِهِ وَحِفْظُ ثَمَرِهِ وَزَرْعِهِ بِالسَّقْيِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ الْأَحَظِّ وَإِضَاعَتُهُ لِمَالِهِ حَرَامٌ وَلَا رَيْبَ أَنَّ فِي تَرْكِهِ ذَلِكَ إضَاعَةً.