الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ شَكَّ الزَّوْج فِي وُجُودِ رَضَاعٍ]
فَصْلٌ (وَإِنْ شَكَّ فِي) وُجُودِ (رَضَاعٍ بُنِيَ عَلَى الْيَقِينِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
(أَوْ) شَكَّ فِي (عَدَدِهِ) أَيْ: الرَّضَاعِ (بُنِيَ عَلَى الْيَقِينِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحِلِّ وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي وُقُوعِهِ فِي الْعَامَيْنِ أَوْ كَمَالِهِ وَلَا بَيِّنَةَ فَلَا تَحْرِيمَ، وَتَقَدَّمَ (وَ) تَكُونُ الَّتِي لَوْ ثَبَتَ رَضَاعُهَا خَمْسًا حَرُمَتْ مِنْ الشُّبُهَاتِ (تَرْكُهَا أَوْلَى) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، لِحَدِيثِ:«مَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» .
(وَإِنْ شَهِدَ بِهِ) أَيْ الرَّضَاعِ الْمُحَرَّمِ امْرَأَةٌ (مَرْضِيَّةٌ) عَلَى فِعْلِهَا بِأَنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ خَمْسًا فِي الْحَوْلَيْنِ، أَوْ شَهِدَتْ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهَا بِأَنْ شَهِدَتْ أَنَّ فُلَانَةَ أَرْضَعَتْهُ خَمْسًا فِي الْحَوْلَيْنِ، (أَوْ) شَهِدَ بِذَلِكَ (رَجُلٌ عَدْلٌ ثَبَتَ) الرَّضَاعُ بِذَلِكَ، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ وَلَا عَلَى الشَّاهِدِ لِمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ:«تَزَوَّجَتْ أُمُّ يَحْيَى بِنْتُ أَبِي إهَابٍ فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْت لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ؛ فَنَهَاهُ عَنْهَا. وَفِي رِوَايَةٍ: دَعْهَا عَنْكَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: فُرِّقَ بَيْنَ أَهْلِ أَبْيَاتٍ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ لِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى عَوْرَةٍ فَتُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ كَالْوِلَادَةِ، وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ النِّسَاءِ الْمُنْفَرِدَاتِ، فَيُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ، وَالْمُتَبَرِّعَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ، وَغَيْرُ الْمَرْضِيَّةِ لَا تُقْبَلُ.
(وَمَنْ تَزَوَّجَ) امْرَأَةً (ثُمَّ قَالَ) قَبْلَ الدُّخُولِ (هِيَ أُخْتِي مِنْ رَضَاعٍ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ (حُكْمًا) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا يَتَضَمَّنُ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ؛ فَلَزِمَهُ
ذَلِكَ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ أَوْ أَنَّ أَمَتَهُ أُخْتُهُ مِنْ النَّسَبِ، (وَ) انْفَسَخَ أَيْضًا (فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إنْ كَانَ صَادِقًا) أَيْ: تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا نِكَاحَ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُهُ؛ فَلَا تَحِلُّ لَهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ صَادِقًا (فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ كَذِبَهُ لَا يُحَرِّمُهَا، وَالْمُحَرَّمُ حَقِيقَةً الرَّضَاعُ لَا الْقَوْلُ (وَلَهَا) أَيْ: الَّتِي أَقَرَّ زَوْجُهَا أَنَّهَا أُخْتُهُ الْمَهْرُ إنْ أَقَرَّ بِأُخُوَّتِهَا (بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا (وَلَوْ صَدَّقَتْهُ) أَنَّهُ أَخُوهَا بِمَا نَالَ مِنْهَا (مَا لَمْ تُطَاوِعْهُ) الْحُرَّةُ عَلَى الْوَطْءِ (عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ) فَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ زَانِيَةٌ مُطَاوِعَةٌ.
(وَيَسْقُطُ) مَهْرُ مَنْ أَقَرَّ بِأُخُوَّتِهَا (قَبْلَهُ) أَيْ: الدُّخُولِ (إنْ صَدَّقَتْهُ) وَهِيَ حُرَّةٌ عَلَى إقْرَارِهِ؛ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى بُطْلَانِ النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَهَا نِصْفُ مَهْرِهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَا يَقْبَلُ عَلَيْهَا.
(وَإِنْ قَالَتْ هِيَ ذَلِكَ) أَيْ: هُوَ أَخِي مِنْ الرَّضَاعِ (وَأَكْذَبَهَا؛ فَهِيَ زَوْجَتُهُ حُكْمًا) حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهَا؛ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَيْهِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ قَوْلُهَا ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا لِأَنَّهَا تُقِرُّ بِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ أَخْذُهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ بِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا، فَإِنْ عَلِمَتْ صِحَّةَ مَا أَقَرَّتْ بِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهَا مُسَاكَنَتُهُ وَلَا تَمْكِينُهُ مِنْ وَطْئِهَا وَلَا مِنْ دَوَاعِيهِ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَفْتَدِيَ وَتَفِرَّ مِنْهُ كَمَا قُلْنَا فِي الَّتِي عَلِمَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَتَقَدَّمَ.
(وَيَتَّجِهُ وَلَا مَهْرَ) عَلَيْهِ لِمَنْ ظَهَرَتْ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ (لَوْ أَبَانَهَا قَبْلَ وَطْءٍ) وَلَا خَلْوَةٍ؛ لِأَنَّ وُجُودَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا كَعَدَمِهِ، (وَ) يَتَّجِهُ أَنَّهُ (لَا يَرْجِعُ) الزَّوْجُ (بِنِصْفِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ (لَوْ قَبَضَ) لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْقَبْضِ (كَمَا لَا) : يَسُوغُ لَهَا أَنْ (تُطَالِبَ بِهِ) أَيْ: الْمَهْرِ (لَوْ لَمْ يُقْبَضْ) لِبُطْلَانِ نِكَاحِهَا؛ فَلَا تَسْتَحِقُّ
الْمُطَالَبَةَ بِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ قَالَ) عَنْ زَوْجَتِهِ (هِيَ ابْنَتِي مِنْ رَضَاعٍ وَهِيَ فِي سِنٍّ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ) أَيْ: كَوْنَهَا بِنْتَه كَأَنْ كَانَتْ قَدْرَهُ فِي السِّنِّ أَوْ أَكْبَرَ (لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ (لِتَيَقُّنِ كَذِبِهِ) بِعَدَمِ احْتِمَالِ صِدْقِهِ (وَإِنْ اُحْتُمِلَ) صِدْقُهُ فِي أَنَّهَا بِنْتُهُ بِأَنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهَا بِأَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ (فَكَمَا لَوْ قَالَ هِيَ أُخْتِي مِنْ رَضَاعٍ) عَلَى مَا مَرَّ مُفَصَّلًا.
(وَلَوْ ادَّعَى) مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمَا بِمَا يُؤَاخَذُ بِهِ (بَعْدَ ذَلِكَ خَطَأً، لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارٍ بِحَقٍّ عَلَيْهِ (كَقَوْلِهِ ذَلِكَ) أَيْ: هِيَ أُخْتِي (لِأَمَتِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ (وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: أَحَدُ اثْنَيْنِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ (ذَلِكَ قَبْلَ النِّكَاحِ) بِأَنْ قَالَ: هِيَ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعِ، أَوْ قَالَتْ هُوَ أَخِي مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ أَوْ قَالَتْ: كَذَبْت (لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ) عَنْ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ (ظَاهِرًا) فَلَا يُمَكَّنَانِ مِنْ النِّكَاحِ، وَإِنْ تَنَاكَحَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَأَنْكَرَ وَاعْتَرَفَ بِالْبَيْنُونَةِ، فَلَا يُمَكَّنَانِ مِنْ النِّكَاحِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إنْ تَنَاكَحَا.
(وَمَنْ ادَّعَى أُخُوَّةَ أَجْنَبِيَّةٍ) غَيْرِ زَوْجَتِهِ، أَوْ ادَّعَى بُنُوَّتَهَا مِنْ رَضَاعٍ (وَيَتَّجِهُ لِيَصِيرَ) بِدَعْوَاهُ (مَحْرَمًا) لَهَا؛ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَكَذَّبَتْهُ، قُبِلَتْ شَهَادَةُ أُمِّهَا) مِنْ نَسَبٍ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَيْهَا (وَ) شَهَادَةُ (بِنْتِهَا مِنْ نَسَبٍ) عَلَى إقْرَارِهَا
(بِذَلِكَ) عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مَرْضِيَّةً، وَتَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ بَيْنَهُمَا، وَ (لَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (أُمِّهِ وَلَا) شَهَادَةُ (بِنْتِهِ) مِنْ نَسَبٍ عَلَيْهَا كَسَائِرِ شَهَادَاتِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ لِوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ.
(وَإِنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ) هِيَ بِأَنْ قَالَتْ: فُلَانٌ أَخِي مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أَبِي أَوْ ابْنِي مِنْهُ، وَسِنُّهَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ (وَكَذَّبَهَا) فُلَانٌ (فَبِالْعَكْسِ) فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أُمِّهِ وَبِنْتِهِ مِنْ نَسَبٍ عَلَيْهِ، لَا أُمِّهَا وَبِنْتِهَا؛ لِمَا سَبَقَ.
(وَيَتَّجِهُ وَ) لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أُخُوَّةَ أَوْ بُنُوَّةَ صَاحِبِهِ مِنْ رَضَاعٍ (مَعَ تَصْدِيقِ) الزَّوْجِ (لِلْآخَرِ) فَإِنَّهُ (يَصِيرُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (مُحَرَّمًا) عَلَى الْآخَرِ لِإِقْرَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْسِهِ بِمَا هُوَ الْأَغْلَظُ فِي حَقِّهِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ، وَمَحَلُّ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُمَا (مَعَ عَدَالَتِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ الدِّيَانَة تَحْمِلُهُمَا عَلَى اجْتِنَابِ مَا لَا يَنْبَغِي (وَاحْتُمِلَ) أَيْضًا (وَإِلَّا) يَكُونَا عَدْلَيْنِ (مُنِعَا) مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ بَاطِنًا (لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ وُجُودَ قَوْلِ الْفَاسِقِ وَعَدَمِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ أُخُوَّةَ) سَيِّدِهَا لَهَا (بَعْدَ وَطْئِهِ) لَهَا مُطَاوَعَةً (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا مُطْلَقًا) ؛ لِدَلَالَةِ تَمْكِينِهَا عَلَى كَذِبِهَا (وَ) إنْ ادَّعَتْ أُخُوَّةَ سَيِّدِهَا (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ وَطْئِهِ لَهَا مُطَاوَعَةً (يُقْبَلُ) قَوْلُهَا (فِي تَحْرِيمِ وَطْءٍ) كَدَعْوَاهَا أَنَّهَا