الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ شُرِطَ عِلْمُ الصَّدَاقِ]
فَصْلٌ (وَشُرِطَ عِلْمُ الصَّدَاقِ) كَالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ عِوَضٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَأَشْبَهَ الثَّمَنَ، لِأَنَّ غَيْرَ الْمَعْلُومِ مَجْهُولٌ لَا يَصِحُّ عِوَضًا فِي الْبَيْعِ، فَلَمْ تَصِحَّ تَسْمِيَتُهُ كَالْمُحَرَّمِ (فَلَوْ أَصْدَقَهَا دَارًا) غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ (أَوْ) أَصْدَقَهَا (دَابَّةً) مُبْهَمَةً (أَوْ) أَصْدَقَهَا (ثَوْبًا) مُطْلَقًا (أَوْ) أَصْدَقَهَا (عَبْدًا مُطْلَقًا أَوْ) أَصْدَقَهَا (رَدَّ عَبْدِهَا أَيْنَ كَانَ، أَوْ) أَصْدَقَهَا (خِدْمَتَهَا) أَيْ: أَنْ يَخْدُمَهَا (مُدَّةً فِيمَا شَاءَتْ أَوْ) أَصْدَقَهَا مَعْدُومًا نَحْوَ (مَا تُثْمِرُ شَجَرَتُهُ) فِي هَذَا الْعَامِ أَوْ مُطْلَقًا (أَوْ) أَصْدَقَهَا (مَا تَحْمِلُ أَمَتُهُ أَوْ) أَصْدَقَهَا (مَتَاعَ بَيْتِهِ أَوْ) مَا فِي بَيْتِهِ مِنْ مَتَاعٍ، وَلَمْ تَعْلَمْهُ (أَوْ) تَزَوَّجَهَا (عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا لَمْ يَصِحَّ) الْإِصْدَاقُ، أَيْ: التَّسْمِيَةُ لِجَهَالَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَدْرًا وَصِفَةً، وَالْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ فِيهَا كَثِيرٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُحْتَمَلُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ، إذْ لَا أَصْلَ يُرْجَعُ إلَيْهِ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ (وَكَذَا) كُلُّ مَا هُوَ مَجْهُولُ الْقَدْرِ وَالْحُصُولِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا لَوْ أَصْدَقَهَا (عَلَى مَا يَرْضَاهُ فُلَانٌ أَوْ) أَصْدَقَهَا (مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَطَيْرٍ بِهَوَاءٍ وَسَمَكٍ بِمَاءٍ أَوْ) أَصْدَقَهَا (مَا لَا يُتَمَوَّلُ عَادَةً كَقِشْرِ جَوْزَةٍ وَحَبَّةِ بُرٍّ) لَمْ يَصِحَّ الْإِصْدَاقُ لِلْجَهَالَةِ أَوْ الْغَرَرِ أَوْ عَدَمِ التَّمَوُّلِ.
(وَشَرَطَ جَمْعٌ) مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْخِرَقِيِّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ (أَنْ يَكُونَ لَهُ) أَيْ: الصَّدَاقِ (نِصْفٌ يَتَمَوَّلُ عَادَةً، وَيَبْذُلُ الْعِوَضَ فِي مِثْلِهِ عُرْفًا) لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَعْرِضُ فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا يَبْقَى لِلْمَرْأَةِ إلَّا نِصْفَهُ، فَيَجِبُ أَنْ يَبْقَى لَهَا مَالٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ هَذَا الشَّرْطُ، وَكَذَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ حَتَّى بَالَغَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي ضِمْنِ كَلَامٍ لَهُ، فَجَوَّزَ الصَّدَاقَ بِالْحَبَّةِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي يُنْبَذُ مِثْلُهَا، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ هُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْكِتَابِ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ قَلَّ.
(وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ) فِيهِ (التَّسْمِيَةُ أَوْ خَلَا الْعَقْدُ بِهِ) أَيْ: عَقْدُ النِّكَاحِ (عَنْ ذِكْرِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ، وَهُوَ تَفْوِيضُ الْبُضْعِ (يَجِبُ) لِلْمَرْأَةِ (مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُسَلَّمُ إلَّا بِبَدَلٍ، وَلَمْ يُسَلَّمْ الْبَدَلُ، وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْعِوَضِ، فَوَجَبَ بَدَلُهُ كَبَيْعِهِ سِلْعَةً بِخَمْرٍ، فَتَلِفَ عِنْدَ مُشْتَرٍ.
(وَلَا يَضُرُّ جَهْلٌ يَسِيرٌ) فِي صَدَاقٍ (فَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ) صَحَّ (أَوْ) أَصْدَقَهَا (دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ بِشَرْطِ بَيَانِ النَّوْعِ كَفَرَسٍ مِنْ خَيْلِهِ) أَوْ جَمَلٍ مِنْ جِمَالِهِ أَوْ حِمَارٍ مِنْ حَمِيرِهِ أَوْ بَقَرَةٍ مِنْ بَقَرِهِ؛ صَحَّ (أَوْ) أَصْدَقَهَا (قَمِيصًا مِنْ قُمْصَانِهِ وَنَحْوِهِ) كَخَاتَمٍ مِنْ خَوَاتِمِهِ (صَحَّ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ يَسِيرَةٌ (وَلَهَا أَحَدُهُمْ بِقُرْعَةٍ) نَصًّا نَقَلَهُ مُهَنَّا، لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ صَدَاقُهَا اسْتَحَقَّتْ وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، فَوَجَبَتْ الْقُرْعَةُ؛ لِنُمَيِّزَهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبِيدِهِ.
(وَ) لَوْ أَصْدَقَهَا (قِنْطَارًا مِنْ زَيْتٍ وَقَفِيزًا مِنْ حِنْطَةٍ وَنَحْوَهُ) كَقِنْطَارٍ مِنْ سَمْنٍ أَوْ قَفِيزٍ مِنْ شَعِيرٍ (صَحَّ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَهَا الْوَسَطُ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ (وَلَا يَضُرُّ غَرَرٌ يُرْجَى فِيهِ زَوَالُهُ) فِي صَدَاقٍ (فَيَصِحُّ) أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (عَلَى) رَقِيقٍ (مُعَيَّنٍ آبِقٍ) يُحَصِّلُهُ لَهَا (أَوْ) عَلَى شَيْءٍ يَصِحُّ كَوْنُهُ صَدَاقًا (مُغْتَصَبٍ يُحَصِّلُهُ) لَهَا (فَلَوْ فَاتَ) وَلَمْ يُحَصِّلْ فَعَلَيْهِ (قِيمَتُهُ وَ) عَلَى (مَبِيعٍ اشْتَرَاهُ) وَلَوْ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ (وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَ) عَلَى (عَبْدٍ) وَنَحْوِهِ (مَوْصُوفٍ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ يَزُولُ بِتَحْصِيلِ الْآبِقِ وَالْمُغْتَصَبِ وَاسْتِيفَاءِ مُسْلِمٍ فِيهِ وَتَسْلِيمِ مَبِيعٍ وَتَحْصِيلِ مَوْصُوفٍ، وَاحْتِمَالُ الْغَرَرِ فِيمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ احْتِمَالِ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ وَالرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ فِيهِمَا أَحَدُ رُكْنَيْ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ (فَلَوْ جَاءَهَا) الزَّوْجُ (بِقِيمَتِهِ) لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهَا (أَوْ خَالَعَتْهُ) الزَّوْجَةُ (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: نَحْوَ عَبْدٍ مَوْصُوفٍ (فَجَاءَتْهُ بِهِ) أَيْ: بِقِيمَةِ الْمَوْصُوفِ الَّذِي خَالَعَتْهُ عَلَيْهِ (لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهَا) أَيْ: الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَمَّا لَمْ يَتَعَذَّرْ تَسْلِيمُهُ، فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا.
(وَ) يَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (عَلَى شِرَائِهِ لَهَا عَبْدَ زَيْدٍ) ، لِأَنَّهُ غَرَرٌ يَسِيرٌ، (فَ) إنْ (تَعَذَّرَ شِرَاؤُهُ بِقِيمَتِهِ؛ فَلَهَا قِيمَتُهُ) لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ فَاسْتَحَقَّ (وَ) إنْ تَزَوَّجَهَا (عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ، أَوْ) تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ (أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا، وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ، أَوْ أَخْرَجَهَا) مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا (وَنَحْوِهِ) كَأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ سُرِّيَّةٌ، وَأَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ (صَحَّ) ، ذَلِكَ؛ لِأَنَّ خُلُوَّ الْمَرْأَةِ مِنْ ضَرَّةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ تُغَايِرُهَا أَوْ تُضَيِّقُ عَلَيْهَا مِنْ أَكْبَرِ أَغْرَاضِهَا الْمَقْصُودَةِ، وَكَذَا بَقَاؤُهَا بِدَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا بَيْنَ أَهْلِهَا أَوْ فِي وَطَنِهَا، وَلِذَلِكَ تُخَفِّفُ صَدَاقَهَا؛ لِتَحْصِيلِ غَرَضِهَا وَتُغَلِّيهِ عِنْدَ فَوَاتِهِ.
وَ (لَا) يَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا وَأَلْفَيْنِ إنْ كَانَ) أَبُوهَا (مَيِّتًا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي مَوْتِ أَبِيهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَرُبَّمَا كَانَ حَالُ الْأَبِ غَيْرَ مَعْلُومٍ؛ فَيَكُونُ الصَّدَاقُ مَجْهُولًا.
(وَإِنْ أَصْدَقَهَا عِتْقَ قِنِّهِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ.
وَ (لَا) يَصِحُّ أَنْ يُصْدِقَهَا (طَلَاقَ زَوْجَتِهِ أَوْ) أَنْ يُصْدِقَهَا (جُعْلَهُ) أَيْ: طَلَاقَ ضَرَّتِهَا (لَهَا إلَى مُدَّةٍ) وَلَوْ مَعْلُومَةً؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ أُخْرَى» وَلِأَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مِنْ الزَّوْجِ لَيْسَ بِتَمَوُّلٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا نَحْوَ خَمْرٍ (وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ.
(وَمَنْ قَالَ لِسَيِّدَتِهِ: أَعْتِقِينِي عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَك، فَأَعْتَقَتْهُ) عَلَى ذَلِكَ؛ عَتَقَ مَجَّانًا (أَوْ قَالَتْ) لَهُ سَيِّدَتُهُ (ابْتِدَاءً: أُعْتِقُك عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَنِي؛ عَتَقَ مَجَّانًا) فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ شَرْطًا هُوَ حَقٌّ لَهُ؛ فَلَمْ يَلْزَمْهُ، كَمَا لَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ تَهَبَهُ دَنَانِيرَ، فَيَقْبَلَهَا، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الرَّجُلِ لَا عِوَضَ لَهُ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ.
(وَ) مَنْ قَالَ لِآخَرَ (أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك بِنْتِي) فَأَعْتَقَ سَيِّدُهُ عَلَى ذَلِكَ؛ (لَزِمَتْهُ) أَيْ: الْقَائِلَ (قِيمَتُهُ) لِمُعْتَقِهِ (بِعِتْقِهِ) وَلَمْ يَلْزَمْ الْقَائِلَ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ لِمُعْتِقِ عَبْدِهِ؛ كَقَوْلِهِ لِآخَرَ (أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَنْ أَبِيعَك عَبْدِي) فَفَعَلَ