الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُظَاهِرًا وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، لِوُجُودِ شَرْطِهِ (وَ) إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ:(إنْ تَظَهَّرْت) أَنَا (فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي، ثُمَّ تَظَهَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ، عَتَقَ) لِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ عِنْدَ وُجُودِهَا، كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ دَخَلَهَا، وَنَوَى السَّيِّدُ حَالَ دُخُولِهِ أَنَّهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ؛ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَهُوَ الشَّرْطُ
(وَإِنْ اشْتَرَى) مُظَاهِرٌ (زَوْجَتَهُ) الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا وَهِيَ أَمَةٌ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ، وَظِهَارُهُ بِحَالِهِ (وَيُجْزِئُهُ عِتْقُهَا عَنْ) كَفَّارَةِ (ظِهَارِهِ) إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً سَلِيمَةً مِنْ الْعُيُوبِ؛ لِعُمُومِ الْآيَةِ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَلَّتْ لَهُ بِلَا كَفَّارَةٍ، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ قَدْ تَقَدَّمَتْ، فَإِنْ أَعْتَقَهَا فِي غَيْرِ الْكَفَّارَةِ عَنْ ظِهَارِهِ مِنْهَا؛ بِأَنْ أَعْتَقَهَا تَبَرُّعًا أَوْ عَنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ مِنْ امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ لِظِهَارِهِ مِنْهَا لِبَقَائِهِ كَمَا سَبَقَ.
(أَوْ بَانَتْ) زَوْجَةٌ ظَاهَرَ مِنْهَا، حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً (قَبْلَ وَطْءٍ، ثُمَّ أَعَادَهَا؛ فَظِهَارٌ بِحَالِهِ) نَصًّا؛ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ، وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا يَزُولُ بِالتَّكْفِيرِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ سَوَاءٌ مَاتَ عَقِبَ ظِهَارِهِ أَوْ تَرَاخَى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْحِنْثُ، وَيَرِثُهَا وَتَرِثُهُ كَمَا بَعْدَ التَّكْفِيرِ (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ ظِهَارٍ قَبْلَ وَطْءٍ؛ سَقَطَتْ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ، سَوَاءٌ مَاتَ عَقِبَ ظِهَارِهِ أَوْ تَرَاخَى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْحِنْثُ، وَيَرِثُهَا وَتَرِثُهُ كَمَا بَعْدَ التَّكْفِيرِ.
[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ]
ِ وَمَا بِمَعْنَاهَا (وَكَفَّارَتُهُ) أَيْ: الظِّهَارِ (وَكَفَّارَةُ وَطْءِ نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى التَّرْتِيبِ) ، وَيَتَّجِهُ اعْتِبَارُهُمَا عَلَى التَّرْتِيبِ (فِي غَيْرٍ) أَمَّا السَّفِيهُ فَيُؤْمَرُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصِّيَامِ، فَقَطْ
فَإِنْ أَعْتَقَ أَوْ أَطْعَمَ فِي الظِّهَارِ، لَمْ يُجْزِئْهُ ذَلِكَ؛ وَلَمْ يَنْفُذْ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ صَرِيحٌ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَهِيَ (عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكَيْنَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] الْآيَتَيْنِ، «وَلِحَدِيثِ خَوْلَةَ حِينَ ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْسٌ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتِقُ رَقَبَةً قَالَتْ: لَا يَجِدُ قَالَ: فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ: فَيُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكَيْنَا» (وَكَذَا كَفَّارَةُ قَتْلٍ) فِي التَّرْتِيبِ (إلَّا أَنَّهُ لَا إطْعَامَ فِيهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَذَكَرَهُ كَالْعِتْقِ وَالصِّيَامِ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي كَفَّارَاتٍ مَنْ قُدْرَةٍ أَوْ عَجْزٍ (وَقْتَ وُجُوبِ) كَفَّارَةٍ (كَحَدٍّ وَقَوَدٍ) فَيُعْتَبَرَانِ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ (وَهُوَ) أَيْ: وَقْتُ الْوُجُوبِ (هُنَا) أَيْ: فِي الظِّهَارِ (مِنْ الْعَوْدِ) إلَى الْوَطْءِ أَيْ بَعْدَهُ (وَفِي الْيَمِينِ مِنْ الْحِنْثِ، وَفِي الْقَتْلِ، مِنْ الزُّهُوقِ) فَمَنْ قَذَفَ، وَهُوَ عَبْدٌ، ثُمَّ عَتَقَ؛ لَمْ يُجْلَدْ إلَّا جَلْدَ عَبْدٍ، وَمَنْ حَنِثَ وَهُوَ عَبْدٌ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا كَفَّارَةُ عَبْدٍ، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الطُّهْرَةِ فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِهَا بِحَالِ الْوُجُوبِ كَالْحَدِّ، بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ فَإِنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ، وَهُنَا لَوْ صَامَ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الرَّقَبَةِ، لَمْ يُبْطِلْ صَوْمَهُ، وَلَوْ قَتَلَ قِنًّا وَهُوَ رَقِيقٌ؛ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقَوَدُ.
(فَلَوْ أَعْسَرَ مُوسِرٌ قَبْلَ تَكْفِيرٍ لَمْ يُجْزِهِ صَوْمٌ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَتَبْقَى الرَّقَبَةُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى يَسَارِهِ كَسَائِرِ مَا وَجَبَ، وَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ (أَوْ أَيْسَرَ مُعْسِرٌ) بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ مُعْسِرًا (أَوْ عَتَقَ قِنٌّ) بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ رَقِيقًا (لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْوُجُوبِ (وَيُجْزِئُهُ) الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْكَفَّارَاتِ (وَيَتَّجِهُ بَلْ) الْعِتْقُ (أَفْضَلُ) مِنْ الصِّيَامِ؛ لِتَشَوُّقِ الشَّارِعِ إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ
وَجَبَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَإِمْكَانُ الْأَدَاءِ) فِي الْكَفَّارَاتِ (مَبْنِيٌّ عَلَى) اعْتِبَارِهِ فِي (زَكَاةٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ شَرْطٌ لِلْأَدَاءِ لَا لِلْوُجُوبِ، فَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ (وَمَالُهُ غَائِبٌ) مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ (لَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ حَتَّى يَحْضُرَ) مَالُهُ (إنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ) قِنٍّ (نَسِيئَةً) فَإِنْ أَمْكَنَهُ وَلَا ضَرَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ (وَلَا يَلْزَمُ عِتْقٌ إلَّا لِمَالِكِ رَقَبَةٍ) حِينَ وُجُوبٍ (وَلَوْ) كَانَتْ الرَّقَبَةُ (مُشْتَبِهَةً بِرِقَابِ غَيْرِهِ) لِإِمْكَانِ عِتْقِهَا (فَيَعْتِقُ رَقَبَةً) نَاوِيًا مَا مَلَكَهُ (ثُمَّ يَقْرَعُ بَيْنَ الرِّقَابِ، فَيُخْرِجُ مَنْ قَرَعَ) لِتَعَيُّنِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ، أَوْ إلَّا (لِمَنْ تُمْكِنُهُ) الرَّقَبَةُ بِأَنْ قَدَرَ عَلَى شِرَائِهَا (بِثَمَنِ مِثْلِهَا أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ) عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهَا (لَا تُجْحَفُ بِهِ) وَلَوْ كَثُرَ، لِعَدَمِ تَكَرُّرِهَا، بِخِلَافِ مَاءِ وُضُوءٍ، (أَوْ) يُمْكِنُهُ شِرَاؤُهَا (نَسِيئَةً وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ) يَفِي بِثَمَنِهَا النَّسِيئَةِ أَوْ مُؤَجَّلٌ، لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ عِتْقٌ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى رَقَبَةٍ (بِهِبَةٍ) بِأَنْ وُهِبَتْ لَهُ هِيَ أَوْ ثَمَنًا لِلْمِنَّةِ (فَإِنْ لَمْ تُبَعْ) الرَّقَبَةُ (نَسِيئَةً؛ عَدَلَ لِدُونِهِ) أَيْ عَدَلَ لِدُونِ الْعِتْقِ، وَهُوَ الصَّوْمُ وَلَوْ فِي غَيْرِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ لِلْحَاجَةِ كَالْعَادِمِ.
(وَشُرِطَ) لِلُزُومِ الْعِتْقِ (أَنْ يَفْضُلَ) الرَّقَبَةَ (عَمَّا يَحْتَاجُهُ) مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (مِنْ أَدْنَى مَسْكَنٍ صَالِحٍ لِمِثْلِهِ وَ) مِنْ (خَادِمٍ لِمَنْ يُخْدَمُ مِثْلُهُ وَ) أَنْ تَفْضُلَ عَنْ (مَرْكُوبٍ وَعَرَضِ بِذْلَةٍ) يَحْتَاجُ إلَى اسْتِعْمَالِهِ كَلِبَاسِهِ وَفُرُشِهِ وَأَوَانَيْهِ وَآلَةِ حِرْفَتِهِ وَأَنْ تَفْضُلَ عَنْ (كُتُبِ عِلْمٍ يَحْتَاجُهَا وَثِيَابِ تَجَمُّلٍ) لَا تَزِيدُ عَلَى ثِيَابِ مِثْلِهِ وَعَنْ (كِفَايَتِهِ وَ) كِفَايَةِ (مَنْ يَمُونُهُ دَائِمًا وَعَنْ رَأْسِ مَالِهِ لِذَلِكَ) أَيْ: لِمَنْ يَحْتَاجُهُ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ (وَعَنْ وَفَاءِ دَيْنٍ) لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ؛ لِأَنَّ مَا اسْتَغْرَقَتْهُ حَاجَةُ الْإِنْسَانِ كَالْمَعْدُومِ فِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ إلَى بَدَلِهِ؛ كَمَنْ وَجَدَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِعَطَشٍ؛ لَهُ
الِانْتِقَالُ إلَى التَّيَمُّمِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ خَادِمٌ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْدُمُ نَفْسَهُ لَزِمَهُ عِتْقُهُ؛ لِفَضْلِهِ عَنْ حَاجَتِهِ وَمَا يَحْتَاجُهُ لِأَكْلِ الطَّيِّبِ وَلُبْسِ النَّاعِمِ يَشْتَرِي بِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ لِعَدَمِ عِظَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ.
(وَمَنْ لَهُ فَوْقَ مَا يَصْلُحُ لِمِثْلِهِ مِنْ خَادِمٍ وَنَحْوِهِ) كَمَرْكُوبٍ وَمَسْكَنٍ (وَأَمْكَنَ بَيْعُهُ وَشِرَاءُ صَالِحٍ لِمِثْلِهِ وَشِرَاءِ رَقَبَةٍ بِالْفَاضِلِ؛ لَزِمَهُ) الْعِتْقُ، لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِلَا ضَرَرٍ (فَلَوْ تَعَذَّرَ) لِكَوْنِ الْبَاقِي لَا يَبْلُغُ ثَمَنَ رَقَبَةٍ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ (أَوْ كَانَ لَهُ سُرِّيَّةٌ يُمْكِنُ بَيْعُهَا وَشِرَاءُ سُرِّيَّةٍ وَرَقَبَةٍ بِثَمَنِهَا؛ لَمْ يَلْزَمْهُ) ذَلِكَ، لِأَنَّ غَرَضَهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ السُّرِّيَّةِ، فَلَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا
(وَشُرِطَ فِي) إجْزَاءِ (رَقَبَةٍ فِي كَفَّارَةٍ) مُطْلَقًا (وَفِي نَذْرِ عِتْقٍ مُطْلَقٍ إسْلَامٌ) وَلَوْ كَانَ الْمُكَفِّرُ كَافِرًا قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ بَاقِي الْكَفَّارَاتِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، كَمَا حُمِلَ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] عَلَى قَوْلِهِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] بِجَامِعِ أَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَضَمَّنُ تَفْرِيغَ الْعَتِيقِ الْمُسْلِمِ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ، وَتَكْمِيلِ أَحْكَامِهِ، وَمَعُونَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَنَاسَبَ ذَلِكَ شَرْعُ إعْتَاقِهِ فِي الْكَفَّارَةِ، تَحَصُّلًا لِهَذِهِ الْمَصَالِحِ، وَحُمِلَ النَّذْرُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّ يُحْمَلُ عَلَى الْمُطْلَقِ مِنْ كَلَامِهِ تَعَالَى (وَ) شُرِطَ فِيهَا (سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ مُضِرٍّ ضَرَرًا بَيِّنًا بِالْعَمَلِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَمْلِيكُ الْقِنِّ نَفْعَهُ، وَتَمَكُّنُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ، وَهَذَا غَيْرُ حَاصِلٍ مَعَ مَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ كَذَلِكَ (كَعَمًى) لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يُمْكِنُهُ الْعَمَلُ فِي أَكْثَرِ الصَّنَائِعِ (وَكَشَلَلِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ قَطْعِ إحْدَاهُمَا) لِأَنَّ الْيَدَ آلَةُ الْبَطْشِ، وَالرِّجْلَ آلَةُ الْمَشْيِ؛ فَلَا يَتَهَيَّأُ لَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعَمَلِ مَعَ تَلَفِ إحْدَاهُمَا (أَوْ) شَلَلِهَا أَوْ قَطْعِ (سَبَّابَةٍ
أَوْ أُصْبُعٍ وُسْطَى أَوْ إبْهَامٍ مِنْ يَدٍ) لِأَنَّ الْقَبْضَ بِهَذِهِ الثَّلَاثِ الْأَصَابِعِ، فَإِذَا عُدِمَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا ضَعُفَ الْقَبْضُ بِالْبَوَاقِي، فَتَذْهَبُ فَائِدَةُ الْيَدِ، أَوْ قَطْعِ سَبَّابَةٍ أَوْ وُسْطَى أَوْ إبْهَامٍ مِنْ رِجْلٍ لِأَنَّ حُكْمَ الْقَطْعِ مِنْ الرِّجْلِ كَحُكْمِ الْقَطْعِ مِنْ الْيَدِ قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَقَطَعَ بِهِ فِي " التَّنْقِيحِ " وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى " وَمَشَى فِي " الْإِقْنَاعِ " عَلَى خِلَافِهِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ، وَكَانَ عَلَى " الْمُصَنِّفِ " أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لَهُ (أَوْ خِنْصَرٍ وَبِنْصَرٍ) مَعًا مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ نَفْعَ الْيَدِ يَزُولُ بِذَلِكَ (وَقَطْعِ أُنْمُلَةٍ مِنْ إبْهَامٍ؛ أَوْ قَطْعِ أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ: الْإِبْهَامِ، (كَ) قَطْعِ الْأُصْبُعِ (كُلِّهِ) لِذَهَابِ مَنْفَعَةِ الْأُصْبُعِ بِذَلِكَ.
(وَيُجْزِئُ) عِتْقٌ (مُتَبَرَّعٌ بِهِ عَنْهُ) حَيْثُ كَانَ (بِإِذْنِهِ) أَوْ أَمْرِهِ؛ بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي، وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْآمِرُ عِوَضًا عَنْهُ؛ فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ صَحَّ عَنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ، وَلَهُ وَلَاؤُهُ، وَأَجْزَأَ عَنْ كَفَّارَتِهِ؛ وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ مِلْكِ الْمَأْمُورِ إلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ كَالْوَكِيلِ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْهُ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَا أَمْرِهِ فِي كَفَّارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ فَلَا يُعْتَقُ عَنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ إذَا كَانَ حَيًّا، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ عِتْقٌ وَلَا أَمَرَ بِهِ مَعَ أَهْلِيَّتِهِ، وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ، وَلَا يَحْنَثُ عَنْ كَفَّارَةِ الْمُعْتِقُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَصْدُرْ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا؛
(وَ) يُجْزِئُ (مِنْ قَطْعِ بِنْصِرَه مِنْ إحْدَى يَدَيْهِ) وَخِنْصَرِهِ مِنْ الْأُخْرَى، (أَوْ) قُطِعَتْ بِنْصِرَه (مِنْ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَ) قُطِعَتْ (خِنْصَرُهُ مِنْ الْأُخْرَى) لِبَقَاءِ نَفْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا (أَوْ جَدْعٍ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (أَيْ: قَطْعِ أَنْفِهِ) فَيُجْزِئُ، أَوْ قَطْعِ أُذُنِهِ (أَوْ يُخْنَقُ أَحْيَانَا) لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ.
(أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ لَمْ تُوجَدْ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا أَثَرَ لَهُ، بِخِلَافِ مَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ فَنَوَاهُ عِنْدَ وُجُودِهَا، فَلَا يَجْزِي؛ لِأَنَّ سَبَبَ عِتْقِهِ انْعَقَدَ عِنْدَ
وُجُودِ الصِّفَةِ، فَلَا يَمْلِكُ صَرْفَهُ إلَى غَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ لِلْكَفَّارَةِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ لَهَا.
(وَ) يُجْزِئُ (مُدَبَّرٌ وَصَغِيرٌ) وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ (وَوَلَدُ زِنًا وَأَعْرَجُ يَسِيرٌ أَوْ مَجْبُوبٌ وَخَصِيٌّ) وَلَوْ مَجْبُوبًا (وَأَصَمُّ؛ وَأَخْرَسُ تُفْهِمُ إشَارَتُهُ، وَأَعْوَرُ) وَأَبْرَصُ وَأَجْذَمُ (وَمَرْهُونٌ وَلَوْ مَعَ عُسْرِ رَاهِنٍ وَمُؤَجَّرٍ وَجَانٍّ وَأَحْمَقُ وَمُزَوَّجَةٌ وَحَامِلٌ) وَلَهُ اسْتِثْنَاءُ حَمْلِهَا؛ لِأَنَّ مَا فِيهِمْ مِنْ النَّقْصِ لَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ، وَمَا فِيهِمْ مِنْ الْوَصْفِ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ عِتْقِهِمْ.
(وَ) يُجْزِئُ (مُكَاتَبٌ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا) مِنْ كِتَابِهِ، لِأَنَّهُ رَقَبَةٌ كَامِلَةٌ سَالِمَةٌ لَمْ يَحْصُلْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا عِوَضٌ، وَلَا يُجْزِئُ (مِنْ) أَيْ: مُكَاتَبٍ أَدَّى مِنْهَا شَيْئًا، لِحُصُولِ الْعِوَضِ عَنْ بَعْضِهِ (أَوْ اشْتَرَى بِشَرْطِ عِتْقٍ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبَائِعَ نَقَصَهُ مِنْ ثَمَنِهِ، فَكَأَنَّهُ أَخَذَ عَلَى عِتْقِهِ عِوَضًا (أَوْ يُعْتَقُ) عَلَى مُكَفِّرٍ (بِقَرَابَةٍ) فَلَا يُجْزِئُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] وَالتَّحْرِيرُ فِعْلُ الْعِتْقِ، وَلَمْ يَحْصُلْ هُنَا كَذَلِكَ، وَلِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ بِغَيْرِ سَبَبِ الْكَفَّارَةِ.
وَ (لَا) يُجْزِئُ (مَرِيضٌ مَأْيُوسٍ) مِنْهُ؛ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْعَمَلِ (وَلَا مَغْصُوبٌ مِنْهُ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ مَنَافِعِهِ (وَيَتَّجِهُ) عَدَمُ إجْزَاءِ عِتْقِ رَقِيقٍ مَغْصُوبٍ مِنْهُ (مَا لَمْ يُخَلِّصْهُ) مُعْتِقُهُ (بَعْدَ) ذَلِكَ مِنْ الْغَاصِبِ؛ فَإِنْ خَلَّصَهُ فَلَا مَانِعَ مِنْ إجْزَائِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَخَلَّصَ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ مَنَافِعِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا) يُجْزِئُ (زَمِنٌ وَلَا مَقْعَدٌ) لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمَا مِنْ الْعَمَلِ فِي أَكْثَرِ الصَّنَائِعِ (وَلَا) يُجْزِئُ (نَحِيفٌ عَاجِزٌ عَنْ عَمَلٍ) لِأَنَّهُ كَمَرِيضٍ مَأْيُوسٍ مِنْ بُرْئِهِ وَ (لَا) يُجْزِئُ (مَنْ قُطِعَتْ أَصَابِعُ قَدَمِهِ كُلُّهَا) عَلَى الْمَذْهَبِ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ "
فَإِنَّهُ اخْتَارَ أَنَّهُ يُجْزِئُ مَنْ قُطِعَتْ أَصَابِعُ قَدَمِهِ كُلُّهَا، وَإِنَّمَا اخْتَارَ ذَلِكَ تَبَعًا لِلرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ".
(وَلَا) يُجْزِئُ (أَخْرَسُ أَصَمُّ وَلَوْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ) لِأَنَّهُ نَاقِصٌ بِفَقْدِ حَاسَّتَيْنِ تَنْقُصُ بِنَقْصِهِمَا قِيمَتُهُ نَقْصًا كَثِيرًا، وَكَذَا أَخْرَسُ لَا تُفْهِمُ إشَارَتُهُ (وَمَجْنُونٌ مُطْبَقٌ) لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَغَائِبٌ لَمْ تَتَبَيَّنْ حَيَاتُهُ) لِأَنَّ وُجُودَهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، فَلَا يَبْرَأُ بِالشَّكِّ (فَإِذَا) أَعْتَقَهُ، ثُمَّ (تَبَيَّنَتْ) حَيَاتُهُ (أَجْزَأَ) قَوْلًا وَاحِدًا (وَلَا مُوصًى بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا) لِنَقْصِهِ (وَأُمُّ وَلَدٍ) لِأَنَّ عِتْقَهَا مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ آخَرَ (وَلَا جَنِينٌ) وَلَوْ وُلِدَ بَعْدَ عِتْقِهِ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ أَحْكَامُ الدُّنْيَا بَعْدُ.
(وَيَتَّجِهُ وَكَذَا) لَا تُجْزِئُ (مَنْ) أَيْ: أَمَةٌ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَ (جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا) لِأَنَّهَا لَمْ تَتَمَحَّضْ لِلْكَفَّارَةِ، وَقَوْلُهُ مُتَّجِهٌ.
(وَمَنْ أَعْتَقَ) فِي كَفَّارَةٍ (جُزْءًا) مِنْ قِنٍّ، (ثُمَّ) أَعْتَقَ (مَا بَقِيَ) مِنْهُ وَلَوْ طَالَ مَا بَيْنَهُمَا - أَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ رَقَبَةً كَامِلَةً كَإِطْعَامِ الْمَسَاكِينِ، (أَوْ)(أَعْتَقَ نِصْفَ قِنَّيْنِ) ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ عَنْ كَفَّارَةٍ، (أَجْزَأَ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَشْقَاصَ كَالْأَشْخَاصِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْبَاقِي مِنْهُمَا حُرًّا أَوْ رَقِيقًا (إلَّا مَا سَرَى بِعِتْقِ جُزْءٍ) كَمَنْ يَمْلِكُ نِصْفَ قِنٍّ - وَهُوَ مُوسِرٌ - بِقِيمَةٍ بَاقِيَةٍ، فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ، وَسَرَى إلَى نِصْفِ شَرِيكِهِ؛ فَلَا يُجْزِئُهُ نَصِيبُ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ بِإِعْتَاقِهِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ غَيْرُ فِعْلِهِ، إنَّمَا هُوَ مِنْ آثَارِ فِعْلِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ نَاوِيًا عِتْقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ.
(وَمَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِظِهَارٍ) بِأَنْ قِيلَ لَهُ إنْ ظَاهَرْت مِنْ زَوْجَتِي فَأَنْتَ حُرٌّ (ثُمَّ ظَاهَرَ؛ عَتَقَ) الْمُعَلِّقُ عِتْقَهُ؛ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَلَمْ يُجْزِئْهُ كَمَا لَوْ نَجَّزَهُ عَنْ ظِهَارِهِ، ثُمَّ ظَاهَرَ) بِأَنْ قَالَ لِقِنِّهِ: أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ عَنْ ظِهَارِي، ثُمَّ ظَاهَرَ، فَيُعْتَقُ،
وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ ظِهَارِهِ (أَوْ عَلَّقَ ظِهَارَهُ بِشَرْطٍ) بِأَنْ قَالَ: إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَزَوْجَتِي عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (فَأَعْتَقَهُ) أَيْ: قِنَّهُ عَنْ ظِهَارِهِ إذَا وُجِدَ شَرْطُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ التَّكْفِيرُ (قَبْلَ) انْعِقَادِ سَبَبِ (هـ، وَ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: (إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي، وَكَانَ ظَاهَرَ، فَوَطِئَ؛ عَتَقَ عَنْ الظِّهَارِ) لِوُجُودِ شَرْطِهِ (وَإِلَّا يَكُنْ ظَاهَرَ فَوَطِئَ لَمْ يُعْتَقْ) لِأَنَّهُ إنَّمَا عُلِّقَ عِتْقٌ بِشَرْطِ كَوْنِهِ عَنْ ظِهَارِهِ؛ فَتَقَيَّدَ بِهِ.
(وَمَنْ أَعْتَقَ) عَنْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ (غَيْرَ مُجْزِئٍ ظَانًّا إجْزَاءَهُ؛ نَفَذَ) عِتْقُهُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، وَبَقِيَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّهِ (وَ) لَوْ قَالَ إنْسَانٌ لِمَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ:(أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْ كَفَّارَتِك، وَلَك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، فَفَعَلَ) أَيْ: أَعْتَقَهُ (بِنِيَّةِ ذَلِكَ؛ لَمْ يُجْزِئْهُ) لِاعْتِيَاضِهِ عَنْ الْعِتْقِ، وَوَلَاؤُهُ لَهُ، لِعُمُومِ حَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَإِنْ رَدَّ الْمُعْتِقُ الْعَشَرَةَ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى بَاذِلهَا لِيَكُونَ الْعِتْقُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لَمْ يُجْزِئُ الْعِتْقُ عَنْهَا لِأَنَّ الْعِتْقَ ابْتِدَاءً، وَقَعَ غَيْرَ مُجْزِئٍ، فَلَمْ يَنْقَلِبْ مُجْزِئًا بِرَدِّ الْعِوَضِ (وَإِلَّا) يَنْوِ الْمُعْتِقُ ذَلِكَ، بَلْ قَصَدَ ابْتِدَاءً الْعِتْقَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَحْدَهَا، وَعَزَمَ عَلَى رَدِّ الْعَشَرَةِ قَبْلَ الْعِتْقِ؛ وَأَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ؛ (أَجْزَأَ) عِتْقُهُ عَنْهَا؛ لِتَمَحُّضِهِ لَهَا (كَمُتَبَرِّعٍ بِهِ عَنْهُ) أَيْ: كَمَا لَوْ أَعْتَقَ إنْسَانٌ قِنَّهُ عَنْ كَفَّارَةٍ عَلَى غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ تَبَرُّعًا، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ، لَا إنْ أَعْتَقَ قِنَّهُ عَنْ كَفَّارَةٍ عَلَى غَيْرِهِ (بِلَا إذْنِهِ) فَلَا يُجْزِئُ، لِأَنَّ الْعِتْقَ عِبَادَةٌ، وَمَنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ؛ فَلَمْ يَصِحَّ أَدَاؤُهَا عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِدُونِ إذْنِهِ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْإِذْنِ.
(وَيَتَّجِهُ إلَّا) إنْ أَعْتَقَ قِنَّهُ (عَنْ) كَفَّارَةٍ وَجَبَتْ عَلَى (مَيِّتٍ) ؛ فَيَصِحُّ الْعِتْقُ وَيَقَعُ عَنْ الْمَيِّتِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِذَلِكَ أَوْ لَا، وَارِثًا كَانَ الْمُعْتِقُ أَوْ أَجْنَبِيًّا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ وَاجِبًا؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ بِالْفِعْلِ، فَأَشْبَهَ الْمُعَيَّنَ، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ خِصَالِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ،