الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ مَنْعُ الزَّوْجِ كُلٍّ مِنْ زَوْجَاتِهِ مِنْ خُرُوجٍ مِنْ مَنْزِلِهِ]
فَصْلٌ (وَلَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (مَنْعُ كُلٍّ مِنْهُنَّ) أَيْ: مِنْ زَوْجَاتِهِ (مِنْ خُرُوجٍ) مِنْ مَنْزِلِهِ إلَى مَا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ (وَلَوْ لِزِيَارَةِ) وَالِدَيْهَا أَوْ عِيَادَتِهِمَا أَوْ حُضُورِ جِنَازَتِهِمَا أَوْ شُهُودِ جِنَازَةِ أَحَدِهِمَا (قَالَ أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ طَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا) أَوْجَبُ مِنْ أُمِّهَا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ.
(وَيَحْرُمُ خُرُوجُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ: (بِلَا إذْنِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (أَوْ) بِلَا ضَرُورَةٍ كَإِتْيَانٍ بِنَحْوِ مَأْكَلٍ؛ لِعَدَمِ مَنْ يَأْتِيهَا بِهِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ بَطَّةَ فِي أَحْكَامِ النِّسَاءِ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَجُلًا سَافَرَ، وَمَنَعَ زَوْجَتَهُ الْخُرُوجَ، فَمَرِضَ أَبُوهَا، فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُضُورِ جِنَازَتِهِ، فَقَالَ لَهَا: اتَّقِي اللَّهَ؛ وَلَا تُخَالِفِي زَوْجَكِ، فَأَوْحَى اللَّهُ سبحانه وتعالى إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهَا بِطَاعَةِ زَوْجِهَا» .
وَلِأَنَّ طَاعَةَ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ، وَالْعِيَادَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ؛ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْوَاجِبِ لِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: " بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءَكُمْ يُزَاحِمْنَ الْعُلُوجَ فِي الْأَسْوَاقِ أَمَا تَغَارُونَ، فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَغَارُ وَحَيْثُ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ بِلَا ضَرُورَةٍ (فَلَا نَفَقَةَ) لَهَا مَا دَامَتْ خَارِجَةً عَنْ مَنْزِلِهِ.
(هَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ تَحْرِيمِ الْخُرُوجِ بِلَا إذْنِهِ وَسُقُوطِ نَفَقَتِهَا بِهِ (إذَا قَامَ) الزَّوْجُ (بِحَوَائِجِهَا) الَّتِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهَا (وَإِلَّا) يَقُمْ بِحَوَائِجِهَا (فَتَخْرُجُ لِإِتْيَانِهَا بِمَأْكَلٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا لَا غِنَاءَ لَهَا عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ؛ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِهِ (وَسُنَّ إذْنُهُ لَهَا) فِي الْخُرُوجِ (إذَا مَرِضَ مَحْرَمُهَا) لِتَعُودَهُ (أَوْ مَاتَ) مَحْرَمُهَا لِتَشْهَدَهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَعَدَمُ إذْنِهِ يَحْمِلُهَا عَلَى مُخَالَفَتِهِ (لَا غَيْرُهُ) أَيْ: الْمَحْرَمِ (مِنْ أَقَارِبِهَا)
كَأَوْلَادِ عَمِّهَا وَعَمَّتِهَا وَأَوْلَادِ خَالِهَا وَخَالَتِهَا، (وَلَا) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ (لِزِيَارَةِ أَبَوَيْهَا) مَعَ عَدَمِ الْمَرَضِ؛ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَلِئَلَّا تَعْتَادَهُ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (مَنْعُهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (مِنْ كَلَامِهِمَا) أَيْ: أَبَوَيْهَا (وَلَا مَنْعُهُمَا مِنْ زِيَارَتِهَا) لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ (إلَّا مَعَ ظَنِّ) حُصُولِ (ضَرَرٍ يُعْرَفُ بِقَرَائِنِ الْحَالِ) بِسَبَبِ زِيَارَتِهِمَا، فَلَهُ مَنْعُهُمَا إذَنْ مِنْ زِيَارَتِهَا؛ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (وَلَا يَلْزَمُهَا طَاعَتُهُمَا) أَيْ: أَبَوَيْهَا (فِي نَحْوِ فِرَاقِ) الزَّوْجِ أَوْ مُخَاصَمَتِهِ، وَلَا فِي زِيَارَةٍ (بَلْ طَاعَةُ زَوْجِهَا أَحَقُّ) لِوُجُوبِهَا عَلَيْهَا.
(وَلَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (إنْ خَافَ خُرُوجَهَا) بِلَا إذْنِهِ (لِحَبْسٍ) أَيْ لِكَوْنِهِ مَحْبُوسًا ظُلْمًا أَوْ بِحَقٍّ (وَنَحْوِهِ) كَسَفَرٍ (إسْكَانُهَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا) الْخُرُوجُ تَحْصِينًا لِفِرَاشِهِ (فَإِنْ لَمْ تُحْفَظْ) أَيْ: يُمْكِنُ حِفْظُهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَحْفَظُهَا غَيْرَهُ (حُبِسَتْ مَعَهُ) لِيَحْفَظَهَا (حَيْثُ لَا مَحْذُورَ) لِأَنَّهُ طَرِيقُ حِفْظِهَا، وَإِلَّا بِأَنْ خِيفَ مَحْذُورٌ بِحَبْسِهَا مَعَهُ لِوُجُودِ الْأَجَانِبِ بِالْحَبْسِ أَوْ خِيفَ حُدُوثُ شَرٍّ بِسَبَبِ حَبْسِهَا مَعَهُ؛ (فَ) تَسْكُنُ (فِي رِبَاطٍ وَنَحْوِهِ) دَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ (وَمَتَى كَانَ خُرُوجُهَا مَظِنَّةَ الْفَاحِشَةِ صَارَ حَقًّا لِلَّهِ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ رِعَايَتُهُ،)
(وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (لِرَضَاعٍ وَخِدْمَةٍ) وَصَنْعَةٍ (بَعْدَ نِكَاحٍ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الزَّوْجِ سَوَاءٌ أَجَرَتْ نَفْسَهَا أَوْ أَجَرَهَا وَلِيُّهَا؛ لِتَفْوِيتِ حَقِّ الزَّوْجِ مَعَ سَبْقِهِ كَإِجَارَةِ الْمُؤَجَّرِ، فَإِنْ أَذِنَ زَوْجٌ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، وَلَزِمَتْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا (أَوَّلُهُ) أَيْ: إذَا أَجَرَتْ الزَّوْجَةُ نَفْسَهَا لِلزَّوْجِ؛ صَحَّ؛ لِأَنَّ عَقْدَهُ مَعَهَا إذْنٌ فِيهِ (أَوْ) أَجَرَتْ نَفْسَهَا (لِعَمَلٍ فِي ذِمَّتِهَا) ؛ صَحَّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهَا قَابِلَةٌ لِذَلِكَ (فَإِنْ عَمِلَتْهُ) أَيْ: الْعَمَلَ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَتْ لَهُ بِنَفْسِهَا أَوْ عَمِلَهُ (نَائِبُهَا اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ) ؛ لِأَنَّهَا وَفَّتْ بِالْعَمَلِ.
(وَتَصِحُّ) إجَارَتُهَا نَفْسَهَا (قَبْلَ عَقْدِ) نِكَاحٍ وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَرَهَا وَلِيُّهَا لِصِغَرِهَا قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ؛ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِيهِمَا (وَتَلْزَمُ، فَلَا يَمْلِكُ) الزَّوْجُ