الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَرَابَةُ الْبَعِيدَةُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ (وَمَنْ كَانَ عَادَتُهُمْ التَّخْفِيفُ) فِي الْمَهْرِ (عَلَى عَشِيرَتِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، اُعْتُبِرَ ذَلِكَ) لِأَنَّ الْعَادَةَ لَهَا أَثَرٌ فِي الْمِقْدَارِ فَكَذَا فِي التَّخْفِيفِ.
[فَصْلٌ وَلَا مَهْرَ بِفُرْقَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ خَلْوَةٍ]
فَصْلٌ
(وَلَا مَهْرَ بِفُرْقَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ) أَوْ خَلْوَةٍ (فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَلَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، فَإِذَا افْتَرَقَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ فَلَا مَهْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ، فَيَخْلُو مِنْ الْعِوَضِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (وَإِنْ وَطِئَ أَوْ خَلَا بِهَا) فِيهِ (اسْتَقَرَّ) عَلَيْهِ (الْمُسَمَّى) نَصًّا لِمَا فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ عَائِشَةَ، وَلَهَا الَّذِي أَعْطَاهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا. قَالَ الْقَاضِي: حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ بِإِسْنَادِهِمَا، وَلِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ الْمَهْرُ؛ فَيَلْزَمُهُمَا ذَلِكَ بِاعْتِرَافِهِمَا وَاسْتِقْرَارِهِ بِالْخَلْوَةِ بِقِيَاسِهِ عَلَى الْعَقْدِ الصَّحِيحِ، وَلِأَنَّهُ مَعَ فَسَادِهِ يَنْعَقِدُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَحْكَامِ الصَّحِيحِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَلُزُومِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (بِخِلَافِ بَيْعٍ فَاسِدٍ) تَلِفَ (فَ) إنَّ (فِيهِ قِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ لَا ثَمَنَهُ) ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي " الْإِنْصَافِ " قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ قَدْ يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ وَأَكْثَرُهَا مُنْتَفٍ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ.
(وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ بِوَطْءٍ، وَلَوْ) كَانَ الْوَطْءُ (مِنْ مَجْنُونٍ فِي) نِكَاحٍ (بَاطِلٍ إجْمَاعًا) كَنِكَاحِ خَامِسَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ (لِجَاهِلَةِ تَحْرِيمٍ) .
(وَ) يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْمَوْطُوءَةِ (بِشُبْهَةٍ) كَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً لَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا مَمْلُوكَةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ مَمْلُوكَتَهُ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ "" وَالْمُبْدِعِ " بِغَيْرِ خِلَافٍ
عَلِمْنَاهُ كَبَدَلِ مُتْلَفٍ (وَ) يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَيْضًا (بِإِكْرَاهِ) امْرَأَةٍ (عَلَى زِنًا) إنْ كَانَ الْوَطْءُ فِي قُبُلٍ وَ (لَا) يَجِبُ الْمَهْرُ بِوَطْئِهَا فِي (دُبُرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ (وَ) لَا يَجِبُ الْمَهْرُ فِي (لِوَاطٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى أَحَدٍ؛ لِعَدَمِ وُرُودِ الشَّرْعِ بِبَدَلِهِ، وَلَا هُوَ إتْلَافٌ لِشَيْءٍ، فَأَشْبَهَ الْقُبْلَةَ، وَالْوَطْءَ دُونَ الْفَرْجِ (دُونَ أَرْشِ بَكَارَةٍ) فَلَا يَجِبُ مَعَ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ يَدْخُلُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِبِكْرٍ مِثْلِهَا، فَلَا تَجِبُ مَرَّةً أُخْرَى، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ أَجْنَبِيَّةً أَوْ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ؛ لِأَنَّ مَا ضَمِنَ لِلْأَجْنَبِيِّ ضَمِنَ لِلْقَرِيبِ، كَالْمَالِ.
(وَيَتَّجِهُ:) أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الزِّنَا يَجِبُ فِيهِ الْمَهْرُ دُونَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ إذَا كَانَ (فِي غَيْرِ أَمَةٍ غُصِبَتْ) أَمَّا وَطْءُ الْأَمَةِ الْمَغْصُوبَةِ فَفِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَعًا، وَتَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ يَجِبُ بِوَطْءِ غَاصِبٍ عَالِمٍ تَحْرِيمَهُ حَدٌّ وَمَهْرُ أَمَةٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ وَنَقْصٌ بِوِلَادَةٍ، وَتُضْمَنُ لَوْ مَاتَتْ بِنِفَاسٍ، وَالْوَلَدُ مِلْكٌ لِرَبِّهَا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ. .
(وَيَتَعَدَّدُ) الْمَهْرُ (بِتَعَدُّدِ شُبْهَةٍ) كَأَنْ تَشْتَبِهَ الْمَوْطُوءَةُ بِزَوْجَتِهِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ الْحَالُ، وَيَعْرِفُ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ تَشْتَبِهَ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى أَوْ تَشْتَبِهُ الْمَوْطُوءَةُ عَلَيْهِ بِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ، ثُمَّ تَشْتَبِهَ بِزَوْجَتِهِ الْأُخْرَى أَوْ بِأَمَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَتَقَدَّمَ فِي الْكِتَابَةِ يَتَعَدَّدُ بِوَطْئِهِ مُكَاتَبَتِهِ إنْ اسْتَوْفَتْ مَهْرَ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "" وَالنِّهَايَةِ "(وَ) يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ (إكْرَاهٍ) عَلَى زِنًا بِمُكْرَهَةٍ كُلَّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ، فَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ سَبَبِهِ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» أَيْ: نَالَ مِنْهُ، وَهُوَ الْوَطْءُ، لِأَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِحْلَالِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحِلِّ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ الْمُبَاشَرَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ، وَهِيَ الْوَطْءُ، وَلِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِبُضْعٍ بِغَيْرِ رِضَى مَالِكِهِ، فَأَوْجَبَ الْقِيمَةَ، وَهِيَ الْمَهْرُ، وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ اتَّحَدَ الْإِكْرَاهُ، وَتَعَدَّدَ الْوَطْءُ فَالْوَاجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَ (لَا) يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ وَطْءٍ (بِشُبْهَةٍ) وَاحِدَةٍ مِثْلُ أَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْمَوْطُوءَةُ بِزَوْجَتِهِ وَ (دَامَتْ) تِلْكَ الشُّبْهَةُ حَتَّى وَطِئَ مِرَارًا فَعَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إتْلَافٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ أَيْضًا بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لِدُخُولِهَا عَلَى أَنْ تَسْتَحِقَّ مَهْرًا وَاحِدًا.
(وَمَنْ طَلَّقَ قَبْلَ دُخُولٍ) وَخَلْوَةٍ طَلْقَةً (ثُمَّ وَطِئَ يَظُنُّ أَنْ لَا إبَانَةَ لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ) بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ (وَ) لَزِمَهُ أَيْضًا (نِصْفُ مُسَمًّى) بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَجِبُ) مَهْرٌ (بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ) كَالْحَيَّةِ (وَيَتَّجِهُ) مَحَلُّ وُجُوبِ الْمَهْرِ فِي وَطْءِ مَيِّتَةٍ إذَا كَانَتْ (غَيْرَ زَوْجَتِهِ) أَمَّا زَوْجَتُهُ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي وَطْئِهَا حَيَّةً وَمَيِّتَةً؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى تَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ لَهُ تَغْسِيلُهَا؛ لِأَنَّ بَعْضَ عُلَقِ النِّكَاحِ بَاقٍ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِوَطْئِهَا مَيِّتَةً مَعَ مَا يَجِبُ بِوَطْءِ غَيْرِهَا.
قَالَ الْقَاضِي فِي جَوَابِ مَسْأَلَةٍ: وَوَطْءُ الْمَيِّتَةِ مُحَرَّمٌ وَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ انْتَهَى، وَهُوَ مُتَّجَهٌ.
وَ (لَا) يَجِبُ مَهْرٌ بِوَطْءِ (مُطَاوِعَةٍ) عَلَى زِنًا، لِأَنَّهُ إتْلَافُ بُضْعٍ بِرِضَى مَالِكِهِ، فَلَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ، وَسَوَاء كَانَ الْوَطْءُ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ (غَيْرَ أَمَةٍ) فَيَجِبُ لِسَيِّدِهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى زَانٍ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بُضْعَهَا، وَيَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ وَطْئِهَا وَلَوْ مُطَاوَعَةً؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمَهْرِ لِلسَّيِّدِ؛ فَلَا يَسْقُطُ بِمُطَاوَعَتِهَا، أَوْ غَيْرَ
(مُبَعَّضَةٍ) طَاوَعَتْ عَلَى الزِّنَا؛ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ سَيِّدِهَا بِطَوَاعِيَتِهَا، بَلْ لَهُ مِنْ مَهْرِهَا (بِقَدْرِ رِقٍّ) لِأَنَّ رِضَاهَا لَا يُسْقِطُ حَقَّ غَيْرِهَا مِنْ مَهْرِهَا.
(وَيَتَّجِهُ وَ) كَذَا (غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ) كَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ طَاوَعَتْ عَلَى الزِّنَا؛ فَعَلَى وَاطِئُهَا مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ إذْنَهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي تَزْوِيجِ نَفْسِهَا فَهُنَا أَوْلَى، وَهُوَ مُتَّجَهٌ.
(وَعَلَى مَنْ أَذْهَبَ عُذْرَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ: بَكَارَةَ (أَجْنَبِيَّةٍ) غَيْرَ زَوْجَتِهِ (بِلَا وَطْءٍ) كَمَا لَوْ دَفَعَهَا أَوْ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي قُبُلِهَا (أَرْشُ بَكَارَتِهَا) لِأَنَّهُ إتْلَافُ جُزْءٍ، وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِ عِوَضِهِ، فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى أَرْشِهِ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ (وَهُوَ) أَيْ: أَرْشُ الْبَكَارَةِ (مَا بَيْنَ مَهْرِ ثَيِّبٍ وَبِكْرٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ؛ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي " الْهِدَايَةِ "" وَالْمُسْتَوْعِبِ "" وَالْخُلَاصَةِ "" وَالرِّعَايَتَيْنِ "" وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ "" وَالْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُبْدِعِ "" وَالشَّرْحِ " وَكَلَامُهُمْ أَوَّلًا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ حُكُومَةٌ، قَالُوا: لِأَنَّهُ إتْلَافُ جُزْءٍ، وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِ دِيَتِهِ، فَرُجِعَ فِيهِ إلَى الْحُكُومَةِ؛ كَسَائِرِ مَا لَمْ يُقَدَّرْ، وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى " فِي الْجِنَايَاتِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ هُنَاكَ.
(وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ: إذْهَابُ الْعُذْرَةِ (زَوْجٌ) بِلَا وَطْءٍ (ثُمَّ طَلَّقَ) الَّتِي أَذْهَبَ عُذْرَتَهَا بِلَا وَطْءٍ (قَبْلَ دُخُولٍ) بِهَا وَخَلْوَةٍ وَنَحْوِ قُبْلَةٍ (لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] الْآيَةَ وَهَذِهِ مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالْخَلْوَةِ، فَلَيْسَ لَهَا إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى، وَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا يَسْتَحِقُّ إتْلَافَهُ بِالْعَقْدِ؛ فَلَا يَضْمَنُهُ بِغَيْرِهِ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ عُذْرَةَ أَمَتِهِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّ مَنْ أَذْهَبَ عُذْرَةَ زَوْجَتِهِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ تَقَرُّرِ الْمَهْرِ؛ فَعَلَيْهِ
نِصْفُ مَا سَمَّى لَهَا فِي الْعَقْدِ (إنْ كَانَ) قَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا (وَإِلَّا) يَكُنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا، فَعَلَيْهِ لَهَا (الْمُتْعَةُ) هَذَا مَعَ إتْلَافِ الزَّوْجِ عُذْرَتَهَا وَحْدَهُ (وَ) أَمَّا لَوْ أَتْلَفَهَا (مَعَ مُشَارَكَةِ أَجْنَبِيٍّ) لَهُ فِي الْإِتْلَافِ وَلَوْ مَحْرَمِهَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ.
فَائِدَةٌ قَالَ الْمُوَفَّقُ فِي فَتَاوِيهِ: لَوْ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ مَنْ دَخَلَ بِهَا، فَوَضَعَتْ فِي يَوْمِهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِيهِ، وَطَلَّقَ قَبْلَ دُخُولِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِي يَوْمِهَا مَنْ دَخَلَ بِهَا؛ فَقَدْ اسْتَحَقَّتْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بِالنِّكَاحِ مَهْرَيْنِ وَنِصْفَ.
(وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ مَنْ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ) كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ (قَبْلَ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ) لِأَنَّهُ نِكَاحٌ يُسَوَّغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، فَاحْتَاجَ إلَى إيقَاعِ فُرْقَةٍ كَالصَّحِيحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَلِأَنَّ تَزْوِيجَهَا بِلَا فُرْقَةٍ يُفْضِي إلَى تَسْلِيطِ زَوْجَيْنِ عَلَيْهَا، كُلُّ وَاحِدٍ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ نِكَاحِهِ وَفَسَادَ نِكَاحِ الْآخَرِ (فَإِنْ أَبَاهُمَا) أَيْ: الطَّلَاقَ وَالْفَسْخَ (زَوْجٌ فَسَخَهُ حَاكِمٌ) نَصًّا؛ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ، فَإِذَا تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ قَبْلَ التَّفْرِيقِ؛ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ الثَّانِي، وَلَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهَا بِثَالِثٍ حَتَّى يُطَلِّقَ الْأَوَّلَانِ أَوْ يُفْسَخَ نِكَاحُهُمَا.
تَتِمَّةٌ: وَإِذَا وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بَاطِلٍ بِالْإِجْمَاعِ كَنِكَاحِ زَوْجَةِ الْغَيْرِ أَوْ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ غَيْرِ زِنًا وَإِلَّا فَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ؛ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهَا زَوْجَةُ الْغَيْرِ أَوْ مُعْتَدَّةٌ، وَعَالِمٌ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ عَالِمَةٌ بِالْحَالِ؛ فَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً؛ لِأَنَّهُ زِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَهِلَتْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ أَوْ كَوْنُهَا فِي عِدَّةٍ؛ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِمَا نَالَ مِنْ فَرْجِهَا.