الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَعْتَقْتُكِ، وَجَعَلْت عِتْقَكِ صَدَاقَكِ؛ صَحَّ الْعِتْقُ وَلَوْ لَمْ يُبَحْ لَهُ نِكَاحُهَا وَهُوَ الْوَرَعُ؛ لِأَنَّا إنَّمَا صَحَّحْنَا الْعِتْقَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ، وَأَمَّا النِّكَاحُ فَلِأَنَّهُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَهُوَ نَفْسُهُ لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَيْضًا.
[فَصْلٌ مَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ مِنْ بَالِغٍ وَمُمَيِّزٍ يَعْقِلُهُ صَحَّ تَوْكِيلُهُ وَتَوَكُّلُهُ فِيهِ]
فَصْلٌ (وَمَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ) مِنْ بَالِغٍ وَمُمَيِّزٍ يَعْقِلُهُ (صَحَّ تَوْكِيلُهُ فِيهِ وَ) صَحَّ (تَوَكُّلُهُ) فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ فِي شَيْءٍ تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِيهِ؛ صَحَّ تَوْكِيلُهُ وَتَوَكُّلُهُ فِيهِ، وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ إزَالَةُ مِلْكٍ فَجَازَ التَّوَكُّلُ وَالتَّوْكِيلُ فِيهِ كَالْعِتْقِ (وَلَوْ) كَانَ الْوَكِيلُ فِي الطَّلَاقِ (امْرَأَةً) لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيلُهَا فِي طَلَاقِ غَيْرِهَا، فَكَذَا فِي طَلَاقِ نَفْسِهَا.
(وَلِوَكِيلٍ لَمْ يُحَدَّ لَهُ حَدٌّ) أَيْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مُوَكِّلُهُ وَقْتًا لِلطَّلَاقِ (أَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ) كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ حَدَّ لَهُ حَدًّا كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: طَلِّقْهَا الْيَوْمَ أَوْ نَحْوَهُ؛ فَلَا يَمْلِكُهُ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَثْبُتُ لَهُ الْوَكَالَةُ عَلَى حَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُ الْمُوَكِّلِ، وَ (لَا) يُطَلِّقُ وَكِيلٌ عَنْ مُوَكِّلِهِ (وَقْتَ بِدْعَةٍ) مِنْ حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ وُطِئَ فِيهِ، فَإِنْ فَعَلَ حَرُمَ (وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ مِنْهُ كَمَا يَقَعُ مِنْ الْمُوَكِّلِ إذَا طَلَّقَ زَمَنَ بِدْعَةٍ.
قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَتَيْنِ " وَ " الْحَاوِي الصَّغِيرِ " وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَفَّقِ.
وَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي " الْهِدَايَةِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي
الْإِقْنَاعِ " وَ (لَا) يُطَلِّقُ الْوَكِيلُ الْمُطْلَقُ (أَكْثَرَ مِنْ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ) لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ يَتَنَاوَلُ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ (إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ) الْمُوَكِّلُ (لَهُ) فَإِنْ جَعَلَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ (بِلَفْظٍ) مَلَكَهُ (أَوْ نِيَّةٍ) مَلَكَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَوَى بِكَلَامِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي نِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِهَا.
(وَلَا يَمْلِكُ) وَكِيلٌ (بِإِطْلَاقِ) مُوَكِّلٍ فِي طَلَاقٍ (تَعْلِيقًا) أَيْ: أَنْ يُعَلِّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطٍ (فَإِنْ عَلَّقَهُ لَمْ يَقَعْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ لَفْظًا وَلَا عُرْفًا.
(وَمَنْ وُكِّلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (فِي ثَلَاثِ) طَلْقَاتٍ (فَوَحَّدَ) أَيْ: فَطَلَّقَ طَلْقَةً وَاحِدَةً؛ وَقَعَتْ؛ لِدُخُولِهَا فِي ضِمْنِ الْمَأْذُونِ فِيهِ (أَوْ) وُكِّلَ فِي طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ فَثَلَّثَ) أَيْ: فَطَلَّقَ ثَلَاثًا (فَ) يَقَعُ طَلْقَةً (وَاحِدَةً) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهَا دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا، وَهِيَ فِي ضِمْنِ الثَّلَاثِ فَتَقَعُ.
(وَإِنْ وَكَّلَ) زَوْجٌ فِي طَلَاقٍ وَكِيلَيْنِ (اثْنَيْنِ؛ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا) بِالطَّلَاقِ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ إنَّمَا رَضِيَ بِتَصَرُّفِهِمَا جَمِيعًا (إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْ الْمُوَكِّلِ؛ فَيَصِحُّ انْفِرَادُ مَنْ أُذِنَ لَهُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُوَكِّلِ فِي ذَلِكَ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (وَيَقَعُ بِطَلَاقِ مُتَأَخِّرٍ) مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا غَيْرُ مَأْذُونٍ عَلَى انْفِرَادِهِ، فَلَمَّا طَلَّقَ الْأَوَّلُ وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى طَلَاقِ الثَّانِي، وَلَمَّا طَلَّقَ الثَّانِي صَدَقَ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا أَوْقَعًا طَلَاقًا قَدْ أَذِنَ لَهُمَا الْمُوَكِّلُ فِيهِ، فَوَقَعَ كَمَا لَوْ أَوْقَعَاهُ مَعًا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ وُكِّلَا) أَيْ: وَكَّلَ الزَّوْجُ اثْنَيْنِ (فِي) طَلَاقِ (ثَلَاثٍ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ (أَكْثَرَ مِنْ) الْوَكِيلِ (الْآخَرِ) بِأَنْ طَلَّقَ أَحَدُهُمَا
وَاحِدَةً وَالْآخَرُ ثِنْتَيْنِ، أَوْ طَلَّقَ أَحَدُهُمَا ثِنْتَيْنِ وَالْآخَرُ ثَلَاثًا (وَقَعَ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ) وَهُوَ وَاحِدَةٌ فِي الْأُولَى كَمَا لَوْ جَعَلَ إلَيْهِمَا وَاحِدَةً، وَيَقَعُ ثِنْتَانِ فِي الثَّانِيَةِ، لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ؛ فَصَحَّ، دُونَ مَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا بِلَا إذْنٍ.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا (طَلِّقِي نَفْسَكِ كَانَ لَهَا ذَلِكَ) أَيْ: طَلَاقُ نَفْسِهَا (مُتَرَاخِيًا كَوَكِيلٍ) غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَالْإِطْلَاقِ.
(وَيَبْطُلُ) تَوْكِيلُ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فِي طَلَاقِهَا (بِرُجُوعٍ) أَيْ: بِرُجُوعِ زَوْجٍ عَنْهُ، وَبِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَوَطْءٍ؛ لِأَنَّهُ عَزْلٌ أَشْبَهَ عَزْلَ سَائِرِ الْوُكَلَاءِ (وَلَا تَمْلِكُ؟) زَوْجَةٌ بِهِ أَيْ: بِقَوْلِ زَوْجِهَا لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ (أَكْثَرَ مِنْ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ) لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ يَتَنَاوَلُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ (إلَّا إنْ جَعَلَهُ) أَيْ: الْأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ (لَهَا) فَتَمْلِكُ مَا جَعَلَهُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ.
وَإِنْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا، فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ، وَقَعَتْ؛ لِأَنَّهَا مَأْذُونَةٌ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، فَوَقَعَ الْمَأْذُونُ فِيهِ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ وَضَرَّاتِكِ، فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَقَطْ، وَإِنْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَكِ، فَقَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ؛ لَمْ تَطْلُقْ بِقُدُومِهِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ انْصَرَفَ إلَى الْمُنَجَّزِ، فَلَمْ يَتَنَاوَلْ الْمُعَلَّقَ (وَتَمْلِكُ) زَوْجَةٌ (الثَّلَاثَ) أَيْ: أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثَةً (فِي) مَا إذَا قَالَ لَهَا زَوْجُهَا (طَلَاقُكِ بِيَدِكِ) لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ (وَ) تَمْلِكُ أَيْضًا الثَّلَاثَ فِي قَوْلِهِ لَهَا (وَكَّلْتُكِ فِيهِ) أَيْ: فِي طَلَاقِكِ، أَوْ فِي الطَّلَاقِ؛ لِمَا سَبَقَ فِي الْأُولَى، وَلِاقْتِرَانِهِ بِأَلْ الِاسْتِغْرَاقِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (لَا قَوْلُهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (ذَلِكَ لِوَكِيلٍ) بِأَنْ قَالَ لَهُ: طَلَاقُ زَوْجَتِي بِيَدِكَ أَوْ وَكَّلْتُكَ فِي طَلَاقِهَا؛ فَلَا يَمْلِكُ بِهَذَا التَّوْكِيلِ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا وَإِنَّمَا يَمْلِكُ وَاحِدَةً لَا غَيْرُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ يَتَنَاوَلُ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الزَّوْجُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ بِلَفْظِهِ أَوْ نِيَّتِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ خَيَّرَ وَكِيلَهُ) مِنْ ثَلَاثٍ (أَوْ) خَيَّرَ (زَوْجَتَهُ مِنْ ثَلَاثٍ) بِأَنْ قَالَ