الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ مُطَلَّقَةٌ رَجْعِيَّةٌ كَزَوْجَةٍ فِي نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى]
فَصْلٌ
(وَ) مُطَلَّقَةٌ (رَجْعِيَّةٌ) كَزَوْجَةٍ فِي نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى، لَا فِيمَا يَعُودُ بِنَظَافَتِهَا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] وَلِأَنَّهُ يَلْحَقُهَا، طَلَاقُهُ وَظِهَارُهُ؛ أَشْبَهَ مَا قَبْلَ الطَّلَاقِ.
(وَبَائِنٌ حَامِلٌ كَزَوْجَةٍ إلَّا فِيمَا يَعُودُ بِنَظَافَتِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَفِي بَعْضِ أَخْبَارِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: «لَا نَفَقَةَ لَكِ إلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا» وَلِأَنَّ الْحَمْلَ وَلَدُ الْمُبِينِ، فَلَزِمَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ؛ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِنْفَاقٍ عَلَيْهَا، فَوَجَبَ كَأُجْرَةِ الرَّضَاعِ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْحَامِلِ عَلَى الزَّوْجِ إذَا لَمْ يَزِدْ بَقَاؤُهَا حَامِلًا عَلَى أَكْثَرِ مُدَّتِهِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى أَكْثَرِهَا، وَلَمْ تَضَعْهُ؛ سَقَطَتْ النَّفَقَةُ، لِعَدَمِ لُحُوقِهِ بِهِ
(وَتَجِبُ) النَّفَقَةُ (لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ) لُوعِنَتْ وَهِيَ حَامِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِ بِلِعَانِهَا إذَنْ (إلَى أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ آخَرَ بَعْدَ وَضْعِهِ) فَإِنْ نَفَاهُ بَعْدَ وَضْعِهِ (فَلَا نَفَقَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) لِانْقِطَاعِ نَسَبِهِ عَنْهُ (إلَّا إنْ اسْتَلْحَقَهُ) الْمُلَاعِنُ بَعْدَ نَفْيِهِ (فَ) يَلْحَقُهُ وَ (تَرْجِعُ) عَلَيْهِ (الْأُمُّ بِمَا أَنْفَقَتْهُ) وَبِأُجْرَةِ السَّكَنِ وَالرَّضَاعِ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً عَلَيْهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَعْلَمْهُ ثُمَّ عَلِمَهُ.
(وَمَنْ أَنْفَقَ) عَلَى بَائِنٍ مِنْهُ (يَظُنُّهَا حَامِلًا، فَبَانَتْ حَائِلًا) غَيْرَ حَامِلٍ (رَجَعَ) عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا لِأَخْذِهَا مِنْهُ مَا لَا تَسْتَحِقُّهُ، كَأَخْذِ دَيْنٍ ادَّعَاهُ، ثُمَّ ظَهَرَ كَذِبُهُ، وَكَذَا إنْ ادَّعَتْهُ رَجْعِيَّتُهُ فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ عِدَّتِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ رَجَعَ بِالزَّائِدِ.
(وَمَنْ تَرَكَهُ) أَيْ الْإِنْفَاقَ عَلَى مُبَانَةٍ (يَظُنُّهَا حَائِلًا، فَبَانَتْ حَامِلًا، لَزِمَهُ)
نَفَقَةُ (مَا مَضَى) لِتَبَيُّنِ اسْتِحْقَاقِهَا لِلنَّفَقَةِ فِيهِ، فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهَا كَالدَّيْنِ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ، وَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.
(وَيَتَّجِهُ) مَحَلُّ وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَى مُبِينٍ تَرَكَهُ يَظُنُّهَا حَائِلًا فَبَانَتْ حَامِلًا إذَا كَانَ مُوسِرًا حَاضِرًا (لَا) إنْ كَانَ تَرَكَ الْإِنْفَاقَ مِنْ غَائِبٍ (أَوْ) حَاضِرٍ (مُعْسِرٍ وَلَمْ تُفْرَضْ) أَيْ: لَمْ يَفْرِضْهَا حَاكِمٌ، فَلَا تَلْزَمُهُ (أَوْ لَمْ تُنْفِقْ) الزَّوْجَةُ (بِنِيَّةِ) رُجُوعٍ؛ بَلْ مُتَبَرِّعَةٍ أَوْ لَمْ تَنْوِ شَيْئًا، أَمَّا لَوْ أَنْفَقَتْ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا، لِقِيَامِهَا عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَمَنْ) أَيْ: مُبَايَنَةٌ وَنَحْوُهَا (ادَّعَتْ حَمْلًا) دُونَ ثَلَاثِ أَشْهُرٍ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (إنْفَاقُ تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ ابْتِدَاءِ زَمَنٍ ذَكَرَتْ أَنَّهَا حَامِلٌ) مِنْهُ (فَإِنْ مَضَتْ) الثَّلَاثَةُ أَشْهُرٍ (وَلَمْ يَبِنْ) الْحَمْلُ كَأَنْ أُرِيَتْ الْقَوَابِلَ فَقُلْنَ لَيْسَ بِهَا حَمْلٌ (أَوْ حَاضَتْ) وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّهَا (رَجَعَ عَلَيْهَا) بِنَظِيرِ مَا أَنْفَقَهُ سَوَاءٌ دَفَعَ إلَيْهَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَوْ بِغَيْرِهِ شَرَطَ لَهَا نَفَقَةً أَوْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ، لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِهِ.
وَإِنْ ادَّعَتْ حَمْلًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أُرِيَتْ الْقَوَابِلَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَادَةً بَعْدَهَا، (فَإِنْ شَهِدَتْ بِهَا الْقَوَابِلُ، أَنْفَقَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافِ نَفَقَةٍ فِي نِكَاحٍ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ) لِنَحْوِ رَضَاعٍ أَوْ عِدَّةٍ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا أَنْفَقَ، سَوَاءٌ كَانَتْ النَّفَقَةُ قَبْلَ مُفَارَقَتِهَا أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالِاتِّفَاقِ، (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا) فَهُوَ مُفَرِّطٌ؛ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ (وَ) بِخِلَافِ نَفَقَةٍ (عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ) لَمْ نَأْذَنْ (فَلَا رُجُوعَ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ.
(وَالنَّفَقَةُ) عَلَى الْحَامِلِ (لِلْحَمْلِ) نَفْسِهِ، لَا لَهَا مِنْ أَجْلِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ بِوُجُودِهِ وَتَسْقُطُ عِنْدَ انْقِضَائِهِ؛ قَالَ الْبُهُوتِيُّ قُلْت: فَلَوْ مَاتَ بِبَطْنِهَا انْقَطَعَتْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ لِمَيِّتٍ (فَتَجِبُ) النَّفَقَةُ (لِنَاشِزٍ حَامِلٍ) ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ فَلَا تَسْقُطُ بِنُشُوزِ أُمِّهِ
(وَ) تَجِبُ (لِحَامِلٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) لِلُحُوقِ نَسَبِهِ فِيهِمَا (وَ) لِحَامِلٍ فِي (مِلْكِ يَمِينٍ وَلَوْ أَعْتَقَهَا) ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ وَهُوَ وَلَدُهُ.
(وَ) تَجِبُ (عَلَى وَارِثٍ) حَمْلٌ (مِنْ زَوْجٍ) أَوْ سَيِّدٍ أَوْ وَاطِئٍ بِشُبْهَةِ (مَيِّتٍ) لِلْقَرَابَةِ، (وَ) تَجِبُ نَفَقَةُ حَامِلٍ (مِنْ مَالٍ حَمْلٍ مُوسِرٍ) بِأَنْ كَانَ قَدْ وَصَّى لَهُ بِشَيْءٍ وَقَبِلَهُ لَهُ أَبُوهُ (فَتَسْقُطُ عَنْ أَبِيهِ) وَعَنْ وَارِثَةٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُوسِرًا. وَالْمُوسِرُ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ
(وَلَوْ تَلِفَتْ) نَفَقَةُ حَامِلٍ بِلَا تَفْرِيطٍ (وَجَبَ) عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ (بَدَلُهَا) ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ؛ فَلَا تَضْمَنُهَا (وَلَا فِطْرَةَ لَهَا) ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَةَ تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ، وَالْحَمْلُ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ.
(وَيَصِحُّ جَعْلُ نَفَقَةِ الْحَامِلِ عِوَضًا فِي الْخُلْعِ) ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمَالِكَةِ لَهَا، وَلِأَنَّهَا الَّتِي تَقْبِضُهَا وَتَسْتَحِقُّهَا وَتَتَصَرَّفُ فِيهَا؛ فَإِنَّهَا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ هِيَ الْآكِلَةُ لَهَا، وَبَعْدَ الْوِلَادَةِ هِيَ أُجْرَةُ رَضَاعِهَا إيَّاهُ، وَهِيَ الْآخِذُ لَهَا.
(وَلَا تَجِبُ) نَفَقَةُ حَمْلٍ (عَلَى زَوْجِ رَقِيقٍ) لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حُرًّا، فَنَفَقَتُهُ عَلَى وَارِثِهِ بِشَرْطِهِ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَعَلَى مَالِكِهِ (أَوْ مُعْسِرٍ أَوْ غَائِبٍ) أَيْ: لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ حَمْلِهِ، بَلْ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ كَالْمَوْلُودِ.
(وَلَا) تَجِبُ نَفَقَةُ حَمْلٍ (عَلَى وَارِثِ) الْحَمْلِ كَأَخِيهِ (مَعَ عُسْرِ زَوْجٍ) هُوَ أَبُوهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُوبٌ بِالْأَبِ، وَلَمْ تَجِبْ عَلَى الْأَبِ لِإِعْسَارِهِ. قَالَ الْبُهُوتِيُّ: قُلْت: بَلْ تَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ مِنْ عَمُودَيْ نَسَبِ الْحَمْلِ كَأُمِّهِ وَجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ؛ لِأَنَّ عَمُودَيْ النَّسَبِ تَجِبُ عَلَيْهِمَا النَّفَقَةُ وَإِنْ حَجَبَهُ مُعْسِرٌ كَمَا يَأْتِي.
(وَتَسْقُطُ) نَفَقَةُ حَمْلٍ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ) كَسَائِرِ الْأَقَارِبِ (مَا لَمْ تَسْتَدِنْ) حَامِلٌ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ (وَيَتَّجِهُ وَكَذَا) لَوْ كَانَتْ اسْتِدَانَتُهَا (بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ) فَتَرْجِعُ؛ لِقِيَامِهَا عَنْهُ بِوَاجِبٍ. نَقَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ الْإِمَامِ، وَذَكَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ، (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ:" لِلْمُنْتَهَى "
وَالْإِقْنَاعِ " فَإِنَّهُمَا قَالَا: مَا لَمْ تَسْتَدِنْ بِإِذْنِ حَاكِمٍ. وَهَذَا الْقَيْدُ تَبِعَا فِيهِ صَاحِبَ " التَّنْقِيحِ " وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مُتَّجِهٌ صَحِيحٌ (أَوْ تُنْفِقُ بِنِيَّةِ رُجُوعٍ) إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ؛ فَتَرْجِعُ؛ لِأَنَّهَا صَنَعَتْ مَعْرُوفًا بِأَدَائِهَا مَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِهَا عَنْهُ.
(وَإِنْ وُطِئَتْ) مُطَلَّقَةٌ (رَجْعِيَّةٌ بِشُبْهَةٍ أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، ثُمَّ بَانَ بِهَا حَمْلٌ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا) أَيْ: الْمُطَلِّقِ وَالْوَاطِئِ (فَنَفَقَتُهَا حَتَّى تَضَعَ عَلَيْهَا، لَا عَلَى الزَّوْجِ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَهُوَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِمَا النَّفَقَةُ بَعْدَ الْوَضْعِ حَتَّى يَتَمَيَّزَ الْأَبُ مِنْهُمَا (وَلَا تَرْجِعُ عَلَى زَوْجِهَا) إذَا تَرَكَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا نَفَقَةُ قَرِيبٍ (كَبَائِنٍ مُعْتَدَّةٍ) وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ (وَمَتَى ثَبَتَ نَسَبُهُ) أَيْ: الْحَمْلِ (مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ: مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ الْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ (رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخَرُ) الَّذِي لَمْ يَلْحَقْ بِهِ (بِمَا أَنْفَقَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ؛ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْهُ لَا مُتَبَرِّعًا، فَإِذَا ثَبَتَ لِغَيْرِهِ مَلَكَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ.
وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا حَمَلَتْ مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى الْوَاطِئِ دُونَ زَوْجِهَا، إذْ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ، فَلَوْلَا سُقُوطُ نَفَقَتِهَا بِالْحَمْلِ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ لَرَجَعَتْ عَلَى مُطَلِّقِهَا بِنَفَقَتِهَا.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا زَوْجَةُ الْكَافِرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا أَسْلَمَتْ وَلَمْ يُسْلِمْ زَوْجُهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَإِنَّ الْبَيْنُونَةَ ثَبَتَتْ مِنْ حِينِ اخْتِلَافِ الدِّينِ، وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ. أَفَادَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ.
(وَلَا نَفَقَةَ لِبَائِنٍ غَيْرِ حَامِلٍ) لِمَا رَوَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: «أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ لَهَا وَكِيلَهُ بِشَعْرٍ فَخَطَّتْهُ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا لَك عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ:
لَيْسَ لَك عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى، فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اُنْظُرِي يَا بِنْتَ قَيْسٍ إنَّمَا النَّفَقَةُ لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا مَا كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ؛ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّجْعَةُ فَلَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَثْرَمُ وَالْحُمَيْدِيُّ.
وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُبَيِّنُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى مُرَادَهُ، وَلَا شَيْءَ يَدْفَعُ ذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6] .
(وَلَا نَفَقَةَ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) زَوْجُهَا وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ تَجِبُ لِلتَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ، وَقَدْ فَاتَ.
(وَنَفَقَةُ الْحَمْلِ مِنْ نَصِيبِهِ) ، فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ نَصِيبِ (كَ) مَا نَقَلَهُ الْكَحَّالُ فِي (حَمْلِ أُمِّ الْوَلَدِ) فِي أَنَّهَا تُنْفِقُ مِنْ مَالِ حَمْلِهَا نَصًّا، وَاسْتَشْكَلَهُ الْمَجْدُ بِأَنَّ الْحَمْلَ إنَّمَا يَرِثُ بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا، وَيُوقَفُ نَصِيبُهُ فَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا النَّصَّ يَشْهَدُ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ مِنْ حِينِ مَوْتِ مُورِثِهِ، وَإِنَّمَا خُرُوجُهُ حَيًّا يَتَبَيَّنُ بِهِ وُجُودُ ذَلِكَ، فَإِذَا حَكَمْنَا لَهُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، لَا سِيَّمَا وَالنَّفَقَةُ عَلَى أُمِّهِ يَعُودُ نَفْعُهَا إلَيْهِ كَمَا يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ الْمَفْقُودِ (خِلَافًا لِلْمُنْتَهَى) فِيمَا يُوهَمُ (وَعِبَارَتُهُ وَلَا نَفَقَةَ) لِبَائِنٍ غَيْرِ حَامِلٍ وَلَا مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَوْ لِأُمِّ وَلَدٍ انْتَهَى.
فَكَأَنَّهُ مَشَى عَلَى مَا نَقَلَهُ حَرْبٌ وَابْنُ بُخْتَانَ مِنْ أَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ وَهُوَ رِوَايَةٌ مَرْجُوحَةٌ.