الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَغْتَسِلَ فِيهِ عَمْدًا) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (وَلَا يَتْرُكَ الصَّلَاةَ) أَيْ: صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ (فَإِنَّهُ يَطَأُ) بَعْدَ صَلَاةِ (الْعَصْرِ، وَيَغْتَسِلُ بَعْدَ الْغُرُوبِ) أَيْ: بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ وَلَا يَحْنَثُ، لِأَنَّهُ جَامَعَ فِي الْيَوْمِ، وَلَمْ يَغْتَسِلْ فِيهِ، وَلَمْ تَفُتْهُ الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ.
(وَ) إنْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ (لَا لَبِسْت هَذَا الْقَمِيصَ وَلَا وَطِئْتُكِ إلَّا فِيهِ) أَيْ: الْقَمِيصِ، وَأَرَادَ التَّخَلُّصَ (فَيَلْبَسُهُ هُوَ وَيَطَؤُهَا) فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَقَدْ بَرَّ بِيَمِينِهِ.
[تَتِمَّةٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَطَأْك فِي رَمَضَانَ نَهَارًا]
تَتِمَّةٌ وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَطَأْك فِي رَمَضَانَ نَهَارًا، فَفَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ الْعَامِرَةِ مُرِيدَ السَّفَرِ مَسَافَةَ قَصْرٍ ثُمَّ وَطِئَهَا، انْحَلَّتْ يَمِينُهُ؛ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّ إرَادَةَ حَلِّ الْيَمِينِ مِنْ الْمَقَاصِدِ الصَّحِيحَةِ.
وَإِنْ حَلَفَ أَنْ خَمْسَةً زَنَوْا بِامْرَأَةٍ، فَلَزِمَ الْأَوَّلَ الْقَتْلُ وَالثَّانِيَ الرَّجْمُ، وَالثَّالِثَ الْجَلْدُ، وَالرَّابِعَ نِصْفُ الْجَلْدِ؛ وَالْخَامِسَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَبَرَّ فِي يَمِينِهِ، فَالْأَوَّلُ ذِمِّيٌّ وَالْمَرْأَةُ مُسْلِمَةٌ؛ فَيُقْتَلُ لِنَقْضِهِ الْعَهْدَ، وَالثَّانِي مُحْصَنٌ، فَرُجِمَ، وَالثَّالِثُ حُرٌّ بِكْرٌ فَيُجْلَدُ مِائَةً، وَيُغَرَّبُ عَامًا، وَالرَّابِعُ عَبْدٌ يُجْلَدُ خَمْسِينَ، وَالْخَامِسُ حَرْبِيٌّ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِأَحْكَامِنَا.
[بَابُ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ]
(وَهُوَ) أَيْ: الشَّكُّ لُغَةً ضِدُّ الْيَقِينِ، وَاصْطِلَاحًا تَرَدُّدٌ عَلَى السَّوَاءِ، وَالْمُرَادُ (هُنَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ) بَيْنَ وُجُودِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عَدَدِهِ أَوْ شَرْطِهِ وَعَدَمِهِ؛ فَيَدْخُلُ فِيهِ الظَّنُّ وَالْوَهْمُ.
(وَلَا يَلْزَمُ) الطَّلَاقُ، (لِشَكٍّ فِيهِ) أَوْ شَكٍّ (فِيمَا عَلَّقَ عَلَيْهِ) الطَّلَاقَ وَلَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (عَدَمِيًّا كَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ) كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، وَشَكَّ فِي فِعْلِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بَعْدَ مُضِيِّهِ؛ فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ
بَقَاءُ الْعِصْمَةِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْمُزِيلُ، كَالْمُتَطَهِّرِ يَشُكُّ فِي الْحَدَثِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ:«أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَحَدِيثُ «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» .
(وَسُنَّ تَرْكُ وَطْءٍ قَبْلَ رَجْعَةٍ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا (وَيَتَّجِهُ) لَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَةِ الرَّجْعِيَّةِ بِالْقَوْلِ (لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ) أَيْ: خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ تَرْكَ وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ مُطْلَقًا كَالْخِرَقِيِّ، فَإِنَّهُ مَنَعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ شَاكٌّ فِي حِلِّهَا، كَمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ امْرَأَتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ، وَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَبِعَهُ: الْوَرَعُ الْتِزَامُ الطَّلَاقِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» (وَإِلَّا) تُلَاحَظُ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ؛ فَلَا يَفْتَقِرُ وَطْؤُهَا إلَى مُرَاجَعَةٍ بِالْقَوْلِ؛ إذْ (هُوَ) أَيْ: الْوَطْءُ (رَجْعَةٌ) وَهُوَ مُتَّجِهٌ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا (فَتَمَامُ وَرَعٍ قَطْعُ شَكٍّ بِهَا) أَيْ: بِالرَّجْعَةِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ أَوْ قَطْعُ شَكٍّ (بِعَقْدٍ) جَدِيدٍ (أَمْكَنَ) يَعْنِي إنْ لَمْ تَكُنْ بَقِيَتْ فِي طَلَاقِهَا عَلَى وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْوُقُوعِ لَا تَحِلُّ لَهُ بِدُونِهِمَا، فَكَانَ الْأَوْلَى فِعْلَهُمَا لِتَيَقُّنِ الْحِلِّ بِذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) عَقْدٌ (كَ) كَوْنِ الشَّكِّ فِي وُقُوعِ طَلَاقِ (ثَلَاثٍ) فَقَطْعُ الشَّكِّ (بِفُرْقَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ) تَمَامُ الْوَرَعِ (بِأَنْ يَقُولَ: إنْ لَمْ تَكُنْ طَلُقَتْ فَهِيَ طَالِقٌ) لِئَلَّا تَبْقَى مُعَلَّقَةٍ مَتْرُوكٌ وَطْؤُهَا بِالتَّحَرُّجِ بِهِ (وَإِلَّا) يُطَلِّقْهَا (لَمْ تَحِلَّ لِغَيْرِهِ كَسَائِرِ الْمُزَوَّجَاتِ) إذْ يَقِينُ نِكَاحِهِ بَاقٍ لَمْ يُوجَدْ مَا يُعَارِضُهُ (وَيُمْنَعُ، وَيَتَّجِهُ نَدْبًا) خِلَافًا لِلشَّيْخِ عُثْمَانَ وَهُوَ مُتَّجِهٌ (حَالِفٌ لَا يَأْكُلُ تَمْرَةً اشْتَبَهَتْ بِغَيْرِهَا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ) مِمَّا اشْتَبَهَتْ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا (فَإِنْ أَكَلَ الْكُلَّ إلَّا بَعْضَ وَاحِدَةٍ) وَلَمْ يَدْرِ أَكَلَ
الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا أَوْ لَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ إذْ أَبْقَى مِنْهُ بَعْضَ وَاحِدَةٍ احْتَمَلَ أَنَّهَا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا وَيَقِينُ النِّكَاحِ ثَابِتٌ، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ.
(وَإِنْ حَلَفَ لِيَأْكُلْنَهَا) أَيْ: التَّمْرَةَ (فَاخْتَلَطَتْ) بِتَمْرٍ وَاشْتَبَهَتْ (لَمْ يَتَحَقَّقْ بِرُّهُ إلَّا بِأَكْلِ الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ التَّمْرِ الْمُخْتَلِطَةِ بِهِ لِمَا سَبَقَ. (وَيَتَّجِهُ: وَلَا حِنْثَ) عَلَى حَالِفٍ لَيَأْكُلَهَا، وَاشْتَبَهَتْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا بِغَيْرِهَا (لَوْ أَكَلَ) تَمْرَةً (وَاحِدَةً لِلشَّكِّ) فِي أَنَّهَا هِيَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا أَوْ غَيْرُهَا وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِهِ) أَيْ: الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ (بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) وَهُوَ الْأَقَلُّ؛ لِمَا سَبَقَ (فَ) لَوْ قَالَ: (أَنْتِ طَالِقٌ بِعَدَدِ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ، وَجَهِلَ) عَدَدَ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ (فَطَلْقَةٌ) وَاحِدَةٌ، لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ (وَيَتَّجِهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) زَيْدٌ (طَلَّقَ) زَوْجَتَهُ، (فَ) طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ) تَقَعُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا أَحْرَمَ بِمِثْلِ مَا أَحْرَمَ زَيْدٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ فِي أَنَّهُ يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ، وَيَصْرِفُهُ لِمَا شَاءَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) إنْ قَالَ (لِامْرَأَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، وَثَمَّ مَنْوِيَّةٌ) بِأَنْ نَوَى مُعَيَّنَةً مِنْهُمَا (طَلُقَتْ) الْمَنْوِيَّةُ، لِأَنَّهُ عَيَّنَهَا بِنِيَّتِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَيَّنَهَا بِلَفْظِهِ، فَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ عَنَاهَا، وَقَالَ: عَنَيْت ضَرَّتَهَا، فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (وَإِلَّا) يَنْوِ بِهِ مُعَيَّنَةً (أُخْرِجَتْ) الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا (بِقُرْعَةٍ) نَصًّا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ (كَمُعَيَّنَةٍ مَنْسِيَّةٍ) فَتُمَيَّزُ بِقُرْعَةٍ (وَكَقَوْلِهِ عَنْ طَائِرٍ إنْ كَانَ غُرَابًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ، وَإِلَّا) يَكُنْ غُرَابًا (فَعَمْرَةُ) طَالِقٌ، وَذَهَبَ
الطَّائِرُ (وَجَهِلَ) أَغُرَابٌ أَمْ غَيْرُهُ؛ فَيُقْرِعُ بَيْنَهُمَا، فَتَطْلُقُ مَنْ أَخْرَجَتْهَا الْقُرْعَةُ، لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا عَيْنًا فَهُمَا سَوَاءٌ، وَالْقُرْعَةُ طَرِيقٌ شَرْعِيٌّ لِإِخْرَاجِ الْمَجْهُولِ، وَإِنْ مَاتَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا، وَكَانَ نَوَى الْمُطَلَّقَةَ، حَلَفَ لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا، وَوَرِثَهَا، أَوْ الْحَيَّةَ، وَلَمْ يَرِثْ الْمَيِّتَةَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ إحْدَاهُمَا، أَقْرَعَ كَمَا سَبَقَ (وَإِنْ مَاتَ) قَبْلَ الْقُرْعَةِ (أَقْرَعَ وَرَثَتُهُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهَا) الْقُرْعَةُ (لَمْ تَرِثْ) .
(وَمَنْ لَهُ أَرْبَعُ) زَوْجَاتٍ (فَأَبَانَ وَاحِدَةً بَيْنَهُمَا) مُعَيَّنَةً (ثُمَّ نَكَحَ) أَيْ: تَزَوَّجَ (أُخْرَى) بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (ثُمَّ مَاتَ) الزَّوْجُ (وَجُهِلَتْ الْبَائِنُ) مِنْهُنَّ (فَلِلْجَدِيدَةِ رُبْعُ مِيرَاثِهِنَّ) أَيْ: الزَّوْجَاتِ نَصًّا، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا شَكَّ فِيهَا (ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الْأَرْبَعِ) الْأُوَلِ لِإِخْرَاجِ الْمُطَلَّقَةِ (فَمَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهَا) قُرْعَةُ الطَّلَاقِ (لَمْ تَرِثْ) إذَا لَمْ يُتَّهَمْ بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا، مِنْ إرْثٍ وَدَوَاعِيهِ (قَبْلَهَا) أَيْ: الْقُرْعَةِ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِإِحْدَاهُنَّ الْبَاقِيَاتِ ثَلَاثَ أَرْبَاعِ مِيرَاثِ الزَّوْجَاتِ (وَلَا يَطَأُ) أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ إحْدَاهُنَّ يَقِينًا، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُصَادِفَهَا (وَتَجِبُ النَّفَقَةُ) لِلزَّوْجَاتِ إلَى الْقُرْعَةِ، لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ لِحَقِّهِ فِي حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ.
(وَمَتَى ظَهَرَ) بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ الْوَاحِدَةِ (أَنْ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُ الْمُخْرَجَةِ بِالْقُرْعَةِ) بِأَنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ نِسْيَانِهِ (رُدَّتْ) الْمُخْرَجَةُ لِزَوْجِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ فِيهَا بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ، وَالْقُرْعَةُ لَا حُكْمَ لَهَا مَعَ الذِّكْرِ، فَإِذَا عُلِمَ الْمُطَلَّقَةُ؛ رُجِعَ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ مِنْهَا لِلِاشْتِبَاهِ، فَإِذَا زَالَ عَنْهَا؛ رُدَّتْ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ عُلِمَتْ مُذَكَّاةً بَعْدَ أَنْ اشْتَبَهَتْ بِمَيِّتَةٍ (مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ) مُخْرَجَةٌ؛ فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ، لِتَعَلُّقِ غَيْرِهِ بِهَا، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إبْطَالِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (أَوْ) مَا لَمْ (يَحْكُمْ بِالْقُرْعَةِ) حَاكِمٌ، أَوْ يُقْرِعْ الْحَاكِمُ بَيْنَهُنَّ، لِأَنَّهَا لَا يُمْكِنُ الزَّوْجَ رَفْعُهَا كَسَائِرِ الْحُكُومَاتِ (وَيَتَّجِهُ هَذَا) أَيْ عَدَمُ إرْجَاعِهَا إلَيْهِ بَعْدَ التَّزَوُّجِ أَوْ حُكْمِ الْحَاكِمِ (إنْ
ظَهَرَ) خُرُوجُ الْقُرْعَةِ لِوَاحِدَةٍ مُطَلَّقَةٍ غَيْرِهَا (بِتَذَكُّرِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ، وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ظُهُورُ ذَلِكَ (بِبَيِّنَةٍ، تُرَدُّ) الْمُخْرَجَةُ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ تَزَوَّجَتْ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَارِعُ الْحَاكِمَ أَوْ غَيْرَهُ، حَكَمَ بِهَا أَوْ لَمْ يَحْكُمْ (لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَحُكْمُهُ) أَيْ: الْحَاكِمِ (لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ وَهُوَ اتِّجَاهٌ حَسَنٌ) .
(وَإِنْ مَاتَتْ الْمَرْأَتَانِ أَوْ) مَاتَتْ (إحْدَاهُمَا) بَعْدَ قَوْلِهِ لَهَا: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَبْلَ الْقُرْعَةِ (عَيَّنَ هُوَ) أَيْ: الْمُطَلِّقُ، أَيْ: أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا لِأَجْلِ الْإِرْثِ فَمَنْ قَرَعَتْ؛ لَمْ تُوَرَّثْ (وَيَحْلِفُ) إنْ كَانَ نَوَى الْمُطَلَّقَةَ (لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى) أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا وَيَرِثُهَا لِأَنَّهَا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى) إحْدَاهُمَا (أَقْرَعَ) كَمَا سَبَقَ (فَمَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهَا) الْقُرْعَةُ (لَمْ يَرِثْهَا) لِظُهُورِ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتُهُ.
(وَمَنْ ادَّعَتْ زَوْجَتُهُ) أَنَّهُ طَلَّقَهَا (طَلَاقًا بَائِنًا فَأَنْكَرَ) الزَّوْجُ (فَقَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (فَإِنْ مَاتَ) بَعْدَ دَعْوَاهَا (لَمْ تَرِثْهُ) مُؤَاخَذَةً لَهَا بِمُقْتَضَى اعْتِرَافِهَا (وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ) لِأَنَّ قَوْلَهَا لَا يُقْبَلُ فِيمَا عَلَيْهَا (وَ) لَوْ قَالَ (لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ) قَالَ (لِأَمَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ غَدًا، فَمَاتَتْ) إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْغَدِ؛ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْبَاقِيَةِ (أَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا) أَيْ: عَنْ أَمَتِهِ (قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ غَدٍ وَقَعَ) الْعِتْقُ (بِالْبَاقِيَةِ) مِنْ الْأَمَتَيْنِ، لِأَنَّهَا بَقِيَتْ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ.
وَإِنْ كَانَ لَهُ نِسَاءٌ، وَقَالَ لَهُنَّ: إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ غَدًا فَمَاتَتْ إحْدَاهُنَّ قَبْلَ الْغَدِ، أَوْ كَانَ لَهُ إمَاءٌ، وَقَالَ لَهُنَّ: إحْدَاكُنَّ حُرَّةٌ غَدًا، فَمَاتَتْ إحْدَاهُنَّ قَبْلَ الْغَدِ أَوْ بَاعَ إحْدَى الْإِمَاءِ قَبْلَ الْغَدِ؛ أَقْرَعَ بَيْنَ الْبَاقِي إذَا جَاءَ الْغَدُ، فَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ طَلُقَتْ أَوْ عَتَقَتْ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَإِنْ قَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَمَتِي حُرَّةٌ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ وَنَوَى مُعَيَّنَةً مِنْ نِسَائِهِ أَوْ إمَائِهِ؛ انْصَرَفَ الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ إلَيْهَا، كَمَا لَوْ عَيَّنَهَا بِلَفْظٍ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً مُبْهَمَةً مِنْهُنَّ أُخْرِجَتْ بِقُرْعَةٍ، لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ
شَيْئًا، طَلَّقَ الزَّوْجَاتِ وَعَتَقَ الْإِمَاءَ كُلَّهُنَّ، لِأَنَّ امْرَأَتِي وَأَمَتِي مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ؛ فَيَعُمُّ.
(وَمَنْ زَوَّجَ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَجُهِلَتْ) الْمُزَوَّجَةُ (حَرُمَ الْكُلُّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُزَوَّجَةُ (وَمَنْ) لَهُ زَوْجَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ وَ (قَالَ عَنْ طَائِرٍ إنْ كَانَ غُرَابًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ، وَإِنْ كَانَ حَمَامًا فَعَمْرَةُ) طَالِقٌ، وَمَضَى الطَّائِرُ (وَجَهِلَ) جِنْسَهُ (لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) أَيْ: حَفْصَةَ وَعَمْرَةَ، لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لَيْسَ غُرَابًا وَلَا حَمَامًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحِنْثِ، فَلَا يَزُولُ يَقِينُ النِّكَاحِ بِالشَّكِّ.
(وَإِنْ قَالَ) عِنْدَ طَائِرٍ: (إنْ كَانَ غُرَابًا فَزَوْجَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا، أَوْ) قَالَ: (فَأَمَتُهُ حُرَّةٌ، وَقَالَ آخَرُ: إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا مِثْلُهُ) أَيْ: فَزَوْجَتُهُ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ (وَلَمْ يَعْلَمَا) الطَّائِرَ غُرَابًا أَمْ غَيْرَهُ (لَمْ تَطْلُقَا) أَيْ زَوْجَتَاهُمَا (وَلَمْ تَعْتِقَا) أَيْ أَمَتَاهُمَا، لِأَنَّ الْحَانِثَ مِنْهُمَا غَيْرُ مَعْلُومٍ، فَلَا يُحْكَمُ بِالْحِنْثِ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لِبَقَاءِ يَقِينِ نِكَاحِهِ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى (وَحَرُمَ عَلَيْهِمَا وَطْءٌ) وَدَاعِيهِ؛ لِحِنْثِ أَحَدِهِمَا بِيَقِينٍ وَتَحْرِيمِ امْرَأَتِهِ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَشْكَلَ، أَشْبَهَ لَوْ حَنِثَ فِي إحْدَى امْرَأَتَيْهِ لَا بِعَيْنِهَا (إلَّا بِاعْتِقَادِ أَحَدِهِمَا خَطَأَ الْآخَرِ) فَإِنْ مَنْ اعْتَقَدَ خَطَأَ رَقِيقِهِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ، وَلَا يَحْنَثُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ صِدْقُهُ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا أَمَةَ الْآخَرِ، فَيُقْرِعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: الْأَمَتَيْنِ (حِينَئِذٍ) فَتَعْتِقُ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ، كَمَنْ أَعْتَقَ إحْدَى أَمَتَيْهِ؛ وَنَسِيَهَا، وَلَهُ الْوَلَاءُ إنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِلَّتِي كَانَتْ أَمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتِقُ لَهَا، وَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ (لَكِنْ لَوْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ أَمَةٍ مُشْتَرَاةٍ؛ فَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ حَتَّى) يَتَصَادَقَا عَلَى أَمْرٍ (يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدَّعِيهِ إذَنْ.
(وَيَتَّجِهُ وَكَذَا) أَيْ: كَاَلَّتِي قَبْلَهَا (قَوْلُهُ) أَيْ: قَوْلُ رَجُلٍ (لِآخَرَ: إنَّك لَحَسُودٌ) أَيْ: كَثِيرُ الْحَسَدِ (فَقَالَ الْآخَرُ) مُجِيبًا لَهُ (أَحَسَدَنَا) أَيْ: أَكْثَرُنَا حَسَدًا (امْرَأَتُهُ طَالِقٌ) فَقَالَ: نَعَمْ؛ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، لِبَقَاءِ يَقِينِ
نِكَاحِهِمَا، وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(فَإِنْ أَقَرَّ كُلُّ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا (بِحِنْثِهِ لَزِمَهُ) أَيْ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ مُؤَاخَذَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِالْحِنْثِ حَنِثَ وَحْدَهُ لِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ ادَّعَتْ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ الْحِنْثَ أَوْ أَمَتُهُ، فَأَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
(وَإِنْ كَانَتْ) أَمَةٌ (مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ مُوسِرَيْنِ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ: الشَّرِيكَيْنِ عَنْ طَائِرٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنْ كَانَ غُرَابًا (فَنَصِيبِي حُرٌّ) وَقَالَ الْآخَرُ: إنْ كَانَ غُرَابًا فَنَصِيبِي حُرٌّ (عَتَقَتْ كُلُّهَا عَلَى أَحَدِهِمَا وَيُمَيِّزُ كُلٌّ بِقُرْعَةٍ) لِيَغْرَمَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَالْوَلَاءُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُعْتِقٌ فَإِنْ قَالَ سَيِّدُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ: إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَلَمْ يُعْلَمْ عَتَقَ أَحَدُهُمَا وَيُمَيَّزُ بِقُرْعَةٍ، لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ إلَى الْعِلْمِ بِهِ إلَّا بِهَا، فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الَّذِي عَتَقَ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ.
(وَ) إنْ قَالَ رَجُلٌ: (إنْ كَانَ) هَذَا الطَّائِرُ (غُرَابًا فَزَوْجَتُهُ طَالِقٌ وَإِلَّا) يَكُنْ غُرَابًا (فَعَبْدُهُ حُرٌّ، وَجَهِلَ) فَلَمْ يَعْلَمْ مَا الطَّائِرُ (أَقْرَعَ) بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ، لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ إلَى التَّمْيِيزِ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى الزَّوْجَةِ طَلُقَتْ الزَّوْجَةُ، وَبَقِيَ الْعَبْدُ فِي الرِّقِّ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْعَبْدِ عَتَقَ، وَلَمْ تَطْلُقْ الزَّوْجَةُ، لِعَدَمِ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ عَلَيْهَا (وَأَنْفَقَ) الْحَالِفُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ: عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ (إلَيْهَا) أَيْ: إلَى الْقُرْعَةِ (وَلَا يَتَصَرَّفُ) فِيمَا يَمْلِكُ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ وَمِنْ بَيْعِ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ (قَبْلَهَا) أَيْ: الْقُرْعَةِ.
(وَ) إنْ قَالَ (لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ) طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ (أَوْ) قَالَ: (سَلْمَى طَالِقٌ وَاسْمُهُمَا) أَيْ: زَوْجَتِهِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ (سَلْمَى) طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ، (أَوْ) قَالَ لَحْمَاتِهِ: ابْنَتك طَالِقٌ وَلَهَا بِنْتٌ غَيْرُهَا طَلُقَتْ
(زَوْجَتُهُ) لِأَنَّهَا مَحَلُّ طَلَاقِهِ، وَلَا يَمْلِكُ طَلَاقَ غَيْرِهَا (فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الْأَجْنَبِيَّةَ دُيِّنَ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ (حُكْمًا) فَلَا يَحْكُمُ لَهُ بِهِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِطَلَاقِهِ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ (كَدَفْعِ ظَالِمٍ أَوْ تَخَلُّصٍ مِنْ مَكْرُوهٍ) فَيُقْبَلُ حُكْمًا، لِوُجُودِ الدَّلِيلِ الصَّارِفِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ زَوْجَتَهُ وَلَا الْأَجْنَبِيَّةَ، طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ نَادَى) مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ هِنْدٌ وَعَمْرَةُ (مِنْ امْرَأَتَيْهِ هِنْدًا) وَحْدَهَا (فَأَجَابَتْهُ) زَوْجَتُهُ (عَمْرَةُ أَوْ لَمْ تُجِبْهُ) عَمْرَةُ (وَهِيَ الْحَاضِرَةُ) عِنْدَهُ دُونَ هِنْدٍ (فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا) أَيْ عَمْرَةَ هِنْدًا، (طَلُقَتْ هِنْدٌ لَا عَمْرَةُ) لِأَنَّ الْمُنَادَاةَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالطَّلَاقِ؛ فَوَقَعَ بِهَا كَمَا لَوْ أَجَابَتْهُ وَعَمْرَةُ لَمْ يَقْصِدْهَا بِالطَّلَاقِ (وَإِنْ عَلِمَهَا) أَيْ الْمُجِيبَةَ (غَيْرَ الْمُنَادَاةِ طَلُقَتْ عَمْرَةُ لَا هِنْدٌ) وَهِيَ الْمُنَادَاةُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُوَاجَهَةٍ بِالطَّلَاقِ وَلَا مَنْوِيَّةٍ بِهِ (إلَّا إنْ أَرَادَهَا) أَيْ: هِنْدًا، فَإِنْ أَرَادَهَا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ (أَيْضًا) لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ وَالْمُجِيبَةُ؛ لِأَنَّهُ وَاجَهَهَا بِالطَّلَاقِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُنَادَاةِ.
(وَإِنْ قَالَ) زَوْجٌ (لِأَجْنَبِيَّةٍ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ) وَسَمَّى زَوْجَتَهُ: (أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ لَمْ يُسَمِّهَا) أَيْ: زَوْجَتَهُ، بَلْ قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ فُلَانَةَ (طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ) اعْتِبَارًا بِالْقَصْدِ، دُونَ الْخِطَابِ (وَكَذَا عَكْسُهُ كَقَوْلِهِ ذَلِكَ) أَيْ أَنْتِ طَالِقٌ (لِزَوْجَتِهِ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً؛ فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ وَاجَهَهَا بِصَرِيحِهِ كَمَا لَوْ عَلِمَهَا زَوْجَتَهُ، جَزَمَ بِهِ فِي " تَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ "" وَالْمُنَوِّرِ " قَالَ فِي تَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ " دِينَ، وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا؛ إذْ لَا أَثَرَ لِظَنِّهَا أَجْنَبِيَّةً، لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ لَقِيَ امْرَأَتَهُ، فَظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ تَنَحِّي يَا مُطَلَّقَةُ؛ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ.
تَتِمَّةٌ وَمِثْلُ الطَّلَاقِ الْعِتْقُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ؛ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ يَنْبَنِي عَلَى التَّغَلُّبِ وَالسِّرَايَةِ قَالَ أَحْمَدُ - فِيمَنْ قَالَ: يَا غُلَامُ أَنْتَ حُرٌّ - يَعْتِقُ عَبْدُهُ الَّذِي نَوَاهُ وَفِي " الْمُنْتَخَبِ ": أَوْ نَسِيَ أَنَّ لَهُ عَبْدًا أَوْ زَوْجَةً فَبَانَ لَهُ (وَمَنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً هَلْ هِيَ طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا، وَلَمْ يَتَيَقَّنْ أَحَدُهُمَا.
(وَإِنْ شَكَّ) زَوْجٌ (هَلْ ظَاهَرَ) مِنْ زَوْجَتِهِ (أَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ) تَعَالَى لَا يَطَؤُهَا (لَزِمَهُ بِحِنْثٍ) بِأَنْ وَطِئَهَا (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِأَنَّهَا وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ لِيَبْرَأَ بِيَقِينٍ.