الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ هَدِيَّةُ زَوْجٍ لَيْسَتْ مِنْ الْمَهْرِ]
فَصْلٌ
(وَهَدِيَّةُ زَوْجٍ لَيْسَتْ مِنْ الْمَهْرِ) نَصًّا (فَمَا) أَهْدَاهُ الزَّوْجُ مِنْ هَدِيَّةٍ (قَبْلَ عَقْدٍ إنْ وَعَدُوهُ) بِأَنْ يُزَوِّجُوهُ (وَلَمْ يَفُوا) بِأَنْ زَوَّجُوا غَيْرَهُ (رَجَعَ بِهَا) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَهَا فِي نَظِيرِ النِّكَاحِ، وَلَمْ يَسْلَمْ لَهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ هُوَ لَا رُجُوعَ لَهُ كَالْمُجَامِلِ إذَا لَمْ يَفِ بِالْعَمَلِ.
(وَمَا قَبَضَ) أَيْ: قَبَضَهُ بَعْضُ أَقَارِبِهَا كَاَلَّذِي يُسَمُّونَهُ (مَأْكَلَةٌ بِسَبَبِ نِكَاحٍ؛ فَحُكْمُهُ كَمَهْرٍ فِيمَا يُقَدِّرُهُ وَيُسْقِطُهُ وَيُنَصِّفُهُ) وَيَكُونُ ذَلِكَ لَهَا، وَلَا يَمْلِكُ الْوَلِيُّ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ تَهَبَهُ لَهُ بِشَرْطِهِ، إلَّا الْأَبَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشَّرْطِ وَبِلَا شَرْطٍ مِنْ مَالِهَا مَا شَاءَتْ بِشَرْطِهِ، وَتَقَدَّمَ.
(وَيَتَّجِهُ:) أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ حُكْمِ الْمَجْعُولِ مَأْكَلَةً كَمَهْرٍ حَيْثُ قَبَضَهُ أَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ أَمَّا (قَبْلَ قَبْضِ) ذَلِكَ (فَلَهُ) أَيْ: الْخَاطِبِ (الرُّجُوعُ) بِمَا شَرَطَهُ لَهُمْ (لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ) لَمْ يُقْبَضْ، فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ كَمَنْ أَخْرَجَ مَالًا لِلصَّدَقَةِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ.
(فَلَوْ اتَّفَقُوا) أَيْ: الْخَاطِبُ مَعَ الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا (عَلَى النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ فَأَعْطَى) الْخَاطِبُ (أَبَاهَا لِأَجْلِ ذَلِكَ شَيْئًا) مِنْ غَيْرِ صَدَاقٍ (فَمَاتَتْ قَبْلَ عَقْدٍ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. لِأَنَّ عَدَمَ التَّمَامِ مِنْ جِهَتِهِمْ، وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْخَاطِبُ لَا رُجُوعَ لِوَرَثَتِهِ.
(وَمَا كَتَبَ فِيهِ الْمَهْرَ لَهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ
سَوَاءٌ كَانَ الْمَكْتُوبُ فِيهِ ذَلِكَ لَوْحًا أَوْ قِطْعَةَ حَرِيرٍ أَوْ وَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ طَلُقَتْ (قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: لِأَنَّ الْعَادَةَ أَخْذُهَا لِذَلِكَ.
(وَتَرُدُّ هَدِيَّةً) عَلَى زَوْجٍ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّ مَا كَانَ مِنْ هَدِيَّةٍ أَهْدَاهَا الْخَاطِبُ (بَعْدَ عَقْدٍ) يُرَدُّ بِحُصُولِ فُرْقَةٍ (لِأَنَّ مَا) أُهْدِيَ (قَبْلَهُ) أَيْ: الْعَقْدِ (تَقَرَّرَ بِهِ) أَيْ: بِالْعَقْدِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ.
(فِي كُلِّ فُرْقَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ مُسْقِطَةٍ لِلْمَهْرِ) كَفَسْخِهَا لِعَيْبِهِ وَنَحْوِهِ وَفِي فُرْقَةٍ قَهْرِيَّةٍ (كَفَسْخٍ) مِنْ قِبَلِهَا (لِفَقْدِ كَفَاءَةٍ وَعَيْبٍ قَبْلَ دُخُولٍ) لِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ وَهَبَ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْعَقْدِ، فَإِذَا زَالَ مِلْكُ الرُّجُوعِ كَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الثَّوَابِ، قَالَ فِي " شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " قِيَاسُ ذَلِكَ لَوْ وَهَبَتْهُ هِيَ شَيْئًا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ طَلَّقَ وَنَحْوَهُ (وَتَثْبُتُ) الْهَدِيَّةُ لِلزَّوْجَةِ (مَعَ) فَسْخٍ لِلنِّكَاحِ (مُقَرَّرٌ لَهُ) أَيْ الصَّدَاقُ كَوَطْءٍ وَخَلْوَةٍ (أَوْ) مُقَرَّرٌ (لِنِصْفِهِ) كَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي الْهَدِيَّةِ إذَنْ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْعَقْدِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهَا (وَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا بِسَبَبِ عَقْدِ) بَيْعٍ وَنَحْوِهِ (كَدَلَّالِ) وَكَيَّالٍ وَوَزَّانٍ.
(فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ) فِي " النَّظَرِيَّاتِ "(إنْ فُسِخَ) بَيْعٌ (بِنَحْوِ إقَالَةٍ مِمَّا يَقِفُ عَلَى تَرَاضٍ) مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا ثُمَّ يَفْسَخَانِ الْبَيْعَ (لَمْ يَرُدَّهُ) أَيْ الْمَأْخُوذُ؛ لِلُزُومِ الْبَيْعِ، وَإِلَّا يَقِفُ الْفَسْخُ عَلَى تَرَاضِيهِمَا (كَفَسْخٍ لِعَيْبٍ يَرُدُّهُ) أَيْ: الْمَأْخُوذُ بِسَبَبِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ (وَقِيَاسُهُ) أَيْ: قِيَاسُ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (نِكَاحٌ فُسِخَ الْعَقْدُ لِعَدَمِ كَفَاءَةِ) الزَّوْجِ (أَوْ) ظُهُورِ
(عَيْبٍ) فِي أَحَدِهِمَا (فَيَرُدَّهُ) أَيْ: يَرُدُّ الْخَاطِبُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بِسَبَبِ تَوَسُّطِهِ التَّزْوِيجَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ عَلَى عَقْدٍ لَمْ يَسْلَمْ، وَ (لَا) يَرُدُّ الْمَأْخُوذُ إنْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ (لِرِدَّةٍ وَرَضَاعٍ وَمُخَالَعَةٍ) وَذَلِكَ حِكَايَةٌ لِكَلَامِهِ بِمَعْنَاهُ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ " الْإِنْصَافِ ".
(وَيَتَّجِهُ هُوَ) أَيْ: قَوْلُهُ: لَا لِرِدَّةٍ وَرَضَاعٍ وَمُخَالَعَةٍ (مُخَالِفٌ) عُمُومَهُ (لِمَا مَرَّ) مِنْ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ: وَمَا أُخِذَ مَأْكَلَةً بِسَبَبِ نِكَاحٍ فَكَمَهْرٍ فِيمَا يُقَرِّرُهُ وَيُسْقِطُهُ وَيُنَصِّفُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَةِ كَرِدَّتِهَا وَرَضَاعِهَا وَمُخَالَعَتِهَا مُسْقِطَةٌ لِلْمَهْرِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ رَدُّ الْآخِذِ كَسِمْسَارٍ فِي النِّكَاحِ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ؛ إذْ لَا دَخْلَ لِلزَّوْجِ هُنَا فِي ذَلِكَ، وَمُقْتَضَى قِيَاسِ ابْنِ عَقِيلٍ أَنْ لَا يَرُدَّ، فَحَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ، فَإِنَّ الْمَهْرَ يَتَنَصَّفُ، لَا يَسْقُطُ، وَحِينَئِذٍ لَا مُخَالَفَةَ، وَالثَّانِي: أَنَّ مُقْتَضَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فَكَمَهْرٍ فِيمَا يُقَرِّرُهُ. . . إلَخْ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ وَيَرُدَّ النِّصْفَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهِ، وَمُقْتَضَى قِيَاسِهِ أَنْ يَحْصُلَ الْكُلُّ، فَحَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ (إنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْخَاطِبِ فَقَطْ) أَيْ: لَا عَلَى الزَّوْجَةِ، فَإِنْ حُمِلَ عَلَيْهِ فَلَا مُخَالَفَةَ، أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَفِي الْجُمْلَةِ؛ إذْ الرَّدُّ فِيمَا تَقَدَّمَ النِّصْفُ، وَفِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ الْكُلُّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ.