الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تَنْبِيهٌ ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ شَرْطِ التَّحْلِيلِ وَقَصَدَ أَنَّهُ نِكَاحُ رَغْبَةٍ]
تَنْبِيهٌ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ شَرْطِ التَّحْلِيلِ، وَقَصَدَ أَنَّهُ نِكَاحُ رَغْبَةٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا نَوَاهُ، قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ " وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ؛ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ، وَلَوْ صَدَّقَتْ الزَّوْجَةُ أَنْ النِّكَاحَ الثَّانِيَ كَانَ فَاسِدًا؛ فَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؛ لِاعْتِرَافِهَا بِالتَّحْرِيمِ عَلَيْهِ.
(وَمَنْ لَا فُرْقَةَ بِيَدِهِ لَا أَثَرَ لِنِيَّتِهِ، فَلَوْ وَهَبَتْ) مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا (مَالًا لِمَنْ تَثِقُ بِهِ) لِيَشْتَرِيَ مَمْلُوكًا، فَاشْتَرَاهُ، وَزَوَّجَهُ بِهَا، ثُمَّ وَهَبَهُ، (أَوْ) وَهَبَ بَعْضَهُ لَهَا؛ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَحْلِيلٌ مَشْرُوطٌ وَلَا مَنْوِيٌّ مِمَّنْ تُؤَثِّرُ نِيَّتَهُ، أَوْ (شَرْطُهُ وَهُوَ الزَّوْجُ، فَيَحْصُلُ الْإِحْلَالُ بِذَلِكَ) وَلَا أَثَرَ لِنِيَّةِ الزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا فُرْقَةَ بِيَدِهِمَا. قَالَ فِي " إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ " يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ» يَقُولُ أَحْمَدُ: إنَّهَا كَانَتْ قَدْ هَمَّتْ بِالتَّحْلِيلِ، وَنِيَّةُ الْمَرْأَةِ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ، إنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» .
وَلَيْسَ فِيهِ الْمَرْأَةُ بِشَيْءٍ (وَاخْتَارَ جَمْعٌ) مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ (لَا) يَحْصُلُ الْإِحْلَالُ بِذَلِكَ (وَهُوَ الْأَصَحُّ) قَالَ الْمُنَقِّحُ: الْأَظْهَرُ عَدَمُ الْإِحْلَالِ؛ قَالَ فِي الْمُنْتَهَى " وَالْأَصَحُّ قَوْلُ الْمُنَقِّحِ انْتَهَى، وَهُوَ قِيَاسُ الَّتِي قَبْلَهَا.
قَالَ فِي " الْوَاضِحِ " نِيَّتُهَا كَنِيَّتِهِ، وَقَالَ فِي " الرَّوْضَةِ " نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ بَاطِلٌ إذَا اتَّفَقَا، فَإِنْ اعْتَقَدَتْ ذَلِكَ بَاطِنًا، وَلَمْ تُظْهِرْهُ؛ صَحَّ فِي الْحُكْمِ، وَبَطَلَ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. تَتِمَّةٌ
: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ " فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ثَلَاثًا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا لِتَأَسُّفِهِ عَلَى طَلَاقِهَا: حِلُّهَا بَعِيدٌ فِي مَذْهَبِنَا؛ لِأَنَّ الْحِلَّ يَقِفُ عَلَى زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ، وَمَتَى زَوَّجَهَا مَعَ مَا ظَهَرَ مِنْ تَأَسُّفِهِ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ بِالنِّكَاحِ إلَّا التَّحْلِيلَ، وَالْقَصْدُ عِنْدَنَا يُؤَثِّرُ فِي النِّكَاحِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا: إذَا تَزَوَّجَ الْغَرِيبُ بِنِيَّةِ طَلَاقِهَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ؛ لَمْ يَصِحَّ، وَمَنْ عَزَمَ عَلَى تَزْوِيجِهِ بِالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، وَوَعَدَهَا سِرًّا كَانَ أَشَدَّ تَحْرِيمًا مِنْ التَّصْرِيحِ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ إجْمَاعًا، لَا سِيَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَيُعْطِيهَا
مَا تُحَلَّلُ بِهِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
(وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ) وَهُوَ ثَالِثٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُبْطِلَةِ لِلنِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا لِيَتَمَتَّعَ بِهَا إلَى أَمَدٍ؛ (وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) أَيْ: الْمَرْأَةَ (إلَى مُدَّةٍ) مَعْلُومَةٍ أَوْ مَجْهُولَةٍ (أَوْ يَشْتَرِطَ طَلَاقَهَا فِيهِ) أَيْ النِّكَاحِ (بِوَقْتٍ) كَقَوْلِ وَلِيٍّ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ إلَى انْقِضَاءِ الْمَوْسِمِ أَوْ إلَى قُدُومِ الْحَجِّ وَشِبْهِهِ، فَيَبْطُلُ نَصًّا؛ لِحَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ حَدَّثَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.» وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «حَرَّمَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِي لَفْظٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي كُنْت أَذِنْت فِي الِاسْتِمْتَاعِ، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
وَرَوَى سَبْرَةُ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ حِينَ دَخَلْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ لَمْ نَخْرُجْ حَتَّى نَهَانَا عَنْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: إنَّ الْمُتْعَةَ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا أَحَلَّهُ اللَّهُ ثُمَّ حَرَّمَهُ، ثُمَّ أَحَلَّهُ ثُمَّ حَرَّمَهُ إلَّا الْمُتْعَةَ (أَوْ يَنْوِيهِ) أَيْ: يَنْوِي الزَّوْجُ طَلَاقَهَا بِوَقْتٍ (بِقَلْبِهِ) نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيهَا: هُوَ شَبِيهٌ بِالْمُتْعَةِ لَا حَتَّى يَتَزَوَّجُهَا عَلَى أَنَّهَا امْرَأَةٌ مَا حَيِيَتْ (أَوْ تَزَوَّجَ الْغَرِيبُ بِنِيَّةِ طَلَاقِهَا إذَا خَرَجَ) لِيَعُودَ إلَى وَطَنِهِ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْمُتْعَةِ (أَوْ يَقُولُ: أَمْتِعِينِي نَفْسَك، فَتَقُولُ: أَمْتَعْتُك) نَفْسِي (بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ) فَلَا يَصِحُّ وَيَسْتَحِقَّانِ الْعُقُوبَةَ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْعَقْدِ؛ لِتَعَاطِيهِمَا عَقْدًا فَاسِدًا (فَمَنْ تَعَاطَى مَا مَرَّ عَالِمًا) تَحْرِيمَهُ (عُزِّرَ) لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ (وَلَحِقَهُ النَّسَبُ) ، إذَا وَطِئَ يَعْتَقِدُهُ نِكَاحًا أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ نِكَاحًا؛ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةُ الْعَقْدِ.
(وَيَتَّجِهُ: وَيَثْبُتُ) لِزَوْجَةٍ دَخَلَ بِهَا (فِي نِكَاحٍ لِمُتْعَةٍ) جَمِيعُ الْمَهْرِ (الْمُسَمَّى) بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَ (لَا) يَثْبُتُ فِيهِ (مَهْرُ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ يَجِبُ فِيهِ بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى عَلَى الْمَذْهَبِ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " فَإِنَّهُ قَالَ (هُنَا) وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُسَمًّى انْتَهَى. وَلَا يَثْبُتُ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ إحْصَانٌ وَلَا إبَاحَةٌ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ؛
فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ، وَلَا يَتَوَارَثَانِ، وَلَا تُسَمَّى زَوْجَتَهُ لِمَا سَبَقَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَيَصِحُّ النِّكَاحُ إلَى الْمَمَاتِ) بِأَنْ يَقُولَ: زَوَّجْتُك إلَى الْمَمَاتِ، فَيَقْبَلُ الزَّوْجُ، فَيَصِحُّ، وَلَا أَثَرَ لِهَذَا التَّوْقِيتِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. تَنْبِيهٌ
: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي عَقْدِ الْمُتْعَةِ وَفِيمَا حَكَمْنَا بِهِ أَنَّهُ كَمُتْعَةٍ كَالتَّزْوِيجِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ؛ وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ، فَسَخَ الْحَاكِمُ النِّكَاحَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ مَهْرٍ وَلَا مُتْعَةٍ؛ لِفَسَادِ الْعَقْدِ؛ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.
وَالنِّكَاحُ الْمُعَلَّقُ رَابِعُ الْأَشْيَاءِ الْمُبْطِلَةِ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ تَعْلِيقُ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ، غَيْرَ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى (كَ) قَوْلِ الْوَلِيِّ (زَوَّجْتُك) ابْنَتِي (إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ) زَوَّجْتُكهَا (إنْ رَضِيَتْ أُمُّهَا) أَوْ إنْ رَضِيَ فُلَانٌ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَكْرَهَ فُلَانٌ (أَوْ إنْ وَضَعَتْ زَوْجَتِي بِنْتًا فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ فِي هَذَا كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى شُرُوطٍ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ وَقْفٌ لِلنِّكَاحِ عَلَى شَرْطٍ، وَلَا يَجُوزُ وَقْفُهُ عَلَى شَرْطٍ.
(وَيَصِحُّ) تَعْلِيقُ النِّكَاحِ عَلَى شَرْطٍ مَاضٍ وَحَاضِرٍ، فَالْمَاضِي كَقَوْلِ الْوَلِيِّ (زَوَّجْتُكهَا إنْ كَانَتْ بِنْتِي، أَوْ) زَوَّجْتُكهَا إنْ (كُنْت وَلِيَّهَا أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ) أَيْ: أَنَّهَا بِنْتُهُ، أَوْ أَنَّهُ وَلِيُّهَا، أَوْ أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ.
وَالشَّرْطُ الْحَاضِرُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَوْ زَوَّجْتُكهَا إنْ شِئْت، فَقَالَ: شِئْت وَقَبِلْت، فَيَصِحُّ النِّكَاحُ (كَ) مَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ (زَوَّجْت) إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَ) قَالَ الزَّوْجُ (قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ حَقِيقَةً، بَلْ تَوْكِيدٌ وَتَقْوِيَةٌ.
(النَّوْعُ الثَّانِي) مِنْ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَهُوَ مَا يَصِحُّ مَعَهُ النِّكَاحُ نَحْوُ (أَنْ
يَشْرِطَ أَنْ لَا مَهْرَ) لَهَا (أَوْ أَنْ لَا نَفَقَةَ) لَهَا (أَوْ أَنْ يَقْسِمَ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ ضَرَّتِهَا أَوْ) أَنْ يَقْسِمَ لَهَا (أَقَلَّ) مِنْ ضَرَّتِهَا (أَوْ أَنْ يَشْرِطَا) عَدَمَ وَطْءٍ، أَوْ أَنْ يَشْتَرِطَ (أَحَدُهُمَا عَدَمَ وَطْءٍ وَدَوَاعِيهِ أَوْ) يَشْتَرِطَ عَلَى الْمَرْأَةِ (أَنْ تُعْطِيَهُ شَيْئًا) أَوْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهَا (أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ) أَوْ تَشْتَرِطَ عَلَيْهِ (إنْ فَارَقَ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ أَوْ) يَشْتَرِطَا (خِيَارًا فِي عَقْدٍ) فَيَصِحُّ النِّكَاحُ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَقَدَّمَ فِي الضَّمَانِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ أَوْ فِي الْكَفَالَةِ؛ فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَقْدُ، وَهُنَا صَحَّ الْعَقْدُ دُونَ الشَّرْطِ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ الِالْتِزَامُ الْمَخْصُوصُ، وَشَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْتَزِمُ حَالًّا، فَلَمْ يُوجَدَا مِنْ أَصْلِهِمَا، فَلَمْ يَصِحَّا، بِخِلَافِ النِّكَاحِ، فَإِنَّ مَعْنَى شَرْطِ الْخِيَارِ فِيهِ أَنَّهُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ لِمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنْهُمَا الْفَسْخَ، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ؛ لِتَمَامِهِ، وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ، لِمَا فَاتَهُ، أَوْ يَشْتَرِطَا (أَوْ) أَحَدُهُمَا خِيَارًا فِي (مَهْرٍ،) يَشْرِطُ عَلَيْهِ (إنْ جَاءَهَا بِهِ) أَيْ: الْمَهْرِ (فِي وَقْتِ كَذَا أَوْ إلَّا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا أَوْ) تَشْرِطُ عَلَيْهِ (أَنْ يُسَافِرَ بِهَا) وَلَوْ لِحَجٍّ (أَوْ أَنْ تَسْتَدْعِيَهُ لِوَطْءٍ عِنْدَ إرَادَتِهَا أَوْ) تَشْرِطُ (أَنْ لَا تُسَلِّمَ نَفْسَهَا) إلَيْهِ (مُدَّةً إلَى كَذَا، أَوْ) تَشْرِطُ أَنْ (لَا يَكُونَ عِنْدَهَا فِي الْجُمُعَةِ إلَّا لَيْلَةً، أَوْ) تَشْرِطُ عَلَيْهِ (أَنْ لَا يَعْزِلَ عَنْهَا، أَوْ) تَشْرِطُ أَنْ (يَسْكُنَ بِهَا حَيْثُ شَاءَتْ أَوْ) حَيْثُ (شَاءَ أَبُوهَا) أَوْ حَيْثُ شَاءَ غَيْرُهُ (وَنَحْوُهُ) كَشَرْطِهَا عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا كُلَّ يَوْمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا (فَيَصِحُّ النِّكَاحُ) فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا (دُونَ الشَّرْطِ) لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَيَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حُقُوقٍ تَجِبُ بِالْعَقْدِ قَبْلَ انْعِقَادِهِ كَإِسْقَاطِ الشَّفِيعِ شُفْعَتَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَأَمَّا الْعَقْدُ بِنَفْسِهِ فَصَحِيحٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ تَعُودُ إلَى مَعْنًى زَائِدٍ فِي الْعَقْدِ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ فِيهِ، وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِهِ؛ فَلَمْ يُبْطِلْهُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ صَدَاقًا مُحَرَّمًا فِيهِ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْعِوَضِ فَجَازَ أَنْ يَنْعَقِدَ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَالْعِتْقِ.
(وَمَنْ طَلَّقَ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَقَعَ) طَلَاقُهُ؛ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحِلِّهِ وَلَغَا الشَّرْطُ.