الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ؛ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ أَوْ قَالَ: فِي طَعَامِ أَحَدِكُمْ؛ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءٌ وَفِي الْآخَرِ شِفَاءٌ وَأَنَّهُ يَتَّقِي بِالدَّاءِ» .
وَظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ غَمْسِهَا مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَتْ حَيَّةً، وَأَفْضَى ذَلِكَ إلَى مَوْتِهَا بِالْغَمْسِ، وَيَغْسِلُ يَدَيْهِ وَفَمَهُ مِنْ ثُومٍ وَبَصَلٍ وَزُهُومَةٍ أَيْ دُسُومَةٍ وَرَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ تَنْظِيفًا لِذَلِكَ، وَيَتَأَكَّدُ عِنْدَ النَّوْمِ خَشْيَةَ اللَّمَمِ، وَفِي الثَّرِيدِ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الطَّعَامِ؛ لِحَدِيثِ:«فَضْلُ الثَّرِيدِ عَلَى الطَّعَامِ كَفَضْلِ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ» وَهُوَ أَنْ يَثْرُدَ الْخُبْزَ ثُمَّ يَبُلَّهُ بِمَرَقِ لَحْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَثَرَدَ غَطَّاهُ شَيْئًا حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرَهُ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ.
[فَصْلٌ إعْلَانُ نِكَاحٍ وَضَرْبٌ فِيهِ بِدُفٍّ مُبَاحٍ]
فَصْلٌ.
(يُسَنُّ إعْلَانُ نِكَاحٍ وَ) يُسَنُّ (ضَرْبٌ فِيهِ بِدُفٍّ مُبَاحٍ) وَهُوَ مَا لَا حِلَقَ فِيهِ وَلَا صُنُوجَ (لِنِسَاءٍ وَلِرِجَالٍ) قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ التَّسْوِيَةُ، قِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ المروذي: مَا تَرَى النَّاسَ الْيَوْمَ يُحَرِّكُ الدُّفَّ فِي إمْلَاكٍ أَوْ بِنَاءٍ بِلَا غِنَاءٍ، فَلَمْ يَكْرَه ذَلِكَ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرٍ يَكُونُ لَهُ فِيهِ جَرَسٌ قَالَ: لَا (خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ حَيْثُ قَالَ: وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ، وَقَدْ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ وَالْمُوَفَّقَ حَيْثُ خَصَّصَاهُ بِالنِّسَاءِ، وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خَاطِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الصَّوْتُ وَالدُّفُّ فِي النِّكَاحِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَحَدِيثُ: «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ» وَفِي لَفْظٍ: «أَظْهِرُوا النِّكَاحَ» وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِ بِالدُّفِّ. وَفِي لَفْظٍ: «اضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
(قَالَ أَحْمَدُ: وَلَا بَأْسَ بِالْغَزَلِ فِي الْعُرْسِ) لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «لِلْأَنْصَارِ:
أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ وَلَوْلَا الذَّهَبُ الْأَحْمَرُ لَمَا حَلَّتْ بِوَادِيكُمْ وَلَوْلَا الْحَبَّةُ السَّمْرَاءُ مَا سُرَّتْ عَذَارِيكُمْ» .
(وَقَالَ الْإِمَامُ: يُسْتَحَبُّ ضَرْبُ الدُّفِّ وَالصَّوْتِ فِي الْإِمْلَاكِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا الصَّوْتُ؟ قَالَ: يَتَكَلَّم وَيَتَحَدَّثُ وَيُظْهِرُ) .
يُسَنُّ ضَرْبٌ بِدُفٍّ مُبَاحٍ فِي (خِتَانٍ وَقُدُومِ غَائِبٍ وَوِلَادَةٍ كَنِكَاحٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ السُّرُورِ (وَحَرُمَ مِزْمَارُ طُنْبُورٍ وَرَبَابٍ وَجُنْكٍ) وَمُعْزِفَةٍ وَجِفَانَةٍ (وَعُودٍ وَنَايٍ وَزَمَّارَةِ الرَّاعِي وَنَحْوِهِ، سَوَاءٌ اُسْتُعْمِلَتْ لِحُزْنٍ أَوْ سُرُورٍ) وَفِي الْقَضِيبِ وَجْهَانِ، وَفِي " الْمُغْنِي " لَا يُكْرَهُ إلَّا مَعَ تَصْفِيقٍ أَوْ غِنَاءٍ أَوْ رَقْصٍ وَنَحْوِهِ (وَكُرِهَ رَقْصٌ وَتَخْرِيقُ ثِيَابٍ لِمُتَوَاجِدٍ عِنْدَ السَّمَاعِ، قَالَهُ فِي " الْغُنْيَةِ ") وَكَرِهَ أَحْمَدُ التَّغْبِيرَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ؛ وَنَهَى عَنْ اسْتِمَاعِهِ، وَقَالَ: هُوَ بِدْعَةٌ وَمُحْدَثٌ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد وَلَا يُعْجِبُنِي، وَنَقَلَ يُوسُفُ وَلَا تَسْتَمِعُهُ، قِيلَ: هُوَ بِدْعَةٌ، قَالَ: حَسْبُك.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَالْمُغَبَّرَةُ قَوْمٌ يُغَبِّرُونَ لِذِكْرِ اللَّهِ؛ أَيْ: يُهَلِّلُونَ وَيُرَدِّدُونَ الصَّوْتَ بِالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهَا سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا يُرَغِّبُونَ النَّاسَ فِي الْمُغَايِرَةِ إلَى الْبَاقِيَةِ انْتَهَى.
وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ " مَنَعَ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْبِدْعَةِ عَلَيْهِ وَمِنْ تَحْرِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ شِعْرٌ مُلَحَّنٌ كَالْحُدَاءِ وَالْحَدْوُ لِلْإِبِلِ وَنَحْوِهِ، وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ الْقَلَانِسِيُّ أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ عَنْ الصُّوفِيَّةِ: لَا أَعْلَمُ أَقْوَامًا أَفْضَلَ مِنْهُمْ، قِيلَ: إنَّهُمْ يَسْتَمِعُونَ وَيَتَوَاجَدُونَ، قَالَ: دَعُوهُمْ يَفْرَحُونَ مَعَ اللَّهِ سَاعَةً.
قِيلَ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُوتُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَغْشَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَبَدَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ سَمَاعُ الْقُرْآنِ وَعَذَرَهُمْ لِقُوَّةِ الْوَارِدِ، قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".