الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَجَازَ أَنْ يَفْعَلَهُ كَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِلْإِقْنَاعِ، فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ مَيِّتًا، وَكَانَ قَدْ أَوْصَى بِالْعِتْقِ صَحَّ؛ وَإِنْ لَمْ يُوصِ، فَأَعْتَقَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ؛ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَنْهُ وَارِثُهُ؛ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَاجِبٌ، صَحَّ انْتَهَى وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ وَجَدَ بِمَا اشْتَرَاهُ لِلْكَفَّارَةِ عَيْبًا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ) فِيهَا كَالْعَوَرِ (فَلَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ لِنَفْسِهِ) كَمَا لَوْ لَمْ يَعْتِقْهُ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْعَيْبِ فَأَخَذَ أَرْشَهُ فَهُوَ لَهُ أَيْضًا، كَمَا لَوْ أَخَذَهُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ.
(وَإِذَا كَفَّرَ كَافِرٌ) عَنْ ظِهَارِهِ (بِعِتْقٍ وَبِمِلْكِهِ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً) أَوْ وَرِثَهَا فَأَعْتَقَهَا (صَحَّ) وَأَجْزَأَتْ عَنْهُ، وَحَلَّ لَهُ الْوَطْءُ وَإِلَّا فَلَا سَبِيلَ إلَى شِرَاءِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ شِرَاؤُهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَيَتَعَيَّنُ تَكْفِيرُهُ بِالْإِطْعَامِ، لِعَجْزِهِ عَنْ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ (إلَّا إنْ قَالَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ أَعْتِقْ) عَبْدَك الْمُسْلِمَ (عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ) فَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْهُ، وَيُجْزِئُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ بِالْإِطْعَامِ؛ فَكَالْعَبْدِ يَعْتِقُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ بِالصِّيَامِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ، فَيُجْزِئُ الْإِطْعَامُ، وَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْعِتْقِ وَالصِّيَامِ (وَلَا يَصِحُّ تَكْفِيرُ مُرْتَدٍّ بِعِتْقٍ أَوْ إطْعَامٍ زَمَنَ رِدَّتِهِ) فَإِنْ كَفَرَ بِذَلِكَ لَمْ يُجْزِئْهُ (نَصًّا) لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لَحِقَ الْمُسْلِمِينَ.
[فَصْلٌ لَمْ يَجِد المكفر عَنْ ظِهَاره رقبة]
فَصْلٌ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً) كَمَا تَقَدَّمَ (صَامَ) الْمُكَفِّرُ (حُرًّا) كَانَ أَوْ مُبَعَّضًا (أَوْ قِنًّا شَهْرَيْنِ، وَلَوْ كَانَا نَاقِصَيْنِ إنْ صَامَهُمَا بِالْأَهِلَّةِ) لِلْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ (وَيَلْزَمُهُ تَبْيِيتُ
النِّيَّةِ) لِصَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ، (وَ) يَلْزَمُهُ (تَعْيِينُهَا) أَيْ: النِّيَّةِ (جِهَةَ الْكَفَّارَةِ) لِحَدِيثِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (وَ) يَلْزَمُهُ (التَّتَابُعُ) أَيْ: يُتَابِعُ صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ بِأَنْ لَا يُفَرِّقَ الصَّوْمَ لِلْآيَةِ (لَا نِيَّتُهُ) أَيْ: التَّتَابُعِ؛ بَلْ يَكْفِي حُصُولُهُ بِالْفِعْلِ كَمُتَابَعَةِ الرَّكَعَاتِ فِي الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّهَا فَرْضٌ، وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهَا، بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ، فَافْتَقَرَ إلَى نِيَّةِ التَّرَخُّصِ.
(وَيَنْقَطِعُ) تَتَابُعٌ (بِوَطْءِ) مُظَاهِرٍ مِنْهَا - وَلَوْ نَاسِيًا - لِعُمُومِ {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] وَلِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُعْذَرُ فِيهِ بِالنِّسْيَانِ، وَلَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعٌ بِمُبَاشَرَةٍ دُونَ الْفَرْجِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُنْظَرُ بِهِ، لِعَدَمِ فَسَادِ الصَّوْمِ، وَأَمَّا لَمْسُ أَوْ مُبَاشَرَةُ (مُظَاهَرٍ مِنْهَا) عَلَى وَجْهٍ يُفْطِرُ، فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ، لِفَسَادِ صَوْمِهِ (وَلَوْ) فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (نَاسِيًا) لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِصِيَامِ شَهْرَيْنِ خَالِيَيْنِ عَنْ وَطْءٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ بِإِنْزَالٍ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِمَا كَمَا أَمَرَهُ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ، كَمَا لَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ نَهَارًا نَاسِيًا لِلصَّوْمِ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ أَنَّهُ (لَا) يَنْقَطِعُ (تَتَابُعُ) امْرَأَةٍ (مُظَاهِرَةٍ) مِنْ زَوْجِهَا بِأَنْ قَالَتْ لَهُ: أَنْتِ عَلَيَّ كَأَبِي أَوْ أَخِي حَيْثُ أَوْجَبْنَا عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ بِإِتْيَانِهَا بِالْمُنْكَرِ مِنْ الْقَوْلِ وَالزُّورِ بِتَمْكِينِ زَوْجِهَا مِنْ وَطْئِهَا وَمُبَاشَرَتِهَا غَيْرَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا ابْتِدَاءُ الْقُبْلَةِ وَالِاسْتِمْتَاعُ، لَا تَبَعًا لِأَنَّهَا لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الظِّهَارِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ تَغْلِيظًا، (أَوْ) لَا تَتَابُعُ (مُكْرَهٍ) عَلَى فِعْلِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ التَّتَابُعُ؛ لِحَدِيثِ:«عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (وَلَا) تَتَابُعُ (مَجْنُونٍ) لِأَنَّهُ مَرْفُوعٌ عَنْهُ الْقَلَمُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَكَانَ وَطْؤُهُ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا (مَعَ عُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ) كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ، فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ، (أَوْ) كَانَ (لَيْلًا) عَامِدًا كَانَ أَوْ نَاسِيًا، لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ لِلْوَطْءِ، فَلَا يُخَصُّ النَّهَارُ وَلَا الذَّكَرُ، وَ (لَا) يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ (بِوَطْءِ غَيْرِ) الْمُظَاهَرِ مِنْ (هَا)(نَاسِيًا) لِلصَّوْمِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (أَوْ) وَطْءِ غَيْرِ مُظَاهَرٍ مِنْهَا (لَيْلًا) وَلَوْ عَمْدًا قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ " بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، وَلَا هُوَ مُنْحَلٌّ بِتَتَابُعِ الصَّوْمِ كَالْأَكْلِ (أَوْ) غَيْرِ مُظَاهَرٍ مِنْهَا (لِعُذْرٍ) يُبِيحُ الْفِطْرَ، لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي قَطْعِ التَّتَابُعِ.
(وَيَنْقَطِعُ) تَتَابُعٌ (بِصَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ) لِأَنَّهُ فَرَّقَهُ بِشَيْءٍ يُمْكِنُ تَحَرُّزُهُ مِنْهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ (وَيَقَعُ) صَوْمُهُ (عَمَّا نَوَاهُ) لِأَنَّهُ زَمَانٌ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلْكَفَّارَةِ (وَ) يَنْقَطِعُ تَتَابُعٌ (بِفِطْرٍ) فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرَيْنِ (بِلَا عُذْرٍ) لِقَطْعِهِ إيَّاهُ أَوْ بِفِطْرٍ (لِجَهْلٍ) لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَخْفَى (أَوْ نَسِيَ وُجُوبَ التَّتَابُعِ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ أَتَمَّ الشَّهْرَيْنِ، فَبَانَ بِخِلَافِهِ) انْقَطَعَ التَّتَابُعُ، كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ الْوَاجِبَ شَهْرٌ وَاحِدٌ، فَأَفْطَرَ.
(وَلَا يَنْقَطِعُ) تَتَابُعٌ (بِصَوْمِ رَمَضَانَ) وَلَا بِفِطْرٍ فِيهِ بِسَفَرٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ فِطْرٍ وَاجِبٍ كَ) فِطْرِ يَوْمِ (عِيدٍ) وَأَيَّامِ تَشْرِيقٍ بِأَنْ يَبْتَدِئَ مَثَلًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَيَتَخَلَّلُهُ يَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ؛ فَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ، لِأَنَّهُ زَمَنٌ مَنَعَهُ الشَّرْعُ عَنْ صَوْمِهِ فِي الْكَفَّارَةِ كَاللَّيْلِ (وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ) أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْحَيْضِ، وَقِيسَ عَلَيْهِ النِّفَاسُ (وَجُنُونٍ) وَإِغْمَاءٍ (وَمَرَضٍ مَخُوفٍ) لِأَنَّ الْحَيْضَ وَمَا بَعْدَهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ.
(وَ) لَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعٌ بِفِطْرِ (حَامِلٍ وَمُرْضِعٍ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا) لِأَنَّهُ فِطْرٌ أُبِيحَ لِعُذْرٍ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهَا؛ أَشْبَهَ الْمَرَضَ، أَوْ فِطْرٍ (لِعُذْرٍ يُبِيحُهُ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ غَيْرِ مَخُوفٍ) لِشَبَهِهِمَا بِالْمَرَضِ الْمَخُوفِ فِي إبَاحَةِ الْفِطْرِ، (وَ) كَفِطْرِ (حَامِلٍ) وَمُرْضِعٍ لِضَرَرِ (وَلَدِهِمَا) بِالصَّوْمِ؛ لِإِبَاحَةِ فِطْرِهِمَا بِسَبَبٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِمَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَفْطَرَتَا خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهَا، (وَ) كَفِطْرِ (مُكْرَهٍ) عَلَى فِطْرٍ (وَمُخْطِئٍ كَظَنِّهِ) أَيْ: الْأَكْلَ