الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الرَّضَاعِ]
ِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا (وَهُوَ) مَصْدَرُ رَضَعَ الثَّدْيَ إذَا مَصَّهُ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْكَسْرُ الْأَفْصَحُ. وَلَهُ سَبْعُ مَصَادِرَ، قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ فِي شَرْحِهِ: امْرَأَةٌ مُرْضِعٌ إذَا كَانَتْ تُرْضِعُ وَلَدَهَا سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ، وَامْرَأَةٌ مُرْضِعَةٌ إذَا كَانَ ثَدْيُهَا فِي فَمِ وَلَدِهَا.
قَالَ ثَعْلَبٌ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الحج: 2] وَقِيلَ الْمُرْضِعَةُ الْأُمُّ وَالْمُرْضِعُ الَّتِي مَعَهَا صَبِيٌّ تُرْضِعُهُ، وَالْوَلَدُ رَضِيعٌ وَرَاضِعٌ. (وَشَرْعًا مَصُّ لَبَنٍ) أَيْ: مَصُّ مَنْ لَهُ دُونَ حَوْلَيْنِ لَبَنًا (ثَابَ) أَيْ: اجْتَمَعَ (مِنْ حَمْلٍ مِنْ ثَدْيِ امْرَأَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَصَّ (أَوْ شَرِبَهُ وَنَحْوَهُ) كَأَكْلِهِ بَعْدَ تَجْبِينِهِ وَسَعُوطٍ وَوَجُورٍ وَتَأْتِي، مَفَاهِيمُ ذَلِكَ.
(وَيَحْرُمُ) رَضَاعٌ (كَنَسَبٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] . وَحَدِيثُ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ " مِنْ النَّسَبِ ": وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّضَاعَ مُحَرَّمٌ فِي الْجُمْلَةِ (فَمَنْ أَرْضَعَتْ) وَلَوْ مُكْرَهَةً عَلَى إرْضَاعِهَا (بِلَبَنِ حَمْلٍ) لَاحِقٌ نَسَبُهُ (بِوَاطِئٍ) بِأَنْ تَكُونَ الْمَوْطُوءَةُ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ مَوْطُوءَتَهُ بِشُبْهَةٍ وَالرَّضِيعُ (طِفْلًا) فِي الْحَوْلَيْنِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (صَارَا) أَيْ: الْمُرْضِعَةُ وَالْوَاطِئُ اللَّاحِقُ بِهِ الْحَمْلُ الَّذِي ثَابَ عَنْهُ اللَّبَنُ (فِي تَحْرِيمِ نِكَاحٍ) مُتَعَلِّقٍ بِصَارَا (وَفِي ثُبُوتِ مَحْرَمِيَّةٍ وَإِبَاحَةِ نَظَرٍ وَفِي) إبَاحَةِ (خَلْوَةِ أَبَوَيْهِ) أَيْ: الطِّفْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ
فَرْعٌ عَلَى التَّحْرِيمِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ.
(وَ) صَارَ (هُوَ) أَيْ: الْمُرْتَضِعُ (وَلَدَهُمَا) فِيمَا ذُكِرَ (وَ) صَارَ (أَوْلَادُهُ) أَيْ: الطِّفْلِ (وَإِنْ سَفَلُوا أَوْلَادَ وَلَدِهِمَا) الَّذِي هُوَ الْمُرْتَضِعُ (وَصَارَ أَوْلَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ: الْمُرْضِعَةِ وَالْوَاطِئِ الْمَذْكُورِ (مِنْ الْآخَرِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) كَأَنْ تَزَوَّجَتْ الْمُرْتَضِعَةُ بِغَيْرِهِ فَصَارَ لَهَا مِنْهُ أَوْلَادٌ، أَوْ تَزَوَّجَ الْوَاطِئُ بِغَيْرِهَا وَصَارَ لَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ؛ فَالذُّكُورُ مِنْهُمْ يَصِيرُونَ (إخْوَتَهُ وَالْبَنَاتُ أَخَوَاتِهِ، وَيَصِيرُ آبَاؤُهُمَا) أَيْ: الْمُرْضِعَةِ وَالْوَاطِئِ (أَجْدَادَهُ) أَيْ: الطِّفْلِ (وَ) أُمَّهَاتُهُمَا (جَدَّاتِهِ وَ) صَارَ إخْوَتُهُمَا وَ (أَخَوَاتُهُمَا) أَيْ: إخْوَةُ الْمُرْضِعَةِ وَأَخَوَاتُهَا، (وَإِخْوَةُ الْوَاطِئِ وَأَخَوَاتُهُ) أَعْمَامَهُ وَعَمَّاتِهِ وَأَخْوَالَهُ وَخَالَاتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ فَرْعُ ثُبُوتِ الْأُمُومَةِ وَالْأُبُوَّةِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ أُبُوَّةُ الْوَاطِئِ لِلطِّفْلِ وَفُرُوعُهَا إذَا كَانَ يَلْحَقُهُ نَسَبُ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي ثَابَ لِلْمَرْأَةِ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِ وَمَاءِ الْمَرْأَةِ، فَنَشَرَ التَّحْرِيمَ إلَيْهِمَا وَنَشَرَ الْحُرْمَةَ إلَى الرَّجُلِ وَأَقَارِبِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى لَبَنُ الْفَحْلِ، «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ لَمَّا سَأَلَتْهُ عَنْ أَفْلَحَ حِينَ قَالَ لَهَا أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمُّك؟ فَقَالَتْ كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَرْضَعَتْك امْرَأَةُ أَخِي بِلَبَنِ أَخِي، فَقَالَ صَدَقَ أَفْلَحُ ائْذَنِي لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
(وَلَا تَثْبُتُ بَقِيَّةُ أَحْكَامِ نَسَبٍ مِنْ نَفَقَةٍ وَإِرْثٍ وَعِتْقٍ وَوِلَايَةٍ) إذَا مَلَكَ رَحِمَهُ الْمَحْرَمَ بِالرَّضَاعِ وَوِلَايَةَ النِّكَاحِ وَالْمَالِ، لِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى مِنْ الرَّضَاعِ فَلَا يُسَاوِيهِ إلَّا فِيمَا وَرَدَ النَّصُّ فِيهِ وَهُوَ التَّحْرِيمُ، وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَحْرَمِيَّةِ وَالْخَلْوَةِ (وَتَمَلُّكٍ وَعَقْلٍ وَرَدِّ شَهَادَةٍ) لِأَصْلِهِ وَفُرُوعِهِ مِنْ الرَّضَاعِ (وَحُكْمٍ، وَلَا تَنْتَشِرُ حُرْمَةُ) رَضَاعٍ (إلَى مَنْ بِدَرَجَةِ مُرْتَضِعٍ أَوْ فَوْقَهُ مِنْ أَخٍ وَأُخْتٍ) مِنْ نَسَبِ بَيَانٍ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ (وَأَبٍ وَأُمٍّ وَعَمٍّ وَعَمَّةٍ وَخَالٍ وَخَالَةٍ) مِنْ نَسَبِ بَيَانٍ لِمَنْ فَوْقَهُ (فَتَحِلُّ مُرْضِعَةٌ لِأَبِي مُرْتَضِعٍ وَأَخِيهِ مِنْ نَسَبٍ) إجْمَاعًا (وَ) تَحِلُّ (أُمُّهُ) أَيْ: الْمُرْتَضِعِ (وَأُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ لِأَبِيهِ وَأَخِيهِ مِنْ رَضَاعٍ) إجْمَاعًا (كَمَا يَحِلُّ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ مِنْ نَسَبٍ أُخْتَهُ مِنْ أُمِّهِ) مِنْ نَسَبٍ إجْمَاعًا (وَيَكُونُ) مِنْ زَوْجٍ مِنْ
أَبِيهِ بِأُخْتِهِ مِنْ أُمِّهِ (عَمَّا) لِوَلَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَخُو أَبِيهِ وَ (خَالًا) لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَخُو أُمِّهِ.
(وَمَنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ حَمْلٍ مِنْ زِنًى) طِفْلًا (أَوْ) أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ حَمْلٍ (نَفْيٍ بِلِعَانٍ طِفْلَةً) فِي الْحَوْلَيْنِ (صَارَتْ بِنْتَهَا) فَقَطْ، فَتَثْبُتُ الْأُمُومَةُ وَفُرُوعُهَا مِنْ الْجُدُودَةِ لَهَا وَالْخُؤُولَةِ دُونَ الْأُبُوَّةِ وَفُرُوعِهَا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلنَّسَبِ (وَحَرُمَتْ) الطِّفْلَةُ (عَلَى وَاطِئٍ تَحْرِيمَ مُصَاهَرَةٍ) لِأَنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ (وَتَحِلُّ لِابْنِ وَاطِئٍ وَأَبِيهِ) لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهَا (وَلَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ وَاطِئٍ) بِزِنًا أَوْ مُلَاعِنٍ (مِنْ حَيْثُ الْمَحْرَمِيَّةِ) لِحَدِيثِ:«يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ، وَلَا نَسَبَ هُنَا.
(وَمَنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ اثْنَيْنِ وَطِآهَا بِشُبْهَةٍ طِفْلًا، وَثَبَتَتْ أُبُوَّتُهُمَا) أَيْ: الْوَاطِئَيْنِ (أَوْ) ثَبَتَتْ (أُبُوَّةُ أَحَدِهِمَا لِمَوْلُودٍ) بِأَنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ (فَالْمُرْتَضَعُ ابْنُهُمَا) إنْ ثَبَتَتْ أُبُوَّتُهُمَا (أَوْ ابْنُ أَحَدِهِمَا) إنْ ثَبَتَتْ أُبُوَّتُهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّضِيعِ تَابِعٌ لِحُكْمِ الْمَوْلُودِ (وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ) أُبُوَّتُهُمَا وَلَا أُبُوَّةُ أَحَدِهِمَا لِمَوْلُودٍ (بِأَنْ مَاتَ مَوْلُودٌ قَبْلَ إلْحَاقٍ) بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا (أَوْ فُقِدَتْ قَافَةٌ أَوْ نَفَتْهُ) الْقَافَةُ (عَنْهَا) أَيْ: الْوَاطِئَيْنِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْقَافَةِ فِي النَّفْيِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَفْيًا عَنْ الْفِرَاشِ كُلِّهِ (أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ) عَلَى الْقَافَةِ (ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ) مِنْ جِهَةِ الْمُرْتَضِعِ (فِي حَقِّهِمَا) أَيْ: الْوَاطِئَيْنِ (فَلَا تَحِلُّ لَهُمَا) أَيْ: الْوَاطِئَيْنِ (أُنْثَى اُرْتُضِعَتْ) تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ، وَلَا تَحِلُّ لِأَوْلَادِهِمَا وَآبَائِهِمَا وَتَحْرُمُ أَوْلَادُهُمَا عَلَى الْوَاطِئَيْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا ابْنَةُ مَوْطُوءَتِهِمَا، فَهِيَ رَبِيبَةٌ لَهُمَا، وَالرَّبِيبَةُ مِنْ الرَّضَاعِ كَالنَّسَبِ.
(وَإِنْ ثَابَ لَبَنٌ لِمَنْ) أَيْ: امْرَأَةٍ (لَمْ تَحْمِلْ) قَبْلُ إنْ ثَابَ لَبَنُهَا (وَلَوْ حَمَلَ مِثْلُهَا، لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ) نَصًّا فِي لَبَنِ الْبِكْرِ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ لِتَغْذِيَةِ الْأَطْفَالِ (كَلَبَنِ رَجُلٍ وَكَذَا لَبَنُ خُنْثَى مُشْكِلٍ وَلَبَنُ بَهِيمَةٍ) فَلَا يَنْشُرُ الْمَحْرَمِيَّةَ