الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الرحمن بن سويلم:
كثر الخطاطون وكاتبو الوثائق من المبايعات في أسرة (السويلم) في وقت مبكر من وصول الأسرة إلى بريدة ففي حياة الشيخ عبد العزيز بن سويلم لا نكاد نري وثيقة مبايعة أو وقف أو نحوها بخطه، ولكننا نرى ذلك كثيرًا في خط عدد من أسرة آل سويلم غيره، وذلك في حياته أي حياة الشيخ القاضي عبد العزيز بن عبد الله بن سويلم.
منهم (عبد الرحمن بن سويلم) الذي كثرت كتاباته وتتميز بالاختصار وعدم التحذلق أو التأنق، ولكنها تجمع بين الضبط واستيفاء المقصود.
وأقدم كتاباته كانت في العقد الرابع من القرن الثالث عشر بعد وقعة الدرعية وتخريبها من قبل إبراهيم باشا وجنوده بقليل وربما دل ذلك - كما قلنا - على أنّه قدم إلى بريدة بعد خراب الدرعية ورايت له كتابات عديدة تتعلق بمعاملات في البيع والشراء والمداينات لعمر بن عبد العزيز بن سليم، أول من جاء من آل سليم إلى بريدة.
وربما كان سبب ذلك جامعة أو صلة المعرفة السابقة بينهما في سكنى الدرعية وكونهما وأسرتيهما معًا ممن جاءوا إلى بريدة من الدرعية.
وقد لاحظنا أن (عبد الرحمن السويلم) لا يكتب اسمه ثلاثيًّا، بل يقتصر على ذكر اسمه واسم أسرته، فلا يقول إلَّا (عبد الرحمن بن سويلم) فهل معنى ذلك أن والده كان اسمه (سويلم) فصار يكتفي بذلك عن قوله مثلًا: عبد الرحمن بن سويلم آل سويلم، أو ابن سويلم، لأنني لاحظت أيضًا أنّه لا يقول عبد الرحمن السويلم، كما نصنع نحن في القصيم عندما نذكر نسبة المرء إلى أسرته أو حتى إلى والده.
وذلك في كل ما كتبه على كثرة ما رأيته من ذلك.
وكتاباته ليست بريئة من اللحن في النحو، أو الغلط في الإملاء، وحتي
هنا عندما كان الشاهد في الوثيقة أحد أسرة السويلم وهو (محمد بن سويلم) نجل القاضي الشيخ (عبد العزيز بن سويلم) لم يكتب عبد الرحمن بن سويلم اسم والده، ولم ينوه على أنّه ابن الشيخ القاضي.
وهذه نماذج لكتابات عبد الرحمن بن سويلم:
فهذه الوثيقة المؤرخة في 5 صفر من عام 1238 هـ. تتضمن دينًا لعمر بن سليم على عبد الله بن إبراهيم بن موسى.
وقد أحببت نقلها بحروف الطباعة لأنها قد ضرب عليها بخطوط دليلًا على أنّه قد بطل مفعولها، بمعنى أن الدَّيْن الذي فيها قد استوفي، ولم تبق حاجة لهذه الورقة، ولكنها كانت جزءا من دفتر فيه وثائق ومكاتبات لا ينبغي إتلافها، لذلك بقيت فيه، ونصها:
"الحمد لله
يعلم من يراه أنّه حضر عندي عبد الله بن إبراهيم بن موسى وأقر أن عنده وفي ذمته لعمر بن سليم سبعة عشر ريال ثمن البكرة الملحا والجمل الأملح وهي مؤجلات إلى طلوع رمضان من عام 1238 هـ وهن رهن لعمر بثمن المذكور شهد على ذلك محمد بن سويلم وشهد به وكتبه عبد الرحمن بن سويلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم حرر نهار 15 صفر سنة 1238 هـ".
والتعليق عليها في أمور:
أولها: أنني لم أعرف عبد الله بن إبراهيم بن موسى لأن اسم موسى ليس اسمًا مميزًا تاريخيًا للأسر، أو هذا هو ما وصل إليه علمي.
ثانيها: الهنات التي فيها وهي الجمل الأملح كتب (الملح)، والجمل الأملح هو الأسود سوادًا غير حالك، وكذلك الناقة الملحاء، إذا كان سوادها غير حالك، وهذه من الأوصاف التي تقال في أوصاف الإبل خاصة، وقوله مئجلات أي (مؤجلات) من التأجيل أي البيع إلى أجل، وليس ثمنها حاضرا كما هو واضح وكلمة (إيلا طلوع رمضان) التي هي إلى طلوع رمضان.
ثالثها: أنّه ذكر الشاهد الوحيد في الوثيقة وأنه محمد بن سويلم، وظني أنّه محمد بن عبد العزيز بن سويلم ابن الشيخ القاضي عبد العزيز بن سويلم الذي هو كاتب أيضًا سيأتي الكلام على كتاباته فيما بعد.
رابعها: قوله: شهد به و (اكتبه) باثبات ألف قبل الكاف على اللفظ العامي الكلمة كتبه.
وأما إثبات الألف قبل كلمة (بن) بين العلمين فذلك شائع لا يعرفه أو لا يأخذ به حتى العلماء، والصواب الإملائي هو حذف الألف بين العلمين مثل عبد الله بن إبراهيم بن موسى، إلَّا إذا كان العلم الثاني في أول السطر.
وقد تجاهلها أكثر الكتاب القدماء في بلادنا، وذلك أنّه لا معنى لحذفها، وهي ثابتة إلّا ما ذكره بعضهم بأنها تدل في حال حذفها على أن صاحب الاسم الأول هو ابن لصاحب الاسم الثاني، مثل ما إذا كان رجلٌ اسم أسرته (صالح) واسمه (محمد) فإنه إذا كتب اسمه (محمد بن صالح) وأريد بصالح هذا والده نفسه فإن المراد يكون أن (صالحًا) الذي بعد اسمه هو اسم أسرته وليس اسم والده.
وهذا على تعقيده تعقيدًا لا ضرورة له يبطل في حالة ما إذا كانت كلمة (بن) في المثال الأول في أول السطر فإنها تثبت على أية حال سواء أكان الذي بعدها أبًا حقيقيًّا لصاحب الاسم المذكور في آخر السطر السابق أم اسمًا لاسرته.
خامسها: قوله: حرر نها (ر) وسقطت الراء سهوا فالمراد بذلك يوم وليس النهار ضد الليل.
وكتب عبد الرحمن بن سويلم وثيقة مداينة مؤرخة عام 1237 هـ حسب المتبع عندهم إذ الدين المذكور فيها يحل أجل وفائه طلوع شهر شعبان سنة 1238 هـ وهي مداينة بين محمد بن عبد الهادي، ولم أتيقن من كون (عبد الهادي) في اسمه اسم أبيه أو اسم أسرته وبين عمر بن سليم، والرهن فيها مقبوض وهو سيف وقليوه والقليوه: تصغير قلوه وهي كالكرة الصغيرة من الذهب، ولذلك قال: فيها وريقات ذهب، ولم أتيقن من معنى هذه اللفظة.
والشاهد عليها هو إبراهيم آل محمد بن سالم من مشاهير المثقفين من أسرة السالم الكبيرة القديمة السكنى في بريدة.
ومثلها هذه الوثيقة المختصرة المكتوبة قبل عام 1238 هـ:
والوثيقة التالية مختصرة مفيدة كتبها عبد الرحمن بن سويلم على عادته في عدم الحذلقة والتطويل فيما لا يحتاج إليه وهي واضحة لا تحتاج في نظري إلى أن تنقل بحروف الطباعة، وإنما نعلق على بعض ما جاء فيها.
فالمستدين هو عبد الله النصار وهو من آل نصار الذي هم من بني عليان، وهم أسرة معروفة مشهورة بقيت على اسمها (النصار) حتى الآن، رغم تفرع
فروع منها اكتسبت أسماء جديدة، ورغم وجود أكثر من أسرة في بريدة اسمها (النصار) سوف يأتي ذكرها في حرف النون بإذن الله.
وتتضمن مبلغًا كبيرًا من المال في عرف أهل ذلك الزمان، ذلك بأنها تتضمن ألف صاع من الحنطة النقية التي عبر عنها بقوله (حَبَّ) فالقمح كان يسمى عندهم بالحب حتى التاريخ القريب الذي أدركته وتتضمن أيضًا ستمائة صاع شعير.
والصاع من القمح يعادل نحو ستة كيلوغرامات، أي إنّ ذلك المبلغ من الحنطة مقداره ستة آلاف كيلو من القمح وبتعبير أوضح إذا وضع في أكياس كأكياس الأرز المعتادة الآن وهي التي يوضع فيها خمسون كيلوغرامًا، فإن مقداره يؤلف ما يملأ مائة وعشرين كيسًا.
وقل مثل ذلك في الشعير المذكور هنا وهو ستمائة صاع.
والشاهد الوحيد على هذا الدين الكثير هو إبراهيم آل محمد بن سالم من أسرة (آل سالم) الكبيرة وهو طالب علم لم أره يقبل أن يكتب غيره في اسمه (إبراهيم المحمد) لأنه يرى أن ذلك لحن وهو على حقّ في ذلك.
وقد رأيناه يستشهد في الأشياء المهمة، وتدل كتاباته وعباراته على أنّه طالب علم ثقة.
وقد أرخ عبد الرحمن بن سويلم أجل ذلك الدين بأن حلول ذلك الدين دخول شهر رمضان المحرم من عام 1238 هـ.
ووصف شهر رمضان بأنه (المحرم)، أي من الأشهر الحرم.