الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى توفي في آخر شهر ذي الحجة عام 1362 هـ.
وبعد أن عين شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد في القضاء عام 1363 هـ نفذ الفكرة بأن طلب ممن عنده شيء من الكتب وبخاصة من الكتب الموقوفة أن يضعها في المكتبة، وطلب من الملك عبد العزيز آل سعود مساعدة سنوية لمن يكونون في المكتبة يدرسون ويطالعون ولشراء كتب لها وعينني فيها عام 1364 هـ باسم (قيم مكتبة جامع بريدة).
وكانت تلك أول وظيفة عينت فيها.
وكان لدى الشيخ محمد بن صالح السليم أوراق مهمة أيضًا، ومن ذلك أن الشيخ فهد بن عبيد العبد المحسن عندما كنت متفرغًا لطلب العلم، وكانت صلتي به قوية، طلب مني أن استعير من الشيخ محمد بن صالح السليم ما سمى بـ (توبة ابن جاسر) وهي أوراق بل ورقتان ذكر فيهما أنه على ما كان عليه مشايخه من آل سليم ومشايخهم من العقيدة الصحيحة، وكانت (التوبة) كما كان يسميها الشيخ فهد بن عبيد وأمثاله من الإخوان الذين هم من تلامذة آل سليم مؤرخة في عام 1303 هـ.
وقد استعرتها بالفعل من الشيخ محمد ونسخت منها نسخة أعطيتها الشيخ فهد بن عبيد، وأعدت الأصل إلى الشيخ محمد بن سليم.
أنموذج من نصائح الشيخ محمد بن صالح السليم وأسلوبه في الكتابة الدينية:
نصيحة عامة لكافة المسلمين:
من محمد بن صالح بن محمد بن سليم إلى من يراه من المسلمين، وفقني الله وإياهم لصراطه المستقيم، وجنبني وإياهم طريق الجحيم آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فالموجب لهذا هو نصيحتكم، والشفقة عليكم، وتذكيركم، عملًا بقوله تعالى جل شأنه:(وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).
وقوله: (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين).
وقوله: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
وقال عليه السلام: (الدين النصيحة ثلاثًا)، قلنا لمن هي يا رسول الله، قال:(لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم).
فدلت هذه الآيات الكريمات والحديث النبوي، على مشروعية التذكير، وذلك لما يترتب عليه من نفع المؤمنين، وتعليم الجاهل، وإرشاد الضال، وتنبيه الغافل، وغير ذلك من المصالح الكثيرة، والله سبحانه لم يخلقنا إلا لنطيعه ونعبده حق عبادته، وأرسل لنا الرسل مبشرين ومنذرين.
قال تعالى: (رسلًا مبشرين ومنذرين لئلا يكون الناس على الله حجة بعد الرسل).
فالواجب علينا أن نذكركم وننصحكم في الله، وندعوكم إلى الله عز وجل حسب الطاقة، أداءًا الواجب التبليغ والدعوة، واقتداءًا بالرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وخشية من إثم كتمان العلم الذي توعد الله عليه في كتابه العزيز حيث يقول: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون).
فالذي أوصيكم به معاشر المسلمين تقوى الله تعالى في السر والعلانية، فإنها وصية الله للأولين والآخرين.
قال تعالى: (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله).
والتقوى كلمة جامعة تجمع الخير كله من فعل الواجبات والمستحبات، وترك المحرمات والمكروهات، على وجه الإخلاص لله سبحانه وتعالى، والرغبة في ثوابه، والحذر من عقابه، وقد أمر الله عباده بالتقوى، ووعدهم عليها بتيسير الأمور، وتفريج الكروب قال تعالى:(ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
أيها المسلمون يجب علينا وعليكم مراقبة الله، والمبادرة إلى التقوى في جميع أحوالنا، وحركاتنا وسكناتنا وأعمالنا، فمتى قمنا بهذه التقوى أعطانا الله سبحانه ما رتب على التقوى من تيسير الأمور، وتفريج الكروب، والنجاة في الدنيا والآخرة.
ولا يخفى عليكم معاشر المسلمين ما لحقنا بسبب إهمالنا للتقوى من قسوة القلوب، والزهد في الآخرة، والإعراض عما خلقنا له، والإقبال على الدنيا، وأسباب تحصيلها بكل وسيلة، من دون تمييز بين ما يحل ويحرم، وانهماك الأكثرين في الشهوات، وأنواع اللهو والغفلة.
فتداركوا معشر المسلمين أنفسكم، وبادروا إلى أداء ما أوجب الله عليكم، من فعل الواجبات، وترك المحرمات، فالله سبحانه لم يخلقنا لجمع حطام الدنيا، والنظر إلى زخارفها الفانية، وإنما خلقنا لأمر عظيم هو عبادته وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه، وهذا هو توحيد الطلب والقصد.
قال الله جل شأنه: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
فهذه هي الحكمة الشرعية الدينية التي خلقنا لأجلها، فمتى وفقنا لذلك كان ذلك دليلًا على سعادتنا ونجاتنا في الدنيا والآخرة، ومتى أعرضنا عما خلقنا له كان ذلك دليلًا على خسارتنا وهلاكنا.
فتوبوا أيها المسلمون من جميع الذنوب، واعتمدوا عليه وحده، وتوكلوا عليه، فإنه خالقكم ورازقكم، ونواصيكم بيده، لا بيد غيره، ولو أجمع الخلق
كلهم على أن ينفعوا أحدًا لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله، ولو أجمع الخلق على أن يضروا أحدًا لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه.
وعليكم عباد الله بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فإن ذلك من فروض الكفايات، ولا صلاح للعباد في معاشهم ومعادهم إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على حسب الاستطاعة كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:(من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).
جعل صلى الله عليه وسلم الإنكار واجبًا على جميع المسلمين، مرتبًا وجوبه بحسب الاستطاعة، فمن قدر على تغييره باليد، وجب عليه ذلك، فإن عجز فباللسان، فإن عجز فبالقلب، وذلك أضعف الإيمان.
فلو امتثلنا أمر الله ورسوله، وتآمرنا بالمعروف، وتناهينا عن المنكر، وأخذنا على أيدي سفهائنا، وقمنا بالتناصح بيننا، والتواصي بالحق، لحصل لنا الفلاح والسعادة، وعم الخير ونزلت البركات، وقد قص الله علينا ما حل بمن قبلنا لما عصوه، ولم يتناهوا عن المنكر فقال:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} .
وحذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نعمل كما عملوا، فنعاقب كما عوقبوا، فقال:(لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطرأ، أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض، ويلعنكم كما لعنهم).
فاتقوا الله معشر المسلمين وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تتعاونوا على الإثم والعدوان.
ومن الأمر بالمعروف المحافظة على الصلوات الخمس في المساجد جماعة، فمن ترك الصلاة جاحدًا لوجوبها فهو كافر بإجماع علماء المسلمين، لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يكفن ولا يدفن في مقابر المسلمين.
ومن المنكرات تأخير الصلاة عن وقتها، قال تعالى:(فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا).
فأداء الصلاة في المساجد جماعة واجب في حق الرجال، يثاب على فعله، ويعاقب على تركه، قال عليه السلام:(لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد).
وقال (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار).
ولا يهم النبي صلى الله عليه وسلم على حرق بيوتهم إلا على ترك واجب.
وذهبت طائفة من العلماء إلى أن صلاة الجماعة شرط لصحة الصلاة.
فاتقوا الله عباد الله، وحافظوا على الصلوات الخمس في المساجد جماعة، حيث ينادي لها، وأنكروا على من رأيتموه يتخلف عنها.
ومن المنكرات الظاهرة منع الزكاة، فمن منع الزكاة جاحدًا لوجوبها كفر، وبخلًا مع التهاون بها تؤخذ منه ويعزر، فالزكاة قرينة الصلاة، وركن من أركان الإسلام قال الله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} .
وقال عليه السلام: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة).
والحكمة في تشريع الزكاة مواساة الأغنياء لإخوانهم الفقراء، فلو قام الأغنياء بهذه الفريضة حق القيام، وصرفوا الزكاة مصرفها الشرعي، لحصل للفقراء
والمساكين ما يكفيهم، ولا يحتاجون معه إلى غيره، أما إذا منع الأغنياء ما أوجب الله عليهم من فريضة الزكاة، فإنه ينشأ من هذا أضرار ومفاسد كثيرة.
وتجب الزكاة في الخارج من الأرض كالحبوب والثمار، وبهيمة الأنعام، وعروض التجارة، والذهب والفضة، وقد تجب على غيرهن، ولكل من هذه الأصناف الأربعة نصاب محدود، لا تجب الزكاة فيما دونه.
فنصاب الحبوب أو الثمار خمسة أوسق، وأدنى نصاب الغنم أربعون، وما دون ذلك فليس فيه شيء، وأدنى نصاب الإبل خمسة، وما دون ذلك فليس فيه شيء، وأدنى نصاب البقر ثلاثون، وما دون ذلك فليس فيه شيء، ونصاب الفضة مائتا درهم، وما دون ذلك فليس فيه شيء، ونصاب الذهب عشرون مثقالا، وما دون ذلك فليس فيه شيء.
فإذا ملك الإنسان نصابًا من الذهب وقدره إحدى عشر جنيهًا ونصف جنيه تقريبًا من الجنيهات السعودية، ومثله من الجنيه الإفرنجي، أو ملك نصابًا من الفضة وقدره ستة وخمسون ريالًا عربيًّا تقريبًا، وحال عليه الحول، وجبت فيه الزكاة ربع العشر، وكذلك الأوراق إذا ملك الإنسان منها ما يقابل ستة وخمسين ريالًا عربيًّا، وحال عليه الحول، فإنه يخرج ربع عشر قيمتها.
ولا يجوز نقل الزكاة إلى ما تقصر فيه الصلاة لأنه يجب إخراج الزكاة في بلد المال لقوله عليه السلام: (تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم).
فاتقوا الله عباد الله، وأدوا زكاة أموالكم إذا توفرت شروطها لمستحقيها.
ومن المنكرات الظاهرة التي يجب إنكارها حلق اللحية، فإن ذلك لا يجوز، وحلقها كبيرة من كبائر الذنوب، قال عليه السلام:(حفوا الشوارب، وفروا اللحى خالفوا المشركين).
ومن المنكرات أيضًا شرب المسكرات كالخمر والدخان والحشيش والأفيون، وغير ذلك من المسكرات، قال عليه السلام:(كل مسكر خمر وكل خمر حرام)، فدخل في هذا الخطاب الكريم جميع أنواع المسكرات من أي نوع كان.
ومن المنكرات الظاهرة فتح الراديو على الأغاني، والرقص، وأنواع الملاهي، ومن ذلك فتح التلفزيون على الملاهي، وفتح السينما كذلك، لأن ذلك يصد عن ذكر الله وعن الصلاة.
ومن المنكرات الظاهرة الاشتغال بمطالعة الصحف الماجنة، والمجلات المشتملة على ما يفسد العقائد، كالمصور، وآخر ساعة، والجيل، وروز اليوسف، وصباح الخير، ومجلة الأسبوع العربي، والموعد، والعروسة والكواكب، والصاروخ، وغيرها من المجلات الخلاعية، دفعًا لضررها عن أنفسنا وأولادنا، لكونها تفسد الدين والأخلاق، وتحدث الشكوك، وتفسد العقائد، وتولد المشاكل الكثيرة.
ومن المنكرات الظاهرة تغيير الشيب بالسواد فإنه حرام لا يجوز، قال الله جل شأنه:(وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، وقال:(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
وقال عليه السلام: (إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه).
ولما جاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه بأبيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحيته كالثغامة قال عليه السلام: (غيروهما وجنبوه السواد).
وهذا صريح في التحريم.
ومن المنكرات أيضًا تبرج النساء في الأسواق، وسفور بعضهن، وهذا من أعظم أسباب الفتنة، وانتشار الفساد، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بتحريم ذلك، وتحريم كل ما يوصل إلى ارتكاب الشر والفساد، قال تعالى: (وقرن في