الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومع ذلك كان الناس يقصدونه لكتابة وصاياهم وأوقافهم ومبايعاتهم وعقود المداينات وأنواعها، وقد وصل إلينا من ذلك جم غفير لو جمع لكان في كتاب صغير.
هذا إلى جانب كتاباته العلمية من فوائد ورسائل وغيرها.
الشيخ محمد بن عمر بن سليم والقضاء:
تأهل الشيخ محمد بن عمر بن سليم للقضاء بعلمه وفقهه، واشتهاره بالعدل والإنصاف في معاملاته وبالتالي بمحبة الناس له، ولكنه رغم ذلك لم يقبل أن يتولى القضاء، بل رفضه رفضًا باتًا إلَّا فترة قصيرة قبل فيها القيام به نيابة عن شيخه القاضي الكبير سليمان بن علي المقبل، وذلك بعد أن ملَّ هذا من القضاء وطلب أكثر من مرة من أمير بريدة حسن بن مهنا وجماعة بريدة أن يعفوه من الاستمرار في القضاء بعد أن بقي فيه نحوا من أربعين سنة.
فتخلص منه بحيلة مفهومة وهي أنه سوف يجاور في مكة المكرمة أي يبقى فيها فلا يعود بعد الحج إلى بلاده بريدة.
لذلك حج كما يحج غيره، وكتب مع الحجاج العائدين إلى بريدة: إنني سوف أجاور في مكة المكرمة أي أبقى فيها فاختاروا لكم قاضيًا.
وكان أشار على الأمير حسن المهنا أن يولي الشيخ محمد بن عمر بن سليم القضاء، ولكن الشيخ محمد بن عمر امتنع عن قبول ذلك.
فأرسل الأمير حسن بن مهنا وجماعة أهل بريدة إلى الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم وكان مقيمًا في عنيزة أن يقدم إليهم قاضيًا ففعل كما سبق ذكره في ترجمته.
ويكفي في الدلالة على تأهل الشيخ محمد بن عمر للقضاء إن احتاج الأمر إلى دليل أن تلاميذه صار فيهم قضاة وعلماء مشاهير.
رسائل العلماء إليه:
تلقى الشيخ محمد بن عمر بن سليم مقدارًا ضخمًا من الرسائل من كبار العلماء وبخاصة من آل الشيخ مشايخه ومشايخ آل سليم كلهم وغيرهم.
والذي وصلنا واطلعنا عليه من تلك الرسائل كثير، وأما ما لم نطلع عليه فهو أكثر بطبيعة الأشياء.
وبعض تلك الرسائل مهم من عدة وجوه منها الفائدة العلمية ومنها الفائدة التاريخية، ومنها معرفة خطوط بعض الذين كتبوا تلك الرسائل، ومنها الأسلوب الأدبي أو لنقل: إنه الأسلوب اللغوي، إذ في بعضها ألفاظ عامية شائعة في نجد.
ونظرًا إلى كون تلك الرسائل مكتوبة بخطوط علماء أو طلبة علم، أو كتبة متمرسين فإنها واضحة لا تحتاج إلى إعادة كتابتها بحروف الطباعة.
مثل هذه الرسالة التي أرسلها الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب فهو حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهو كبير علماء آل الشيخ في وقته وهو مؤلف كتاب (فتح المجيد، شرح كتاب التوحيد)، وكتاب التوحيد لجده الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وقد جاء في آخرها أن كاتبه هو إبراهيم يسلم والذي نفهمه أنه إبراهيم بن عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن حسن فهو حفيد الشيخ عبد الرحمن بن حسن وبعبارة أخرى هو حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وتاريخ هذه الرسالة هو 28 ذي القعدة سنة 1282 هـ.
وقد ذكر فيها أسماء طائفة من العلماء أو طلبة العلم في بريدة آنذاك طالبًا من الشيخ محمد بن عمر بن سليم أن يبلغهم سلامة، ومنهم والد الشيخ محمد بن عمر وهو عمر بن عبد العزيز بن سليم، ومحمد بن عبد الله وهو القاضي الشهير ووالد القاضيين (عبد الله وعمر بن سليم) وسهل، وهو الشيخ
صعب بن عبد الله التويجري الذي أسماه المشايخ (سهل) كراهية منهم لاسم صعب، واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي غير اسم (حَزْن) بمعنى صعب إلى سهل، وسوف يأتي الكلام على ترجمته في حرف الصاد عند الكلام على أسرة (الصعب) لأنه صار رأس أسرة معروفة.
وكذلك ذكر منهم عبد الرحمن بن جاسر وهو من أسرة آل جاسر المشهورة ومطلق وهو مطلق بن عقيل.
ثم قال: وعبد اللطيف وإخوانه وعبد اللطيف هو ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ويصح القول: إنه جد أشهر أسرة آل الشيخ المعاصرين فمنهم كان عبد الله بن عبد اللطيف جد الملك فيصل بن عبد العزيز من جهة أمه وهو كبير العلماء من آل الشيخ في زمنه.
ومنهم كبير علماء آل الشيخ للعهد الذي أدركناه شيخنا العلامة محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف حفيد عبد اللطيف هذا، وهو رئيس القضاة والمفتي الأكبر للمملكة العربية السعودية وإخوان عبد اللطيف يقصد بهم الشيخ عبد الرحمن بن حسن أبناءه أي أبناء الشيخ عبد الرحمن ولكنه عبر عن ذلك بأنهم إخوان ابنه عبد اللطيف.
وقد فصل أيضًا هنا ما فعله بالنسبة إلى إبلاغ سلامه لأهل بريدة فخصص ثم عمم، فقال: وخواص الإخوان بخير ويُنْهون السلام.
ويُنْهون بضم الياء في أوله بمعنى يرسلون السلام وأصلها في كونه لا ينتهي إلا إلى المسلم عليه.
وعبد الله بن ثاقب ورَبْعَه، وربعه هم أصدقاؤه أو جماعته الذين يجتمع معهم.
وموسى بن صالح وهو طالب علم من أسرة آل سليم، وجدت نسبه بخط الشيخ محمد بن عمر بن سليم.
وفرحان بن خير الله، ولا أعرف عنه شيئًا.
وهذا التفصيل أجمل الشيخ عبد الرحمن بن حسن السلام بعده إجمالًا فقال: (وإخوانهم اللي ما سمينا) أي الذين لم نسمهم بمعنى نذكر أسماءهم هنا.
ومن الجانب الآخر أي الجانب الذي فيه المرسل الشيخ عبد الرحمن بن حسن وهو أهل الرياض فذكر منهم الشيخ عبد الرحمن بن حسن الإمام وأولاده والإمام هو عبد الله بن فيصل بن تركي آل سعود وهو عم الملك عبد العزيز آل سعود مجدد ملك آل سعود رحمه الله.
وذكر إلى جانب أولاد الإمام فيصل إخوان عبد الله، والمراد من ذلك إخوة النسب.
أما الكلمات الإصطلاحية فيه فمنها التعبير عن الرسالة بالخط وذلك في قول الشيخ عبد الرحمن (وصل الخط وصلك الله إلى ما يرضيه)، وكلمة (طيب) بكسر الطاء بمعنى الصحة من كونه طيبًا بمعنى صحيح الجسم، ومنه قولهم: طاب فلان بمعنى عادت إليه صحته بعد مرض وذلك في قوله (سرنا طيبك وعافيتك جعلنا الله وإياكم من الطيبين المهتدين).
فطيبك معناها عافيتك وليس الطيب: ضد الرداءة لأن الشيخ ليس محلًا لذلك.
وكلمة (من طرف) التي معناها بخصوص كذا وذلك في قول الشيخ عبد الرحمن (ومن طرف تصانيف ابن منصور فلا يستنكر كما قيل: ليس العجب ممن هلك كيف هلك، وإنما العجب ممن نجا كيف نجا).
وفيها كلمة عامية في قول الشيخ عبد الرحمن (فلو أنت مطرش الكتاب مع إبراهيم بن عبد الرحمن ما كرهنا الإشراف عليه).
والكلمة العامية هي مطرش بمعنى مرسل، ولا أصل لها من العربية وإن كانت شائعة في لغة العامة من أهل الحضر والبدو.
أما ابن منصور الذي ذكر الشيخ في الكتاب أنه رد على الشيخ معروف بعداوته للدعوة مثل بعض علماء نجد وقد ترجم له الشيخ عبد الله بن بسام رحمه الله بترجمة مطولة.
وهذه الرسالة التوجيهية التي تتضمن نصيحة غالية تليق بأن وجهها كبير علماء آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى أحد تلامذته العلماء المخلصين، وقد رأيت أنه لا داعي لكتابتها بحروف الطباعة لوضوح خطها، وإن كانت فيها كلمات أوشكت على أن تمحى بفعل الزمن.
ومهنا المذكور فيها هو مهنا بن صالح بن حسين أبا الخيل أمير القصيم في ذلك الوقت.
والرسالة التالية توجيهية إرشادية مهمة أيضا أرسلها الشيخ العالم إلى تلميذه وهي تتضمن الوصية بنشر التوحيد والعقيدة الصحيحة كما تتضمن الحث على تعليم الناس وإرشادهم، وأن يقوم العلماء بالواجب عليهم في هذا الصدد.
وفي هذه الرسالة يمهد الشيخ عبد الرحمن بن حسن للشيخ محمد بن عمر بن سليم بالحمد لله على نعمه، وعلى ظهور الحق، وقال: وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس.
قال: والنعمة عليكم عظيمة وذلك أن الله تعالى أوراكم الحق وجاهدتم عنه، وصبرتم والعاقبة محمودة ولله الحمد.
ثم ذكر شيئًا فيه غرابة وهو قوله: ومحمد بن عبد الله بمعنى الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم ألزمناه القضاء بين الناس، وفصل خصوماتهم، والقيام بما يلزم من الدعوة إلى الله وإرشاد العباد إلى العلم النافع بالتعليم والبيان وقراءة كتب التوحيد ونشرها.
ولاشك أن ذلك يعني أشرنا عليه ونصحناه، وليس عيناه، لأن تعيين قاضي بريدة هي من اختصاص أميرها في ذلك التاريخ، وإذا لم يكن الأمر كذلك فإنه ليس من اختصاص كبير علماء آل الشيخ آنذاك، وهو الشيخ عبد الرحمن بن حسن.
ولا شك في أن هذا كان في فترة من فترات تولي الشيخ سليمان بن علي بن مقبل القضاء، ولكنه كان يستعفي منه كثيرًا، أو ربما أثناء غيبته، وإعلانه قبل مفارقة بريدة إلى مكة المكرمة حاجًّا أنه لا ينوي الاستمرار في القضاء ومع ذلك لم تطل مدة الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم في القضاء أثناء ولاية الشيخ سليمان بن مقبل.
وإنما كان ذلك في فترات قصيرة متعددة.
ويدل على أن الشيخ عبد الرحمن يقصد التوصية والنصح قوله يخاطب الشيخ محمد بن عمر:
"وأنت كذلك يلزمك في مسجدك الذي أنت منصوب فيه تعلم العامة وتسألهم عن الأصول الثلاثة والقواعد التي يعرف بها أصول الدين وتمييز التوحيد، لمعرفة ما يضاده من الشرك بالله في ربوبيته وإلهيته، وتعاونوا على الحق.
أقول: تعليم الدين للعامة هو إحدى المسائل أو هي السنن التي سنها الشيخ محمد بن عبد الوهاب للناس رحمه الله، ومنها إخراج طعام العيد بعد الصلاة إلى الشوارع من أجل أن يأكل منه الفقير وابن السبيل وكل من احتاج أو حتى مر على المكان الذي فيه الطعام.
وقد استمرت هاتان المسألتان حتى أدركناهما ورأينا الناس يتمسكون بهما، ثم أدركها الفناء بما فتح الله على الناس من وفرة الطعام، وعدم الجوع.
وفيما يتعلق بتعليم الدين اندثرت تلك العادة أيضًا، والسبب أن الناس صاروا يتعلمون ذلك في المدارس الابتدائية للبنين والبنات ووجد لذلك أنه لا
حاجة لتعليمها للكبار في المساجد.
أما خاتمة رسالة الشيخ عبد الرحمن هذه فهي تحميل الشيخ محمد بن عمر إبلاغ السلام إلى والده (عمر بن عبد العزيز) وإلى الشيخ محمد (بن عبد الله) وأبيه (عبد الله بن حمد) وخواص الإخوان بمعنى كبارهم المحصلين للعلم والمجتهدين في الاستزادة منه، ونفع الطلاب بذلك.
ثم قال: ومن لدينا الإمام يعني الإمام فيصل بن تركي وأولاده بمعنى أبنائه، وهم آنذاك أربعة عبد الله وسعود ومحمد وعبد الرحمن، وابنه العلامة الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن حسن، وآل الشيخ كافة وهذا تعميم يقصد منه الإخبار العام.
وذكر شيئًا مهمًا هو أن كاتب الخط وهو هذه الرسالة هو علي بن سليم والظاهر أنه من أسرة آل سليم المشايخ، لأنه كانت بقيت منه بقية قليلة في منطقة الدرعية حتى الوقت الحاضر.
ومثلها هذه الرسالة المؤرخة في شهر جمادى من عام 1282 هـ.
وهذا نقلها بحروف الطباعة.
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الرحمن بن حسن إلى الأخوين محمد آل عمر آل سليم ومطلق آل عقيل سلمهما الله.
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد؛ وصل الخط وصلكما الله لما يرضيه، وما ذكرتما من حمل عبدة الأوثان و ( .... ) إلى مكة وأن الذي يحملهم يعتقد كفرهم وشركهم ومع ذلك يكرمهم ويخدمهم ويأنس بهم فيكفي في بيان حال الحامل وعظم ذنبه قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} فحملهم ذنبٌ عظيم لإرتكابه ما نهى الله عنه من تقريبهم إلى حرمه، وأما خدمتهم ولين جانبه لهم وأنسه معهم فهذا أيضًا ذنب عظيم قال الله تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} الآية، وقال تعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية.
فهؤلاء جمعوا بين الركون والموادة وقد ذكر تعالى الوعيدَ على ذلك بالنار والخذلان بقوله: {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} ونفي الإيمان عمن يواد أعداءه من المشركين، ولا خسارة أعظم من فقدان الإيمان وانتفائه، قال أبو جعفر بن جرير في تفسير قوله تعالى:{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} يعني فقد برئ من الله وبرئ منه الله بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر.
قلت: فخطير بمن يقارف هذه الأمور أن يغتر بأحوال هؤلاء المشركين فربما دخله شبهة فيلتبس عليه الحق بالباطل وربما صار هؤلاء أخص عنده، وأحب إليه من آحاد المسلمين فالخطر عظيم فإنه لا يقارف هذه الأمور إلا من لا يبالي بدينه ولو عرف قدر الدين صانه ولا باعه بالزهايد، وسلموا لنا على إخوانكم.
وبعض الرسائل التي كان يتلقاها الشيخ محمد بن عمر بن سليم من علماء آل الشيخ هي رسائل علمية، بمعنى أنها تشتمل على مباحث علمية أو مسائل ذات صبغة علمية كهذه الرسالة التي تلقاها من الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله.
وهذه نسختها بحروف الطباعة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الرحمن بن حسن إلى الأخ محمد بن عمر آل سليم سلمه الله وعافاه وأسعده بطاعته وتقواه.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، فالمحب يحمد ويشكر الله تعالى على ما أسبغه من نعمه جعلنا الله وإياكم من الشاكرين والخط وصل وصلك الله ما يرضيه وسرنا طيبكم وعافيتكم وما ذكرت من تأخر الجواب فسببه السعي فيما يقضي غرضك ولا حصل من الإمام إلَّا قدر أربعة أريل فاضت على مطلق وما ذكرت من ردنا على داود فكتبنا منه قدر خمسة كراريس أو تزيد وإخواننا مشغلينا يبون يكتبونها وهو إن شاء الله إذا تم طرشناه لكم وما سألت عنه من قول شيخنا رحمه الله في حديث معاذ: الرابعة عشرة كشف العالم الشبهة عن المتعلم وذلك في قوله: (فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) لأنهم إذا عرفوا مصرف الزكاة وموضعها في مستحقها طابت بها نفوسهم وحسن قصدهم بها.
وقوله رحمه الله في (باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله) رد المسألة المشكلة إلى المسألة الواضحة ليزول الإشكال لأن تخصيص هذا المحل بالنذر فيه إشكال هل يجوز أم لا يجوز لموانع فتفصيل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك المكان هل فيه ما يمنع تخصيصه بالنذر لمشابهة المشركين بتعظيم أعيادهم وأوثانهم، فلما تبين انتفاء ذلك المانع زال الإشكال بانتفاء سبب المنع، فأمره بالوفاء وأخبره بما يمنع بقوله:(فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا في ما لا يملك ابن آدم).
فيدل على أنه يجب على كل من سئل عن مسألة أن يستفصل في مقام الإجمال إذا احتاج إلى ذلك.
وأما ما سألت عنه هل كان بين نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ورسالته فترة معلومة، فلم أطلع من ذلك على تقدير.
وما ذكرت عن ترتب الجماعة على السؤال عن أصول الدين فما أحسن ذلك.
وسلم لنا على الوالد والحمولة وعبد الرحمن آل جاسر وخواص الإخوان ومن لدينا الأولاد وعبد الله بن حسن، والشيخ علي وأولاده وابن شلوان ومحمد بن عبد الله والصقعبي وعبد الرحمن بن بشر وعبد الله بن عبد العزيز وحمد بن عبد العزيز وإخوانه يهدون السلام وأنت سالم والسلام.
وهذه رسالة غير مطولة وقد نسي كاتبها أن يكتب تاريخها كما هو المعتاد، ولكنها كتبت بكل تأكيد في عهد الإمام فيصل بن تركي الذي توفي في عام 1282 هـ.
وهذا نصها الواضح:
وفي هذه الرسالة كلمات تحتاج إلى إيضاح فمنها قوله: وخط الإمام وصل، فالمراد بالخط: الرسالة جمعها خطوط بمعنى رسائل يقول من أرسل إليه كتاب من صاحب أو قريب فأراد أن يخبره بأنه وصله: خطك وصل، والإمام هنا هو الإمام فيصل بن تركي آل سعود جد الملك عبد العزيز آل سعود ومعنى الإمام: إمام
المسلمين وقائدهم وزعيمهم، وقوله: من طرف المسجد، من طرف: من جهة، وبخصوص، ولم يوضح المسجد المطلوب ولا مكانه ويظهر أن الشيخ محمد بن عمر بن سليم كتب للإمام فيصل بن تركي كتابا عن مسجد يحتاج إصلاحه إلى إنفاق طالبًا إسهام الإمام بذلك، وأن يتولى الإنفاق عليه.
وقوله: من طرف النسخة الخ يريد بالنسخة الكتاب مطلقًا وليس صورة منه.
هكذا كنا نسمع طلبة العلم في أول عهدنا بالطلب يسمون الكتاب نسخة جمعها نُسَخ، وسليمان بن علي لم يوضح اسمه بذكر أسرته وظني أنه سليمان بن علي آل مقبل قاضي بريدة بل والقصيم الذي يتبعها.
قوله إخذوها وزتوها: يريد بزتوها، ادفعوها بمعنى أرسلوها إلينا في الرياض، وقد ذكرت كلمة (زتَّ) في المعجم الكبير:(معجم الألفاظ العامية)، ولا يزال مخطوطًا وفي كتاب (كلمات قضت) وهو مطبوع.
وقوله: كذلك الرد على ابن جرجيس مايتريض، أي لا ينبغي أن يؤخر من الراضة عندهم وهي التأخر، وعدم الإسراع في الشيء، وابن جرجيس هو (داود بن جرجيس البغدادي) الذي كان من أنشط المعارضين للدعوة السلفية الإصلاحية التي نادى بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
ويريد بذلك أنه عندهم وأنهم على وشك الانتهاء منه وقد أتموه بالفعل وطبع بعد ذلك.
ومحمد بن عبد الله هو ابن سليم القاضي الشهير وأبوه عبد الله بن سليم الذي نجا من سيوف جنود حسين بيك بأعجوبة.
وقوله في آخر الرسالة، وينهون السلام أي يبلغونكم السلام أو يرسلونه إليك.
والرسالة التالية مختصرة ذكر فيها الشيخ عبد الرحمن بن حسن نصيحة وموعظة لتلميذه الشيخ محمد بن عمر.
ونوه في آخرها بإبلاغ سلامه إلى والده (عمر بن سليم) والشيخ محمد آل عبد الله (ابن سليم) وعلى (سهل) وهو الشيخ صعب بن عبد الله التويجري وعلى عبد الرحمن الجاسر، ثم عمم بعد ذلك على كبار الإخوان الذين هم المشايخ بقوله: وإخوانهم أي إخوانهم في طلب العلم كل باسمه، بمعنى أنه فوضه في إبلاغ تحياته لكل شخص باسمه، وليس سلامًا عامًا.
ثم ذكر كالعادة الذين في الرياض فذكر منهم الإمام (فيصل بن تركي) وابنه عبد الله (الفيصل) الذي تولى الأمر من بعده، وإخوانه ويريد بقية أبناء الإمام فيصل وعبد اللطيف (ابنه) وإخوانه وأولادهم، وطلبة العلم كلهم بخير، وينهون السلام أي يبلغون سلامهم للشيخ محمد بن عمر بن سليم.
وتعددت الرسائل بين الشيخ بل كبير المشايخ من آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله وبين تلميذه الشيخ محمد بن عمر وذكرها واضح الخط.
مثل الرسالتين التاليتين: