الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شقر مؤجلات يحل أجلها شهر ذي الحجة سنة 1266 هـ.
والشاهد: عبد الله آل محمد القرعاوي.
والكاتب الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم.
والتاريخ: 26 ربيع الثاني عام 1266 هـ.
وهذه الوثيقة هي من أقدم الوثائق التي كتبها الشيخ، وقد عاش بعدها ستين سنة إلا سنتين.
الوساطة لابن بسام عند ابن سعود، أو لابن سليم عند ابن رشيد:
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام رحمه الله، في ترجمة الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم:
أما الشيخ محمد بن سليم فإنه وصل إلى قرية الروغاني من ضواحي عنيزة وجاء إلى بستان لعبد الله المحمد آل يحيى آل أبا الشحم، فأكرمه الرجل وأشار عليه أن يكون قدومه على آل البسام، فأنزله آل البسام في بيت في حي يقال له (سوق المصعد)، ولم يعد إلى بريدة إلَّا عام 1303 هـ.
ومع هذا فإنه لما استولى الملك عبد العزيز على القصيم وحصل على البسام ما حصل من الترحيل عن بلادهم إلى الرياض، وما حصل من النهب
لبيوتهم، وكان للشيخ محمد العبد الله بن سليم مكانة عند ابن سعود، ومع هذا لم يبد أي مجهود للشفاعة فيهم، ولذا ينقل عن الشيخ إبراهيم بن ضويان صاحب (منار السبيل) أنه يقول:(إن محمد بن سليم لم يفٍ مع آل بسام ولم يرد جميلهم مع قدرته على ذلك)، والله المستعان.
ولما حلَّ المترجم في عنيزة تزوج من عنيزة من آل حريول وهي أخت سليمان بن حريول، وولد له فيها ابنه عبد الرحمن الذي لا يزال أحفاده فيها.
وننقل عن مؤرخين من أهل عنيزة أن البسام لم يكونوا بحاجة إلى وساطة عند ابن سعود، لأنه كف عنهم الغوغاء، وأرسلهم مكرمين إلى الرياض الفترة حتى هدأت الأمور.
قال إبراهيم القاضي في تاريخه:
ابن سعود لما تحقق إقبالة ابن رشيد جا من بريدة إلى عنيزة ودعي الجماعة وحدهم، والبسام وحدهم، لما حظر البسام في مكان وحدهم قال لهم ابن سعود: ابن رشيد أقبل ولو وثقت فيكم أنا فالجماعة ما هم واثقين فيكم، إنما أحب أن تروحون عند الوالد بالرياض ما دامت هالمسألة ما نجزت، وأنتم في وجهي، وأمان الله ما تشوفون ما تكرهون، وهم الذي عليهم النص بهذا عبد الله العبد الرحمن البسام وابنه علي، وحمد المحمد العبد الرحمن السام وحمد المحمد العبد العزيز البسام، ومحمد العبد الله البراهيم البسام، فركبوا إلى الرياض في 6 سات من شهر صفر (1).
هذا مع العلم بأن البسام كانوا في تلك الظروف الحرجة مؤيدين لابن رشيد كما قال إبراهيم القاضي في تاريخه أيضًا:
(1) تاريخ إبراهيم القاضي، ص 70.
وفي شعبان دعا ابن رشيد عبد الله العبد الرحمن وكبار أهل عنيزة، ركب عبد الله قبل الجماعة، ولما وصل عند ابن رشيد قال له: وش تري؟ قال عبد الله: يا عبد العزيز البلدان ما يحزمها إلا السرايا، وعنيزة ما حنا آمنين من أهلها، ابن رشيد يعرف أن عبد الله مصيب، ولكن ما يحب تشديد الأمور، لأنه شاف اختلاف الأحوال ورأى مجاراة الناس أوفق، طبوا عليه جماعة عنيزة وأبدى لهم الإكرام والمودة، وقال: أظن أني أشمل وأخاف عليكم من ابن سعود، وأنتم معي علم أنكم تحبون العافية، وأنكم أجاويد كراهة للشر، وأنا أحب أن تكونوا خاصة لي.
إلى أن قال: عبد الله (البسام) وأولاده استحسنوا جلب السرية وأرسلوا إلى ابن رشيد خفية عن الجماعة، وطلبوا منه سرية، وأرسل لهم فهيد بن سبهان ومعه خمسين نفر، وصلوا عنيزة في 15 رمضان.
ابن سعود يوم اجتمعوا عنده غزوانه ووصلوا إليه أهل القصيم الذين خرجوا من الكويت، استلحق ابن سليم وقال له: ماذا ترى؟ قال ابن سليم: جماعتنا معنا ومشتهيننا ما عدا البسام.
أرسل ابن سعود كتابًا منه وكتابًا من ابن سليم إلى عبد الله العبد الرحمن (البسام) وأهل عنيزة معناه أننا وصلنا الزلفي والنية نتوجه إلى طرفكم أخبرونا عن رغبتكم، وصل الخط بيد عبد الله (البسام) وأرسل إلى الجماعة، ولما حضروا قال: هذا خط من ابن سعود وابن سليم ماذا ترون؟
قالوا: ماذا ترى أنت؟ وإذا عبد الله كاتب جواب الخط، عرضه عليهم وقال: هذا الذي عندي إن كان توافقوني على هذا الجواب وإلَّا هذا ابن رشيد قريب، قالوا: الدرب واحد ما فيها تفرق، مضمون الخط الذي هو كاتب، أنه بأرقابنا بيعة لابن رشيد، ما نحلها ما دام هو موجود، فإن كان فيكم قوة، هذا ابن رشيد عندكم، إن ظفركم الله عليه فنحن وغيرنا لكم، أما ما دام هو موجود
فلا تقدمون إلينا، أرسلوا الخط، ولما وصل إلى ابن سعود دعا ابن سليم وعرضه عليه، وقال: هذا خط جماعتك الذي تقول مشتهيننا.
ومعنى هذا عدم الاعتراف بالملك عبد العزيز ما دام ابن رشيد موجودًا.
ثم دخلت سنة 1322 هـ "وفي خامس محرم": أقبل عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن سعود إلى عنيزة ومعه السليم عبد العزيز بن عبد الله اليحيى وصالح بن زامل العبد الله وأتباعهم وآل أبا الخيل وأتباعهم، ونوخوا عند الجهيمية ودخلوا السليم بمن معهم ومعهم آل أبا الخيل للبويطن الساعة ليلا، وتراموا هم والذين من أهل عنيزة هناك، قتل محمد بن عبد الله بن حمد آل محمد البسام ورجل غيره بمناوشة الرمي من بعيد، ووصلوا إلى داخل البلد دون معارض لكون عامة أهل البلد هواهم معهم، وقتل صالح العبد الله اليحيى صبرا، وفهيد السبهان واثنين من أتباعه، ونهبوا بيت عبد الله آل عبد الرحمن البسام وبيت فهد آل محمد البسام، وبيت محمد العبد الله آل إبراهيم البسام، وبعض بيوت قليلة الناس من أهل البلد.
وكل هذا قبل أن يستتب الأمر للملك عبد العزيز في عنيزة حيث حمى البسام بعد ذلك كما سبق.
إلى أن قال إبراهيم القاضي:
وقد ورد إلينا الأخبار من طريق الإحساء والبصرة أنه حصل لهم غاية الإكرام من عبد الرحمن الفيصل، وآل الشيخ وأهل العارض عمومًا، وقال لهم عبد الرحمن كما قال لهم ابنه عبد العزيز، إن القصد من مجيئكم إلى انتهاء هذه الفتنة.
وقال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام نفسه:
البسام اختفوا أيام السطوة ثم جرت المصالحة وصاروا في بلادهم
عاديين لعدة أيام، ثم إن الإمام عبد العزيز بن سعود من منزله في عنيزة استدعى خمسة من أعيانهم، هم:
- العم عبد الله العبد الرحمن البسام.
- ابنه: علي العبد الله البسام.
- حمد المحمد العبد الرحمن البسام.
- حمد المحمد العبد العزيز البسام.
- محمد الإبراهيم العبد الرحمن البسام.
واختفى بهم ولاطفهم ثم قال لهم: إن ابن رشيد - الأن - قد أقبل ليشب حربًا لا تقل عن حرب الطرفية وأنتم أعزاء علينا، وأخشى أن الوشاة ينقلون إليَّ كلامًا ما يرضيني عليكم وأسلم لكم من هذه الفتن أن تكون إقامتكم عند والدي في الرياض، وإلَّا فثقتي بكم متينة.
فقالوا: أمرك مطاع، فكتب بينهم عقد اتفاق وأمان حضره قاضي عنيزة الشيخ إبراهيم بن جاسر، وحمد المحمد العبد العزيز البسام، وفي ذلك اليوم 9/ 2/ 1322 هـ أرسل الإمام مرافقين محترمين في أخلاقهم وآدابهم ليكونوا في خدمتهم برئاسة عبد العزيز الرباعي، وحملهم على خمسة عشر ذلولًا، وصرح لهم الرباعي أن الإمام يكرر الوصية بإكرامهم وحسن صحبتهم وخدمتهم، فساروا بحفاوة وإكرام حتى وصلوا إلى الرياض، فلما وصلوا الرياض استقبلوا فيه من الإمام عبد الرحمن الفيصل ومن الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، ومن عموم أعيان الرياض بكل حفاوةٍ وصاروا مطلقي الحرية في الرياض، وفي الزيارات والتجولات (1).
فأين الحاجة إلى وساطة الشيخ ابن سليم عند ابن سعود؟
(1) خزانة التواريخ، ج 5، ص 140.
ويدل على ذلك أيضا هذا الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الرحمن بن فيصل إلى جناب الأمير محمد بن جاسر البجادي سلمه الله تعالى آمين السلام عليكم ورحمته وبركاته.
وموجب الخط إبلاغ جنابكم المحترم جزيل السلام والسؤال عن حالك جعلها الله أحوال خير وعافية، وبعد ذلك من طرف عبد الله بن عبد الرحمن آل بسام وحمولته إذا بدا لهم لازم على يدكم من أي شيء صادرة أو واردة أو تحويل دراهم لا توقف في لازمهم، ولا تحاذر من شيء لأن لازمهم لازم لنا، والذي يلزم عليهم لازم علينا، يكون لدى جنابكم معلوم ودم سالمًا.
وقد أطلت النقل في هذه القضية ليتضح الأمر بالنسبة إلى مسألة مقابلة في الشفاعة والتوسط وهي أنه عندما انتهت معركة الطرفية في عام 1318 هـ بانتصار ابن رشيد على أهل القصيم ومن معهم صار الشيخ محمد بن سليم مهددًا بالقتل من عبد العزيز بن متعب بن رشيد، ولكنه لم يقتله لما ذكره أو تذكره وهو العلم الذي في صدره على حد تعبير ابن رشيد فاكتفى بأنه نفاه من بلده بريدة إلى قرية النبهانية في أقصى غرب القصيم، فصار طريدا بدون دخل أو أسباب معيشة بعد أن كان قاضيًا معززًا مكرمًا في بلده بريدة.
فقد يقال: إنه كان بالإمكان أن ابن بسام يتوسط لدى عبد العزيز بن متعب بن رشيد وعلاقته به ممتازة، بل علاقة عميقة لدينا ما يؤكدها من عشرات الرسائل التي أرسلها آل بسام للرشيد ابتداء من محمد بن عبد الله الرشيد وانتهاء بعبد العزيز المتعب وأن يطلبوا من ابن رشيد أن يدع ابن سليم وشأنه في بريدة وأن يأمره بما يريد وينهاه عما يريد أن لا يفعله، وهو سيمتثل بحكم الظروف المحيطة به؟
أما ما نقله الشيخ عبد الله البسام عن الشيخ إبراهيم بن ضويان من أن الشيخ ابن سليم لم يف مع آل بسام ولم يرد جميلهم - على حد رأيه.
فالجواب على ذلك ما ذكرناه من أن ابن سعود منع عن (البسام) أي أذى يلحق بهم بعد أن استتب له الأمر في عنيزة كما قدمنا، ولذا لا داعي للوساطة وأما عبارة الشيخ إبراهيم بن ضويان فإنها ليست مستغربة عليه، وله عبارات رحمه الله أخرى في الغمز واللمز في آل سليم لأنه من الطائفة الأخرى من علماء القصيم وطلبة العلم فيه التي تقف مع الشيخ ابن جاسر وأتباعه ضد آل سليم، ومنهم زميله ورفيقه الشيخ صالح بن قرناس من أهل الرس الذي عينه الأمير عبد العزيز بن رشيد قاضيًا في بريدة بدلًا من الشيخ محمد بن سليم، وهو ذو هوي (رشيدي) بإثبات الياء.
وأما رد الجميل لآل بسام الذين أكرموا الشيخ محمد بن سليم فإن إكرامهم له معروف ومعترف به، وقد نقلناه، ولكن الشيخ ابن سليم عالم، وقد جلس لطلبة العلم والدارسين مجالس عليه ودروسًا في حلق الذكر في المساجد وانتفع به خلق من أهل عنيزة من البسام وغيرهم.
والعالم كما نعرف حتى في الوقت الحاضر يرسل إليه الناس يحضر عندهم ويكرمونه غاية الإكارم لقاء علمه الذي يعلمهم إياه.
مع عدم شكي بأن (البسام) الذي أكرموا الشيخ محمد بن سليم لم يكرموه يريدون لإكرامه ذلك ثمنًا إلا التدريس والإفادة لطلبة العلم لأن فيهم طلبة علم وأدباء، وأن الشيخ ابن سليم لم يجلس للطلبة ويفيدهم إلَّا قيامًا بواجب التعليم.
ومما يتعلق بالوساطة والتوسط من آل بسام ما ذكره الأستاذ سليمان بن عبد الله الرواف من أن حسن المهنا أمير القصيم بعد أن حصلت الهزيمة على أهل القصيم في معركة المليدا وكسرت رجل حسن المهنا ذهب إلى عنيزة أملا
في أن يتوسط له الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن بسام رحمه الله لأنه كان له مقام لدى محمد بن رشيد:
يقضي على المرء في أيام محنته
…
حتى يرى حسنًا ما ليس بالحسن
فقبض عليه محمد بن رشيد وسجنه هو وأولاده وأقاربه والمسجونون هم حسن المهنا وولداه صالح وسليمان ومحمد العبد الله المهنا، ومحمد العلي الصالح أبا الخيل وعبد العزيز العلي آل محمد أبا الخيل، ستة رجال (1).
ولم يذكر الشيخ عبد الله بن بسام هذه الوساطة إن كانت حصلت بالفعل، ولم يلق لوما على جده عبد الله بن عبد الرحمن البسام في عدم التوسط لأمير القصيم المهزوم الكسير الرجل، وهو الكبير في السن الذي ليست لديه مقاومة ولا غناء في الحرب، وقد قصد آل بسام بالفعل لكي يتوسطوا له عند ابن رشيد.
ولم نلق اللوم على ابن بسام في ذلك، لأن الذي كان حصل بين محمد بن رشيد وبين أهل القصيم بقيادة حسن المهنا فوق ذلك.
الرسائل العلمية:
العلماء الكبار لابد أن يكونوا تبادلوا رسائل مع علماء آخرين فيما يتعلق ببعض المسائل العلمية، سواء أكان ذلك في وقت الطلب، أو بعد أن صاروا علماء، وذلك أمر طبيعي، ولكن قدمنا أن أهل نجد لم يكونوا يهتمون بتوثيق المعلومات العلمية الدينية، إلا من ناحية حكمها في الشرع وبيان ما إذا كانت داخلة في الحلال أو الحرام على سبيل المثال.
لكن أن يسجل العالم منهم ما سمعه من غيره من العلماء في المسائل فإنهم لا يفعلون ذلك إلا نادرًا، وذلك النادر يكون خاصا ببيان ناحية الحكم
(1) خزانة التواريخ، ج 5، ص 38.
الفقهي أو العقدي في المسألة.
حتى الرسائل التي يتبادلونها فيما بينهم لا يحتفظون بها إلا نادرًا ولذلك عدمت الآثار العلمية المكتوبة لهم، إلا ما استدركه الشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله في (الدرر السنية في الرسائل والمسائل العلمية) وأكثرها متعلق بالمشايخ من أئمة الدعوة وعلمائها كما هو ظاهر.
أما ما يتعلق بالشيخ محمد بن عبد الله بن سليم وابنيه القاضيين فإنني سألت وأحفيت السؤال عن ذلك حتى عرفت أن أحد أحفادهم من غير طلبة العلم قد جمعها وأعطاها شخصًا كبيرًا في الدولة، ولم يحتفظ لنفسه ولا بصورة منها.
وأنا الآن في محاولة الحصول على الإطلاع على شيء منها لأنني عرفت اسم ذلك الرجل الذي هي عنده وهو مسئول كبير في الدولة.
وهذه من الرسائل النادرة التي حصلنا عليها موجهة من الشيخ عبد الرحمن بن حسن حفيد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرًا، إلى الشيخ محمد بن عبد الله ومحمد بن عمر آل سليم.
وهي مؤرخة في عام 1281 هـ.
وينبغي أن ننوه إلى ذكر الرسائل التي وردت للشيخ محمد بن عمر بن سليم رحمه الله قد وصلت إلينا سنذكرها في ترجمته إن شاء الله.