الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الله الثلاثة آلاف روبية فاستقبلها ووزعها وهو جالس في مكانه على طلبة العلم، قبل أن يقوم من مقامه فاعطى البعض خمسين روبية وأقلهم أعطاه عشرين روبية، ولم يترك منها لنفسه أي شيء، وكان هذا في عام 1347 هـ.
وقد توفي الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم عام 1351 هـ وكنت طفلًا وقد شعرت بوفاته وجئت إلى المسجد الذي صلى عليه فيه وهو الجامع ووقفت بالباب أنظر إلى المصلين ولم أتوضأ ولم أصل عليه لصغر سني (1).
وقال أيضًا:
حسن المطالبة في الحق:
قام رجل اسمه غيث بن غيث من أهل الشماسية بقطع حطب من الشجر وتركه في مكانه وعاد إليه ليحمله ويبيعه في بريدة فوجد رجلًا يحمل الحطب على جمل له فتركه وشأنه واتجه أخذ الحطب إلى بريدة فتبعه، ولما باعه لحق به وساعده على إدخاله في دار المشتري، ومن عادة أهل بريدة تقديم القهوة والتمر لبائع الحطب، فاتجه مع ناقل الحطب وبائعه إلى مجلس المشتري، ودخل معه وشرب معه القهوة وأكل معه التمر وجاء المشتري بثمن الحطب ووضعه أمام البائع، فتحرك قاطع الحطب وأخذ النقود، وكان مشتري الحطب قد اشتراه لقاضي بريدة الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم، وجاء الشيخ وسلم فقال له صاحب الحطب الأول هذا سرق حطبي وباعه لك، فصاح الشيخ قائلًا أعوذ بالله تبيعنا حطبًا مسروقًا علينا، أحمل حطبك من داري فقال صاحب الحطب الأول نتخاصم عندك يا شيخ في الحطب أنا قطعته من الشجر وهذا نقله على بعيرين وباعه فاقصد بيننا.
(1) ملامح عربية، ص 184 - 185.
فقال الشيخ الثمن لكما مناصفة إن رضيتما، فرضيا وتقاسما ثمن حملي الحطب وانصرفا شاكرين للشيخ، وهكذا أدرك ابن غيث حقه بطرافته وحيلته وحسن خلقه دون قتال مع السارق أو خصام في الصحراء (1). انتهى.
وقد رويت عن الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم أخبار كثيرة غير ما ذكر فيها نكت وفوائد منها أن إنسانًا رأى رؤيا قصها على الشيخ عبد الله، وقال: رأيت رجالًا جاؤوا على خيل ودخلوا البيوت كلها إلَّا بيت فلان، فقال الشيخ: هذا مرض سوف يصيب الناس إلَّا بيت فلان فلا يصيبه.
قالوا ثم أرسل الشيخ إلى صاحب البيت المستثنى في الرؤيا، فقال له: ما هو عملكم هذا الذي سوف يدفع الله عنكم المرض بسببه؟
فقال الرجل: لا أعلم لنا عملا نعده، ولكن سوف أسال أهلي، فقالت المرأة إن آل فلان أهل بيت فقراء وليس لهم عشاء وإني أعطيتهم مرة قرعة دبَّاء فطبخوها وتعشّوها، وإذا صار عشاءونا كثيرًا أطعمناهم منه.
ثم حل ذلك الوباء في عام 1337 هـ. وهو المسمى (سنة الرحمة) فأصاب كثيرًا من الناس ومات منه خلق كثير كما هو معروف.
ويقال إن الشيخ عبد الله بن سليم صلي على أكثر من خمسين جنازة في يوم واحد، حتى تعب، فتقدم خليفته يصلي على الجنائز، وكل أهل مسجد يصلون على جنائزهم في مسجدهم أو في المقبرة، خلاف ما كانوا اعتادوا وأدركناهم عليه، وهو أن يصلوا على جنائز الكبار من النساء والرجال في المسجد الجامع دون غيره من المساجد.
(1) ملامح عربية، ص 77.
وهناك نكتة أو قال: إنها طرفة فرضت نفسها على مجلس الشيخ في درسه في المسجد الجامع في بريدة، وطبيعي أن الشيخ عبد الله لم يستشر في إيرادها، وذلك أن الشيخ كان يقرر في درسه الذي تحلق فيه طلبة العلم عليه ويذكر أن الإستجمار، وهو مسح محل خروج الغائط من دبر الإنسان، يكفي فيه ثلاثة أحجار منقية.
والمراد أن يمسح المكان بقصد إزالة الأذى فيه بثلاثة أحجار، يكون كل حجر بعد الآخر ويرمي الأول والثاني.
فقال رجل يقال له ابن سلمان من أهل بريدة وكان يستمع إلى الدرس بصوت قوي:
يا شيخ أحسن الله عملك، الذي ذكرت إنهم يكفيهم ثلاثة أحجار في تنظيف المكان هم الصحابة الذين يبعر الواحد منهم مثلما يبعر البعير، أما أهل هالزمان الذين يأكل الواحد منهم (القصابة) ويشرب بلوله (1)، فلا يكفي فيهم ولا سبعة عشر حجر.
قالوا: فلم يعنفه الشيخ على ذلك، وإنما قال بتودة وسكينة موجهًا كلامه للجميع.
إذا تعدى الخارج مكان الخروج لم يجزئ فيه إلا الغسل، ولا يكفي فيه الأحجار.
وفاته:
قال الشيخ إبراهيم بن عبيد في حوادث عام 1351 هـ، فيها وفاة الشيخ (عبد الله بن محمد بن سليم) وكان خروج روحه في الساعة الثانية من اليوم 11 من محرم رحمه الله.
هو العالم العابد، الزاهد الألمعي قاضي ناحية القصيم الشيخ (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليم) أبو محمد، شيخنا الحبر الماهر في العلوم، كان
(1) القصابة: لحم يجمع من أطراف الخروف وبطنه، يغلب عليه الدسم، وبلوله: بلولها، وهو مرقها.