الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأوراق التي خلفها عمر بن سليم:
أفادتنا الوثائق والمبايعات والمداينات التي خلفها عمر بن سليم هذا وعددها يبلغ المئات فوائد عظيمة لم يكن يخطر بباله، ولا ببال معاصريه أنها ستكون لها أهمية غير تسجيل المبايعات وإثبات الدين أو أثبات وفائه، إذ اشتملت على أسماء أسر انقرضت، وعلى بيان أحوال أسر لم نكن نعرف - بالضبط - إلى أي فرع تنتمي من أسرة أخرى تفرعت منها.
كما أن ألقابًا لبعض الأسر أصبحت تنفر منها الآن بسبب الترف المعيشي الذي يعيشه بنو قومنا الآن، وتبين لنا من هذه الوثائق أن تلك الألقاب هي ألقاب عريقة للأسرة قد رضي بها الأسلاف ولم ينفروا منها.
كما دلتنا على قدم سكان بعض الأسر في بريدة التي كان يظن أنها حديثة السكنى فيها.
وهناك أمر مهم آخر وهو الصلات التجارية القوية بين الأثرياء من البلدتين الرئيسيتين في القصيم خلال القرن الثالث عشر: بريدة وعنيزة فتبين كيف كان التجار في إحدى البلدتين يتاجرون بالعقار ويداينون الناس في البلدة الأخرى.
ولقد ساعد المشايخ من آل سليم على حفظ الوثائق المتعلقة بهم، ومنها المداينات والمبايعات كونهم من العلماء أو من طلبة العلم والكتبة، وأئمة المساجد، وكانوا يحافظون بطبيعتهم على الكتب والأوراق والرسائل العلمية فصاروا يحافظون على الأوراق الأخرى مثل ذلك في الوقت الذي كانت فيه بعض الأسر لا تهتم بحفظ مثل تلك الأوراق، لأنها تكون مشغولة عن حفظها بما هو أهم لديها من السعي في لقمة العيش، والتغرب أحيانًا في سبيل ذلك خارج البلاد من الأمصار والبلدان الأجنبية التي لا يرجع بعض من كانوا يذهبون إليها إما رغبة فيها أو يدركهم الهلاك قبل أن يعودوا إلى وطنهم.
فقد بقيت الوثائق التي خلفها عمر بن عبد العزيز السليم وذريته سليمة محفوظة من التلف لأنها ظلت بأيدي أناس من العلماء أو طلبة العلم من ذريته.
وآخر من أدركناه من ذريته هو أستاذنا الشيخ عبد الله بن إبراهيم السليم الفلكي المشهور، بل ربما كان الفلكي الوحيد في المملكة الذي جمع في علم الفلك والأنواء بين القديم والحديث، كما سيأتي ذلك في ترجمته.
ثم كان ابنه العلامة المشهور الشيخ محمد بن عمر بن سليم عالمًا من العلماء متأهلًا للقضاء ولكنه رفضه وإن كان قد ناب عن الشيخ سليمان بن علي المقبل قاضي بريدة في غيابه عدة مرات.
ثم كان ابنه إبراهيم بن محمد بن عمر طالب علم وحافظًا لكتاب الله وخطاطًا مشهور الخط، للكتب العلمية، وظل إمامًا في مسجد في بريدة حتى مات ثم خلفه ابنه الأستاذ عبد الله بن إبراهيم في إمامة المسجد، وظل عبد الله هذا يؤم في المساجد عشرات السنين.
لذلك بقيت هذه الوثائق سليمة محفوظة عما أصاب الوثائق الأخرى التي خلفها أهل بريدة من الأثرياء وغيرهم، والتي أصابها التلف أو الإندثار بسبب الإهمال أو بفعل العوارض الجوية، أو الكوارث العامة من الحروب والمجاعات التي تجعل المرء ينسى العناية بما هو مهم لديه، إضافة إلى الكساد الاقتصادي الذي كان يسود البلاد حتى أصبحت بعض العقارات لا تساوي الاهتمام بأوراقها، وذلك بالإضافة إلى ما كان عليه آل سليم من اليسر في العيش وعدم الاضطرار للاغتراب في طلب الرزق لأنهم ظلوا كما كان أسلافهم من محبي التجارة واقتناء العقار.
ومن أهم أولئك هذا الرجل الذي ضربنا المثل به وهو عمر بن عبد العزيز بن سليم الذي دلتنا المكاتبات والوثائق التي خلفها على الثراء