الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبلغ الذي لهم ولورثة الشيخ عمر بن سليم المبلغ الآخر وهو 15 ألف ريال.
قال الشيخ إبراهيم العبيد:
وفيها أمر الشيخ القاضي عمر بن محمد بن سليم بنقض بناية المسجد الجامع في مدينة بريدة وإعادة بنايته لأن المسجد قد تضعضع بعض بنائه لكثرة ما يتردد عليه من السيول على مر السنين، فشرع في هدمه وأضيف له سعة من جهة الشمال وقام الشيخ بأعباء العمل، وكان قد شاور الأعيان من الأهالي فوافقوه علي ذلك، غير أن الشيخ هو الذي باشر المهمة بنفسه، وبعث بالأخبار إلى جلالة الملك، فبعث الملك أيده الله ورفع قدره مساعدة على العمل وهذه المساعدة قدرها خمسة عشر ألف ريال فرنسي تقدر بخمسة وأربعين ألف ريال عربي، وكم لهذا الملك من الأعمال الطيبة والمسارعة إلى كل مشروع ديني، ولما أن هدم إلى أسه عدل الشيخ جهته وأقيمت العمد كأحسن ما يكون في القوة والحسن وجعل محل السقف الخشبي عقودا من الحصا، وكان الشروع في العمل في 15 جمادى الأولى ثم إنه جلب إليه مهندسين وأكثر من العمال في بنائه فاستقام من طين وأحكم بناؤه إحكامًا مبرمًا وقام الشيخ أكمل القيام، فكان يباشر وضع العمد والجدر ويرشد المهندسين إلى إكمال العمل وقد وزع الأهالي وقت بناءه في أربعة مساجد من بريدة وكان انتهاء العمل في 9 شعبان إذ امتد وقت العمارة ثلاثة أشهر إلا قليلًا وتعتبر هذه المدة قصيرة لكبر المسجد ولأنه أصبح يسع خمسة آلاف من المصلين وتعد هذه الخطة حسنة خالدة في تاريخ الشيخ عمر (1).
وفاة الشيخ عمر بن سليم:
امتد المرض بالشيخ عمر بن سليم شهورًا إلى أن أقعده في النهاية في بيته لا يستطيع منه الخروج فكان الناس يزورونه فيه وهو على فراشه، فلا
(1) تذكرة أولي النهى والعرفان، ج 4، ص 118.
يمر يوم حتى يزوره عدد كبير منهم من كبار الجماعة من المشايخ وطلبة العلم حتى أسلم الروح في يوم 16 من ذي الحجة عام 1362 هـ.
قال الشيخ صالح العمري:
مرضه ووفاته رحمه الله:
سبق أن قلنا إنه قليل الأكل كثير العمل في الليل والنهار مما أضعف جسمه، وقد أحس رحمه الله في آخر حياته، فأراد العزلة عن الناس بمزرعة كانت له خارج بريدة تسمى النقرة غرب القصيعة، فاتخذ فيها منزلًا وقال للطلبة إنه سيبقى هناك فمن أراد طلب العلم فليلحق به هناك، واتخذ ما يلزم الإطعام الطلبة وسكناهم عنده، وبقي هناك فترة قصيرة عبارة عن عدة أيام، وأبرق للملك عبد العزيز يستعفيه من القضاء، فأصر الملك على عودته لبريدة وعدم إعفائه من القضاء، فامتثل مكرها وبقي على ضعف جسمه بضعة شهور، ولكنه كان يبدو عليه الإجهاد فيصبر احتسابًا ولا يبين ذلك ولا يعرفه إلا بعض خواصه وأهل بيته، وفي شهر القعدة بدأ يزيد عليه المرض ولكنه لم يقفل بابه عن المراجعين والمستفتين والزوار، وقد حضر صلاة عيد الأضحى مأمومًا على غير عادته، وحمل إلى المصلى على دابة وبعد العيد ثقل جسمه، وزاد عليه المرض، إلى أن وافاه الأجل في يوم الاثنين الموافق 16 من شهر الحجة عام 1362 هـ في حوالي الساعة السادسة غروبي مع أذان الظهر، وكان قبل خروج روحه بنحو نصف ساعة قد طلب زوجته وأدخلته مغتسلًا قريبًا من فراشه فاغتسل وتوضأ ولبس ثوبًا جديدًا ثم عاد إلى فراشه متجهًا نحو القبلة، وأمر القارئ الشيخ عبد العزيز بن صالح بن سليم أن يقرأ القرآن، وقد استمر الشيخ عبد العزيز يقرأ القرآن والشيخ عمر يسأل عن الأذان بين فترة وأخرى واستمر الشيخ عبد العزيز يقرأ وكنا مجموعة من أقاربه حوله وكان أعرفنا لهذا الأمر ابن أخيه عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سليم فرأيناه يذكر الله
ويغمض عيني الشيخ، فعرفنا أن روحه تخرج، وكان رحمه الله قبل خروج روحه بدقائق يسأل هل أذن الظهر، وكأنه على موعد معه، ومن شب علي شيء مات عليه، فقد كان رحمه الله يختم القرآن في كل يوم مرة، وفي رمضان من كل يوم وليلة مرتين فخرجت روحه والقارئ يقرأ عليه فرحمه الله رحمة الأبرار وإنا لله وإنا إليه راجعون (1).
وروي عمر بن سليم بعد وفاته في منامات، وهذه قصة رؤيا رآها الشيخ صالح السكيتي نقلها سليمان بن إبراهيم الطامي، قال:
روى هذه السالفة صالح بن إبراهيم السيف رحمه الله قال فيها:
الشيخ صالح بن عبد الرحمن السكيتي أحد تلاميذ الشيخ العلامة عمر بن محمد السليم رحمهما الله، وبعد ما توفي الشيخ عمر بعشرين عامًا رآه الشيخ صالح السكيتي في المنام.
يقول الشيخ صالح: رأيت الشيخ عمر جالسا يحيط به تلاميذه، وعليه ملابس لم أر مثلها من بياض وجمال وبيده مهفة (مروحة يدوية)، وأحد التلاميذ يقرأ عليه من كتاب.
وفجأة تنبهت من نومي، يقول الشيخ صالح وأنا أبتسم لهذه الرؤيا ومستبشرًا خيرًا لشيخنا العلامة، وعندما صليت الفجر وأخبرت الشيخ إبراهيم بن صالح السليم أحد أقرباء العلامة عمر - بما رأيت في منامي الليلة البارحة.
فاستبشر هو أيضًا خيرًا، ومن عجائب الله أن الشيخ إبراهيم بن صالح رأى العلامة الشيخ عمر في منامه في الليلة التالية وأخبره أن الشيخ صالح السكيتي رآه في الليلة الماضية ووصف له ما رآه من حسن هيئة.
(1) علماء آل سليم وتلامذتهم، ص 114.