الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد عاد ابن بشر رحمه الله فصحح خطاه حيث قال في حوادث سنة 1241 هـ:
ثم دخلت السنة إحدى وأربعين ومائتين والف، وتركي ابن عبد الله رحمه الله في الرياض، وبلدان نجد كلها سامعة مطيعة وبايعوه على دين الله ورسوله والسمع والطاعة سوى الأحساء وما يليه فاطمأنت بعدله الرعايا وأمنت البلدان والقرايا، وخافت من سطوته أشرار البلدان ولانت لهيبته رؤوس العربان، ورفع الله بولايته عن المسلمين المحن وزالت عنهم الحروب والفتن.
وكان خازنه الذي جعل ببيت المال ويحاسب العمال عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن سويلم، وكان من عشيرة لهم سابقة وعلم ومعرفة وفهم، كان أبوه محمد قاضي بلد الدلم في الخرج زمن عبد الرحمن بن سعود، ثم كان قاضيًا في الدرعية، وعمه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن سويلم قاضي بلد بريدة زمن سعود وابنه عبد الله، وجده عبد الله بن عبد الرحمن هو الذي ألفي عليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب من العيينة حين أخرجه ابن معمر، فالفي عليه في الدرعية، فجمع بينه وبين محمد بن سعود حتى قام معه ونصره وساعده على ذلك حمد بن سويلم ابن عمه (1).
فذكر أن الشيخ عبد العزيز بن سويلم كان قاضي بلد بريدة زمن سعود وابنه عبد الله الذي وقعت عليه وقعة الدرعية، بل العدوان على الدرعية إن سقطت الدولة السعودية الأولى في وقته.
تواضع الشيخ عبد العزيز بن سويلم:
لم يكن الشيخ عبد العزيز بن سويلم رحمه الله يبالي بالألقاب ولا يلقي الأمثالها بالًا، ومن ذلك أنّه لم يكن يسعى إلى الشهرة، ولا يظهر فيما يمليه شيء يدل على ذلك.
(1) عنوان المجد، ج 2، ص 40 - 41 (الطبعة الرابعة).
وربما كان النّاس قد عرفوا عنه ذلك، فساروا عليه، حتى بعد وفاته كما في هذه الوثيقة الردئية الخطُّ والإملاء، ولكنها مهمة المعنى والمضمون وهي بخط (عقيل بن مسلم المضيان).
وقد ذكر فيها الشيخ عبد العزيز بن سويلم باسمه المجرد (عبد العزيز بن سويلم) بدون تلقيبه حتى بلقب الشيخ، وذلك مثلما فعل بالأمير حجيلان بن حمد أمير القصيم، إذ ذكره باسمه المفرد حجيلان، ولم يصفه بالأمير.
وذلك كله كان بعد وفاة الرجلين بدليل قوله: رحمهم الله كما نص عليه الكاتب في أول الوثيقة.
والوثيقة نقلتها إلى حروف الطباعة وشرحتها في مكان آخر من هذا الكتاب.
وبمطالعة تاريخ ابن بشر وغيره من التواريخ المتعلقة بنجد يتبين مدى الفوضى التي حلت بالبلاد بعد سقوط الدرعية وانفلات الأمر، فقد عدم الحاكم العام العدل الذي تجب على الجميع طاعته، وعاد بعض قرى نجد إلى التجارب والتضارب.
ولذلك عندما عاد الإمام تركي بن عبد الله إلى منطقة الرياض من منفاه ظل فترة طويلة يصارع أهل القرى والبلدان القريبة من الدرعية لإخضاعهم الحكمة، وإعادة العمل بالشريعة، وكف أيدي النّاس بعضهم عن بعض، ولم يصل حكمه إلى القصيم إلَّا بعد مدة مديدة.
ولا يتسع المجال لإيراد ذلك كله، ولكننا ننقل صفحة واحدة مما ذكره ابن بشر عن صراع الإمام تركي بن عبد الله في هذا الأمر.
قال ابن بشر:
"ثم دخلت السنة تسع وثلاثون ومائتين وألف، وتركي بن عبد الله رحمه الله تعالى في بلد عرقة محاربا لأهل الرياض ومنفوحة وأهل الخرج وصاحب ضرما وثرمدا وحريملاء وباقي بلدان نجد يكاتبونه بلا متابعة.
ثم إنّ تركي عزم أن يسطو على ناصر السياري في بلد ضرما فقصده من بلد عرقة، واستخلف فيها عمر بن محمد بن عفيصان، وليس مع تركي إلَّا شرذمة قليلة، فدخل عليه المسجد فوجده في سطحه، وكان السياري بطل شجاع، فلما عرف أنّه تركي وثب إليه فتعانقا وتناشبا ولزم كلّ منهما صاحبه، وحصل بينهما مصارعة وملازمة عظيمة، فلم يزالا حتى سقطا جميعًا من أعلى السطح إلى هابط ولم يفلته تركي حتى قتله، واشتهرت هذه القضية في نجد، وكان تركي رحمه الله له شجاعة وهمة تعجز عنها صناديد الأبطال والضراغمة الأشبال، استولى على بلد ضرما وملكها وأقام فيها.