الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سعود الإسلامية في الرياض مقالًا ضافيًا في جريدة الرياض عن الشيخ عبد الله المذكور استهله بقوله:
"فقدت القصيم خاصة، والمملكة العربية السعودية عامة يوم الخميس الماضي أحد الرواد التربويين الذين كان لهم دور بارز في تأسيس التعليم النظامي في المملكة العربية السعودية، ذلكم هو العالم والمربي الشيخ عبد الله بن إبراهيم السليم أول مدير من أهل البلد لمدرسة بريدة، وأول مدير للمدرسة النظامية في الرياض، وواحد ممن يشار إليهم بالبنان من علماء الفلك في المملكة العربية السعودية الخ.
وذلك بعدد الرياض 10208 الصادر في يوم الأربعاء 19/ 1 / 1417 هـ والموافق 5/ 6 / 1996 م.
كما نشر الأستاذ عبد المحسن بن محمد التويجري في الجريدة نفسها مقالة عن الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سليم رثاء له بعد وفاته وذلك في العدد 10210 من الجريدة الصادر يوم الجمعة 21 محرم 1417 هـ رايت نقلها هنا لأنها تلقي ضؤًا على حياته المذكورة، قال الأستاذ عبد المحسن بن محمد التويجري:
عبد الله السليم من أول رجالات التعليم:
هذه حقيقة لا مراء فيها، فالشيخ عبد الله بن إبراهيم السليم غفر الله له وقد افتقدناه في هذه الأيام المفضلة من شهر الله الحرام، وفي أوائل هذه السنة الهجرية المباركة - على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم.
هذا الشيخ الفاضل والعالم الفلكي الملهم هو أول من افتتح مدرسة ابتدائية حكومية في بريدة حاضرة القصيم كما أنه أول من أسس المدرسة الابتدائية الأولى في عاصمتنا المحبوبة (الرياض) وبأمر من مؤسس هذه البلاد في العصر
الحديث وابنه سعود رحمهما الله، والتي تحمل حاليًا اسم المدرسة التذكارية، إذًا فالأستاذ عبد الله بن إبراهيم السليم رحمه الله يعتبر بحق وحقيق من أوائل رجالات التعليم في بلادنا العزيزة وفي هذه الحقبة من الزمن.
وقد لاقى في سبيل تحقيق هدفه النبيل وغايته السامية من العنت والمشقة والضنى ما الله به عليم، فعسى أن يعوضه الله ويكافئه بجنات النعيم، ثم إن فقيدنا الغالي يعتبر كذلك من علماء الهيئة والحساب المبرزين في علم الفلك الذي قل أربابه وندر الاتجاه إليه إلا عن طريق المراصد والأجهزة العلمية الفلكية الحديثة المتخصصة.
أما فقيدنا فعن طريق الحساب الدقيق والمعلومات المستقاة ممن سبقه من أهل هذا الفن مع الأخذ في الدرجة الأولى بالرؤية المجردة والقرائن والمطالع وقد ألف في ذلك عدة كتب تحوم في مجملها حول تقويم الأوقات بالتاريخين الهجري والميلادي وتحمل مقارنات فريدة وتعليلات مفيدة وربط للأمور عجيب بأسلوب مغرق في هذا الفن غريب، وكان من أهمها كتاب سجل فيه طلوع الهلال وغروبه ومطالع النجوم المقارنة له على مدى قرنين من الزمن من الآن وحتى بداية القرن السابع عشر الهجري، فلله دره من حيسوب متقن مبدع.
فكم جلست معه - يرحمه الله - في زياراتي المتكررة له، وكم طربت لسماع معلوماته الفلكية عن نجوم السماء وكواكبها السيارة وأبراجها المتعددة، وخاصة ما يتعلق بالقمر ومطالعه وبزوغه وأفوله: ويعلم الله أنني كنت في مجلسه وفي مكتبته أحصر ذهني وأقصر حواسي على متابعة أحاديثه المتتالية والمتتابعة في هذا الميدان والتي تخرج من فمه بسهولة وسرعة مذهلة ويشعر معها السامع له وكأنه يقرأ من كتابه أمامه.
ومع ذلك فإنني لا أدعي أبدًا أن مداركي في هذا المجال تستوعب كل ما يقول أو أن أفهم منه جل ما يسرده من معلومات مرتبة ومتلاحقة في التو واللحظة فضلًا عن أن يبقى منه شيء في الذاكرة والذهن بعد انتهاء هذه الجلسة معه أو تلك وغالبًا ما تكون زيارته في مكتبته العامرة الغنية بالكتب القيمة والمخطوطات النادرة والتي أرجو الله مخلصًا أن يعني بها أبناؤه الطيبون وأن يتعاونوا مع ذوي الاختصاص في الاستفادة منها عن طريق ضمها لإحدى الجامعات أو المكتبات المركزية التي تعم أرجاء المملكة وربما تكون مكتبة بريدة العامة أولى بها.
أخي القارئ، بالنسبة لبصماته الباقية على مر الزمن في مضمار التعليم لا أعتقد أنني سأوفيه حقه أو أتحدث عن هذه المرحلة الحساسة من حياته العامرة بالخير والإصلاح والتوجيه والإرشاد بما يشفي الغليل، وإنما في مشاركة متواضعة من صديق له عايش فترة طويلة من عمره وزامله فترة قصيرة من الزمن حينما كان مديرًا لمعهد المعلمين في بريدة سنوات طويلة أيام كنت مديرًا للتعليم بالقصيم قبل أكثر من ثلث قرن فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وأحسب أن أحد تلاميذه أو زملاءه ممن عاشوا معه في بلد واحد من عمره الفسيح على مدى نصف قرن وزيادة عقدين لأنه رحمه الله قد قضى حياته كلها في هذا الميدان الشريف والحقل المشرف.
أعلمت أشرف أو أجل من الذي
…
يبني وينشئ أنفسا وعقولا
وقبل أن أختم حديثي عنه أقدم هذا المقترح لأهل القصيم عامة وأهالي بريدة خاصة وهو إنشاء مؤسسة علمية تحمل اسم هذا الرجل الخالد الذكر تحت مسمى (دار ابن سليم العلمية) مثلًا، تقديرًا لجهوده المشكورة وآثاره المذكورة وخدماته الجليلة التي أسداها للعلم وطلابه على مدى عمره الطويل وبذل في ذلك كفاحًا مريرًا وصراعًا شديدًا، وأرى أن يعني فيها كثيرًا بالفن الذي اشتهر به رحمه الله
وعفا عنه وهو علم الحساب أو الهيئة أو الفلك أو النجوم حيث كان محيطًا إحاطة شاملة بالأنواء ومطالع النجوم ورصد الكواكب السيارة والثابتة والمجرات والبروج وحساب الشهور والسنين بالتواريخ الثلاثة المعتبرة وبمقارنة عجيبة وتعليلات دقيقة وصدق الله العظيم، (الشمس والقمر بحسبان)(هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورًا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب).
نعم إن تأسيس مرصد فلكي متكامل في صلب هذه الدار المقترحة أمر ضروري جدًّا حتى يكون معلمًا بارزًا لما تميز به فقيدنا العزيز في وقت قل فيه المهتمون بهذا العلم على أسسه القويمة وأساليبه القديمة التي درج عليها علماء الهيئة في سالف الأزمان وغابر الأيام، فهل يا ترى يستجيب لهذا النداء ذوو الرأي وأهل الفكر والعلم والمال من أهالي منطقة القصيم وحاضرتها بريدة بالذات؟
هذا ما أرجو أن يتحقق في المستقبل القريب إن شاء الله ولا شك أن الدولة وفقها الله ممثلة في وزارة المعارف والتعليم العالي والإعلام تشجع مثل هذه التوجهات العلمية المجردة وتعمل على انتشارها في ربوع وطننا الغالي.
وإنني لواثق تمام الثقة أن القصيميين قد درسوا هذه الفكرة قبلي وأنها تختمر في نفوسهم وتعتلج في صدورهم وإنما كانوا ينتظرون الفرصة المواتية للبدء في تنفيذها وها قد آن الأوان لإبرازها إلى حيز الوجود بعد وفاته رحمه الله وغفر له لأنه ومع بالغ الأسف وشديد الأسى قد درجنا على عدم تقدير الشخص المميز في أي ضرب من ضروب المعرفة أو حقول الثقافة أو الاقتصاد وحتي السياسة وغيرها من مجالات الحياة إلا بعد مماته ومفارقته لهذه الدنيا الفانية وإلا فإن المفروض أن يتم ذلك في حياة المرء المراد تكريمه حتى يرى ثمرة كفاحه ومدى تقدير قومه له وهو على قيد الحياة ولكن لعل في تحقيق مثل هذه الفكرة تعويضًا عما سلف وفات وكل ما هو آت آت!
فعجلوا بالتنفيذ أيها المعنيون تخليدًا لذكراه العطرة وأسرعوا بالدعم