الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاث سنوات، ثم نتقيظ في شوال وشوال وشوال (4 شواويل) ثم نتقيظ في ذي القعدة وذي القعدة وذي القعدة (3 ذوات القعدة) ثم في ذي الحجة وذي الحجة وذي الحجة (3 ذوات الحجة) ثلاثة شهور، لأن كل سنة تتأخر 11 يومًا، وكل ثلاث سنوات يتوفر شهر عربي.
انتهى ما نشرته مجلة الدارة.
الباحث المتعمق:
لأستاذنا عبد الله بن إبراهيم بن سليم بحوث عميقة تتعلق بالمسائل العلمية التي لها منحى فلكي، وقد أرسل بعضها إلى العلماء الكبار في المملكة كالشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية والشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رئيس هيئة كبار العلماء.
فبحوثه ليست بحوثًا نظرية يكتبها وراء أبواب مغلقة ولا يقرؤها إلَّا هو، ومن جاء بعده من غير العلماء المختصين، وقد أرسل مرة رسالة إلى كل عضو من أعضاء هيئة كبار العلماء يعلق فيها على قرار للهيئة حول اختلاف مطالع الهلال.
هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة صاحب السماحة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فقد اطلعت على قرار هيئة كبار العلماء رقم بدون وبتاريخ 13/ 8 / 92 المعطوف على خطاب المقام السامي رقم 22451 وتاريخ 6/ 11 / 91 وتقريرًا للجنة الفقهية المنبثقة من المجلس قررت الموافقة على القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع إلا أن بعض أعضاء المجلس
التأسيسي رأى التريث في الأمور وزيادة البحث والتقصي في هذا الموضوع وبناء على ذلك عرض على المجلس لهيئة كبار العلماء في دورتها الثانية المنعقدة في شهر رمضان 1392 هـ ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في موضوع إثبات الأهلة المشتمل على الفقرتين التاليتين:
1 -
حكم اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره.
2 -
حكم إثبات الهلال بالحساب وكذا قرار رابطة العالم الإسلامي الصادر منها في دورتها الثالثة عشرة المنعقدة في شهر رمضان 1391 هـ ومرفقه بحث اللجنة الفقهية المشكلة من بعض أعضاء مجلس الرابطة في الموضوع وبعد دراسة المجلس للموضوع وتداول الرأي فيه قرر ما يلي:
(1)
اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حسًّا وعقلًا ولم يختلف فيها أحد وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في اعتبار اختلاف المطالع من عدمه.
(2)
مسألة اعتبار اختلاف المطالع من عدمه من المسائل النظرية التي للإجتهاد فيها مجال والاختلاف فيها وفي أمثالها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد.
(3)
وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين فمنهم من رأي اعتبار اختلاف المطالع ومنهم من لم ير اعتباره واستدل كل فريق بأدلة من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) وقوله صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) الحديث.
وذلك لاختلاف الفهم في النص وسلوك كل منهما طريقًا في الاستدلال به
وعند بحث هذه المسألة في مجلس الهيئة ونظرًا لاعتبارات قدرتها الهيئة ولأن هذا الخلاف في مسألة اعتبار اختلاف المطالع من عدمه ليس له أثر يخشى عواقبه، وقد مضى على ظهور هذا الدين مدة أربعة عشر قرنًا ولا نعلم فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة فإن أعضاء الهيئة يرون بقاء الأمر على ما كان عليه وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما من المسألة إذ لكل منهما أدلته ومستنداته.
(4)
أما ما يتعلق بإثبات الأهلة بالحساب فبعد دراسة ما أعدته اللجنة الدائمة في ذلك وبعد الرجوع إلى ما ذكره أهل العلم فقد أجمع أعضاء الهيئة على عدم اعتباره لقوله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرويته ولقوله صلى الله عليه وسلم لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه الحديث ولدى إمعان النظر فيما أجمع عليه أعضاء الهيئة رايت أن الهيئة قد وفقت كل التوفيق في سلوك هذه الطريقة الحكيمة التي قد بحثت على ما تقتضيه النصوص وبما سلكه العلماء المحققون جيلًا بعد جيل وأقول أرى أن يعرض على اللجنة ما يلي:
- أننا في هذه الأزمنة قد تقدم علم الفلك تقدمًا ملموسًا بحيث يستطيع المتمكن من هذا العلم تحديد ولادة الهلال وانفصاله والمقدار الذي يتأخر به عن الشمس سواء رؤي بالعين المجردة أم لم ير في أي بقعة من بقاع الأرض مهما صغر موقعها، وبهذه الطريقة يعرف اختلاف المطالع وموقع أي بقعة من الخطوط الطولية ومقدار الفرق بين بقعة وأخرى وأنه إذا رؤي في بلد شرقي يرى في البلد الغربي أكثر وضوحًا، وإنما قد يرى في البلاد الغربي ولا يرى في البلد الشرقي للسبب نفسه.
- الذي أرى أن تبديه الهيئة الموقرة على ضوء الواقع والنصوص أما الواقع فقد عرفناه من اختلاف المطالع وأما النصوص منها قوله تعالى (يسألونك
عن الأهلة قل هي مواقيت الناس والحج) وعرفنا إمكان معرفة أول ليلة يتأخر الهلال فيها عن الشمس لتكون أول الشهر عند من يعرف ذلك وقول النبي صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته هل هو عام الجميع المسلمين أم خاص بأهل كل مدينة.
- ثم هناك ملاحظة أخرى هي أن وقت المغرب مندرج في وقت العشاء وامتداد وقت العشاء إلى ثلث الليل بما يفي لاشتراك جميع البلاد الإسلامية في الليل فما الفرق فيما بينهما إلا أقل من بضع ساعات.
- وفي توحيد الأمة الإسلامية خير كثير فلو اتخذت مكة التي هي قبلة أكثر من سبعمائة مليون مسلم ومنها شع النور الإسلامي موضعًا لعملية حساب أوائل الشهور القمرية الحقيقية فإنه ما كان غرب مكة سيرى الهلال ومن كان شرقها فهو موضع البحث للهيئة فهل يشتركون جميعًا في الليل ورؤية من رآه غربًا تعتبر رؤية لهم؟ أم لكل أهل بلد رؤيته.
- وإذا كان الأمر كذلك فإن الأمة الإسلامية ستتطلع إلى ما يذاع من مكة المكرمة مهبط الوحي ومنبع الرسالة المحمدية، ولن يسبق أي بلد إسلامي رؤيته في مكة.
- وهناك مسألة أخرى لا تقل أهمية عن أول ليلة في الشهر يجب أن تعار بعض الاهتمام وهي التوقيت الزوالي الذي فرض استعماله في الدوائر الرسمية والأعمال الحكومية وأوقات العبادة، ومعلوم أن اليوم الشرعي يبتدئ عند المسلمين من غروب الشمس وكذلك كان عند العرب قبل الإسلام وأن اليوم يبتدئ عند النصارى من منتصف الليل يأخذون نصف الليل مع نصف النهار ويعبرون عنها بالفترة الصباحية تبتدئ من الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل والفترة المسائية تبتدئ من الساعة الثانية عشر بعد الظهر إلى منتصف الليل.
- وبمقتضى ذلك تسمى الساعات التي بعد منتصف الليل ساعات نهارية وعند
المسلمين ليلية والساعات التي بعد الظهر إلى منتصف الليل ساعات ليلية بينما هي عند المسلمين نهارية، إلى غروب الشمس.
- والله سبحانه وتعالى قد أغنانا عما بأيديهم ولنا شرع قائم بذاته كامل من جميع جهاته لا نقص فيه، فالإفرنج يبتدؤن من نصف الفلك الخفي أي منتصف الليل، والمسلمون يبتدؤن من منتصف الفلك الظاهر الذي لا يخفي على عالم ولا جاهل ولا رجل ولا امرأة كما قيدت الأحكام برؤس الأهلة عند رؤيتها وبثلاثين يومًا عند ما يحول دون ذلك حائل من غيم أو قتر أو غير ذلك وباستعمال التوقيت الغروبي تذكير لنا بقوله تعالى (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) الآية فإن الشمس إذا قامت برحلتها إلى الشمال عند درجة 23.5 ْإلى مدار السرطان تكون الزيادة في النهار والنقص في الليل وعندما تقوم برحلتها صوب الجنوب إلى مدار الجدي عند الدرجة 23.5 ْ ففي الأولى يشتد الحر وفي الثانية يشتد البرد وجميعها تلفت أنظارنا إلى الخالق العظيم الذي أحدث هذا الكون ويتصرف فيه على وفق مشيئته وإرادته لا يستطيع العباد زيادة فيه ولا نقصًا منه بأوقات رتيبة قد ضمنت مصالحهم فسبحانه من إله عظيم هو المستحق للعبادة.
أما إذا كانت على الطريقة الأفرنجية فلا تعطي هذه المعاني مع ما فيها من مشابهة أهل الكتاب ولاسيما في مبادئ العبادة، وإذا نظرنا إلى أسرار الشريعة الإسلامية التي رفع عن أهلها الحرج وجدناها ترجح جانب الظاهر على جانب الباطن، فالأحكام الشرعية أنيطت بالأهلة واليوم أنيط بغروب الشمس ومجموع الليل والنهار 24 ساعة ما زاد في أحدهما نقص من الآخر، ولم يترتب على سير الشمس أي أحكام، وذلك لصعوبة معرفة الابتداء على كثير من الناس فرجحت الشريعة ما يمكن معرفته لجميع الناس.
وقد سار المسلمون منذ أربعة عشر قرنًا على التوقيت الغروبي يبتدئ اليوم
من طلوع الشمس والليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، والنهار من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، فما كان من غروب الشمس إلى طلوع الفجر فهو ليل، وما كان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس فهو نهار، هكذا شرع لنا أما أن نقول من نصف الليل إلى الظهر هذا نهار، ومن الظهر إلى نصف الليل هذا ليل ونرتب أمورنا على ذلك فهي مضاهاة لأهل الكتاب واستبدال الأدنى بالذي هو خير والله أسأل أن يوفق مشايخنا وحكومتنا لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين واقتفاء آثار نبينا الذي لا خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلَّا حذرها منه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن سليم
2/ 11 / 1397 هـ
وقد تلقى جوابًا على هذه الرسالة من صاحب السماحة شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رئيس هيئة كبار العلماء آنذاك، قال فيها الشيخ عبد الله بن حميد:
من عبد الله بن محمد بن حميد إلى حضرة الأخ المكرم الفاضل الشيخ عبد الله بن إبراهيم السليم - حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
وصلني كتابكم المكرم المؤرخ 2/ 11 / 1397 هـ وفهمت ما تضمنه لاسيما ما أشرتم إليه من أن هيئة كبار العلماء وفقت كل التوفيق في قرارها الخاص باعتبار اختلاف المطالع وإبقاء الأمر على ما كان عليه وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها، وهذا هو ما يقتضيه الشرع والعقل، لاسيما في هذا الزمن الذي كثر فيه الخلاف وتنوعت المشارب.