الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان صاحب السمو الأمير عبد الله بن جلوي أمير بريدة آنذاك رجلًا حصيفًا حكيمًا سياسيًا يقدر أهل العلم، ويعرف لهم مواقفهم، فاستقرأها حتى أتي على آخرها، ثم إنه بعثها إلى صاحب الجلالة في الرياض، وما كاد الملك عبد العزيز يعلم بموضوعها حتى دعا بخادم له يدعى أبا ردن، وأمره أن يذهب من فوره غداة يوم السبت فيقدم إلى بريدة يوم الخميس فيعزل عبد العزيز بن بشر ويجعل ناصر بن سليمان بن سيف إمامًا في المسجد الجامع حتى يقدم من بلد البكيرية فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم فيتولى القضاء، فنفذت هذه التدابير بسرعة خارقة.
ولما أن قدم صباح يوم الخميس صلي فضيلة الشيخ عبد العزيز بن بشر بالمسلمين صلاة الظهر ثم ناوله أوامر السلطان وصلي في جامع بريدة صلاة العصر الشيخ ناصر بن سليمان، وبارح القاضي الإمامة والقضاء، ثم بعث الخادم إلى الشيخ عبد الله بن سليم في البكيرية ليباشر مهمة القضاء في بريدة.
وذكر الشيخ إبراهيم بن عبيد في تاريخه أيضًا أن الملك عبد العزيز آل سعود عندما استعاد السيطرة على بريدة من محمد بن عبد الله أبا الخيل في تمام 326 هـ عزل الشيخ إبراهيم بن جاسر عن قضاء بريدة على اعتبار أن الذي كان عينه في هذا المنصب هو محمد بن عبد الله أبا الخيل وجعل مكانه ناصر بن سليمان آل سيف مؤقتًا (1).
نماذج من خط ناصر بن سليمان السيف:
وقد اعتاد هو أن يكتب اسمه (ناصر السليمان بن سيف) وسليمان هو والده، وقد كتب كما قلنا آلاف الوثائق وأوراق العقود، ومع ذلك لم أرد أن يخلو هذا المكان من عرض نماذج لخطه وكتاباته، من دون تعليق لأن بعضها قد علقت عليه في أماكن أخرى من هذا الكتاب، وبعضها ليس هذا موضع التعليق عليه.
(1) تذكرة أول النهى والعرفان، ج 2، ص 89.
لم تقتصر كتابات ناصر بن سليمان السيف على كتابة الصكوك والوثائق والمبايعات والوصايا التي قل أن يوجد من كتب من أهل بريدة مثلها في العدد مثله في ذلك مثل والده سليمان بن سيف، بل تعدت ذلك إلى كتابة الكتب والمخطوطات العلمية.
وقد رأيت منها بخطه ديوان حسان بن ثابت رضي الله عنه تأنق في كتابته وترتيبه فجاء تحفة بين الخطوط في تلك المنطقة التي كان أهلها في ذلك الحين يأخذون بالمثل القائل (الخط ما قري والباقي صنعة).
وقد كتبه في عام 1296 هـ فيما أظن وهو موجود في مكتبة آل سليم في بريدة.
ولم يكن ناصر بن سليمان السيف مجرد كاتب للعقود ثقة معروفًا، وإنما كان أيضًا معتمدًا للقضاة في بريدة يكلفونه بمهمات متعددة نيابة عنهم.
ومن ذلك أن الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم أنابه في شراء وقف للجامع بديل من أرض كان أوقفها عليه عبد الله بن الأمير مهنا الصالح أبا الخيل فاشترى ناصر بن سليمان السيف دكاكين جعلها وقفًا للجامع، وكأنما كان ينظر إلى المستقبل عندما اختار الدكاكين لتكون دون غيرها وقفًا للجامع.
وكتب في إيضاح ذلك وثيقة هذا نصها بحروف الطباعة:
بسم الله الرحمن الرحيم
يعلم من يراه (بأن) عبد الكريم الاحمد العليط باع دكاكينه الدارجات عليه من سليمان العمري، الدكان الذي في السوق القديم الكائن في شمالي بريدة، الدكان الذي يليه من قبلة بالسوق القبلي، والدكان الذي فيه الدرجة وما تبعهن من المصابيح على ناصر السليمان ابن سيف، وهو يومئذ في ولاية خادم الشرع الشريف محمد العبد الله ابن سليم.
باع عبد الكريم هذه الدكاكين وما تبعهن بجميع حقوقهن على ناصر السليمان بثمن معلوم بيانه مئة ريال فرانسه، واشترى ناصر في حال ولايته من عبد الكريم هذه الدكاكين وما تبعهن بجميع حقوقهن بذلك الثمن المذكور، وهن معروفات من البائع والمشتري محدودات يحدهن من جنوب السوق، ومن شرق السوق القائم، ومن قبلة بيت حوشان الفحيل، ومن شمال دكاكين العمري، ومن قبلة دكان ابن هزاع وبيت حوشان، السطوح والمصابيح تبع للبيع، يحد المصابيح من شمال ومن قبلة سطح باقي البيت والثمن حال، حرر في يوم ستة وعشرين من شوال من سنة 1300 شهد على ذلك محمد العقيل وعبد العزيز الحمد العليط وشهد به كاتبه عبد الله بن شومر، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.