الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال الشيخ العلامة عمر بن سليم: نعم لأنني فرغت من الحساب الآن فمنذ توفيت لم أفرغ من الحساب إلا هذه اللحظة، والآن ارتحت من محاسبتي.
فرحمه الله، هذا علامة القصيم له عشرين عاما يحاسب فما بالكم بنا؟ فاللهم ارحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه أمواتنا فرحمتك وسعت كل شيء (1).
وهذا تلخيص لما ذكره تلميذه الشيخ إبراهيم بن عبيد وقد أسهب في ترجمته كلها لمناسبة وفاته كما هي عادة التواريخ المرتبة على السنين قال:
ذكر وفاة قاضي القصيم الشيخ عمر بن سليم:
توفاه الله في يوم 16 ذي الحجة من هذا العام 1362 هـ ثم ذكر طلبة العلم على والده الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم، إلى أن قال:
ففي شهر محرم ابتدأ مرضه وكان شبيهًا بالسل فما زال جسمه في انحطاط حتى توفاه الله يوم 16 ذي الحجة، وهذه ترجمته (2):
ولد رحمه الله 1298 هـ فتربى في كنف والده الكبير الشيخ محمد، وكان محببًا لديه فنشأ على العفاف والزكاء، وحسن الأخلاق والطهارة والعبادة فتعلم القرآن حتى مهر فيه وحفظه عن ظهر قلبه، وأخذ في الدراسة على والده الشيخ محمد بن عبد الله وشرب من ذلك الزلال حتى نبغ من بين الأقران وفاق أهل الزمان، فلما رأى والده مؤهلاته وصلاحه قدمه إمامًا في صلاة الترويح وعمره آنذاك 18 سنة ثم إنه اتفق أن كان في وقته فتن ومحن من بعض الحكام فذهب به والده إلى النبهانية فكان في صحبته وتفرد بالأخذ عنه حتى برع في العلوم نحوًا وصرفًا وفقهًا، وحديثًا، وأدبًا، وتعلم في علم المواريث حتى كان آية من آيات الله تعالى ولما أن أعاد الله الكرة للمسلمين وظهر نجم آل سعود بعبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل، وقد بعث به والده إلى الشيخ العظيم
(1) سواليف المجالس، ج 1، ص 88 - 89.
(2)
من تاريخ ابن عبيد، ج 4، ص 148 - 181.
عبد الله بن عبد اللطيف في بلد الرياض ليأخذ عنه، ولما أن جلس للتعلم من الشيخ عبد الله أعجب به ورأي ذكاءه وكمال عقله ونبله ومعرفته فقضى له بالإجازة وشهد له بالبراعة والتقدم، فرجع إلى وطنه بريدة محفوظًا بعناية الله وأصبح موضع الإعجاب على رغم حاسديه.
تقدم أنه إمام المسلمين في المسجد الجامع وهو شاب من بينهم قدمه فضله وعلمه، ولما كان له من العمر 29 سنة جعل إمامًا في مسجد عودة الرديني في بريدة فاجتمع عليه خلائق كثيرون من طلاب العلم وجثوا بين يديه من كل جانب وازدحموا بين يديه بالركب حلقًا حلقًا.
وتخرج على يديه أناس كثيرون، وكان لتعليمه أثر عجيب لأنه نشأ عن نية طيبة.
ثم إنه نال القضاء في هجرة دخنة وأفاد ووضح الحق هناك، فلما تأسست الأرطاوية سنة 1330 هـ بعثه إليها جلالة الملك المعظم فكان على قضائها، ثم إنه نقل من الأرطاوية إلى مسجد في قلب بريدة، وذلك بإيعاز من الشيخ عبد الله بن سليمان بن بليهد لأسباب ترجحها السياسة هناك، وتقضي بأن يكون هذا الركن العظيم إمامًا للمسجد، ومدرسًا فيه، وكان هذا المسجد يقال له مسجد ناصر بن سليمان بن سيف، ولما تعين مدرسًا فيه أقبل الناس إليه مهطعين وأصبح ذلك المسجد مأوى لكل طالب ومستفيد، فامتلأت حجر المسجد من الأجانب والأهالي وكان لا يزال عامرًا بالتدريس كل وقت من ليل أو نهار حتى كان عدد الحلق ثمان حلق للذكر وغالبهم علماء أجلاء، فاستمر على تلك الحالة دهرًا طويلًا وينوب عن أخيه في القضاء بعض الأحيان إذا مرض ويقوم بصلاة الجمعة والأعياد في حال تخلف أخيه، فلما توفي الشيخ عبد الله أخو المترجم ولي الشيخ قضاء مقاطعة القصيم، وتولى إمامة المسجد الجامع والخطب والأعياد والاستسقاء وقد ينوب عنه تلميذه عبد الله بن رشيد في الجمعة والأعياد واستمر في تدريساته فكان قاضيًا، وإمامًا، ومدرسًا، وخطيبًا (1).
(1) تذكرة أولي النهى والعرفان، ج 4، ص 150.
انتهى.
وقد ترجم له الأستاذ محمد بن عثمان القاضي بترجمة مبسوطة، فقال:
عمر بن محمد بن سليم: من بريدة، هو العالم الجليل الشيخ الفاضل عمر بن محمد بن عبد الله بن حمد بن محمد بن صالح بن سليم انتقل أجدادهم من مدينة الدرعية بعد الحروب فيها وهدمها، انتقل جده عبد الله بن حمد منها مع ابن عمه، إلى القصيم في بريدة واستوطنها سكنا وتناسلوا فيها.
وولد المترجم له في بيت علم ودين في بريدة سنة 1208 هـ (1)، فرباه والده تربية حسنة فنشأ نشأة طيبة وقرأ القرآن على مقري فيها حتى حفظه ثم حفظه عن ظهر قلب وشرع في طلب العلم بهمة ونشاط ومثابرة، فقرأ على علماء بلده فلازم أباه محمدا ملازمة تامة كما لازم غيره، من علماء بريدة، ولما نُفي والده إلى النبهانية رحل معه إليها، وكان عمره عشرين سنة فصارا متجردين هذا للطلب وأبوه للتعليم والنفع فأخذ عنه الأصول والفروع والحديث والتفسير وعلوم العربية وهو أكثر مشائخه نفعا وملازمة له، ولما استولى الملك عبد العزيز على نجد استدعاهما فعاد مع أبيه إلى بريدة ولازمه في حلقاته، ولما استقر الأمن وهدأت الأحوال في نجد بعثه والده إلى الرياض لملازمة علمائها، فقرأ على الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف وعلى غيره مدة ستة أشهر فقط، ثم عاد إلى بريدة فلازم أباه حتى توفاه الله عام 1323 هـ، ولازم غيره من علماء بريدة ونبغ في أصول الدين وفي الحديث، ورجاله وأجيز بسند متصل وعينه الملك قاضيًا ومرشدًا في هجرة دخنة ثم في سنة 1330 هـ عينه قاضيًا ومرشدًا في هجر الأرطاوية، وهي قاعدة قبيلة مطير، وكان شيخهم فيصل الدويش ونفع الله به، فأسكن من روعهم وكان داعية خير ورشد، وظل عندهم إلى سنة 1337 هـ، فأنهى مهمته وعاد إلى بلده وتعين إمامًا في مسجد الشيخ ناصر ابن
(1) التاريخ الصحيح لولادته عام 1299 هـ.
سيف في شمالي بريدة (1) ودرس الطلبة فيه فالتف إلى حلقاته ثلة من الطلبة، وكان تدريسه على طريقة أسلافه فكل طالب أو طالبين في كتاب بما يسمى (سم) بركة وهذه طريقة تلاشت الآن أو كادت تتلاشى، وكانت قبل وصول جدي من الحجاز موجودة عندنا، ولكن الجد رحمه الله ومن بعده سلكوا طريق المدرسين في الحرمين الشريفين يجمعون الطلبة كلهم على كتابين في فنين كل كتاب لعموم الطلبة يشتركون فيه ومتى انتهى كتاب تشاوروا فيما بينهم، وإن اختلفوا كان الحكم بينهم أستاذهم، ولعمري والله إن هذا لهو الفائدة لمن أرادها، فإن الطلبة يعقدون بينهم ندوات وبحثًا ونقاشًا ويحررون المسائل ويراجعونها ويستشكلون مسائل يطلبون من مدرسهم حلها ثم هو يهتم لهذين الدرسين أو الثلاثة والأربعة إذ كانت حلقات في فنون ويأخذ بالحسبان ما يوجهونه عليه من إشكالات قد تحيره إذا لم يستعد للمطالعة والتفكير خصوصًا إذا كانوا أكفاء ولديهم مؤهلات ويخرج الطالب ماهرًا في فنون عديدة بخلاف طريقة القدامى سم بركة فإن الطالب يكون كالمنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى.
نرجع إلى ترجمة الشيخ عمر، ولما وصل أخوه عبد الله إلى بريدة ليتولى مهام منصب القضاء فيها صار يخلفه في الجامع الكبير أحيانًا ويستنيبه علي القضاء متى غاب أو مرض وبالخطابة في الجامع، وكان يتعاطى البيع والشراء في الثمار والبيع إلى أجل فوسع الله عليه في الرزق، وكان حسن المعاملة ينظر المعسر ويتجاوز عن الموسر.
وفي عام إحدى وخمسين في شهر محرم توفي أخوه عبد الله فعين الملك عبد العزيز الشيخ عمر مكانه في القضاء وتولى معها إمامة الجامع وخطابته والتدريس فيه، فالتف طلبة أخيه إلى طلبته، وانتهى الإفتاء والتدريس إليه في بريدة، ومن أبرز تلامذته النابهين الشيخ الجليل سليمان بن عبيد رئيس المحكمة
(1) الصحيح: في جنوب بريدة القديمة.
الكبرى بمكة المكرمة، وصالح بن أحمد الخريصي رئيس محاكم القصيم وعبد العزيز العبادي وشيخنا محمد العبد العزيز المطوع وعبد الله المحمد المطرودي وعبد الله المطلق الفهيد ومحمد الصالح المطوع، ومحمد بن صالح بن سليم قاضي التمييز بالغربية وعبد العزيز بن فوزان عضو محكمة التمييز بالغربية وعلي البراهيم المشيقح مساعد رئيس محاكم القصيم وعبد العزيز بن عبد الله بن سبيل قاضي البكيرية وسليمان المشعلي قاضي المذنب وعبد الله بن عودة السعوي قاضي جيزان ثم الدمام، ومحمد العبد الله التويجري قاضي جيزان وابنه صالح المحمد رئيس محكمة تبوك، وعبد الله بن عبدان رئيس محكمة عنيزة وعبد الرحمن بن طرباق قاض بالمحكمة الكبرى بمكة، وعثمان بن بشر قاضي الأسياح، وحمد بن مضيان قاضي أبي عريش، وعبد الله بن سليمان بن حميد قاضي جيزان ثم البكيرية، وسليمان بن جربوع قاضي الأرطاوية ومحمد البليهي قاضي نجران وصالح السكيتي وصالح البراهيم البليهي وعبد الله بن عقيل قاضي الحناكية وصالح بن عبد العزيز بن عثيمين وإبراهيم العبيد العبد المحسن وعبد الرحمن العبد المحسن وصالح الرسيني وعلي السليمان الضالع معلم في المعهد العلمي في بريدة وإمام جامعه بعد انتقال شيخه للجامع الكبير، وعلي السالم مساعد رئيس محاكم القصيم، ومحمد العبد العزيز العجاجي وعبد الله الجربوع، وعلى الوقيصي، وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن صعب التويجري، ومحمد بن أخيه عبالله بن سليم، ومحمد البراهيم القرعاوي النجيدي، وعبد الله الرشيد، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دخيل قاضي لينة، وعبد الله بن عبد العزيز المشيقح، وعبد الله بن سعد الشبرمي، في آخرين لا حصر لعددهم، وكان يدرس في الجامع الكبير، وبعد صلاة العشاء في بيت عبد العزيز الحمود المشيقح، وتدار عليهم القهوة العربية.
ثم ذكر الأستاذ محمد بن عثمان القاضي زعمًا زعمه ولا أصل له، وهو نزاع بين الشيخ عمر وبين فئة من أهالي بريدة، وأن إبراهيم الرشودي اتصل بالملك،
فعزل الملك الشيخ عمر، وأن الملك قال أرضوا إبراهيم الرشودي، فأعيد إلى منصبه، وهذه خرافة لا أصل لها ولا تستحق الرد عليها، والخلاف بينه وبين إبراهيم الرشودي شخصي يتعلق بشكوى شفهية تقدمت بها إحدى زوجات إبراهيم الرشودي للشيخ عمر طالبة أن يكلم إبراهيم الرشودي بشأنها فكلمه فغضب إبراهيم الرشودي، وقال: كيف يتكلم في مسألة عائلية تخصني؟ ولم يحدث شيء مما ذكر، ولا كان الخلاف بين الشيخ عمر وطائفة من أهل بريدة كما ذكره.
وكان عمر يرتاد عنيزة كل شهر (1) لزيارة أخيه الأكبر عبد الرحمن وأولاده، ويحضر جلسات جدي الشيخ صالح بن عثمان، وكان بينهما مراسلات وارتباط ويستفتيه دائمًا عما يستشكله من القضايا، ويبعث كل واحد كتابًا في أوقات الأهلة، وكان كثير الحج والتنقلات كثير التلاوة لكتاب الله شيخًا يحنو على الفقراء، وصولًا للرحم، كثير الصمت لا يتكلم إلا قليلًا مربوع القامة حنطي اللون متوسط الشعر ممتلئ الجسم وافاه أجله المحتوم في 17 من شهر ذي الحجة من عام 1362 هـ فحزن الناس لفقده لما كان يتمتع به من أخلاق عالية وكرم وحلم وصلينا عليه صلاة الغائب ودفن في مقبرة فلاجة في بريدة وخلف ابنيه عبد الله وإبراهيم (2).
وهذه مرثية في الشيخ عمر بن محمد بن سليم المتوفى في 16 ذي الحجة 1312 هـ للشيخ صالح بن عثيمين الآتي ذكره في حرف العين إن شاء الله تعالى، وقد نقلت هذه المرثية في عام 1364 هـ:
مصاب عظيم حق فيه التلهف
…
وصارت به عيناي بالدمع تذرف
ولا بدع أن استبدل الدمع في دم
…
فما ناظر يبكي الدم الآن مسرف
(1) لم نسمع بهذا.
(2)
روضة الناظرين، ج 1، ص 136 - 139.
فيا عين فابكي واحذري من تكاسل
…
وخلي الهوينا أن صبري يضعف
ويا موت زر لا خير لي بعدُ في البقا
…
إذا ارتحل الأخيار لِمٌ نتخلَّف؟
إذا أنت اسرعت ارتحال خيارنا
…
وأبقيت قومًا ليس في الخير تعرف
فمني على الدنيا السلام جميعها
…
ولست على أبنائها أتأسف
لقد حل في ذا العام مفقد عالم
…
به حل في أطراف أرض تخوف
فقدنا بهذا العام نجل محمد
…
هو ابن سليم الزاهد المتصوف
فقدنا بهذا العام بدر هداية
…
فيا عمر من ذاك بعدك يخلف؟
فلو أن فيك الموت يقبل فدية
…
لكنت بهذا الأمر للروخ أصرف
فيا عمر أفديك روحي ومهجتي
…
فأفعالك الحسنى بنا لا تكيف
فأنت الذي في العلم مدت أناملي
…
إليك فعادت بعد مد تكفكف
فحقا وجوه العلم زال جمالها
…
وعن جسمها طوي القميص المفَوَّفَ
وحقا فما للفقه بقي مفرع
…
وأسماع طلاب له لا تشنف
وحقا طريق المذهب الآن هابه
…
جسور بما أبداه أحمد (1) يكلف
وحقا عويصات المسائل أبقيت
…
كآي صفات بالتلاوة تتحف
وحقا بكى المغني وكافي وغاية
…
واقناعهُم شرحا أراد المصنف (2)
وحقًا فمغني النحو أصبح مشكلًا
…
وكل غريب فيه ليس يعرف (3)
وحقا فجار الله دق اعتزاله
…
ومادس (4) في كشافة ليس يكشف
وحقًا فلن ينهي مراد نهاية
…
عليه غريب فهمه متوقف
فأسيافه في البحث قاطعة الظُّيا
…
بها امتاز ما قد صححواو المزيَّفُ
يقوم بإيضاح المسائل جاهدًا
…
واشتاتها بعد افتراق تؤلف
له قدم في الفقه سابقة الخطا
…
كما في كمال الدين والعقل يوصف
فكم كان يحيي فيه ليلًا كأنما
…
يصيد بفخ الفهم درًا ويكنف
(1) أحمد هو الإمام أحمد بن حنبل.
(2)
المغني للموفق ابن قدامة والكافي في الفقه له أيضًا، والغاية لمرعي الحنبلي والإقناع مختصر في الفقه الحنبلي.
(3)
هو (مغني اللبيب، عن كتب الأعاريب) لابن هشام.
(4)
جار الله هو الزمخشري صاحب الكشاف في التفسير.
أبان الخفايا بل إذا لبيانه
…
أردت اختبارًا سحر بابل يردف
مثقفة الفاظه حلوة الجنا
…
فما غير ذلك اللفظ قيل المثقف
طوى الموت حقا حنبلي زمانه
…
طوى الموت حقًّا من هو المتعفف
طوى الموت من في العلم أصبح ساعيًا
…
بعزم صحيح مقدما لا يُسوِّف
قفوا خبرونا من إذا ولي القضا
…
فميزانه القسطاس ليس يطفف
ومن ذا تطيب النفي يومًا بقوله
…
سواه ومن ذا بعده قليل منصف
هو الجبل الراسي تهدم ركنه
…
قفوا نبكه يا امة المصطفى قفوا
حوى من مواريث النبوة ارثه
…
وصارت به أعلام علم ترفرف
وفي موته الاعلام عادت إلى الثرى
…
ورد به الإعلام ما منه خَلَّقُوا
تنكر هذا العصر لكن فانه
…
بطيب ثنا أبقاه في الخلف يعرف
وقد لبست نجد ثياب حدادها
…
على زوج فضل لا عن الحق ينكف
لئن مهد التمهيد مضجعه له
…
فكوكب ما أبقى من العلم مشرف
سابليه بالدُّرَّين: دمعي ومنطقي
…
بسلك تأبين عليه تؤلف
أجاوب ورقاء الحمام بشجوها
…
وأغلبها في لوعتي حين أهتف
سأنشد قبرًا حل فيه رثاءه
…
واشدو واحدو إذ به اتطوف
فلهفي لا مداحي عليه تحولت
…
رثاء بها تلك المدامع تنطف
ولكن فما بعد النبي محمد
…
رجاء بقاء الخلد لا يتشوف
فما نحن إلا ركب موت إلى البلا
…
صروف الليالي للمنية تقذف
فهذا سبيل العالمين جميعهم
…
فذا لاحق هذا وهذاك يسلف
فيا رب رو الروح في صوب رحمة
…
فقد كان في الدنيا بها يتعطف
وروحه بالريحان والروح والرضا
…
والحق به في الحشر من فيه بشغف
وارخ فقيد العصر حين رثاءه
…
قضى عالم الدنيا لمولاي يازف
وهذه أبيات رثاء في الشيخ العلامة عمر بن محمد بن سليم عالم القصيم رحمه الله للشيخ عبد العزيز بن الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ:
الدمع من عيني ذو هملان
…
والقلب مملؤ بذي الأحزان
والجسم أصبح مستدقًا ناحلا
…
والنوم حارب مقلتي وجفاني
والليل طال وبدلت نعماؤنا
…
بؤسًا لفقد العالم الرباني
عمر الذي عمر المجالس بالتقى
…
والدرس والتحقيق والعرفان
رب المعارف والحقائق والعلي
…
والحلم والإرشاد والإحسان
ورث المكارم كابرًا عن كابر
…
وبنو سليم هم أولو الأفنان
يتقشفون على كثافة قدرهم
…
يتواضعون وهم عظيمو الشأن
من للمجالس في بريدة بعده
…
من للعلوم وسنة العدناني؟
يا رب فارحمه وسقِّ ضريحه
…
صوبًا من الرضوان والغفران
رحم الله الشيخ القاضي العادل عمر بن محمد بن سليم، واسكنه فسيح جناته.
ومن المتميزين من آل سليم سليمان بن الشيخ العلامة محمد بن عمر بن سليم، كان مهتمًا بالتاريخ وأخبار العلماء، بل كان إخباريًا قليل النظير، وكان يحفظ كثيرًا من الشعر حتى الشعر العامي رأيته يحضر دفترًا فيه قصائد الحميدان الشويعر وينشد من يجلس عنده في دكانه الذي يقع في أعلا السوق الكبير القديم في بريدة.
ذكر الشيخ إبراهيم العبيد وفاته في سنة 1362، فقال:
وممن توفي فيها من الأعيان: سليمان بن محمد بن عمر آل سليم ابن عم شيخها، وكان رجلًا طوالًا، نبيهًا، فطنًا، وله خبرة بالأمور الدينية والدنيوية، وذا شهامة وقوة ذاكرة! !
وكذلك أخوه الشيخ عبد العزيز بن محمد بن سليم هو من كتبة الوثائق والتعاقدات، ومن ذلك هذه الوثيقة:
الأستاذ عبد الله بن إبراهيم بن سليم