الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والذي نعرفه عن الأمور في تلك الأوقات أن قاضي القصيم يتحاكم إليه كلّ من سكن القصيم، رغم وجود أناس من طلبة العلم في بعض البلدان البعيدة نسبيًا عن بريدة كالخبراء والرس، فضلًا عن عنيزة التي هي ليست ببعيدة، ولكنه كان يعين فيها قاض مستقل في أكثر الأحيان.
غير أنّه فيما يتعلق بالشيخ ابن سويلم وفي زمنه عرفنا أنّه مسئول عن القضاء في القصيم كله، كما يتضح ذلك من قول المؤرخين: إنّه قاضٍ على ناحية القصيم.
متى وصل الشيخ ابن سويلم إلى القصيم:
لم أر من المؤرخين الذين ذكروه من نوَّه بتاريخ السنة التي وصل فيها الشيخ ابن سويلم قاضيًا على القصيم غير أنهم ذكروا أن الذي أرسله إلى هناك هو الإمام عبد العزيز بن محمد آل سعود وولايته ابتدأت من عام 1179 هـ بعد أن توفي والده الإمام محمد بن سعود إلى وفاته قتيلًا في عام 1218 هـ.
هذه وثيقة تدل في ظاهرها على قدم مجيء الشيخ عبد العزيز بن سويلم إلى بريدة قاضيًا، إن ذكر الكاتب فيها وهو عبد العزيز بن رشيد، ولا أدري من أي الرشيد هو فلا أدري عن الشين في اسمه أهي مفتوحة فتكون على صيغة التصغير (رْشَيْد) أم مكسورة فتكون على صغية التكبير وتكسر الراء قبلها.
وأذكر بهذه المناسبة أن شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ قال لي مرة في مجلس خاص ليس فيه غيري وهو ذكر قاعدة عامة لم تكن مانعة جامعة: إذا سمعت رشيد بإسكان الراء في أوله وفتح الشين فاعرف أنّه من أهل القصيم، وإذا كانت بكسر الراء والشين فهو من أهل جنوب نجد من الرياض وما قرب منه.
وحتى إذا عرفنا فقط (رشيد) في اسم الكاتب فإن ذلك لا يكفي بأن نعرف إلى أي أسرة ينتمي، لأنه يوجد أكثر من أسرة بذلك الاسم.
ذكر الكاتب أن ذلك جرى أي الكتابة بحضرة وإملاء عبد العزيز بن سويلم، ولم يقل الشيخ ابن سويلم على عادة الشيخ ابن سويلم المعروفة عنه.
وتاريخها في صفر سنة أربع بعد المائتين والألف.
ونحن نورد هنا كلام بعض المؤرخين فيما يتعلق بالشيخ عبد العزيز بن سويلم، ثم نعقبه برأينا في الموضوع أو باستنتاجاتنا فيه، لأن شح المعلومات عن الشخصيات الرئيسية أو لنقل إنّها الشخصيات الفاعلة يجعلنا نلجأ إلي التخمينات والاستنتاجات حيث تعدم المعلومات الصريحة الواضحة.
غير أننا وجدنا المؤرخ الفذ عثمان بن بشر رحمه الله قد ذكر الشيخين غنيم بن سيف وعبد الله بن سيف، وذكر أنهما قضاة بريدة، أنهما كان قاضيين في بلد عنيزة من ناحية القصيم زمن سعود (1).
فتفترض أن الشيخ عبد العزيز بن سويلم بعثه الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود إلى بريدة قاضيًا على ناحية القصيم كما عبر بذلك المؤرخون، وأن ذلك استمر طيلة عهد الإمام عبد العزيز بن سعود وبعض عهد ابنه الإمام س عود، ثم رأي الإمام سعود أن القصيم مهم، وأنه لا يكفيه قاض واحد فعين الشيخ غنيم بن سيف قاضيًا في بلدة عنيزة، ثم عين أخاه الشيخ عبد الله بن سيف قاضيًا فيها أيضًا.
أما غنيم بن سيف وعبد الله بن سيف فإنهما من أسرة السيف المشهورة الآتي ذكرها فيما بعد، ولكنهما من الفرع منهم الذي كان ساكنًا في حائل، وليس في بريدة، ولذلك لم أفرد لهما ترجمة، إلا إذا أريد بالشيخ عبد الله بن سيف والد صاحب العذب الفائض في الفرائض الذي هو من أهل المجمعة فإنه من غير تلك الأسرة. والله أعلم.
وذكر المؤرخ ابن بشر أن الشيخ العالم عبد العزيز بن عبد الله بن سويلم القاضي في ناحية القصيم زمن عبد العزيز وابنه سعود وابنه عبد الله من العلماء وطلبة العلم الذين تلقوا العلم عن الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
ذكر ذلك في ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد أن ذكر وفاته في سنة 1206 هـ (2).
ولم يذكر أن ابن سويلم استمر في القضاء بعد خراب الدرعية وسقوط الدولة السعودية الأولى.
(1) عنوان المجد، ج 1، ص 466 (الطبعة الرابعة).
(2)
عنوان المجد، ج 1، ص 192.
وقد ذكر ابن بشر قضاة البلدان في زمن الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود عندما توفي رحمه الله قتيلًا في عام 1218 هـ، فقال: وعلى ناحية القصيم عبد العزيز بن سويلم من أهل الدرعية (1).
أقول: استمر الشيخ عبد العزيز بن سويلم في قضاء القصيم بعد وفاة الإمام عبد العزيز كما كان الأمر قبل ذلك.
وفي تاريخ عثمان بن صالح القاضي ذكر في عام 1180 هـ أن الشيخ صالح بن محمد بن عبد الله الصايغ توفي في هذه السنة، وقال هو القاضي في ناحية القصيم، وقال: وكانت له معرفة في الفقه من عدة مشايخ، ومنهم الشيخ الفقيه عبد الله بن أحمد بن عضيب وعبد الله بن سيف والد صاحب العذب الفائض (2).
وليس لدينا حتى نماذج من خط الشيخ ابن سويلم إلَّا قليل بخلاف ما يوجد لدينا من نماذج من خطوط العلماء والقضاة الآخرين من أهل القصيم.
والسبب في ذلك أن ابن سويلم كان قد اتخذ له كاتبًا جميل الخط هو صالح بن سيف من أهل بريدة، كان يكتب له ما يمليه عليه من الأمور التي تتعلق بالأحكام التي أصدرها، أو بالمنازعات التي جرت عنده واحتاج الأمر إلى كتابتها أو كتابة بعض ما جرى فيها.
فكان صالح ابن سيف يكتب العبارة التالية:
قال ذلك عبد العزيز بن سويلم وشهد به وكتبه عن أمره وإملايه صالح بن سيف، ورغم جمال خط صالح بن سيف مما يدل على أنّه من المتعلمين في ذلك الوقت فإنه ليس من المتحذلقين، فهو لا ينعت ابن سويلم بالقاضي ولا حتى بالشيخ، وربما كان هذا بإيعاز من الشيخ عبد العزيز بن سويلم نفسه، من باب
(1) المصدر نفسه، ص 279.
(2)
خزانة التواريخ، ج 8، ص 12.
التواضع، كما أنّه لم يذكر اسم والده قطٌّ، وإنما كان يقول ابن سويلم.
ولكنه أيضًا لم يكن يذكر وظيفته بالتحديد، أهي قاضي بريدة أم قاضي ناحية القصيم، ولا شك في أن سبب ذلك أن الكتابة هي من إملاء الشيخ نفسه، ويمنعه تواضعه من أن يأمر بكتابة ما ذكر.
أنموذج من خط الشيخ عبد العزيز السويلم: