الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ناصر السليمان السيف ومحبته للعقار:
بقي أن نذكر أن ناصر السليمان بن سيف يتميز بمحبته للعقارات وتملكه النخيل والبيوت، لا يشاركه مثيل له منهم إلا عمه عبد المحسن بن محمد بن سيف الشهير بالملا فيما يتعلق بالعقارات والدكاكين، وأما النخيل والأراضي الزراعية فلا يشاركه مثيل له من (السيف).
ونود أن نورد نماذج من ذلك لا يخلو إيرادها من فائدة لم تذكر في غيرها مما يخص غير أسرة السيف كما هو ظاهر.
وكان ناصر بن سليمان بن سيف يداين الناس من فلاحين ونحوهم، ولكن لم يكن ذلك بالكثرة التي كان يشتري بها العقار ونحوه، وذلك أن معظم
المداينات كانت مع قوم من الفلاحين الذين قد يحدث للثمرة التي يرتجونها من التمر أو الحبوب حوادث غير منتظرة أو كوارث تذهبها فلا يستطيع الفلاح أن يوفي دين التاجر عليه، بل إن التاجر يضطر أن يداينه ولو لم يكن يرجو أن يوفيه الدين القديم الذي عليه على أمل أن يحصل بذلك على بعض حقه عنده.
ولكنني وجدت ورقة تدل على أن ناصر السليمان بن سيف كان يداين كبار القوم من غير الفلاحين من أولئك أمير بريدة وما يتبعها من القصيم صالح بن الأمير حسن بن مهنا. . ونص الورقة:
ونلاحظ أن الورع في أخذ الأموال هو الطابع الغالب على تصرفات أمراء بريدة من أمراء آل أبي عليان إلى أول أمراء المهنا جد صالح الحسن هذا، إذْ صرح الأمير صالح الحسن بأن هذا المبلغ الذي في ذمته لناصر السليمان بن سيف هو على بيت مال القصيم، ومجموع الدين 240 وزنة تمر واثنا عشر ريالًا (فرانسه).
وترجم الأستاذ محمد بن عثمان القاضي للشيخ ناصر بن سليمان بن سيف، فقال:
(ناصر بن سليمان بن سيف) من بريدة.
هو العالم الجليل والحافظ الشهير الشيخ ناصر بن سليمان بن محمد بن سيف، ولد هذا العالم في بريدة سنة 1248 هـ ونشأ في عبادة الله نشأة حسنة ورباه أبوه أحسن تربية، فقرأ القرآن وحفظه على مقرئ وجوده ثم حفظه عن ظهر قلب وتعلم على أبيه قواعد الخط والحساب حتى مهر فيهما وشرع في طلب العلم على علماء القصيم، ومن أبرز مشايخه مفتي نجد العلامة قاضي عنيزة عبد الله بن عبد الرحمن بابطين وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن بشر، ومحمد بن عبد الله بن سليم ومحمد بن عمر بن سليم لازم هؤلاء الفحول في أصول الدين وفروعه، وفي الحديث والتفسير ثم سَمَتْ
همته للتزود والاستفادة في التجرد فرحل إلى الرياض فقرا على علمائه، ومن أبرز مشائخه عبد الرحمن بن حسن وابنه عبد اللطيف آل الشيخ لازمهم مدة ثم عاد من رحلته إلى بريدة فلازم مشائخه فيها ونبغ في الفقه والفرائض وحسابها، وكان حسن الخط جدًّا وعمدة في التوثيقات تعتمد القضاة في القصيم على قلمه الفائق في الحسن.
وكان يحب إصلاح ذات البين، فكان القضاة في بريدة يحيلون كثيرًا مما يشتبه عليهم ليصلح بين الخصمين فينهيها على خير ما يرام وله مكانة مرموقة ومحبة في قلوب الناس وفيه نخوة وكان والده قد فتح مدرسة في بريدة لتعليم القرآن ومبادئ العلوم فلما توفي حل محله في تعليم التلاميذ وخلفه على الإمامة في المسجد الذي توارثوا الإمامة فيه طيلة حياتهم ولا يعرف هذا المسجد حتى اليوم إلا بمسجد ابن سيف في بريدة وهو الذي كان عمر بن سليم يؤم فيه على حياة أخيه وجلس للطلبة.
وكان واعظ زمانه ولمواعظه وقع في القلوب، وكان حسن الصوت جهوري التلاوة فصيحًا مع الإدراج يلتذ سامعه رشح للقضاء فامتنع تورعًا وخوفًا من غائلته، وكان آية في الزهد والورع والاستقامة في الدين عفيفًا متعففًا مع قلة ذات يده (1)، وكان يتعيش من كتابته للكتب والمصحف فقد خط كتبًا كثيرة بقلمه النير الفائق في الحسن والضبط، وتولى الإمامة في الجامع الكبير في فترة ما بين سفر العلامة عبد العزيز بن بشر، وتولى عبد الله بن سليم وكان الناس يقصدون الجامع في رمضان لصلاة التراويح خلفه لرخامة صوته فيمتلئ المسجد رجالًا ونساء، وظل إمامًا بمسجدهم سنين حتى أقعده المرض وأرهقته الشيخوخة، وكان عامرًا مسجده في الوعظ والإرشاد والتدريس ويتفقد المتخلفين ويناصحهم ويصدع بكلمة الحق لا يخاف في الله لومة لائم ولكلامه نفوذ وشوكة وهيبة وكان مع مهنة الكتابة يجلد الكتب والمصاحف يخيطها ويكثر من التلاوة
(1) هذا غير معروف، بل المعروف عنه عكسه بأنه ثري يملك عقارًا، أدركنا بعضه مثل المقر الذي فيه المدرسة الفيصلية في بريدة.